رمز الخبر: ۱۴۸۳۶
تأريخ النشر: 19:59 - 17 August 2009

عصرايران - تستعد السلطات العراقية هذه الأيام لإزالة آلاف الحواجز الخرسانية التي تفصل أحياء بغداد وشوارعها بعضها عن البعض وتغلق أخرى إغلاقا تاما في إطار تدابير أمنية سابقة اتخذتها الحكومة العرقية للحد من تحركات الجماعات المسلحة والمليشيات.

وأعطت الحكومة العراقية بالفعل قبل أيام الضوء الأخضر بإعادة افتتاح الطريق الرابط بين ساحة دمشق والجسر المعلق الذي يخترق المنطقة الخضراء من جانب الكرخ إلى جانب الرصافة ورفع الكتل الأسمنتية (الكونكريتية) من الطرق الرئيسة والفرعية في جميع مناطق بغداد دون استثناء وإعادة فتحها خلال مدة40 يوما وحسب الأوامر الصادرة من القائد العام للقوات المسلحة.

وقال اللواء قاسم عطا الناطق الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد في تصريحات صحفية ان قيادة عمليات بغداد ملتزمة برفع الحواجز الخرسانية عن شوارع بغداد خلال الفترة المقررة.

وذكر أن عمليات بغداد وبالتعاون مع أمانة بغداد فتحت عددا من الشوارع المغلقة وبدأت فعلا برفع الحواجز عن شوارع الرشيد والجمهوري والباب الشرقي وعدد آخر من الشوارع منذ صدور قرار القيادة العامة للقوات المسلحة برفعها خلال أربعين يوما.

وقال إن الحواجز سترفع عن الشوارع والأرصفة رغم محاولة الإرهابيين إحداث عمليات إرهابية لتقويض الأمن.

وكانت القوات الأمريكية هي أول من شرع بوضع الحواجز الترابية والخراسانية بأشكال وأنواع مختلفة في محيط الثكنات العسكرية والوزارات والمراكز المهمة والشوارع التي تؤدي إلى أماكن تواجدها لكن الحكومة العراقية بزعامة نوري المالكي شرعت بتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في بغداد منتصف شباط/ فبراير عام 2007 أطلق عليها عملية فرض القانون كان من ابرز تدابيرها هي فصل الأحياء الساخنة في بغداد بحواجز إسمنتية ضخمة وسرعان ما تطور الأمر ليشمل جميع الطرق والشوارع والأحياء السكنية حتى أصبحت جميع أحياء بغداد محاطة بكتل اسمنتية وتحديد الحركة من خلال نقاط تفتيش تشرف عليها قوات الجيش والشرطة ومتطوعي الصحوات.

وقالت ميسون صالح (49 عاما) تعمل معلمة في أحد مدارس غربي بغداد: لقد شكلت الحواجز الخرسانية عقبة كبيرة في حركتنا من منزلي إلى المدرسة التي أعمل فيها حيث يتطلب الأمر ان اقطع مسافات طويلة يوميا من أجل الوصول إلى المدرسة مشيا على الأقدام بسبب إغلاق الشوارع والخضوع لعمليات التفتيش من قبل نقاط متعددة تابعة إلى قوات الجيش والشرطة وأخرى لمتطوعي الصحوات.

ولم يقتصر الحال على فصل الأحياء السكنية والشوارع بهذه الحواجز وإنما طال أيضا المراكز التجارية والأسواق وأماكن تواجد عمال البناء وأسواق بيع الفواكه والخضر والأبنية الحكومية والمصارف وحتى نقاط التفتيش في أرجاء بغداد.

ولا ينكر أحد ان الحواجز الاسمنتية والترابية والأسلاك الشائكة كانت من أبرز معالم بغداد بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، حيث غابت مشاريع إعادة البناء والاعمار وحلت محلها عشرات آلاف من الحواجز الاسمنتية.

وقال فؤاد الربيعي (25عاما) شرطي عراقي: منظر الحواجز الاسمنتية مقزز لكنها كانت وسيلة من وسائل ضبط الأمن ومعاونة القوات العراقية في الحد من تحركات المسلحين وعناصر المليشيات المسلحة التي كانت تثير الخوف بين الناس أما اليوم فالحاجة إليها انتفت في بعض المناطق بعد استقرار الأوضاع الأمنية.

ورغم ارتفاع الأصوات من تيارات معارضة للحكومة تطالب بإزالة هذه الحواجز من خلال عقد ندوات وتجمعات جماهيرية وإقامة مظاهرات إلا ان الحكومة لم تعط آذانا صاغية ومضت في طريقها من أجل فرض الأمن والاستقرار والحد من تحركات الجماعات المسلحة والمليشيات التي فرضت سيطرة شبه تامة في الأحياء وقامت بأعمال عنف واغتيالات وتفجيرات واختطافات جماعية.

ومع مرور الأشهر أسهمت الحواجز الاسمنتية في ضبط الأمن والاستقرار حتى بلغت مستويات الأمن اليوم أكثر من 90 بالمئة وهو انجاز كبير مما أفسح المجال أمام السلطات العراقية منذ مطلع العام الحالي بالبدء في إزالة جزء من الحواجز في عدد من شوارع بغداد وكان أبرزها في شارع السعدون والجمهورية والباب الشرقي وإعادة افتتاح عدد من الشوارع المهمة بعضها قريبا من المنطقة الخضراء المحصنة.

ومع مرور الايام أصبحت الكتل الاسمنتية جزء من حياة العراقيين رغم انها أثرت بشكل كبير على الحياة العامة وحركة السيارات والمراكز التجارية وأحدثت زحامات مرورية خانقة جراء منع حركة السيارات التي يصل عددها في بغداد لوحدها أكثر من مليون و300 ألف سيارة .

وفي عدد كبير من الشوارع أصبحت هذا الكتل وسيلة للإعلان والترويج عن البضائع كما كانت واجهة مهمة للتعريف بمرشحي الانتخابات العراقية للبرلمان ومجالس المحافظات في مواسم الانتخابات.

كما أصبحت الكتل الاسمنتية أيضا لوحات فنية جميلة غطت على معالم الدمار وفقدان الخدمات التي تعيشها بغداد، عندما شرع رسامون عراقيون برسم لوحات عليها مستمدة من حياة العراقيين وتقاليدهم.