رمز الخبر: ۱۳۲۸۵
تأريخ النشر: 12:11 - 30 May 2009
عصر ايران - الدكتور رحيم لاري : "اننا نريد التواجد في بلدان هناك ضرورة للتواجد فيها". هذا الكلام للسفير الفرنسي لدى الامارات العربية المتحدة والذي تحقق مع زيارة الرئيس الفرنسي الى الامارات وافتتاح قاعدة عسكرية فرنسية دائمة في الامارات.

وقد اعلن عن تاسيس قاعدة عسكرية فرنسية في الامارات في يناير عام 2007 اثناء زيارة ساركوزي الى الامارات، لكن ايا من المسؤولين الاماراتيين والفرنسيين لم يعط اي ايضاحات حول هذا الخبر في ذلك الوقت. ويبدو ان مسؤولي البلدين كانوا يحاولون التغعطية على الانباء المتعلقة بتاسيس هذه القاعدة العسكرية من خلال بث الاخبار المتعلقة بالاتفاقات الاقتصادية والثقافية.

وعلى اي حال وبعد قرنين استطاع الفرنسيون مرة اخرى الرسو في الخليج الفارسي بمساعدة العرب. لكن يجب ان نرى ما هي نتائج وعواقب هكذا اجراءات بالنسبة للبلدين وما هي الاهداف التي يتابعانها من وراء تاسيس مثل هذه القاعدة العسكرية؟

ويمكن تقييم اهداف وغايات فرنسا والامارات من تاسيس هذه القاعدة من ناحيتين مختلفتين ، اذ يمكن القول في ضوء ذلك ان البلدين يتابعان "اهدافهما الخاصة" قبل ان يتابعان "اهدافا مشتركة".

ولذلك فانه يجب دراسة الهدف من تاسيس هذه القاعدة وفقا لاهداف كل منهما لنرى ما هي النتيجة التي سيحققانها؟

ان هدف الاماراتيين من ايجاد هذه القاعدة يندرج قبل كل شئ في اطار شراء المزيد من الاسلحة والمزيد من التسلح.

ان مشتريات الاسلحة الاماراتية خلال العقد الماضي شهدت نموا غريبا بحيث ان الامارات جاءت خلال العام الماضي في المرتبة الثانية بعد اسرائيل في مجال المشتريات العسكرية في المنطقة حسب ما اوردته صحيفة "جروزالم بوست" الاسرائيلية. في حين ان تقريرا للمؤسسة الدولية لدراسات السلام في استكهولوم (SIPRI) افاد بان الامارات تاتي في المرتبة الثالثة بعد الصين والهند من حيث شراء السلاح.

ونظرا الى تركيبة وهيكلية القوات المسلحة الاماراتية يتضح بان شراء كل هذا السلاح وتكديسه لا ينسجم مع هذه التركيبة اطلاقا.

ان القوات المسلحة الاماراتية لا تملك الكوادر المدربة لاستخدام هذه الاسلحة المتطورة وواضح انه مع تكديس انواع الاسلحة الحديثة والمتطورة فانه لايمكن توقع استخدامها بشكل مناسب في ظل وجود مثل هذه الكوادر.

وكما اسلفنا ، فان من المقرر ان تتولى القوات الفرنسية في هذه القاعدة مهمة تدريب وتعزيز القوات المسلحة الاماراتية وان الاماراتيين ينوون رفع قدرات قواتهم من خلال استخدام هذه الاسلحة رغم ان تنوع مشتريات الامارات سيتسبب بصعوبات لهم في هذا المجال. واضافة الى ذلك فان وجود اشخاص من نحو 30 جنسية في الجيش الاماراتي يشكل عائقا جادا امام ايجاد جيش قوي.

ويتابع الاماراتيون من خلال ايجاد هذه القاعدة اهدافا سياسية – امنية وهم بصدد البحث عن حماة جدد غير اميركا.

ويرى بعض المحللين ان اميركا وفي ظل سياستها الداعية للحرب واحتلال العراق ادت الى تشكك الدول العربية بالدعم الامريكي لمصالحها الاستراتيجية وان تغير من سياساتها في هذا الخصوص.


وقد توجهت الامارات في هذا المجال نحو فرنسا لكي تستند الى الدعم الفرنسي في نزاعاتها الاقليمية ولاسيما فيما يخص مزاعمها بشان الارض وعلى الاخص الجزر الايرانية الثلاث.

ان الامارات تسعى في الحقيقة من خلال اقحام قوة دولية ذات طموحات ، اضافة عنصر القوة على مزاعمها بشان الارض.

والنقطة الاساسية التي لا ينتبه اليها الاماراتيون هي ان مجئ القوى الدولية الى المنطقة لا يعني على الاطلاق تحقيق الاهداف الاستراتيجية لبلدان المنطقة ، بل ان هذه القوى تفكر قبل كل شئ بمصالحها وان الدول الصغيرة في المنطقة تعتبر اداة لتحقيق مآرب هذه القوى ليس الا.

