رمز الخبر: ۱۲۴۳۹
تأريخ النشر: 09:11 - 28 April 2009
طلال سلمان
كلينتون في بيروت: النجاح بفضل رايس!
 
 
عصرایران - ليس من المؤشرات المطمئنة للبنانيين أن يكون وطنهم الصغير المحطة الثالثة في (الزيارة السرية) التي قامت بها وزيرة الخارجية في الإدارة الأميركية الجديدة السيدة هيلاري كلينتون، لكل من العراق والكويت..

يُخشى أن تكون إدارة الرئيس باراك أوباما قد أدرجت لبنان في خانة الدول العربية التي (حرّرتها) الولايات المتحدة الأميركية بالجيوش أو بسياسة المحاور.. خصوصاً وأن قيادات (ثورة الأرز) تعتبر أنها قد نجحت في (تحرير لبنان) بالاعتماد على الدعم الأميركي المفتوح، والذي كان بين (مهندسيه) في واشنطن وزيرة الخارجية السابقة السيدة كوندليزا رايس، وفي بيروت السفير جيفري فيلتمان الذي بات الآن من أركان الوزارة في واشنطن، إلى جانب السيدة كلينتون.

ولقد استذكرت الوزيرة.الخلف هذه (الثورة) من دون أن تمضي في تحديد المحتل إلى حيث تقصد تلك القيادات..

كذلك ليست ملاحظة ودية القول إن لبنان (يعيش في جوار معقد). فلا يجاور لبنان من الشرق والشمال إلا دولة عربية، شعبها أخ شقيق مهما اختلفت أحوال السياسة، ومن الغرب البحر، أما من الجنوب فثمة دولة أخرى (غريبة) و(غربية) أقيمت بالقهر والقوة على أرض شعب أخ شقيق كان في الطريق لإقامة دولته على أرضه، فلسطين، حين منعه الاحتلال البريطاني المعزز بالتواطؤ الدولي من استكمال مشروعه الوطني، ليمكن لإسرائيل أن تكون الدولة.البديل، والتي أقرّ لها الرئيس الأميركي السابق.محادث الإله جورج.و. بوش بحقها في أن تكون (دولة اليهود).. خالصة للمستقدمين من أربع رياح الأرض ليكونوا البديل من أصحاب الأرض.

لقد استبدل جوار لبنان وسوريا، معاً، بالقوة. شطبت فلسطين لتقوم في مكانها، وبالقوة، دولة غريبة عن المنطقة، لا (شعبها) المستورد من أهلها، ولا هي بعض تاريخه.

ما علينا ولفلسطين المضيّع حاضرها ومستقبلها، لنعد إلى الزيارة السريعة التي استغرقت ساعتين، لكي نسجل، بداية، أن من حظ السيدة كلينتون، في علاقتها مع اللبنانيين تحديداً، أن تكون خلفت في موقعها الوزيرة السمراء (كوندي)!

فليس سهلاً على أي مواطن سوي أن ينسى (الأيادي البيضاء) للوزيرة رايس على (الوحدة الوطنية) أو على سلامة هذا الوطن الصغير، كما تجلت خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز.آب .۲۰۰۶. خصوصاً وأنها قد لعبت دوراً حاسماً في تمديد هذه الحرب التي استهدفت الإنسان والعمران في هذا الوطن الصغير، آملة أن تُهزم المقاومة خلال أيام قليلة، إن لم يكن خلال ساعات، فلمّا صمدت المقاومة، ومعها شعبها، اجتهدت السيدة رايس لإشغال اللبنانيين المنقسمين سياسياً في فتنة داخلية يمكنها أن تلحق بالمقاومة من الأذى أكثر ما تستطيعه إسرائيل.

هل بات ذلك من الماضي؟

يتمنى اللبنانيون ذلك، ويسجلون للرئيس الأميركي باراك أوباما أنه قد ضمّن رسالته للرئيس ميشال سليمان تعهداً بالالتزام الشخصي بسيادة لبنان واستقلاله ومسيرة الاستقرار فيه، والحفاظ على الوحدة وانتهاج خط الاعتدال مع الجميع..

