رمز الخبر: ۱۳۴۶۰
تأريخ النشر: 16:27 - 11 June 2009
عصر ایران - الفرنسیة - فيما بدأت إيران العد التنازلي للانتخابات الرئاسية المقررة غدا الجمعة، ظهرت على السطح ملامح توتر بين المرشد الأعلى لإيران آية الله على خامنئي ورئيس مجلس الخبراء الإيراني هاشمي رفسنجاني، إذ انتقد رفسنجاني صمت خامنئي بعد الاتهامات التي وجهها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى رفسنجاني. ووجه رفسنجاني رسالة بهذا المعنى إلى خامنئي في مبادرة فريدة علنية قبل أقل من 48 ساعة من الانتخابات.

وخلال مناظرة تلفزيونية اتهم أحمدي نجاد، الذي رشح نفسه لولاية جديدة، رفسنجاني ونجله بالفساد. وهذه الاتهامات العلنية غير معهودة خصوصا أنها تطال أحد رجال الثورة التاريخيين وأحد كبار المسؤولين في النظام الإيراني.

وفي رسالته العلنية، التي نشرتها الصحف الإيرانية أمس، والتي بعث رفسنجاني نسخة منها لمكتب المرشد وأخرى للصحف الإيرانية، أوضح رفسنجاني أنه «طالب أحمدي نجاد بأن يسحب كل الاتهامات الموجهة إليه وإلى نجله تفاديا لملاحقات قضائية» وأنه «طلب من الإذاعة والتلفزيون منح الأشخاص المتهمين حق الرد».

 وأضاف رفسنجاني «لكن هذين الاقتراحين رفضا واختار المرشد الأعلى أن يلزم الصمت» مضيفا أنه «على الشباب أن يعرف الحقيقة». والرئيس السابق (1989 ـ 1997) هو حاليا رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، هيئة التحكيم بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور.

 واتهم أحمدي نجاد رفسنجاني بأنه خصمه الحقيقي في الاقتراع في 12 يونيو (حزيران)، مؤكدا أنه يدعم المرشحين الآخرين على حسابه. ودعا الرئيس السابق مرشد الجمهورية «كصديق ورفيق السلاح بالأمس واليوم وغدا» إلى «تسوية هذه المشكلة واتخاذ كافة التدابير اللازمة لوضع حد لتمرد (أحمدي نجاد) وإخماد الحريق الذي بدأ الدخان» يتصاعد منه.

وركز أحمدي نجاد خلال مناظرته التلفزيونية على اتهام خصمه الرئيسي رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي بأنه أداة في يد رفسنجاني. وأكد المرشد الأعلى قبل الحملة الانتخابية أنه لن يدعم أي مرشح.

 لكنه قدم مواصفات للرئيس المثالي تنطبق على تلك التي يدعي أحمدي نجاد بأنه يتمتع بها. وبرر رفسنجاني رد فعله بالحاجة لتهدئة أنصاره. وقال «لنفترض أنني سأكون صبورا عندها لن يتحمل جزء من الشعب ومن الأحزاب هذا الوضع وستظهر براكين في المجتمع تشهد عليها التظاهرات والتحركات في الجامعات».

وكل مساء يتواجه أنصار أحمدي نجاد وموسوي كلاميا في شوارع طهران وفي بعض الأحيان تقع مواجهات.

وقبل أن يغلق نجاد حملته الانتخابية، قال أمس إنه سينفي عبر التلفزيون «المزاعم» التي صدرت عن خصومه في الاستحقاق الرئاسي. وأكد مسؤول الحملة الانتخابية في التلفزيون الكلمة المتلفزة. وقال أحمدي نجاد في لقاء انتخابي «هذا المساء، سأوضح عبر التلفزيون كيف يتلاعب (خصومي) بالرسوم البيانية.. وسأرد على المزاعم»، بحسب وكالة «إيرنا» الرسمية للأنباء.

وأراد الرئيس الإيراني بذلك الإشارة إلى دحض المرشحين الآخرين للرسوم البيانية التي عرضها في مناظرات متلفزة كإثباتات على تأكيده أن الوضع الاقتصادي الإيراني في تحسن.