ورغم ان هذه القاعدة سميت ب "معسكر السلام" وقال ساركوزي اثناء افتتاحها "ان فرنسا ومن خلال التواجد العسكري الدائم في الامارات ، ستدعم بالتاكيد اصدقاءها الاماراتيين" لكن من الواضح ان الفرنسيين يتابعون اهدافا بعيدة كل البعد عن هذه التسمية والمزاعم.

ويمكن استنتاج ذلك من تصريحات السفير الفرنسي لدى الامارات عندما قال "ان الامارات العربية المتحدة ليست بصدد احلال فرنسا محل اميركا ، لكنها ترحب بالوجود الفرنسي لديها".

وقد يكون الاماراتيون وحسبما قال السفير الفرنسي ، ليسوا بصدد احلال فرنسا محل اميركا ، لكن هل ان الفرنسيين يتابعون نفس الهدف ام انهم يبحثون عن شئ اخر؟

وحسبما ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية فان "معسكر السلام" هو اول قاعدة عسكرية خارجية فرنسية خارج المنطقة الافريقية يندرج تاسيسها وتشغيلها في اطار تحليل "الكتاب الابيض" للدفاع الوطني الفرنسي.

وتناول الاستاذ الجامعي الايراني ، الدكتور داود هرميداس باوند ، العقيدة الفرنسية الجديدة من ناحيتين. ويرى ان السبب الاول للتحرك الفرنسي الجديد في منطقة الخليج الفارسي يعود الى عدم تواجدها في هذه المنطقة.

ويقول ان السبب الثاني يكمن في الدور الذي تبحث عنه فرنسا في المنطقة. ويضيف "انه على النقيض من رئاسة جاك شيراك ، فان ساركوزي يسعى لاستعراض العضلات امام اميركا من خلال التظاهر بكونه يشكل قوة منافسة لاميركا.

وقبل هذا فان القواعد العسكرية في الخليج الفارسي كانت تعود الى اميركا وبريطانيا. وكانت لهاتين الدولتين بصورة تقليدية ومنذ القدم علاقات عسكرية وثيقة مع دول المنطقة ولذلك فان قواعدهما اسست استنادا الى هذه العلاقات التقليدية.

وعلى النقيض من اميركا وبريطانيا ، فان العلاقات التقليدية الامريكية مع الدول العربية تتمركز بصورة رئيسية مع سورية-لبنان وشمال افريقيا لكن فرنسا تحاول في عهد ساركوزي تجاوز هذه القيود واقتحام المناطق الاخرى بما فيها الخليج الفارسي.

ان "معسكر السلام" يشكل في الوقت الحاضر تجسيدا لهذه السياسة ، وتم تاسيسه الى جوار قاعدة "العديد" الامريكية في قطر والاسطول الامريكي الخامس في البحرين والقوات البريطانية المتواجدة في المنطقة.

ان الوجود العسكري الفرنسي الدائم في الامارات يعني التواجد في مقابل الوجود العسكري الامريكي في المنطقة.

ان الفرنسيين يسعون في الحقيقة لاستغلال الترديد العربي بشان الدعم الاستراتيجي الامريكي لهم ، وملء الفراغ الناجم عن ذلك.


والواضح ان هدفا كهذا يسفر الى تزاحم مصالح القوى الدولية على المدى الطويل ، لان السيطرة على مواقع الطاقة في العالم يشكل اولوية بالنسبة للقوى الدولية من دون مشاركة الاخرى.

وعلى الرغم من ان التواجد الفرنسي لايمكن مقارنته بالتواجد الامريكي ، الا ان امتلاك قاعدة دائمة يتيح لفرنسا متابعة سياستها في المنطقة.

وقد وعد ساركوزي الاماراتيين "بان فرنسا ستدعم الامارات اذا ما تعرض الامن الاماراتي للخطر". لكن لم يوضح بشكل دقيق ما هو الخطر الذي يتحدث عنه.

ونظرا الى مزاعم الامارات بشان الاراضي فانه يتضح بان الخطر الذي يتحدث عنه ساركوزي انما هو ايران وبالتالي فان تاسيس هذه القاعدة يشكل بحد ذاته تهديدا لايران بصورة مباشرة.

وطبعا فان الاماراتيين يرغبون بان يستمدوا القوة من خلال وجود قوة اجنبية لكن هل ان القاعدة الفرنسية تعني دعمهم بصورة جدية في مقابل ايران؟

ويقول الدكتور باوند "ان فرنسا ليست في موقع تريد مثل اميركا ان تحدث مشاكل لايران". ان هذه النظرية تتعزز عندما نعرف بان سياسة فرنسا تجاه ايران هي تابع قبل كل شئ للسياسات الامريكية وواضح بان السياسات الاقليمية المعلنة من قبل باراك اوباما وتحقيقها ، ستؤثر بصورة مباشرة على الموقع الفرنسي في التقابل مع ايران.

ومن هذا المنطلق فانه يمكن القول بان الاماراتيين يمكن ان يعقدوا الامل بشكل اكبر على الجزمات اللامعة للجنود الفرنسيين واستعراضاتهم الطنانة اكثرمن الاعتماد على القوة العسكرية الفرنسية.