وفي حين استقبل اللبنانيون بالتقدير اللفتة الخاصة للوزيرة كلينتون بزيارة ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فإنهم قدّروا لها أنها لم تستنفر قوى (ثورة الأرز) لعقد اجتماع طارئ، لتحريضهم على سائر اللبنانيين، ومعهم سوريا وكل الفلسطينيين، كما سبق أن فعلت (سلفتها) كوندي، ولا ندري أكان ذلك بطلب مباشر منها أم بتحريض من السفير فيلتمان، الذي حاول مؤخراً في دمشق، أن يقدم لنفسه (صورة جديدة) بالقول إنه إنما كان ينفذ سياسة إدارته عبر الحرب على سوريا انطلاقاً من لبنان.

كذلك سجل اللبنانيون للسيدة كلينتون أنها، سواء في لقاء الرئيس سليمان أم في مؤتمرها الصحافي، راعت أن يبقى كلامها السياسي في إطار المبادئ العامة، مع التركيز على ملامح التغيير في نهج الرئيس أوباما عن نهج سلفه جورج بوش، في ما يخص هذه المنطقة على وجه التحديد... وهو تغيير استقبله الأميركيون بارتياح كما تدل استطلاعات الرأي العام حول المئة يوم الأولى، والتي كشفت أن حوالى السبعين في المئة منهم يؤيدونه، وأنهم يعتبرونه الأفضل بين الرؤساء الأميركيين في العشرين سنة الأخيرة (بمن فيهم الرئيس كلينتون زوج الوزيرة الزائرة)..
يبقى لافتاً أن يكون الرئيس أوباما قد خص لبنان (إضافة إلى الكويت والعراق، حيث ما تزال ترابط قوات الاحتلال الأميركي) بإيفاد وزيرة خارجيته في حين أنه اكتفى بالرسائل أو بالاتصالات الهاتفية مع سائر القادة العرب، ملوكاً ورؤساء، معززة باستدعاء بعضهم إلى واشنطن لكي يسمع منهم، لا سيما أولئك الذين كانت إدارة سلفه جورج بوش قد قاطعتهم أو امتنعت عن دعوتهم لكي تسمع منهم هواجسهم الثقيلة في مرحلة التحولات التي ترج هذه المنطقة والأنظمة فيها عموماً، ملكية أو جمهورية أو مختلطة، لا سيما بعدما بلغ التطرف الإسرائيلي أقصى تطرفه.

ويبدو أن أقطاب (ثورة الأرز) لم ينتبهوا بعد إلى التبديل الذي حدث في الإدارة الأميركية، وإلى سياستها تجاه المنطقة عموماً وتجاه سوريا خصوصاً، والتي قالت عنها الوزيرة كلينتون، على هامش زيارتها بيروت: (إن واشنطن متشجعة بالعلاقات مع سوريا).

وأغلب الظن أنهم لم يسعدوا كثيراً أن تجيء الوزيرة الأميركية إلى بيروت في هذه اللحظة بالذات، عشية (حرب) الانتخابات التي يرونها (فاصلة)، وأن تقول خلالها كلاماً لا يعزز كثيراً آمالهم بتأجيج هذه (الحرب) بدعم أميركي مفتوح لكي يضمنوا الفوز بأكثرية مريحة تمكنهم من إكمالها سياسياً في المجلس النيابي الجديد، ولو أدت إلى خراب بيروت.. بعد البصرة التي تجاوزتها السيدة كلينتون حين ذهبت من بغداد إلى الكويت.

وهذا المجلس العتيد سيحمل في طياته الكثير من متطلبات الحرب الجديدة القديمة، إذا لم تتنبّه القيادات جميعاً إلى مخاطر الصدام، مجدداً، في منطقة ترتج من أقصاها إلى أقصاها، وتتجمّع في آفاقها النذر بالأسوأ في مقبل الأيام.
السفير - لبنان