وندد أحد خصومه، المحافظ محسن رضائي، «بتلاعب (الرئيس) بالأرقام». وأفاد التلفزيون الإيراني أنه سيمنح أحمدي نجاد 25 دقيقة على حد أقصى من أجل مداخلته. وقال رئيس لجنة التلفزيون للانتخابات مجيد دانشوار، إن «اللجنة ستقرر بعد ظهر اليوم (أمس) الموعد المحدد لكلمة محمود أحمدي نجاد للرد على المزاعم»، بحسب وكالة «إيرنا».

 ورفض طلب هاشمي رفسنجاني بحق الرد عبر التلفزيون، بعد أن اتهمه أحمدي نجاد بالفساد وبتقديم الدعم المالي لموسوي. يذكر أن الإذاعة والتلفزيون مؤسستان رسميتان يقوم المرشد الأعلى للجمهورية اية الله علي خامنئي بتعيين مديرهما بنفسه. وتنتهي الحملة الانتخابية اليوم عند الساعة 00،08 (30،03 ت غ)، أي قبل 24 ساعة على الاستحقاق.

كما اتهم نجاد منافسيه في الانتخابات أمس بتبني أساليب تجريح استخدمها الزعيم النازي أدولف هتلر لتشويه سمعة منافسيه وقال إنهم قد يواجهون السجن لإهانته. وقال أحمدي نجاد إن منافسيه خرقوا القوانين بإهانتهم للرئيس. وأبلغ مؤيدين تجمعوا أمام جامعة شريف بطهران «ليس لأحد الحق في إهانة الرئيس وهم فعلوا ذلك. وهذه جريمة. الشخص الذي أهان الرئيس يجب أن يعاقب والعقاب هو السجن».

وأضاف الرئيس الإيراني «إهانات واتهامات من هذا القبيل ضد الحكومة هي عودة لأساليب هتلر وهي أن تكرر الأكاذيب والاتهامات... حتى يصدق الجميع تلك الأكاذيب». وإهانة مسؤولين كبار ومن بينهم الرئيس جريمة في إيران تصل عقوبتها القصوى إلى السجن عامين.

وانعكست المشادات الانتخابية الغاضبة في مدينة قم المقدسة لدى الشيعة وهي مركز ديني رئيسي في الجمهورية الإسلامية حيث عبر 14 من رجال الدين عن «قلق وأسف عميقين» من الضرر الذي لحق بصورة إيران جراء تلك الإهانات والاتهامات السياسية. وقالت جماعة أخرى إن رفسنجاني سيكون مسؤولا إذا تصاعد التوتر وتحول إلى عنف.

وشهدت الحملة الانتخابية، التي تستمر ثلاثة أسابيع، زيادة التأييد لموسوي الذي كان بعيدا عن دائرة الضوء السياسي منذ عمل رئيسا للوزراء خلال الحرب مع العراق بين عامي 1980 و1988.

ويتهم موسوي أحمدي نجاد بعزل إيران بهجومه اللاذع على الولايات المتحدة وبنهجه المتشدد فيما يتعلق بسياسة إيران النووية وبإنكاره المحرقة. كما يؤيد موسوي تخفيف التوترات النووية بينما يرفض مطالبة طهران بوقف عملها النووي الذي يخشى الغرب أنه قد يستخدم في صنع قنابل. وتقول إيران، خامس أكبر مصدر للنفط في العالم، إن برنامجها النووي سلمي.

ولن تغير انتخابات الجمعة سياسة طهران النووية التي يقررها الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، لكن فوز موسوي قد يمهد الطريق أمام علاقات تقوم على قدر أقل من المواجهة مع الغرب. ويرى محللون أن الرئيس الإيراني المقبل سيتولى مهام منصبه في لحظة حاسمة في تاريخ السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية بعد أن عرض الرئيس الأميركي باراك أوباما فرصة بدء فصل جديد في العلاقات بين البلدين.

