رمز الخبر: ۱۴۸۳۴
تأريخ النشر: 19:45 - 17 August 2009
محمد صادق الحسيني

عصرايران - تستعر الحرب 'الناعمة' ضد المشروع الإيراني مع كل يوم يمر، والهدف الحقيقي والاساسي لكنه الخفي وغير المعلن والمبطن هو سحب ايران من سوق التداول الفلسطيني ولا غير ، وحتى ينجح هذا المخطط الحربي الناعم لا بد من دفع الخصم الى خوض الصراع من داخل القلعة، هذا هو جوهر الصراع الجاري من حول إيران والسبب الحقيقي وراء الإصرار على التضخيم المتعمد لكل ما يجري من مراجعات ومراجعات مضادة في الداخل الايراني.


وكل ما عدا ذلك من 'شيطنة' احمدي نجاد الى مزاعم التزوير والتلاعب بنتائج الانتخابات الى المساعي الحثيثة لإظهار أركان النظام وكأنهم في حالة تطاحن على السلطة الى اظهار البلد والنظام والثورة والدولة وكأنها قاب قوسين أو أدنى من السقوط، ليست سوى 'عدة الشغل' كما يقال، المطلوب اشغال إيران ومن ثم ابعادها عن التأثير على أخطر محطة من محطات مراحل تصفية القضية الفلسطينية، الا وهي محطة 'التطويع الناعم' الشامل وهي المحطة التي يعد لها منذ قدوم أوباما الى سدة الرئاسة في واشنطن على أنقاض مخطط بوش العسكريتاري المفضوح. والتطويع الشامل هذا يتشكل من ثلاثة أضلاع :

- فرض التوطين على كل مواقع الشتات الفلسطيني عبر مجموعة من الصفقات المشبوهة مع بعض الانظمة العربية واغراء البعض الآخر بامتيازات اقتصادية كاذبة وواهمة تفضي فيما تفضي إليه إشغال تلك الاقطار بمشاكل القلعة من الداخل!

- فرض التطبيع على كل الاقطار العربية والاسلامية من خلال معارك كسب الرأي العام او ما يسمى بمعركة كي الوعي وذلك عبر فرض معارك وصراعات داخلية تلهي الجميع عن العدو الأساسي !

- تصفية حق العودة بالقوة من خلال فرض مشروعية الدولة اليهودية النقية بعد تهجير فلسطينيي الـ48 من الكيان الصهيوني في أول فرصة قادمة وبالتالي القتال من أجل ما تبقى من اسرائيل من خارج القلعة !

وبصراحة نقول لا أحد جديا في النظامين العربي والاسلامي الرسميين مستعد لخوض معركة حياة أو موت من اجل منع تحقق أي من هذه الاضلاع الثلاثة، بل ان غالبية الاطراف أما منخرط بهذا المخطط أو مستسلم له بشكل أو بآخر. بالمقابل فان قوام ما بات يعرف بالمشروع الايراني ومن هو متحالف معه من قوى المقاومة والممانعة الشعبية والاسلامية والذي لطالما تم الحديث عنه بالتكهن والحدس والتخمين انما يهدف بالاساس الى تقويض هذا المخطط الاسرائيلي الامريكي المشؤوم. وهنا ثمة من يعتقد جازما بان حرب الـ33 يوما على لبنان ومن ثم حرب الـ22 يوما على غزة الى معركة السيطرة على مطبخ صناعة القرار في بغداد الى معركة الامساك بقرار المفتاح النووي في باكستان الى معركة الامساك بقرار فتح المركزي الى ما صار يعرف بالانقلاب المخملي الفاشل ضد النظام الايراني إنما خاضت معاركها اسرائيل وامريكا بهدف التحضير لمحطة التطويع الشامل العتيدة ، بامكان اي كان ان يتفق أو يختلف مع توجهات النظام الايراني الايديولوجية العامة وبامكان أي كان ان يتفق أو يختلف مع نمط الحياة 'المدنية' الامريكية والغربية، إلا ان الامر المتيقن هو انه لا يمكن لأي عربي حر مستقل ولا لأي مسلم ملتزم ولا لأي حر من أحرار العالم ان يكون يوما مع اضلاع المثلث الامريكي الاسرائيلي الآنف الذكر والذي يستند أساسا الى نظرية عنصرية فاشية ونازية متعصبة مخالفة لكل قواعد وأعراف الانسانية المعروفة في العالم. ولما كان الامريكيون قد وصفوا طهران مبكرا بانها بمثابة 'البنك المركزي للإرهاب' وبالمقابل فقد اعتبرت طهران بأن المعركة الاساسية انما هي معركة 'تطويع' الثور الأمريكي الهائج في مقدمة لتفكيك النظام الصهيوني في تل أبيب، فانه من الطبيعي بعد المعارك الفاشلة التي خاضتها واشنطن على الجبهات المتعددة المحيطة 'بالبنك المركزي للارهاب' ان تقرر في النهاية تكريس جهدها باتجاه اقتحام عرين هذا 'الارهاب' المتعدد !

لاهل الداخل ممن لا يزال بعض الامل موجودا فيه بالعودة الى رشده قبل فوات الأوان أقول، بأنه من السذاجة بمكان الاعتقاد اليوم بأن الخائن في هذا العصر العولمي المتأمرك والمسكون بثورة الاتصالات والمعلومات الطوفانية انما هومن يذهب مع نهاية كل شهر ليقبض راتبه الشهري من هذه السفارة أو تلك فحسب. قد يكون من السذاجة بمكان هنا اتهام بعض كبار القوم ممن لهم تاريخ عريق في الثورة والنضال بالخيانة أو خدمة العدو، لكنه اصبح ايضا من السهل بمكان اليوم ان يرسم العدو مسارا يقع في فخه فطاحل اهل السياسة والنضال اذا لم يضعوا حدا لمنازعاتهم الفئوية الضيقة.

ولأهل المحيط والاقليم من أخوة العروبة والاسلام ومن على جسر المحبة اقول، بأنه من السذاجة بمكان الاعتقاد اليوم بأن بإمكان أحد، أي أحد، أن يقضي على نظام طهران الذي معه تتفقون او تختلفون ناهيك ان يكون ذلك مفيدا لكم، اذا لم يكن بمثابة انتحار سياسي بكل معنى الكلمة !

فقوام الدولة الايرانية مستحكم اكثر من اي وقت مضى، واقتدار نظام الحكم في طهران لم ولن يتأثر بما جرى وما يجري من تصعيد ضده اذا لم يكن العكس تماما هو الصحيح، أي انه كلما صعدوا ضده وتعاضدت مساعي الخارج الاقليمي والدولي مع بعض المنبهرين بنمط حياة الغرب 'المدنية' أو الذين ذهبت بصيرتهم السياسية بعيدا، كلما تماسكت قواه الداخلية وأصبح أكثر صلابة وصار عصيا على الكسر أو الاستسلام للمشروع الامريكي المثلث الاضلاع اكثر فأكثر.