رمز الخبر: ۱۰۲۲۷
تأريخ النشر: 13:30 - 05 February 2009
د. حيدر حيدر

المطلوب أفعال.. لا أقوال!

 

عصر ایران - هل تسعى الولايات المتحدة الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما إلى استرداد زعامتها من خلال الدبلوماسية، أم إنها تريد حقا العودة إلى مثلها وقيمها العليا حسب تعبير أوباما نفسه؟!.

يقال إن المفكر والأستاذ الجامعي في جامعة هارفارد جوزيف ناي وهو الموجه الفكري للرئيس الأميركي الحالي، وصاحب نظرية التوفيق بين القوة الناعمة والقوة الخشنة، يؤكد أنه يمكن اللجوء إلى القوة الذكية أي الربط بين التسامح والشدة وبين النعومة والخشونة.

هذا يعني في المحصلة أن المصالح العليا للولايات المتحدة تبقى الموجه لأي إدارة أميركية سابقة أو حالية أو لاحقة.

إن النظرة العميقة المتفحصة للواقع الأميركي الحالي تبرهن أن الولايات المتحدة ليست في أحسن أحوالها اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، كما أن سمعتها العالمية في الحضيض وبالتالي فإن الارهاصات الأولى التي ترشح عن الإدارة الأميركية الجديدة تشي بأن هناك تغييرات كثيرة في الأساليب للحفاظ أو لمحاولة إنقاذ أميركا من المستنقع الذي وضعتها فيه الإدارة السابقة وزمرة المحافظين الجدد، ففي عهد بوش وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول .۲۰۰۱ سعت واشنطن وبجلافة منقطعة النظير لتكريس الهيمنة الأميركية على العالم بعد نهاية الحرب الباردة وزوال النظام العالمي ثنائي القطبية بتفكك وانهيار الاتحاد السوفييتي.

وهكذا أعلن بوش وزمرته نهاية عصر الاحتواء والردع وبدء عصر الضربات الاستباقية لبسط الهيمنة الاميركية على العالم وضمان استمرار تدفق النفط حتى آخر قطرة منه وخاصة من المنطقة العربية لضمان التفوق الأميركي الاقتصادي والعسكري ومحاصرة دول مثل روسيا والصين لخلق مجال حيوي أميركي أوسع، فكان أن غزت الولايات المتحدة افغانستان واحتلت العراق، وبدأت مشاريع نشر الدرع الصاروخية في كل من بولندا وتشيكيا، وتوسع حلف الأطلسي ليحاصر روسيا، كما جرى عقد اتفاقات اقتصادية وعسكرية مع دول كانت تشكل جزءا من الاتحاد السوفييتي مثل جورجيا. أما في المنطقة العربية، وعدا احتلال العراق وسرقة موارده، فقد جرى تدعيم اسرائيل ومدها بالقوة العسكرية والاقتصادية لتتابع اعتداءاتها ضد العرب كما جرى في عدوان تموز ۲۰۰۶ ومقاومته وكما جرى في العدوان على غزة عام ۲۰۰۸- ۲۰۰۹ .

فقد خلفت إدارة بوش دمارا هائلا في العالم وأفقدت الولايات المتحدة عناصر كثيرة من قوتها وهيبتها وكذلك خسرت سمعتها.

فالأزمة المالية التي تحولت إلى أزمة اقتصادية كبرى تعصف بالرأسمالية الاميركية والعالمية جعلت العالم يترنح من شدتها.

والحرب على افغانستان والعراق خلفت آثارا مدمرة لا يمكن لأي إدارة أميركية تجاوزها بسهولة، أما ما جرى ويجري في منطقتنا فقد برهنت الأحداث صعود المقاومة الشعبية العربية واشتداد عودها مدعومة بمد شعبي من المحيط إلى الخليج الفارسي.

وأمام هذه الوقائع وغيرها مثل انتفاض روسيا ضد الهيمنة الاميركية وصعود الصين لتنافس الولايات المتحدة، ناهيك عن الغليان العالمي ضد السياسات الاميركية الاستعمارية، أمام هذه اللوحة العالمية القاتمة صعد أوباما ذو الأصول الافريقية إلى قمة الهرم في الولايات المتحدة فهل يريدون عن طريقه استرداد زعامتهم للعالم؟ أم يسعى أوباما لإصلاح ذات البين مع شعوب ودول العالم من خلال الحوار والمصالح المتبادلة كما أكد هو نفسه في مناسبات عديدة؟.

الآراء عديدة حول هذا الموضوع فبعضها ينفي إمكانية تغيير السياسة الأميركية، والبعض الآخر يؤكد أن قوة شخصية أوباما وتوجهاته وقوة بصيرته التاريخية، قد تساهم في التأسيس لنسق مختلف نسبيا للسياسة الأميركية سواء في المجال الاقتصادي أم العسكري أو حتى الثقافي، ما يؤدي في المحصلة إلى تغييرات نوعية جراء تراكم التغيرات الكمية في بنية ووظيفة نسق القوة والنفوذ في المجتمع.

يقول بعض المفكرين مثل رتيشارد هاس: إن أميركا لديها فرصة لتغيير التاريخ. لن نعلق على هذا القول، لكن سنؤكد من جديد أن الولايات المتحدة لن تستطيع العودة إلى سياسات الهيمنة القديمة، لكنها تستطيع أن تبدأ عصرا جديدا من الحوار ومراعاة المصالح المتبادلة مع غيرها من الدول والشعوب. فهل نشهد في عهد أوباما مثل هذا التغيير الجذري؟!
الثورة - سوريا