رمز الخبر: ۱۲۵۳۱
تأريخ النشر: 12:23 - 02 May 2009
نصري الصايغ
لم يسقط أحد بعد؟
 
عصرایران - خرج الضباط الأربعة، ولم يسقط أحد بعد.
سقطت التهمة، سقطت الشبهة، سقطت الشهادات المزورة، سقطت سنوات من عمر عائلات.. ولم يسقط أحد محدد بعد. كأن الضباط، كانوا محتجزين، خارج لبنان. في مكان ما، ما بين قراصنة البحر الأحمر، وسجن غوانتنامو.

حالة من الحسرة على الذات، أو، شعور بأن شيئاً عزيزاً قد سقط منك. لأن أحداً لم يسقط بعد. الذي وقع منك، ولا يمكن ان تلمه، هو أنك لبناني، في (دولة) (شُبّه لك)، بلا جدران، بلا سقف، بلا هواء، بلا أمان، بلا (العدل أساس الملك).

حالة بلقاء، فاقعة، حالة تشبه الخطيئة، يقابلها، تبرير تافه، وتأصيل في الصلافة، او صمت، كأن شيئاً لم يكن، كأن شيئاً لم يحدث.

العدالة، لا تخصنا أبداً. نحن في بلد الاستنساب الطائفي. ولا مساءلة لأحد في هذه الحالة، خوفاً من سقوط الطوائف في الاحتراب.

خرج الضباط الأربعة، بقرار قضائي يدين في طياته، قراراً قضائياً لبنانياً، بُني تعسفاً على ما تيسر من السياسة والخديعة والتوليف والتوظيف، ومع ذلك، لم يسقط أحد بعد.

يذكر، أن عدداً من قادة العمل السياسي في سوريا ولبنان، كانوا يتعرضون للسجن في زمن الانتداب. تعرضوا للنفي التعسفي، للاضطهاد، ولكن معظمهم، كان يطمئن إلى عدالة الحكم الذي يصدره القضاء. غالباً ما برّأهم. حتى إبراهيم هنانو، الذي استعمل السلاح ضد الانتداب، وقاد ثورة مسلحة في شمال سوريا، طلب المدعي العام، إنزال عقوبة الإعدام به. فبرّأته المحكمة الفرنسية، رأت في عمله الثوري، عملاً سياسياً.

يُذكر، أن عدداً من المناضلين، حكمتهم المحاكم المختلطة اللبنانية/ الفرنسية، بالسجن لشهور، وفق ما تنص عليه مواد القانون. إنما، لما تعرّض بعضهم للاعتقال، في زمن الاستقلال، سيقوا إلى الإعدام.

هل مرّت العدالة ذات يوم، في هذا المدى اللبناني الضيق، وفي الأمداء العربية الواسعة؟ هل أقامت العدالة في الثقافة السياسية؟ الدكتاتورية ألغت منطق العدالة، بمنطق السلطة. الديموقراطية اللبنانية جعلت من العدالة، مراراً، ثأراً.

ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، ان تتحول ساحة القضاء، الى منازلة سياسية، أو منازلة طائفية، او تصفية لخصوم، أو انتقام لموقف. ولكن، ليس الى هذه الدرجة؟

ردة الفعل من القوى السياسية على الإفراج، دون المستوى الوطني، وإن كانت فوق المستوى الانتخابي. ففريق الرابع عشر من آذار، المعني بالجواب عن: لماذا بنيتم سياستكم على ملف فارغ؟ ولماذا قدتم الناس إلى صب اللعنات الأخلاقية على من ليسوا متهمين؟ ولماذا عكّرتم صفو التحقيق وحرضتم؟ ولماذا لم تندموا بعد! وفريق الثامن من آذار، معني بالجواب عن: هل هذه لحظة الانقضاض السياسي على الخصوم، أم لحظة استعادة شعار (بناء الدولة)، على قاعدة: سيادة القانون. ولا شيء يعلو فوق الدستور والقانون؟ هل هذه لحظة التشفي أم لحظة القبض على الشعار: البحث عن الحقيقة، حقيقة من قرر ومن خطط ومن شارك ومن نفذ جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري. فاذا كان فريق الرابع عشر من آذار، قاد التحقيق إلى شاطئ الزوغان الأخلاقي، فعلى المعارضة ان يكون في رأس برنامجها: تأمين خارطة طريق قضائية سليمة، لبلوغ الحقيقة، هنا في لبنان، وهناك في لاهاي.

وعليه، يكون الشعار المباشر اليوم وغداً: (خرج الضباط، فليسقط أحد او آحاد كثر). اللواء جميل السيد، حدد المهمة بوضوح. دلّ بإصبعه على العلة. هل سيلتفت أحد بهذا الاتجاه؟
السفير - لبنان