رمز الخبر: ۱۲۵۰۳
تأريخ النشر: 13:16 - 30 April 2009
بنفشه سام غيس
عصر ایران - بنفشه سام غيس - في يوم 28 حزيران/يونيو عام 1987 وقبل عام من انتهاء حرب الثماني سنوات التي فرضها صدام حسين علي ايران ، قام صدام بقصف مدينة سردشت الحدودية الايرانية بمحافظة اذربايجان الغربية (شمال غرب ايران) بالقنابل ال الكيماوية.

وهي قنابل غاز الخردل والاعصاب التي بامكانها ان تجلب الموت والدمار منذ اللحظات الاولي من انفجارها وهكذا فعلت باهالي سردشت. وبعد دقائق من سقوط القنابل توفي 116 من اهالي المدينة البالغ سكانها 11 الف نسمة ممكن كانوا اكثر قربا من مكان سقوط القنابل.

والذين بقوا علي قيد الحياة كانوا حوالي 10 الاف شخص، فان لم يكونوا قد استشهدوا بعد ايام او اعوام من تعرض المدينة للقصف ، لكنهم اصبحوا يقاسون لحد اليوم حيث يمضي 21 عاما و 8 اشهر من الحادث، من اعراض جسدية ونفسية خلفها الانفجار الناتج عن غاز الخردل – غاز الموستارد-. وفي ذلك اليوم وقبل الساعة الرابعة من بعد الظهر كان اهالي سردشت يعيشون حياتهم اليومية كالمعتاد ، لكن وبعد ذلك تعرض البعض اكثر من الاخرين للاصابة.

ان النساء والاطفال الذين لم يكونوا يعرفون اعراض غاز الخردل وكيفية مواجهته ولم يتمكنوا في اللحظات الاولي من القصف من الاحتماء في منطقة امنة ، وبالتالي اصيبوا باعراض جسدية اكثر.

واليوم حيث بلغ عدد من هؤلاء النسوة مرحلة متقدمة من العمر والشيخوخة وعدد من الاطفال اصبحوا في سن الشباب يمضون الان دقائق العمر بسعال مصحوب بالدم والقيح والصديد وظهرت علي بشرتهم البثور والقروح المزمنة وفقدت لطافتها ونضارتها، وقلب لا يشبه اي قلب اخر يعتصره الالم وعيون ينهمر منها الدمع.

وهذه خصوصية المدن الحدودية التي يمضي اهاليها حياتهم ويكسبون رزقهم من بيع السلع علي الحدود او الزراعة اذا ما كانت الظروف الجوية مؤاتية واستقبال المسافرين الذين يريدون السفر الي الجانب الاخر من الحدود. وبالنسبة لمدينة سردشت فان جميع مصادر الرزق هذه قد ابيدت لسنوات واليوم بقي من البعض ذكريات فقط. ان تربة سردشت التي كانت يوما ما خصبة ، فقدت بريقها وقوتها بسبب هجوم القنابل والصواريخ ، واليوم اصبحت هذه التربة ملوثة بالعناصر الكيماوية المدمرة. ولا يثمر اي زرع في حقول هذه المدينة التي تمتد كسهل مترامي الاطراف حتي اسفل الجبال.

وكانت بروين يوم 28 يونيو 1987 في الحمام لتغتسل عند الساعة الرابعة من بعد الظهر عندما سقطت قنابل الخردل علي مدينتها. وعندها دخلت في غيبوبة استمرت شهرين وادخلت غرفة العمليات 12 مرة. ولم يكن هناك من يظن انها ستبقي علي قيد الحياة. "لقد كنت في التاسعة عشرة من العمر... كان قد مضي شهران علي زواجي ...".

كان موعدي مع بروين لاجراء حوار عند الساعة العاشرة صباحا. وكان الصوت الاتي من خلف الهاتف يعاني من الخمول والارهاق. ان بروين لم تستطع تلك الليلة من النوم بسبب السعال المصحوب بالدم وبقيت ساهرة حتي الصباح. "خلال الاعوام العشرين هذه ، لا اعتقد ان قصرت بحق اسرتي. اي ان حقهم ان اكون لهم اما وزوجة. اني اخفي دائما مرضي والمي لاني اعرف ان اعاني لكنهم يقاسون ايضا".

