رمز الخبر: ۱۲۱۴۰
تأريخ النشر: 11:05 - 19 April 2009
عماد مرمل
 لماذا الحملة على (شبكة) حزب الله.. واللامبالاة حيال الشبكة الإسرائيلية؟

عصرایران - بينما تستمر الازمة الحادة بين القيادة المصرية وحزب الله بالتفاعل على إيقاع تلويح القاهرة بأن (الآتي أعظم) متى كُشف المزيد من محاضر التحقيقات مع الموقوف سامي شهاب، يبدو واضحاً ان هذه الازمة فتحت الباب أمام (استثمارات سياسية) شتى، بعضها ذات طابع إقليمي وبعضها الآخر ذات طابع محلي.

وإذا كان البعد الاقليمي ل(خلية) حزب الله في مصر قد رُبط من قبل القاهرة بالصراع الساخن مع طهران المتهمة بالسعي الى تنفيذ (إنزالات سياسية) خلف خطوط دول الاعتدال العربي، فإن البعد المحلي لهذا الملف يتصل بالانتخابات النيابية المقبلة وهواجس الربح والخسارة التي تجعل كل فريق داخلي يفتش عن أي نقطة ضعف في جسم الفريق الآخر.او يخترعها إذا تطلب الأمر.من أجل استغلالها في المعركة الانتخابية المقبلة.

واستناداً الى هذه الاستراتيجية التي تكاد تبيح كل المحرمات، ظهر فور الإعلان عن توقيف شهاب من قبل السلطات المصرية، أن هناك قابلية او شهية لدى البعض في فريق ۱۴آذار لتوظيف هذه القضية في الحملات السياسية ضد المعارضة، وتحديداً ضد حزب الله وحليفه المسيحي المتمثل في التيار الوطني الحر الذي قد يكون الأكثر استهدافاً كون ساحته ستشهد المعارك الانتخابية الحاسمة.

وهناك في الجانب المسيحي ضمن قوى ۱۴آذار من يفترض ان عون سيكون، بالمعنى الانتخابي، المتضرر الأكبر من تداعيات قضية توقيف شهاب، لأن ما حصل أصابه بالإحراج في الشارع المسيحي بعدما تبين أن حزب الله تجاوز في عمله الحدود اللبنانية ليتمدّد في اتجاه الحدود المصرية من أجل دعم المقاومة الفلسطينية، خلافاً لما كان يتباهى به رئيس تكتل التغيير والإصلاح لجهة تمكّنه عبر وثيقة التفاهم الشهيرة مع الحزب من (لبننة) أهدافه وحصرها في خانة تحرير الاراضي اللبنانية والدفاع عنها.

وامتداداً لهذا المنطق، يعتقد بعض مسيحيي (الأكثرية) أن عون لن يجد سهولة هذه المرة في تفسير سلوك حزب الله او تبريره، بعدما ضُبط متلبساً بتهريب السلاح الى غزة عبر الحدود المصرية، في حين أن رئيس التيار الوطني الحر كان قد تبرع بتأمين التغطية للمقاومة وسلاحها على قاعدة ان نشاطها ينحصر في الاراضي اللبنانية وان لا امتدادات خارجية له، وبالتالي فإن عون سيكون مضطراً الى ان يحصد في الشارع المسيحي ما زرعه حزب الله في الأنفاق التي تربط بين سيناء وغزة.

لم يُفاجأ التيار الحر بمحاولات توظيف ازمة القاهرة.حزب الله في الداخل اللبناني، إلا انه يؤكد ان لا جدوى ولا أهمية لهذه المحاولات، لأنها هشة في جوهرها وتفتقر الى المضمون السياسي المقنع الذي يمكن أن يؤثر فعلياً على الرأي العام اللبناني عموماً، والمسيحي خصوصاً.

