رمز الخبر: ۱۲۱۹۵
تأريخ النشر: 12:48 - 20 April 2009
محمد صادق الحسيني

ديبلوماسية حياكة السجاد الايرانيةتحت المجهر النووي!
 
عصرایران - 'على العالم ان يتعايش مع ايران دولة نووية مدنية ' هذا ما قاله علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الايراني قبل ايام. وقبل ذلك بايام كان الرئيس احمدي نجاد يضيف 'شروطا' جديدة من جانب المفاوض الايراني اذا ما اراد الغرب ان يفاوض ايران مرة ثانية، لأن 'ثمة مستجدات' كما قال طرأت على المشهد النووي الايراني، وذلك اثناء افتتاحه لمصنع للوقود النووي' في مدينة اصفهان بالاضافة الى اختبار جيلين جديدين من اجهزة الطرد المركزي. ثم ها هو سعيد جليلي كبير المفاوضين النوويين يهاتف سولانا معربا له عن استعداد ايراني للتفاوض بناء على دعوة الاخير وبحضور مندوب للولايات المتحدة الامريكية بناء على رغبة واشنطن والحاحها. فماهي القصة الواقعية لما يحدث في المشهد النووي الايراني؟ .

'لو عدنا الى الخلف قليلا، وتحديدا الى ما جرى من توافق غير رسمي وغير مكتوب في اروقة جنيف بحضور الممثل الامريكي الخاص بيرنز حول الملف النووي الايراني قبل انتخاب اوباما بنحو سنة فقد كان اكثر من واضح واكثر من صريح بان الحرب والخيار العسكري بات وراءنا، اذ ان الاوروبيين وقتها استطاعوا على ما يبدو ان يتوصلوا مع الايرانيين قبل الاجتماع 'الى اشبه ما يسمى بخارطة طريق تنقذ ماء وجه الجميع ولكن من دون الرضوخ للشرط الامريكي المتمثل باعلان ايراني بوقف التخصيب اولا قبل الدخول في اية مباحثات جدية، والذي كان في الواقع هو العقبة امام اي تسوية تنزع فتيل الانفجارمع طهران!

وقتها اجتهد البعض بان سولانا ممثلا لمجموعة الدول الاوروبية استطاع 'ان يساوم الايرانيين على الاقتصاد مقابل السياسة، وان يباغت الامريكيين بخارطة الطريق التي اتفق عليها مع الايرانيين والتي تقضي بوقف التنمية المضطردة لمشروع التخصيب الايراني مقابل منع الخيار العسكري!

وهكذا يكون قد دخل وليام بيرينز يومها الى الاجتماع وامامه عمل منجز لا يملك سوى التجاوب معه حتى لا يصبح' واحدا امام خمسة مفضلا بالتالي ان يتحول على الفور الى عضو نشط في مجموعة الـ6 +1' ما دفعه عمليا الى اتخاذ موقف ايجابي من ورقة سولانا غير المعلنة وموقف 'ثقافي' حار تجاه الشعب الايراني، تعويضا عن الخيبة التي لحقت بواشنطن طوال فترة التحريض الممتدة لولاية سيده ضد طهران الامر الذي دفع بالرئيس احمدي نجاد بالمقابل الى اتخاذ الموقف المشجع والايجابي تجاه المشاركة الامريكية الاولى من نوعها في اطار البحث عن حلول سلمية وحوارية لملف ايران النووي. 'اليوم يبدو ان احمدي نجاد هو الرابح الاكبر في مناورات الهجوم 'والهجوم الديبلوماسي المضاد لانه من جهة استطاع ان يبدو بانه الاقوى داخليا عندما يصمد ويرد بحزم رغم رسائل 'الغزل' القوية التي كانت ولا تزال تأتيه من الغرب ومن جانب واشنطن، وان يظهر خارجيا بمثابة الرجل الاكثر اعتدالا وجرأة من غيره ممن سبقوه وهو المتهم بالراديكالية والتشدد واعادة تصدير الثورة و... الخ وهي السياسة التي طالما قيل عنها انها تخسر ايران في المجتمع الدولي.

احمدي نجاد اذن الذي استطاع وقتها ان يرمي بالكرة في الملعب الامريكي الداخلي ويجعل التنافس حول الورقة الايرانية بين الحزبين المتنافسين اكثر حدة واكثر جدلا يفلت اليوم من اي 'عقاب' يدور في مخيلة بقايا المتطرفين الامريكيين او حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة بعد ان اصبح يمتلك دورة نووية كاملة بما فيها صناعة الوقود النووي اللازم لتشغيل المحطات النووية في المستقبل في وقت تظهر فيه الادارة الامريكية الجديدة المنهكة على جبهتي العراق وافغانستان اكثر ضعفا وهوانا من اي وقت مضى من ان تساند او تسمح لربيبتها اسرائيل في الاقدام على حماقة من ممثل ضرب ايران. 'ولكن ما هي خطة خارطة الطريق تلك والتي تم الاتفاق عليها في حينه بين سولانا وجليلي والتي دفعت بالامريكيين وقتها ليقعوا في مثل هذا الاضطراب؟!

