رمز الخبر: ۱۴۶۹۶
تأريخ النشر: 09:59 - 13 August 2009
عصرایران ـ "القدس العربي" ـ لأول مرة منذ أكثر من 33 سنة في الجزائر سيكون ا الخميس يوم عمل ولن يكون أول أيام عطلة نهاية الأسبوع كما تعود عليه الجزائريون، وذلك بعد القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء الأخير الذي عقده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والقاضي بتغيير نظام العطلة الأسبوعية من يومي الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت.

وقد ظل موضوع تغيير عطلة نهاية الأسبوع دائما مثارا للجدل والنقاشات الفقهية والإيديولوجية والسياسية أيضا، وكانت الحكومة تسارع إلى غلق النقاش بشأن هذا الملف في كل مرة.

كان الداعون إلى تطبيق النظام العالمي في عطلة نهاية الأسبوع يبررون موقفهم بأن البلاد تتكبد خسائر لا تقل عن 500 مليون دولار سنويا بسبب نظام العطلة المعمول به والذي يتعارض مع السبت والأحد المعمول به في الغرب، ما يعني تعطيل مصالح البلد والمعاملات أربعة ايام كاملة في الاسبوع.

وكان الرافضون لهذا الطرح يؤكدون أن تغيير العطلة الأسبوعية تعد على الدين، وأن المبررات الاقتصادية المقدمة ما هي إلا غطاء للمبررات الإيديولوجية والعقائدية لدعاة التغريب والانسلاخ عن المبادئ والتقاليد العربية ـ الإسلامية.

وقد لجأت الحكومة هذه المرة إلى اتخاذ القرار دون سابق إنذار، ودون فتح أي نوع من النقاشات، بل إنها اختارت فترة عطلة البرلمان حتى لا تمكن المعارضين من فتح أي نقاش، ومررت القرار عبر مرسوم رئاسي وقعه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حتى تضع الجميع أمام الأمر الواقع.

وانقسمت النخبة السياسية بين رافض ومؤيد ولا مبال، إذ تعاملت الكثير من الأحزاب مع الموضوع على أنه لا حدث، بما فيها الأحزاب التي كانت تطالب بتغيير العطلة منذ سنوات وفي مقدمتها أحزاب التيار العلماني أو الديمقراطي كما تسمى في الجزائر، انتقدت بعض أحزاب المعارضة ارتجالية الحكومة في تغيير العطلة دون أي استشارة أو نقاش.

أما أحزاب التيار الإسلامي فقد تباينت مواقفها أيضا، وقد انتقدت حركة النهضة (تيار إسلامي معارضة) القرار جملة وتفصيلا، مؤكدة على أنه نتيجة لضغوط التيار التغريبي الذي يسعى منذ سنوات إلى تغيير عطلة نهاية الأسبوع، داعية إلى إلغاء القرار والعودة لنظام العطلة الذي كان معمولاً به من قبل.

واعتبرت حركة الإصلاح (تيار إسلامي معارضة) أنه "إذا لم يتم المساس بيوم الجمعة وتم الإبقاء عليه كيوم عطلة كامل، فلا ضرر، أما إذا تم المساس بهذا اليوم الذي له خصوصيته الدينية والاجتماعية، فإن في ذلك إجحافاً واعتداء على مقومات الشعب الجزائري".

ومن جهتها أبدت حركة مجتمع السلم (تيار إسلامي عضو تحالف رئاسي) اقتناعها بالمبررات الاقتصادية التي قدمتها الحكومة، مؤكدة أنه لا توجد أي خلفية إيديولوجية أو سياسية وراء قرار تغيير عطلة نهاية الأسبوع.

وعلى جانب آخر لا يزال نظام العطلة الجديد غامضا بالنسبة للكثيرين، خاصة فيما يتعلق بيوم الجمعة، على اعتبار أن المدارس والجامعات كانت تعمل نصف يوم الخميس، وبالتالي يصبح من الطبيعي أن تعمل نصف يوم الجمعة، إلا أن السلطات تقول من جهة أن الجمعة سيبقى يوم راحة كاملاً، ومن جهة أخرى تداولت الصحف معلومات تقول بأن المدارس والجامعات ستعمل نصف يوم الجمعة.

كما أن مديرية الوظيفة العمومية أعلنت أن عطلة موظفي الإدارات التابعة للدولة ستصبح ثلاثة أيام كاملة أي الخميس والجمعة والسبت، وهو الأمر الذي يبدو بأنه يتعارض مع المبررات الاقتصادية التي قدمت لقرار تغيير العطلة.

جدير بالذكر أن الرئيس الراحل هواري بومدين هو من اتخذ قرار جعل الخميس والجمعة عطلة نهاية الأسبوع، بغية عدم تقليد المعمول به في الدول الغربية وفي مقدمتها فرنسا التي استعمرت الجزائر 132 سنة، وكان بومدين يكن لها كرها كبيرا، بدليل أنه لم يزرها طوال توليه رئاسة الدولة، وكان يرفض حتى أن تمر طائرته فوق الأجواء الفرنسية.

ورغم أن مستشاري بومدين حاولوا إقناعه بأن القرار قد يكلف الجزائر خسائر اقتصادية، إلا أن بومدين أجابهم بأنه "قرار سيادي نتحمل مسؤوليته وتبعاته".