رمز الخبر: ۱۲۹۳۵
تأريخ النشر: 14:46 - 13 May 2009
علي الصيوان
مَن المستفيد من تغيير قواعد الاشتباك؟

عصرایران - انطلقت ماكينة تسويق حكومة نتنياهو على محورين: غربي وعربي!، رغم عنصريتها غير المواربة. إلى أوروبا الغربية توجه ليبرمان وفي (ايباك) حاضر شيمون بيريز وعلى رؤوس الأشهار وضع نتنياهو (خارطة طريق) جديدة قبيل توجهه إلى واشنطن للحشد ضد إيران.

وفي الفضاء العربي توالى الزخم في إعادة صياغة الخطاب الإسرائيلي الخاص بإيران!. فما آفاق هذا الوضع الناشىء؟.

ظهر الإسرائيليون في الرابع من هذا الشهر وكأنهم قد استفاقوا فجأة على الخطر الإيراني.
ولمجابهة هذا الخطر، تم تشكيل (خلية أزمة) وفق مانشرته صحيفة هآرتس اليوم نفسه، مؤلفة من وزراء الخارجية والحرب والداخلية ورؤساء أجهزة الأمن والموساد ورئيس الأركان وخبراء الأمن القومي، وكبير المستشارين الاستراتيجيين لرئيس الحكومة.

وفي اليوم نفسه كذلك، أعلن نتنياهو أنه يجب توجيه ضربة عسكرية لإيران، ثم أماط اللثام عن حجر الأساس في مشروعه الخاص بتغيير قواعد الاشتباك السياسي في المنطقة بعد صمود غزة قال: إن لديه (رؤيا جديدة) لمقاربة عملية السلام مع الفلسطينيين على ثلاثة مسارات: سياسي وأمني واقتصادي.

۱- السياسي: قبوله التفاوض مع سلطة رام الله دون شروط مسبقة، باستثناء اعترافها بيهودية (إسرائيل).

۲- الأمني: تنفيذ برنامج الجنرال الأميركي دايتون بتمكين قوى سلطة رام الله من الإجهاز على قوى المقاومة.

۳- الاقتصادي: فتح بوابات جديدة للاستثمار الإسرائيلي في الضفة الغربية، وبالتعاون مع شركاء فلسطينيين، بما يعيد ل(التعاون) الاسمنتي دوره.

وقد حمل أفيغدور ليبرمان (رؤيا نتنياهو) هذه لتسويقها في أوروبا، ابتداء من روما فباريس، بينما شرح (فلسفتها) شيمون بيريز أمام (ايباك) في الولايات المتحدة، في إطار حشد العداء الواسع لإيران، وبه تتشكل ملامح وضع جديد ينشأ في المنطقة، ويؤسس لتغيير قواعد الاشتباك السياسي فيها، أبرز ملامحه:

أولاً: إعادة تأهيل الغرب وفيه أساساً الولايات المتحدة، المتطلعة إلى حوار مع طهران أقول: إعادة التأهيل بما يزدرد معه الغرب الإشارات التي بددت فيه إلى هول الفظاظة في عنصرية ليبرمان، وبرنامجها المعلن في خطة ترحيل عرب الأرض المحتلة ،۱۹۴۸ الترانسفير.

ثانياً: إعادة ترتيب العداوات والصداقات في المنطقة، على نحو يتم معه تلقف الخطاب الإسرائيلي المتحور حول أن إيران، وليس (إسرائيل) هي المشكلة، وهي مصدر الخطر على الأمن القومي العربي، الموجب عاجلاً لشد أنظار العرب إليه، لدرئه والوقاية من نفوذه.

ثالثاً: إعادة صياغة الأهداف الفلسطينية الملحة، بما يتم معه استبعاد خيار المقاومة، مرة وإلى الأبد، ليس وحسب، بخطاب فلسطيني، وعربي داعم، بل بقوة تنفيذ إجراءات الجنرال دايتون الخاصة بمطاردة المقاومين وقتلهم.