المتابعون والمطلعون على بعض خبايا تلك المفاوضات والمباحثات المتشابكة والالتفافية والمعقدة التي ادارها المفاوض الايراني في حينها مع المفاوض الاوروبي يقولون انها تضمنت ما يلي: 'اولا: تجاوز مقولة وقف التخصيب والتي اصبحت من الماضي كما يردد الايراني اليوم!

ثانيا: الاعتراف والاذعان بدور اقليمي اساسي لايران في كل التسويات التي تتعلق بقضايا المنطقة!

ثالثا: السعي لاخذ ضمانات من مجموع قوى المجتمع الدولي بالاعتراف النهائي بالنظام الايراني وعدم العمل على زعزعة استقراره او' اسقاطه او التحريض ضده!

كل ذلك مقابل وقف ايران لبرنامج تنمية المشروع النووي وليس وقف التخصيب، اي عدم التقدم مؤقتا باتجاه التخصيب الصناعي، وعدم الانحراف مطلقا باتجاه التسلح العسكري!

ان من يقرأ مضمون' ما اقر به' الرئيس الامريكي اوباما اخيرا سواء في رسالة التهنئة التي بعث بها الى القادة الايرانيين في عيدهم القومي او من خلال مطارحات اسطنبول الاخيرة يجد بان بنود خارطة الطريق التي وضعت اسسها في جنيف قد تحققت، وبالتالي فقد حان الوقت بالنسبة للايراني بالانتقال الى مرحلة اكثر تقدما وان يرفع من مستوى نشاطه النووي الى مرحلة اكثر تقدما اي صناعة الوقود النووي واخراج جيل جديد من اجهزة الطرد المركزي وهو ما اعلن عنه 'احمدي نجاد بصورة المنتصر والقوي في الذكرى السنوية ليوم التقنية النووية! وهنا ثمة من يقول مجددا بان المفاوض الايراني استطاع عمليا ان يحصل على ما يريده من خلال سياسة حافة الهاوية التي كانت تظهر القدرة والقوة الايرانية باستمرار وسط عالم لا يعرف الا لغة القوة، بينما خسر الغرب مجتمعا الرهان على وسائل واساليب التهويل والتهديد سواء بتشديد العقوبات او التلويح بالقوة العسكرية!

واخيرا وليس آخرا ثمة من لخص الامر بان طهران استطاعت عمليا بان تجعل الزمن يجري وراءها وان تجعل دول الروم الحديثة تتفرق على ابواب بلاد فارس' من خلال ديبلوماسية حياكة السجاد الطويلة النفس لكنها المضمونة النتائج' 'لوحة فارسية بامتياز'!

اعرف ان هذا الوصف الموضوعي للواقع الايراني قد يستفز البعض مرة اخرى ويرى فيه تبجيلا او دعاية او ترويجا لما يسمونه المشروع الايراني الامبراطوري مرة والتوسعي مرة اخرى، والذي يأتي على حساب العرب مرة ثالثة، في الوقت الذي نحن فيه احوج ما نكون الى قراءة الامور كما هي بعيدا عن حبنا او بغضنا للظاهرات التي تتحرك من حولنا سلبا او ايجابا. هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ثمة من سيذهب به الخيال وامواج الاوهام لترديد مقولة المؤامرة التي لا تنتهي عند البعض ليستنتج من ورائها بان ثمة تواطؤا غربيا لابقاء ايران تتقدم على حساب العرب!

وهي فكرة ادمن عليها البعض بسبب ادمانه على قناعة ان المسلمين والعرب لا يمكن لهم ان ينتصروا، وان الاسرائيلي والامريكي هو المنتصر دوما، وانه اذا لم تدمر الانجازات الكبرى ولم تقصف من قبل العدو فان ثمة مؤامرة في الافق!

وبالتالي فهو يريد لايران ان تضرب وان تقصف وان تبقى دولة عالم ثالثية فقيرة حتى يتضامن معها، وقد ظهر هذا واضحا مع انتصارات حزب الله وحماس ايضا.

فهل نسيتم النظريات التي تم ترويجها عن مؤامرة تضخيم قوة حزب الله عمدا من قبل الاسرائيليين يوم اندحروا متقهقرين من جنوب لبنان في العام 2000؟ الم يقولوا اننا لم ننتصر في العام 2006؟