رمز الخبر: ۱۱۵۰۱
تأريخ النشر: 14:19 - 24 March 2009
والثاني ان الرسالة استخدمت لاول مرة بصراحة عبارة "الجمهورية الاسلامية الايرانية" وحقها في نيل موقعها الذي تستحقه في العالم. وفي ضوء ذلك يمكن الزعم بان هذا الامر يشكل تغييرا واضحا مقارنة بسياسة الادارة الامريكية المنصرفة في مجال "تغيير النظام الايراني".

عصر ايران :  على الرغم من ان رسالة التهنئة التي وجهها الرئيس الاميركي باراك اوباما الى شعب وحكومة الجمهورية الاسلامية الايرانية ، لم تكن مفاجئة الى حد ما ، الا انها كانت تحمل في طياتها ملامح عن تغيير واشنطن من توجهاتها قبال طهران.

واذا ما تم دراسة هذه الرسالة من حيث المحتوى فانه يمكن مشاهدة عدة تغييرات رئيسية في توجهات الادارة الاميركية الجديدة تجاه ايران.

الاول ، ان الرسالة لم تتضمن لاول مرة منذ 30 عاما خطابا يميز بين الشعب والحكومة في ايران.

والثاني ان الرسالة استخدمت لاول مرة بصراحة عبارة "الجمهورية الاسلامية الايرانية" وحقها في نيل موقعها الذي تستحقه في العالم. وفي ضوء ذلك يمكن الزعم بان هذا الامر يشكل تغييرا واضحا مقارنة بسياسة الادارة الامريكية المنصرفة في مجال "تغيير النظام الايراني".

والثالث ان الرسالة التي وجهها اوباما بمناسبة راس السنة الايرانية الجديدة حاولت ذكر الانتقادات والمصطلحات الكليشية بشان دعم ايران للارهاب والحصول على السلاح النووي و ... بصورة مبطنة وبارعة على الاقل واخفائها بين الموضوعات الاخرى وعدم ابرازها بشكل واضح.

والرابع انه من النادر ان يقوم رئيس اميركي بتوجيه رسالة بمناسبة الاعياد والمراسم الوطنية للدول الاخرى بهذه الطريقة وان يستخدم الادبيات الخاصة لتلك الدولة (اشارة الى العبارة التي تلاها اوباما بالفارسية +عيد شما مبارك+ اي مبارك لكم العيد".

لكن ورغم ذلك ومع الاقرار بان النقاط الانفة الذكر تشكل على الاقل تغييرا من حيث الشكل في توجه الادارة الاميركية تجاه ايران الا انه يجب التركيز على ان رسالة التهنئة التي وجهها اوباما بمناسبة حلول السنة الايرانية الجديدة لم تمثل تلك المطالب التي كانت ايران تطالب بها لسنين كمعيار لتغيير سياسة الادارة الاميركية تجاه ايران.

وبالتحديد فان الجمهورية الاسلامية الايرانية كانت تعتبر خلال الاعوام المنصرمة (الاعوام العشرين الماضية على الاقل) موضوعات مثل تحديد مصير الاموال الايرانية المحتجزة في اميركا ورفع الحظر المفروض على ايران ، خطوتين رئيسيتين لاظهار ان تغييرا قد طرأ على السياسة الاميركية تجاه ايران.

لكن ونظرا الى توقيع اوباما على لائحة تمديد العقوبات على ايران لسنة اخرى والحديث عن تكثيف العقوبات وعدم التحرك العملي لواشنطن لرفع الحجز عن الاموال الايرانية في اميركا ، فان اعلان واشنطن انها غيرت من سياساتها تجاه ايران لا يسهم في كسب ثقة مسؤولي الجمهورية الاسلامية الايرانية وحثهم على الدخول في المفاوضات وتطبيع العلاقات.

ويبدو ان مسؤولي البيت الابيض مازالوا يصرون على ان يعتبروا الشروط المسبقة التي تضعها ايران لاجراء محادثات ، بانها تنازلات من المقرر ان تقدم لايران اثناء المحادثات، في حين ان قضايا مثل رفع الحظر ورفع الحجز عن الاموال الايرانية تعتبر من وجهة نظر المسؤولين الايرانيين خطوات اولية يمكن ان يستثمرها الساسة الامريكيون لاظهار حسن نواياهم وايجاد الظروف لاجراء مفاوضات متكافئة.

ورغم انه يمكن اعتبار رسالة التهنئة التي وجهها اوباما الى ايران بانها يمكن ان تحمل في طياتها ملامح تغيير في السياسة الامريكية تجاه ايران لكن وكما اسلفنا ونظرا الى تعقيد وارتفاع جدار عدم الثقة بين البلدين والمستمر على مدى 30 عاما فان اجراءات كهذه رغم انها ضرورية ولازمة لكنها غير كافية.

فعلى مسؤولي البيت الابيض ان يعرفوا بانهم مازالوا لم يردوا على اول رسالة تهنئة وجهها مسؤول تنفيذي رفيع في ايران الى نظيره الامريكي خلال الاعوام الثلاثين الماضية (رسالة التهنئة التي وجهها احمدي نجاد الى اوباما بمناسبة فوزه في الانتخابات في نوفمبر من العام الماضي) والتي يمضي على ارسالها اكثر من اربعة اشهر.

ومن جهة اخرى فان المسؤولين الايرانيين والمعنيين بشؤون السياسة الخارجية يجب ان ينتبهوا الى انه نظرا الى الاسلوب الذي اعتمده اوباما والمتمثل في توجيه رسالة تهنئة بمناسبة عيد النوروز في ايران والتغيير المحسوس في لهجة الرئيس الامريكي تجاه ايران، فانه يجب ان يعتمدوا اسلوبا اخر يختلف عن موقفهم من الاجراءات المماثلة للادارة الامريكية وان يردوا على هذا الاسلوب النادر لاوباما باسلوب مماثل وان يرموا الكرة في الملعب الاميركي ، رغم ان الكرة ستبقى في الملعب الاميركي طالما لم تتلق طهران الجواب الرسمي على الرسالة التي وجهها الرئيس الايراني الى اوباما.

يبقى ان نقول ان اي توجه وحدث يمكن ان يؤدي بصورة جادة لا بصورة شكلية وتكتيكية الى خفض ارتفاع جدار عدم الثقة بين البلدين الكبيرين ايران واميركا ، يشكل فرصة يجب اغتنامها رغم ان متطرفي الجانبين ولوبياتهما غير مرتاحين لهذا الامر.

ان اغتنام الفرصة والابتعاد عن التعصب وفي الوقت ذاته الحفاظ على العزة تشكل مبادئ مهمة في الظروف المستجدة لكي يتم حماية المصالح الوطنية اذا كان مقررا ان تجري محادثات.