رمز الخبر: ۱۰۹۱۷
تأريخ النشر: 14:35 - 01 March 2009
بيير روسلن

أوباما تحت المجهر

عصر ایران - لا يكفي شهر واحد لنعرف المعالم الحقيقية لسياسة أوباما، لكنه وقت كاف لأخذ انطباع عن طبيعة التوجهات الجديدة وأولويات المرحلة بالنسبة للرئيس وفريقه. فمنذ اليوم الأول لوصوله للبيت الأبيض دأب أوباما على محاولة إفهام العالم أن أميركا اليوم بلد مستعد للحوار والتفاوض حول كل شئ، بقي أن نسأل أنفسنا ونسأل الرئيس الجديد..كيف؟


الاختبار الأول تمثل بالتصدي للأزمة المالية العالمية، التي استحوذت على جل اهتمام الرئيس الجديد. توجه مبرر إذا ما تجردنا من وجهة النظر المعادية لسياسة الولايات المتحدة وكنا جزءا من هذه الدولة التي تواجه الآثار الأكبر للأزمة الاقتصادية.

مرت الأيام سريعا وانقضى الشهر الأول على الإدارة الجديدة التي نجحت خلال فترة قياسية بإقناع صناع القرار على التصويت لصرف ۸۰۰ مليار دولار لدعم الاقتصاد الأميركي المتهاوي. خطوة ليست سهلة، وقد كلفت الولايات المتحدة تخفيض رواتب أكثر من نصف العاملين في المؤسسات والشركات الصناعية والمالية والتجارية الكبرى، بدلا عن الاستغناء عنهم بشكل نهائي، وهي خطوة ذكية تحسب للإدارة الجديدة.

أوباما تغلب على نشوة الفوز وتصرف كرئيس واقعي يتصدى بحزم للملفات العالقة. صحيح أن الرأي العام العالمي والشعب الأميركي نفسه قد وضع أوباما تحت المجهر بعد فوز ساحق بالانتخابات، لكن التعاطف والاحترام الكبير لن يكون سوى حمل ثقيل وثقة يتوجب على الرئيس الجديد أن يكون أهلا لها.

يعرف الجميع أن الطباع السياسية لواشنطن لن تتغير بسهولة، وهذا أمر نجح في تعديله أوباما وتلك بداية مهمة. أما الأزمة الاقتصادية العالمية فإن التصدي لها يتطلب من الرئيس الجديد تغيير النظام المالي برمته.. لا تقديم المعونات المالية الآنية للبنوك وشركات السيارات والبحث عن أنصاف حلول.

مع ذلك، وبرغم اعتقاد الجميع أن الملفات الداخلية والأزمة المالية ستشغل أوباما لفترة طويلة، استطاع أوباما اتخاذ عدد من القرارات الجريئة على صعيد السياسة الخارجية، قرارت لم تتجرأ الإدارات السابقة على اتخاذها. وما إغلاق معتقل غوانتانامو سوى دليل واضح على محاولة جادة لتخطي أخطاء الماضي وتصحيحها.

النجاح النسبي في انتخابات مجالس المحافظات في العراق دفع بالرئيس الاميركي الجديد إلى اتخاذ قرار لا يقل جرأة: تعجيل الانسحاب الأميركي من العراق مقابل تعزيز الوجود العسكري في أفغانستان. وهي خطوة تنم عن تفهم كبير لمكامن الخطر في الحرب المفترضة على الإرهاب.

إحد أهم المؤشرات الذي ميز أوباما عن سابقيه كان التوجه لمخاطبة العالم العربي، شعوبا وحكومات، وذلك من خلال مقابلة مع قناة (العربية). وهي مقابلة كانت تهدف، بحسب المراقبين، إلى إيصال رسالة الإدارة الجديدة باللغة العربية. رسالة مفادها أن الولايات المتحدة برئيسها الجديد مستعدة دوما للحوار مع الآخر.

هنالك تغير واضح في السياسة الأميركية، فواشنطن عرفت، بعد فوات الأوان، أن المأزق العراقي قد عزلها دبلوماسيا عن العالم. وباتت تحركاتها العسكرية والملوحة بالقوة اكثر من تحركاتها السياسية خلال حقب الرؤساء السابقين.

كلينتون في الشرق الأقصى تحاور وتعمل ما يجب، ميتشل يحاول جاهدا سماع كل الأطراف في الشرق الأوسط، وهولبروك يحاول تقريب وجهات النظر في كل من الباكستان وأفغانستان. أما الملفات الأخرى التي لا تقل اهمية، مثل إيران النووية والعلاقات مع إسرائيل والصين وروسيا، فستأتي تباعا. أولويات تبدو حتى الساعة منطقية ومقنعة.

الدستور - الاردن