ان جميع افراد اسرة بروين قد استشهدوا خلال القصف الذي تعرضت له سردشت. وبقي ل بروين فقط شقيقان وابنان وزوج. "زوجي معاق بنسبة 40 بالمائة. يعاني من ضعف الاعصاب. ويجب علي في معظم الاوقات العناية به".

ان بروين معاقة بنسبة 70 بالمائة. ان 70 بالمائة من رئيتها قد تلف هي تعاني من فقر دم شديد وتعاني ايضا من هشاشة العظام بنسبة 55 بالمائة. وقد احترق جلدها بنسبة 85 بالمائة واصيبت باكتئاب شديد. "قال ابني الصغير ذات يوم ، امي لماذا لا تضحكي؟ فقلت اني اضحك . قال تضحكين لكن بالم ومعاناة. فاذا كنت قد بقيت لحد الان فهو من اجل اطفالي. انهم وحيدون. لقد اقتربت من الوفاة لمرات لكني عدت الي الحياة".

وشهلا واحدي كانت تبلغ من العمر 12 عاما يوم 28 يونيو 1987. ومن اسرة شهلا بقيت اليوم هي وحدها واستشهد الجميع. ان شهلا معاقة بنسبة 40 بالمائة. ان الكلمات التي تنطق بها مصحوبة بسعال جاف وممتد. كم ان صوت هذا السعال مؤلم. وكم ان هذا السعال مرهق ومتعب.

"كنت ابلغ من العمر 12 عاما حينما قصف العراق سردشت بالقنابل الكيماوية. ولحد الان فقدت نصف حياتي. لقد انتهي نصف حياتي. حتي اني فقدت الشعور بكوني امراة. لا استطيع ان اعيش مثل اي انسان عادي. لا استطيع ان اكون اما لاولادي ولا ان اكون زوجة لزوجي. لا استطيع الذهاب باطفالي الي المتنزه لان المتنزه فيه سلالم يتسبب صعودها بالسعال لي. وعندما يبرد الجو او عندما يتلوث ابقي حبسية البيت. ان اطفال وزوجي يتفهمونني.

ان زوجي وطوال الاعوام ال14 التي عشناها معا لم يحتج علي حتي مرة واحدة. ان جميع اعمال البيت يقوم بها زوجي واطفالي. وعندما يحل الربيع يفرح الجميع لكني اصاب بالحزن لان رائحة الزهور تنتشر. ان بشرة جسم شهلا مليئة بالبثور والتقيحات. "وعندما يصبح الجو حارا استحم مرتين او ثلاث مرات يوميا لكي لا تتسبب هذه البثور بالحكة لي ...". وفي النوم تهاجم الكوابيش شهلا التي تري في منامها وكان قنابل الخردل تتساقط وتنتشر رائحة الثوم وتسقط الطائرات.

"لقد توفيت امي واخي الصغير في لحظة ما بعد القصف. لقد استشهد 10 من افراد اسرتي... ". ان رئتي شهلا خاويتان من الهواء. "لقد اصبت بالتصاق الرئة وعندما اصاب بضيق التنفس ولا يصل الاوكسجين الي رئتي لا يصل الدم الي اعضاء جسدي واصاب بالبرد والصداع السريع. بحيث يجب ان ازحف علي الارض لكي اوصل نفسي الي الكمامة والمرذة".

لا يفرق ما اذا كان رواة الالم ثلاثة اشخاص ام اربعة. بالنسبة لي واني اسمع هذه المعاناة واري هذا السعال المصحوب بالدم والجاف وخرير الرئتين الجريحتين. اقول بان نساء سردشت ضحين من اجلي وتحملن من اجلي. ان هؤلاء النسوة هن اكثر النساء نسوة واكثر الامهات امومة واكثر الزوجات زوجة.

المصدر: الموقع الاعلامي لضحایا الارهاب