رمز الخبر: ۱۱۹۲۳
تأريخ النشر: 15:29 - 11 April 2009
راكان المجالي

اوباما ومحاولة تبييض وجه أميركا

عصرایران - لن يفاجأ اوباما بالسخط والتظاهرات التي يقابل بها في كل مكان يزوره، ومن لندن الى ستراسبورغ الى اسطنبول تبعث الشعوب باحتجاجاتها المريرة من التراكمات العدائية التسلطية الاستكبارية التي مثلتها السياسات الأميركية والتي تجلت بأوضح صورة في سنوات حكم بوش الثماني.

من حق باراك اوباما ان يسعى بكل الوسائل لتحسين صورة أميركا، ووجهها البشع وما الحقته أميركا بالعالم وخاصة منطقتنا من شرور واذى، والاسوأ ان أميركا كانت ولا زالت تمثل ذروة تغول الرأسمالية وتحولاتها وتغولها وجشعها والتي تبلورت في صورة العولمة التي هي عمليا الامركة.
صحيح ان اوباما اول رئيس اسود يحاول ان يبيض وجه أميركا، وهو كنتاج للاضطهاد العنصري يحاول ان يوحي بانه سيستمر في حربه ضد العنصرية انطلاقا من رمزية وصوله للبيت الابيض كعنوان بارز للتطور الشعبي الأميركي في محاربة التمييز العنصري.

ومن الانصاف الاشارة الى ان ما صدر من اوباما حتى اليوم هو كلام جميل سواء في ستراسبورغ او اسطنبول، فدعوته لنزع السلاح النووي نهائيا في العالم هي واحدة من احلام البشرية في زماننا هذا، وحديثه عن الاسلام المعتدل الذي هو اسلام الغالبية الساحقة هو حديث ذو معنى خاصة انه يحصر وصف الارهاب والتشدد في دائرة ضيقة تقتصر على (القاعدة) و(طالبان) وافغانستان وذلك يلتقي مع قناعات الغالبية الساحقة من المسلمين التي تؤمن ان هذه الحالة الظلامية العدمية تسيء للاسلام وتفسح المجال امام الاعداء لاستغلال العنف الاعمى الفردي والمحدود لخطف الصورة الانسانية القيمية العليا للاسلام والمسلمين.

ما نود ان نشير اليه هو ان انطلاق سياسات الهيمنة والحلم الامبراطوري الأميركي الذي انطلق بقوة ايام ريغان واستمر في امتداده من حيث التطبيق العملي، واذكر انني كنت في أميركا قبل عشر سنوات عندما انفجرت في مدينة سياتل انذاك مظاهرات حاشدة امتدت لغالبية المدن الأميركية احتجاجا على اجتماع منظمة التجارة العالمية وفي طول فترة كلينتون كانت أميركا ترد بمظاهرات حاشدة على كل اجتماع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وكل المؤسسات التي شكلت ادوات التسلط والانفلات والتغول الرأسمالي الذي تسبب في تحول حياة الاكثرية الساحقة من البشر الى جحيم خاصة في عالم الجنوب حيث تصل معدلات الفقر الى ۹۰%.

ما حدث في قمة العشرين الذين يملكون ۸۸% من ثروة العالم، هو تأكيد على تجديد التحرك في اطار عولمة وامركة الاقتصاد وتكريس اتفاقية (بروتون وودز) التي اطلقت يد أميركا في ارساء قواعد الرأسمالية الامبريالية المنغلقة.

ما نود التذكير به ان الناس بمن في ذلك الشعب الأميركي والشعوب الاوروبية سيستمرون في احتجاجاتهم على سياسات الهيمنة الأميركية وشرورها الرأسمالية وهو تعبير عن الم ومعاناة ليسا وليدي تصورات نظرية وانما هو واقع ملموس يتصل بمعيشة الناس وحياتهم واحتياجاتهم وما يتعرضون له من عذابات وما يعيشونه من جحيم


الدستور - الاردن