رمز الخبر: ۱۴۳۷۰
تأريخ النشر: 13:23 - 02 August 2009
عصرایران - النصيحة التي وجهها وزير الدفاع الأميركي لأكراد العراق بضرورة المسارعة إلى تسوية الخلافات مع بغداد قبل انسحاب كامل لقوات بلاده نهاية 2011، لكي لا تضيع المكاسب التي تحققت، حسب تعبير الوزير الأميركي، هي نصيحة حليف لحليفه وتعبير على أن الولايات المتحدة بدأت فعلاً تستشعر خطر تفجر الأوضاع انطلاقًا من إقليم كردستان العراق.

يبدو أن الأميركيين الذين تحدوهم الرغبة في سحب جزء كبير من قواتهم من العراق وفق ما نصت عليه الاتفاقية الأمنية التي وقعتها واشنطن مع بغداد، والذين يشعرون بوجود تحسن في الجانب الأمني بناء على الانخفاض الملحوظ في عدد العمليات التفجيرية التي تستهدف المواطنين العراقيين والقوات الأميركية، وعلى قدرة القوات العراقية إلى حد ما على السيطرة الأمنية بُعيْد انسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية.

بدأوا يقلقون من احتمالات تفجر الأوضاع ونشوب صراعات ومواجهات مسلحة بين العرب والأكراد على خلفية التنازع القائم على تبعية بعض المناطق المجاورة لإقليم كردستان والتي من بينها مدينة كركوك الغنية بالنفط وقانون النفط، وكذلك الميليشيا الكردية (البشمركة)، ثم الأهم وهو الفيدرالية والاستقلال وتشكيل الجيش، ما يعني أن هذه الملفات الشائكة ما هي إلا براميل وقود معدة للتفجير، وبالتالي تكون مفاتيح لتنظيم القاعدة والجماعات المسلحة الأخرى التي تبحث عن منفذ تدخل من خلاله للإطاحة بالوضع القائم، فتطيح بالاستقرار النسبي الحاصل، خاصة بعد أن سدت أغلب المنافذ أمام هذه التنظيمات المسلحة في محافظة الأنبار وغيرها من المحافظات العراقية.
كما أن الأميركيين غير مستعدين لتقديم خسائر جديدة في أرواح قواتهم ومعداتهم العسكرية، لأنهم مقبلون على مرحلة أهم وهي تعويض ما خسروه عبر الاستفادة من المخزون النفطي العراقي والاستثمار فيه وإنعاش الاقتصاد الأميركي المتعثر.

لقد تمتع الأكراد العراقيون على مدى سنوات تاريخهم الماضي بوضع سياسي وأمني واقتصادي واجتماعي وثقافي جيد، وهم اليوم يتمتعون بحكم ذاتي وبرلمان وانتخابات واعتراف بلغتهم وهويتهم ولهم حضورهم السياسي وإعلامهم المستقل الناطق بلغتهم، وبعد وضع الدستور العراقي الجديد وتنظيم الانتخابات وتشكيل الحكومة العراقية تبوأ الأكراد مناصب قيادية كرئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية ولهم نائب لرئيس الوزراء، وبالتالي أصبحوا جزءًا أصيلاً من المنظومة السياسية العراقية والشكل الانتخابي والتشكيل الحكومي، ولذلك فإن نزوعهم إلى الانفصال عن الوطن الأم وإقامة دولة مستقلة تستمد مواردها من مناطق متنازع عليها، ومحاولة تكريدها والانسلاخ عن كل روابطهم العراقية وموروثهم المجتمعي والتمرد على الهوية العراقية كل ذلك سيكون خطأ تاريخيّا.

وسيشكل ضربة قاصمة لكل المكاسب التي حققوها والتي تتمنى بعض مكونات مجتمعات دول عدة أن تنال جزءًا من تلك المكاسب، ولذلك فإن نصيحة وزير الدفاع الأميركي تحمل معنى التحذير أيضًا، لأن لعبة المصالح في العرف الأميركي أو الغربي بشكل أعم لا تعترف بالصديق إذا كان هذا الصديق أو الحليف مصدر تهديد للمصالح.

من هنا على أكراد العراق أن يعيدوا حساباتهم وأن يكونوا سندًا كبيرًا نحو تحقيق المصالحة الوطنية وعونًا كبيرًا على الاستقرار الأمني والسياسي ووحدة العراق، بدلاً من أن يكونوا سببًا لتمزقه، وعليهم أن ينتبهوا أن الوضع الجغرافي والديموغرافي لكردستان ليس له مكان سوى حضن أمه، ولذلك من المهم أن يكون لقاء مسعود بارزاني الذي أعيد انتخابه رئيسًا لإقليم كردستان مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي سيزور الإقليم قريبًا، فاتحة خير لتذليل المسائل العالقة وحلحلتها، وأن يقدم الأكراد تضحيات من أجل الوطن العراق.