رمز الخبر: ۱۰۳۵۰
تأريخ النشر: 15:05 - 09 February 2009
ضياء الجصاني

تساؤلات من اجل المستقبل

عصر ایران - ربما كان الاستفهام هو النشاط الأول للعقل البشري، ومن السؤال بدأت المعرفة الاولى، ولأن الشك هو في الغالب طريق سالكة الى اليقين، فالاستفهام دالة مؤكدة لفراغ معرفي ملّح ومثير للفضولومقضّ للمضاجع. وكما على الورق فان علامات الاستفهام تختلف حجومها في رؤوس الناس وفي عقولهم، رغم ان لها في معظم لغات بني آدم، شكل واحد ملتوي برأس مفتوحة كقلب دوامة، وبذنب يبدو امتداده على الورق محدودا)، ولكنه يمتد في الرؤوس ربما الى ما لا نهاية. وحيث ان علامات السؤال أو الاستفهام كما هو الشائع عنها، أو على الأقل بعضها ان لم تكن كلها، تعبر عن وعي يتساوره القلق والتحسب، أو الأزمة بمعنى آخر، فانها عندما تصبح مذنبات دون نهايات واضحة، تكون مثل الورم الخبيث، قابلة للانتفاخ والتضخم، فتأخذ العقل الى مهاوي سحيقة من الحيرة والاندهاش، لا قرار لها ولا فرار منها.


ومن الاستفهامات ما يثير النفور ويستفز المشاعر، ويستدعي الاحساس بالاحباط، وبخاصة منها ما صار يحتل حياتنا نحن العراقيين، على مدى السنوات الست الماضية، التي اعقبت سقوط نظام الطاغية، وما شهدناه من العجز والاخفاق المؤسسي، لهياكل الدولة بعامة، وفشل مجالس المحافظات بشكل خاص، وبما لا يمكن التغاضي عنه او التسامح به. وثمة أسئلة كثيرة لا نهاية لها، ظلت تطرق رؤوسنا كما الطبول، فتقضّ مضاجعنا وتستأثر بوعينا، والعقل العراقي على عكس عقول كثيرة، وفي حالات ومشاهد لا تحصى، قد حول هذه الأدوات من دلالاتها الاستفهامية، الى دالات للاستنكار، وان شئت فللازدراء والغضب والشتيمة. ومنها على سبيل المثال لا الحصر، الى أين ستنتهي مجالس المحافظات القادمة والاجهزة المعنية، بعد أن دخلت مياه الصرف الصحي الى حجرات نومنا؟، ومتى ستكون حكوماتنا المحلية، بمستوى حاجاتنا ولا اقول طموحاتنا؟، وهل سنرى على المدى المنظور، مسؤولين خارج حصانات المحاصصات المذهبية او العرقية؟، ومساءلات جادة وجلسات قضاء فاعلة، وليس جلسات لشرب القهوة وجبر الخواطر؟، وماذا يعني بذخ البعض في دعاياتهم الانتخابية، ومن اين لهم هذه الاموال، التي صرفت هبات وعطايا عينية، شهدناها رؤيا العين وليس بالسماع فقط؟. ورحم الله الغفاري أبا ذر اذ (قذف) معاوية بن أبي سفيان، بكيس من الدراهم كان قد امر له بها قائلا، ان كان هذا من مالك الخاص فهو اسراف، وان الله لا يحب المسرفين، وان كان من بيت المال فلا حقّ لك فيه، وعذرا للبعض، ان أسألهم عن عطاياهم السخية، هل (وهل واحدة من أدوات الاستفهام المزعجة) هي من بعض أموالكم؟، ام انها من أموالنا، وهذا مجرد سؤال بريء ليس الاّ.

ان مهام اعضاء مجالس المحافظات القادمة، وسواء منهم المخضرمون أو الجدد، هي مهام ثقيلة دون شك، ولعل من أولويات هذه المهام هو اعلان الجهاد الأكبر، وأول تكبيراته تبدأ بالتمرد على انانية الذات العمياء واقطاعيات المحاصصة، واعطاء البيعة للمحافظة وللمواطن.
 
ومن دون هذا وذاك، فان سلطان الولاءات الضيقة، سيشل الارادات الخيرة، للخروج بحكومات محلية تتطهر من كل أسباب العجز، الذي دمغ الكثير من المجالس التي سبقتها، وهذا العجز عينه هو ما حجب بظلاله الثقيلة، انجازات ناجحة وان كانت محدودة، الاّ انها تستحق منا أن نفخر بها. وسيظل طاغوت هذا العجز، ممسكا بتلابيب السلطة الجديدة، وبتلابيبنا نحن، الى أجل غير مسمى، وهذا يعني ان تحقق لا سمح الله، اننا سنسير على حافات الهاوية، وان علينا أن نخسر المزيد من الزمن العراقي، الذي لم يعد به الكثير لنخسره.
الصباح - العراق