رمز الخبر: ۱۳۴۱۹
تأريخ النشر: 09:41 - 08 June 2009

عصرایران -  القدس العربي  ـ كشفت المواقف الأخيرة لقادة أحزاب التحالف الرئاسي في الجزائر عن تضارب وتعارض في وجهات النظر بشأن مشروع العفو الشامل الذي طرحه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ووعد بأن يجعل منه العمود الفقري لبرنامج ولايته الثالثة.

وكان أحمد أويحيى الوزير الأول والأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (عضو تحالف رئاسي) هو أول من فجر الجدل بشأن مشروع العفو الشامل عندما فاجئ الجميع الخميس الماضي بمناسبة انعقاد المجلس الوطني لحزبه بالقول انه لن يكون هناك عفو شامل، وأن هذا الأمر مستحيل أن يتحقق.

وأضاف أويحيى أنه إذا كان هناك مشروع عفو فإنه سيخص فئات محددة، ولا يمكن أن يطبق على جميع الإرهابيين.

ولم يتأخر حزب جبهة التحرير الوطني غريم التجمع وشريكه في التحالف الرئاسي في الرد عليه، إذ عقد أمينه العام عبد العزيز بلخادم وزير الدولة والممثل الشخصي للرئيس بوتفليقة مؤتمر صحافيا قال فيه بأنه يدعم كل الجهود التي تؤدي إلى المصالحة الوطنية، كما شدد على أنه يدعم أي إجراء يهدف إلى إخماد نار الفتنة، بما فيها مشروع العفو الشامل.

من جهتها اختارت حركة مجتمع السلم (تيار إسلامي وعضو في التحالف الرئاسي) أن تمسك العصا من الوسط، وفضلت ألا تخوض في موضوع العفو الشامل.

وقال قال الناطق باسمها محمد جمعة لـ"القدس العربي" أن حزبه كان دائما من دعاة المصالحة منذ بداية الأزمة في مطلع تسعينات القرن الماضي.

وأشار إلى أن حركته مع ترقية المصالحة، وذلك بأخذ الجانب السياسي بعين الاعتبار، وهو الجانب الذي تجاهلته كل المبادرات السابقة التي اتخذتها السلطة لمعالجة آثار الأزمة.

وأوضح جمعة أن المصالحة في بعدها السياسي لا تعني بالنسبة لحزبه إعادة الاعتبار للجبهة الإسلامية للإنقاذ ( المحظورة) ولا السماح للذين تورطوا مباشرة في المأساة الوطنية في استرجاع حقوقهم السياسية والمدنية، معتبرا أن المنع من هذه الحقوق لا يمكن أن يكون إلا بقرار قضائي ولفترة محددة.

أما فيما يتعلق بموضوع العفو الشامل فقد أكد محمد جمعة أن الحركة لم تفصل بعد في الموضوع، ولم تخض في التفاصيل، مفضلا عدم الخوض في الجدل القائم بين بلخادم وأويحيى.

ويعتقد مراقبون أن الجدل بشأن العفو الشامل ما هو إلا الجزء الظاهر من الجليد، وأنه مقدمة لصراعات من نوع آخر غير مصرح بها، مشددين على أنه لا يمكن أن نفصل بين هذا الملف وبين الإشاعات التي سربت منذ أيام بشأن اعتزام الشقيق الأصغر للرئيس بوتفليقة تأسيس حزب سياسي جديد.

كما يرى المراقبون أن هذه الفترة شبيهة بتلك التي أعقبت الإعلان عن ميثاق السلم والمصالحة نهاية 2005، إذ احتدم الصراع بين بلخادم وأويحيى بشأن التعديل الدستوري، فبينما كان الأول يقول بأنه قريب لم يكن الثاني يضيع فرصة إلا ويؤكد بأن الأمر لا أساس له من الصحة، قبل أن ينتهي الأمر بدفع أحمد أويحيى للاستقالة من رئاسة الحكومة مكرها في ربيع 2006.

وقرأت بعض الصحف الجزائرية هذا التناقض في المواقف على أنه أكثر من تباين وجهات نظر بين أحزاب حتى وإن كان بينها تحالف، معتبرة أن هذا التناقض دليل على عودة صراع العب داخل النظام.

ورأت جريدة "الخبر" (خاصة) أن الجدل القائم بين أويحيى المقرب من العسكر وبلخادم المحسوب على فريق الرئيس بوتفليقة، مؤشر على انطلاق عملية "عض الأصابع بشأن مشروع العفو الشامل"، مشيرة إلى أن مواقف الرجلين من العفو الشامل لا علاقة لها بتوجهات حزبيهما، بل لها علاقة بالتجاذب بين أجنحة السلطة بخصوص كيفية معالجة الأزمة الأمنية.

وذكرت الصحيفة أن كل ملف يتعرض لعملية الشد والجذب بين الرئاسة والمؤسسة العسكرية إلا ويلفظ بعض حممه باتجاه الساحة السياسية، قصد تغليب كفة على حساب أخرى، موضحة أن الرئيس بوتفليقة يحاول إعادة بعث مشروع العفو الذي كان يريد أن يفرضه عام 2005 ، والذي اضطر تحت ضغوط المؤسسة العسكرية التنازل عنه والاكتفاء بميثاق السلم والمصالحة الوطنية.