 وعلى مدى عقود، وصفت إيران الولايات المتحدة بـ«الشيطان الأكبر» فيما قال الرئيس الأميركي السابق جورج بوش إن طهران هي جزء من «محور الشر» ورفض استبعاد الخيار العسكري بالنسبة لبرنامج إيران النووي. لكن الآن أصبحت الفرصة سانحة أمام إيران لإصلاح ثلاثة عقود من العلاقات السيئة مع واشنطن واللجوء إلى حل يتم التوصل إليه بالتفاوض للأزمة النووية مع الغرب والتي شهدت فرض مجلس الأمن الدولي ثلاث مجموعات من العقوبات على طهران.

ولكن الرئيس التالي لن يتخذ كافة القرارات الكبيرة، حيث إن النظام السياسي الإيراني يمنح الكلمة الأخيرة في القضايا الاستراتيجية للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي. إلا أن الرابح في الانتخابات الإيرانية الرئاسية المقبلة سيلعب دورا كبيرا في تطبيق تلك السياسة والتعامل مع ما يمكن أن يصبح نقطة تحول في العلاقات الإيرانية مع العالم الخارجي.

وقال المحلل السياسي ما شاء الله شمس الواعظين لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «تركيز السياسة الإيرانية الخارجية بعد الانتخابات سيتمحور حول كيفية الرد على مبادرات أوباما وإدارة المحادثات النووية مع القوى العالمية». وأضاف أنه «حتى الآن كان من السهل على إيران مهاجمة الولايات المتحدة خاصة بعد ما قاله بوش.. ولكن في ظل إدارة أوباما تغيرت الأمور».

وتابع أنه «يسود اعتقاد بين القادة الإيرانيين أنه في حال الضرورة فإن لدى أوباما ما يجعل العالم ينقلب ضد إيران، وهذا هو السبب الذي يجعل من الواجب على القادة الإيرانيين حل كافة القضايا العالقة مع واشنطن في ظل إدارة أوباما». وبعيد تسلمه منصبه في يناير (كانون الثاني)، قال أوباما إن إدارته مستعدة لتمد يد الدبلوماسية إلى إيران إذا «خففت قبضتها».

إلا أن مسؤولين أميركيين أوضحوا أنه إذا رفضت إيران تلك البادرة، فإن واشنطن ستسعى في الأمم المتحدة إلى فرض إجراءات أكثر شدة بشأن برنامج إيران النووي، الذي تشتبه الحكومات الغربية بأنه يخفي وراءه مساعي لإنتاج قنبلة نووية.

وصدرت عن إيران بعض البوادر التصالحية، إذ شاركت في مؤتمر تدعمه الولايات المتحدة حول أفغانستان عقد في لاهاي في 31 مارس (آذار) كما عرضت مساعدتها على العمل على استقرار الوضع في جارتها الشرقية باكستان، حيث تقاتل قوات التحالف بقيادة أميركية ضد تمرد طالبان. وقال شمس الواعظين إن طهران تعلم أن واشنطن تحتاج إلى مساعدتها في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، مشيرا إلى أنها «ستستخدم هذه الورقة في سياستها الخارجية».

وقال فريدريك تيللير، المحلل الإيراني البارز في مؤسسة مجموعة الأزمات الدولية «إنترناشونال كريسيس غروب» التي مقرها بروكسل «ما تسعى إليه إيران هو منافسة منظمة ومحترمة وأفضل تنظيما». وأضاف أنه بالنسبة لإيران فإن أي حوار محتمل مع الولايات المتحدة سيشمل «مواضيع مختلفة».

وكان نجاد قد أثار غضب الحكومات الغربية بمواصلته البرنامج النووي ورفضه تقديم أي تنازلات يمكن أن تبدد مخاوف تلك الحكومات. وتحدى أحمدي نجاد العديد من المهل النهائية التي أطلقها مجلس الأمن الدولي بخصوص تجميد عمليات إيران لتخصيب اليورانيوم، وقال أحمدي نجاد إن مساعي إيران للحصول على دورة الوقود النووية هي «قطار بدون فرامل وبدون غيار عكسي».