بالنسبة الى بعض الاوساط في التيار، تحمل مهمة شهاب أبعاداً لبنانية بامتياز، ولو ان مسرحها الجغرافي هو مصري. أما المعادلة التي قادت تلك الاوساط الى هذا الاستنتاج فهي بسيطة: حزب الله يدعم حركة حماس في غزة حتى تبقى المقاومة الفلسطينية قوية وقادرة على مواجهة مشاريع التسوية غير العادلة، لأن أي تسوية مجحفة ومفصلة على قياس إسرائيل تعني توجيه ضرب قاضية الى حق العودة، مع ما يترتب على ذلك من تصفية للقضية الفلسطينية وتكريس التوطين في لبنان الذي لا يحتمل أصلاً المساس بتركيبته الداخلية الهشة وتوازناته المرهفة، علماً أن المسيحيين سيكونون من أوائل ضحايا هذا التوطين.

من هنا، يصبح قطاع غزة.وفقاً لهذا التسلسل في الحلقات.خط دفاع حيوي عن لبنان، بما يجعل المصلحة اللبنانية العليا والمصلحة الوطنية الفلسطينية متقاطعتين عند نقطة دعم المقاومة في كلا المكانين لمنع أي صفقة على حساب الحقوق المشروعة.

وما يستغربه التيار الوطني الحر أن تقوم الدنيا ولا تقعد عند الكشف عن شبكة حزب الله في مصر والهادفة الى دعم صمود قطاع غزة المحاصر، بينما لا يحرك أحد ساكناً إزاء إماطة اللثام عن واحدة من أخطر شبكات التجسس الاسرائيلية في لبنان والتي عاثت في البلد فساداً وإجراماً على مدى عشرات الأعوام، مستهجناً ان تنقلب المعايير بهذه الطريقة.

وهناك في المعارضة أيضاً من يدعو الى عدم الانجرار خلف (فرضيات معلبة) تروج بأن قضية توقيف سامي شهاب ستؤذي عون في الساحة المسيحية، إذ أثبتت التجارب السابقة أن العكس غالباً ما يكون هو الصحيح، كما حصل مع زيارتَي عون الى دمشق وطهران على سبيل المثال.

حينها، وفي المرتين، توقع خصوم الجنرال ان ترتد الزيارتان سلباً عليه سياسياً وشعبياً، ولكن تبين لاحقاً ان القاعدة البرتقالية استوعبت خياره الذي تأكدت لاحقاً صوابيته على المستوى الاستراتيجي، والدليل ان اوروبا وإدارة أوباما والسعودية سارعت بدورها الى الانفتاح على دمشق وطهران، فيما كان أشدّ اعدائهما المحليين يعيدون التموضع ويستبدلون اللهجة الحادة حيالهما بأخرى هادئة.

ويرى اصحاب وجهة النظر هذه في المعارضة، ان التمعن في الواقع يُبين ان الموالاة هي التي تمر حالياً في أسوأ أوضاعها، بعدما تلقى مشروعها ضربات متتالية واندفع حلفاؤها الغربيون والعرب الى إعادة ترميم علاقاتهم مع سوريا وإيران، بموازاة وصول اليمين الاسرائيلي المتطرف الى السلطة، مع ما يعنيه ذلك من انسداد تام في أفق التسوية والمتحمسين لها في العالم العربي، مقابل انتعاش خيار الممانعة والمقاومة الذي أصبح تلقائياً، وبطبيعة الحال، البديل الوحيد.

وفي ما خصّ اتهام حزب الله بتهديد المصلحة الوطنية من خلال تحركه الميداني في مصر، يعتبر هؤلاء أنه لا توجد وصفة جاهزة للمصلحة العليا وكيفية الحفاظ عليها، والحزب يستطيع انطلاقاً من موقعه وتجربته ان يساهم مساهمة فعالة في تقديرها وتحديدها على قاعدة الثوابت الآتية: تحرير الارض، الدفاع عن لبنان، وحماية المسلمات الوطنية وفي طليعتها منع التوطين وصون حق العودة للفلسطينيين.

وتتساءل هذه الأصوات في المعارضة: إذا كان دعم المقاومة في غزة من خلال الرئة المصرية أمراً لا يفيد لبنان، فهل التحالفات الاقليمية والدولية للبعض وحملاته العنيفة على سوريا في ما مضى كانت تخدم البلد؟
السفير - لبنان