يلي ذلك إطلاق مفاوضات فلسطينية- إسرائيلية على أساس ( حل الدولتين) إحداهما نقية العرق اليهودي، ويعترف بها المفاوض الفلسطيني، حتى وإن استمرت المفاوضات في شأنها إلى مالانهاية، وتتشكل من أجلها (حكومة وحدة فلسطينية) تنبثق عن تقديرات المفاوض الفلسطيني (الواقعية) وليس عن حوار الفصائل في القاهرة.

والمبتغى الإسرائيلي المطموع فيه من تغيير قواعد الاشتباك السياسي في المنطقة على هذا النحو، يمكن تعيينه في ثلاثة ميادين هي:

الف- تطويق التوابع السياسية لنزول واشنطن، وإن مكرهة، عند حوار مع دمشق وطهران، علها تتمكن به من الإفلات من العراق.

وربما تجد (إسرائيل) في هذا الميدان آذاناً عربية صاغية لمشاطرتها التوجس من تغيير قواعد الاشتباك الأميركي مع دمشق وطهران الذي سينعكس صدقية وتألقاً لنهج دمشق في الاعتصام بالثواتب القومية، المانع للتفريط بالحقوق والأرض، التفريط المخلخل للتضامن العربي، والذي يزحف تحت شعار (القرارات المستقلة) للمنسحبين من مترتبات مركزية قضية فلسطين القومية والإسلامية.

ب- يتصل بهذا الميدان الطمع الإسرائيلي في خرق جسيم يتبدد معه مفهوم مركزية قضية فلسطين القومية والإسلامية، بتنمية النزعات القطرية العربية المتربصة على استحياء وعن عجز بالمرجعية القومية، ممثلة بجامعة الدول العربية ب(بيت العرب) بوصفها الإطار السياسي المؤهل لإنعاش التضامن العربي الكفاحي وليس اللفظي فقط، ضد الخطر الصهيوني.ج- والراهنية في الطمع الإسرائيلي هنا تنعقد لاكتساب مايكفي من وقت لاستكمال الاستعداد لمواجهة عدوانية جديدة ضد معاقل المقاومة في غزة وجنوب لبنان، وربما تكون موسعة ضد سورية وإيران لاستعادة هيبة الردع لدى جيشها وذراعه الجوي، بعد الشروخ التي لحقت بهذه الهيبة منذ الاندحار من جنوب لبنان الذي استتبع، بقوة الإلهام اندلاع انتفاضة الأقصى، وما أفضت إليه من صمود في غزة، تعطلت معه هرطقات (ثقافة) الاستسلام.

فهل تجري الرياح بما يخدم مهندس تغيير قواعد الاشتباك السياسي في المنطقة، أي بنيامين نتنياهو؟.

بالقطع، لدى نتنياهو فرصة في تحويل رجس الانكفاء القطري في الساحة العربية إلى وجهة نظر، وهو يراهن على استفحال هذا الرجس لتحقيق انعطافة تاريخية تلي تغيير قواعد الاشتباك، السياسي فالعسكري.

بيد أننا في تدقيق خاطف لأطماع نتنياهو ، ندعوه إلى الاستماع للرئيس السابق جورج بوش وطاقم (المحافظين الجدد): ديك تشيني وكولن باول ودونالد رامسفيلد وكوندوليزا رايس، وهم يرسمون حساباتهم قبل غزو العراق، على أساس (شرق أوسط جديد) تتسيد فيه (إسرائيل) وتنطفىء معه جذوة المقاومة.

إذ ربما يستخلص نتنياهو من الاستماع إلى هؤلاء أن طريقه كطريقهم مسدود، وكطريق الذين قدموا المساعدة اللوجستية لغزو العراق، طمعاً في مشاطرة (إسرائيل) دون منغصات قومية، التسيد في المنطقة، واصطدموا بحقائق الأمور وطبائع الأقدار، الكامنة في الرؤيا السورية لتبدلات قواعد الاشتباك.