رمز الخبر: ۱۶۱۶۸
تأريخ النشر: 09:20 - 06 October 2009
عصرایران ـ القدس العربي ـ نفذت عدة نقابات مستقلة في الجزائر تهديدها أمس الاثنين بشن إضراب ليوم واحد، احتجاجا على الأوضاع الاجتماعية والمهنية المزرية التي تعيشها قطاعات التعليم والصحة والوظيفة العمومية، وذلك تزامنا مع مرور 21 عاما على ذكرى 5 تشرين الأول/أكتوبر 1988.

وأعلنت تنسيقية ما بين النقابات المستقلة أن اليوم الاحتجاجي الذي نظمته الاثنين وشاركت فيه 5 نقابات مستقلة كان ناجحا، وأن الاستجابة لنداء الإضراب في عدة قطاعات كانت كبيرة، مؤكدة على أن السلطات لا تزال تصر على سياسة الهروب إلى الأمام، وتفضل إدارة ظهرها للمشاكل التي يتخبط فيها العاملون في عدة قطاعات.

كما انتقدت ما أسمته المناورات التي تهدف السلطات من وراءها إلى تحويل الأنظار عن الأوضاع المزرية التي تعيشها قطاعات مثل التعليم والجامعة، منتقدة غياب الإرادة الحقيقية للتكفل التام بالمشاكل الشرعية لهذه القطاعات.

وأشارت إلى أن وزارة التعليم غضت الطرف عن الكثير من المشاكل التي يعرفها هذا القطاع، وأثارت قضية جانبية وثانوية، والتي تتمثل في توحيد ألوان مآزر التلاميذ، في الوقت الذي تعاني فيه المدارس من مشاكل أخرى، مثل الاكتظاظ في الأقسام، وكذا الفوضى في توزيع ساعات الدارسة مند البدء في العمل بنظام عطلة نهاية الأسبوع الجديدة، إضافة إلى مشاكل النقل والإطعام.

وطالبت نقابات التعليم السلطات الوصية برفع الأجور بما يضمن للمدرس حياة كريمة، إضافة إلى إدخال نظام تعويضات جديد، وكذا توظيف الأساتذة المتعاقدين بشكل نهائي يضع حدا لعدم الاستقرار الذي يعيشونه، والخطر الدائم الذي يشعرون به في فقدان مناصب عملهم ومصدر رزقهم.

وعلى جانب آخر تزامنت هذه الحركة الاحتجاجية والغليان الذي تعرفه عدة قطاعات مع الذكرى ال21 لأحداث 5 أكتوبر/ تشرين الأول 1988، التي كانت أول انتفاضة شعبية تعرفها الجزائر منذ استقلالها.

وخصصت معظم الصحف الجزائرية الصادرة أمس صدر صفحاتها لهذه الذكرى، والتي يتجدد معها في كل مرة السؤال المحير:" هل كانت تلك الأحداث عفوية، أم مدبرة من طرف النظام"؟
وركزت الصحف على تصريحات عبد الحميد براهيمي الوزير الأول الأسبق لقناة الجزيرة، والذي استغل الفرصة لتصفية حساباته مع النظام الجزائري، وذلك باتهام الجنرالات الجزائريين الذين سبق وأن خدموا في الجيش الفرنسي، ثم التحقوا بالثورة التحريرية أنهم دسوا السم للرئيس الراحل هواري بومدين، وأنهم متورطين في اغتيال الرئيس الأسبق محمد بوضياف، وشخصيات معارضة أخرى.

كما أدلى الوزير الأول الأسبق المقيم في منفاه الاختياري بلندن بتصريحات لصحيفة "الجزائر نيوز" (خاصة)، قال فيها ان التحضير لأحداث 5 تشرين الأول/أكتوبر 1988 بدأ عام 1987 وذلك بغرض البحث عن طريقة لتغيير وجه النظام، مؤكدا أن إبعاد الجنرال مصطفى بلوصيف المقرب من الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، وإحالته على التقاعد قبل محاكمته بتهم فساد كانت بداية تنفيذ المخطط الذي انتهى إلى تلك الأحداث المأساوية.

وأشار الابراهيمي في روايته لما حدث في تلك الأيام، الى أن إشاعات قوية راجت عن خروج مظاهرات عارمة يوم 5 تشرين الاول/أكتوبر، وأن إشاعات أخرى كانت تقول أن الرئيس الشاذلي بن جديد لن يترشح لولاية رئاسية ثالثة، في حين أن التوجه داخل المؤسسة العسكرية كان لضمان ولاية رئاسية جديدة له.

وذكر أن الرئيس بن جديد كان على علم بكل صغيرة وكبيرة، مشيرا إلى أن خطابه الذي سبق اندلاع شرارة الأحداث شجع على الخروج إلى الشارع.

وأوضح أن الرئيس الأسبق كان مهندس تلك الانتفاضة الشعبية بمساعدة وزير الداخلية آنذاك الهادي الخذيري، وأنه كان يتابع الغليان الشعبي لحظة بلحظة في انتظار اللحظة المناسبة لإخراج الجيش إلى الشارع.

وأضاف أن وزير الداخلية وكذا مدير الديوان الرئاسي اللواء العربي بلخير اتصلا في اليوم التالي بكل من علي بن حاج وعباسي مدني، رمزا التيار الإسلامي، للخروج في مظاهرات مضادة، مشددا على أن النظام كان ذكيا، وأنه بإخراج الإسلاميين إلى الشارع نفى عن نفسه تهمة تدبير تلك الأحداث، كما أنه قام بسحب كل المواد الغذائية من السوق لاختلاق حالة ندرة تبرر خروج المواطنين إلى الشارع.

وأكد أن الأمور خرجت عن السيطرة واستغل بن حاج ومدني الفرصة التي أُتيحت لهما، واستغلا الأحداث لصنع مكانة سياسية تجسدت في أرض الواقع لما أسسا الجبهة الإسلامية للإنقاذ (محظورة حاليا) بعد فتح المجال السياسي والإعلامي.

من جهتها اختارت جريدة "لوسوار دالجيري" (خاصة صادرة بالفرنسية) أن تربط الماضي بالحاضر، مشيرة إلى أنه رغم مرور 21 عاما على أحداث 5 تشرين الأول/أكتوبر 1988 إلا أن عوامل الانتفاضة الشعبية لا تزال قائمة.

وذكرت أنه بالرغم من وجود مناخ سياسي مختلف عن ذلك الذي كان قائما عام 1988، بعد فتح الباب أمام الممارسة الحزبية التعددية، إلا أن الديمقراطية الحقيقية لم تتحقق بعد، والمعارضة تواجه ضغوطا من كل جانب، الأمر الذي ينذر بوقوع انفجار شعبي جديد.