رمز الخبر: ۱۳۴۱۷
تأريخ النشر: 09:34 - 08 June 2009
محمد صادق الحسيني

تسونامي نجاد او نخب المدينة

عصرایران - القدس العربی - وحده يواجه الطوفان، طوفان النخب التي اقسمت مجتمعة على ان لا يكون احمدي نجاد هو الرئيس المقبل لايران وشعارهم جميعا منع احمدي نجاد من الفوز بولاية ثانية ايا كان الثمن، لكنه بالمقابل وحده المطمئن والراسخ العزم في المضي في الترشيح متحديا كل القامات التاريخية التي اسست للجمهورية الاسلامية الايرانية الفتية، رفسنجاني، خاتمي، كروبي، ميرحسين موسوي، لا ريجاني، محتشمي، ناطق نوري، محسن رضائي، مهاجراني، كرباستشي اضافة الى عشرات الاسماء الكبيرة الاخرى والمتوسطة والصغيرة من النخب الاصلاحية والمحافظة، ان لم تكن ضده فهي ليست معه بالتأكيد وهو يعرف ذلك، ومع ذلك تراه مصمما على منازلتها مجتمعة معتقدا بقدرته على هزيمتها في صناديق الاقتراع بقوة الحظوة الجماهيرية والتفاف الناس من حوله لانه من جنسهم.


في حروبهم الانتخابية المتناغمة ضده والتي يخوضونهاعلى صفحات عشرات المواقع الاليكترونية وعدد من الصحف المحلية لم يبقوا شيئا سيئا عنه الا قالوه: ديكتاتور، مستبد، لا يفقه في السياسة، مفرط بالمصالح القومية العليا، متطرف، خارج سياق التراكم الوطني، يغرد خارج السرب، مناهض للعقل الجمعي الايراني، افقد ايران مكانتها الدولية اللائقة، دمر الاقتصاد الوطني، اعاد ايران عقودا الى الوراء، اوقف حركة الامة الثقافية، صار يشكل خطرا على مستقبل ايران، محارب فظ لا يفقه بقواعد الحرب والسلام، اولويته حركات التحرر الاقليمية والعالمية على حساب المصلحة الوطنية المحلية، يعيش في عالم ميتافيزيقي محوره المهدوية المتخيلة وليست المهدوية الحقيقية، وباختصار شديد قد يصلح لاي شيء آخر الا لرئاسة الجمهورية الاسلامية الايرانية، ومع ذلك كله تراه لم يأبه ولم يتزحزح قيد انملة.

تراه يعمل بخريطة للطريق مختلفة عنهم جميعا يعتقد انها تمهد لظهور المهدي المنتظر لدى الشيعة الاثني عشرية، فيما هم مصرون على انه ذاهب بايران الى طريق مسدود، جسور في مطالعاته ومناظراته ومرافعاته الى حد حافة التهور والهاوية، مع الاعداء كما مع الخصوم كما مع الاصدقاء والزملاء، يصل النهار بالليل والليل بالنهار في عمله. يصطفون اليوم بكل عزم راسخ لمنع اعادة انتخاب من يظنونه الداخل خطأ على مطبخ صناعة القرار، قد يكون اي واحد منهم هو الاحق والاصلح لادارة دفة القرار اليوم في ايران، لاسيما وان الجموع الغفيرة من انصارهم هم من صفوة الناس ومن قدامى المحاربين الشيوخ منهم والشباب .لكنه وحده من يعتقد بانه القادر على هزيمتهم مجتمعين ايا كانت خلفياتهم لاعتقاده بان الاصلح لايران اليوم هو ان يكون رئيسهم رجلا لا يعيش زمن الآباء والاجداد المشبعين بالرفاه، بل رجل الحاضر وبتحديد اكثر 'رجل من جنس الفقراء من الناس' كما هو شعاره الانتخابي، اي رجل ينتمي الى صنف غير صنف النخبة العلياء !

انه يحلم بتسونامي يطيح بكل تلك الطبقة التقليدية التي تناوبت على ادارة شؤون البلاد والعباد خلال العقود الثلاثة الماضية واحداث ثورة جديدة او جمهورية ثالثة ليست من جنس الاصلاحيين ولا المحافظين .

لا احد يعرف تماما من ستخرج صناديق الاقتراع الايرانية وهي التي عودتنا على المفاجآت والتهديف في الدقيقة تسعين؟!

لكنه الاختبار الثاني لهذا الرجل الاستثنائي، فاز بالامتحان او خسر الرهان، فان تجربته تستحق التأمل والدراسة والاستحسان من قبل جمهور الجياع الذي بات يفترش الشوارع متنقلا من ساحة الى ساحة لمواجهة ما هو اشبه بمحاولة تكرار الثورات الملونة كما يتهم انصار نجاد مخالفيهم من انصار المرشحين الثلاثة الآخرين !

لا ليلة تمر على طهران العاصمة الا ويتواجه الجمعان، جمع ارادته مراكز القوى التقليدية التي لا تزال تمسك بتلابيب اقتصاد البلاد، بان يدفع بالطارئ على مطبخ صناعة القرار الى الوراء لتقوم بما يشبه بعملية البروسترويكا الروسية ولكن على الطريقة الايرانية وبصبغة ايديولوجية مطعمة بالليبرالية، وجمع يريد منه احمدي نجاد وانصاره ان يكون بمقدوره اعادة صياغة السلطة ومطبخ صناعة القرار بما يمنع مراكز القوى لاسيما الاقتصادية منها من البقاء متحكمة بمطبخ صناعة القرار في مقدمة يعتقدون بانها ضرورية لصيانة مبادئ الثورة الاولى وشعاراتها، حتى لو تطلب ذلك احداث صدمة قوية تطيح برؤوس كبار وتحدث ثورة من نوع جديد يقودها رموز 'ثورة الجياع' الذين يمثلهم المهندس محمود احمدي نجاد بما يمثل من زحف منظم لثقافة الارياف المرهفة الحساسية على حداثة المدينة القاسية !

ايام قليلة تفصلنا عن يوم الاقتراع التاريخي الذي تنتظره عشرات الملايين من الايرانيين، حتى نعرف ايا من الجمعين قادرا على ابقاء الشارع مجيشا لمصلحته حتى اللحظات الاخيرة في وقت باتت فيه وحدة الزمان تقاس بـ 'الحدثان' اي القلب واللسان اي بحيرة قلوب الانصار من الجانبين مع كل تصريح او مناظرة او خبرية تصدر من هنا او هناك!