رمز الخبر: ۱۶۳۴۹
تأريخ النشر: 09:03 - 12 October 2009
محمد صادق الحسيني
عصرایران - القدس العربی - ثمة من يتحدث في طهران بان في الافق شيئا ما في طريقه للحدوث قد يذيب جدار الجليد بين واشنطن وطهران، وان قنوات عديدة بين البلدين قد تم فتحها خاصة تلك التي كان يبحث عنها اوباما الى القيادة العليا والتي ارسل اليها رسالتين حتى الآن منذ مجيئه الى السلطة!

يقول وزير الحرس الثوري الايراني السابق وهو موقع تم دمجه في اطار وزارة الدفاع الحاج محسن رفيق دوست، بان لديه معلومات تفيد بان التطبيع بات ممكنا في الافق وان هذا الامر سيحصل في الدورة الثانية لاحمدي نجاد وان الكثير قد انجز في هذا السياق!

ويضيف رفيق دوست بانه عندما اراد اقامة وزارة الحرس الثوري على ارض السفارة الامريكية التي كان الطلاب قد احتلوها في بداية ثمانينات القرن الماضي فان مؤسس الثورة هو الذي منعه من ذلك وقال له، بان الجماعة لا بد عائدون يوما ليفتحوا سفارتهم من جديد، وعليه والكلام لرفيق دوست فانه ومن خلال متابعاته اللصيقة لتحركات صناع القرار الحاليين فان هذا الوقت يبدو انه قد اقترب!
 
هذه هي اجواء طهران في الاروقة الخلفية في اعقاب اجتماعات جنيف الاخيرة بين المفاوض الايراني الصلب سعيد جليلي وسولانا ودول الخمس زائد واحد، وكذلك عقب زيارة متكي لواشنطن!

والبداية كانت عندما فاجأهم النظام الاسلامي الايراني من حيث لا يحتسبون، معلنا عن منشأة الفردوس النووية وهي المنشأة المحصنة ضد كل اشكال الهجومات الجوية او الصاروخية والواقعة في قرية 'فردو' المحصنة جبليا، والتي اعطت من ابنائها 151 شهيدا دفاعا عن استقلال ايران، ومرة اخرى يكون نظام طهران قد ثبت حقه في التخصيب حتى قبل انطلاق المفاوضات، ومرة اخرى يتراجع الغرب عن مواعيده 'المقدسة' او ما يسميه بالفرصة الاخيرة لصالح الاجندة الايرانية وبتوقيت ساعة طهران!

مكرهين اذن اذعنوا لمفاوضة ايران دولة نووية في الاول من تشرين الاول/ اكتوبر في جنيف، بعد ان فشل انقلابهم المخملي ضد نظام طهران في الثاني عشر من حزيران /يونيو الماضي، ومكرهين هم اليوم يستعدون لموعد التاسع عشر من تشرين الاول/ اكتوبر الجاري لتنظيم خارطة طريق تخرجهم من مأزق منشأة 'فردو' المحصنة في بطون الجبال القريبة من مدينة قم المقدسة، ما اضطرهم للاستعانة بالبرادعي والوكالة الدولية من جديد!

فهم لم يكونوا يتوقعون ابدا فشل هذا الانقلاب بعد ان كانوا قد 'اعدوا له كل العدة اللازمة، وانه هذه المرة ستكون الخاتمة مع نظام طهران' كما ابلغ احد كبار المسؤولين العرب الرئيس نجاد، نقلا عن ذلك المسؤول البريطاني والذي اضطر فيما بعد ان يذعن بفشل كل توقعاته وتوقعات شركائه في الخطة بصورة علنية بقوله العجيب: 'ماذا نعمل اذا اصبح حتى الله ايرانيا ...' كما جاء في حديث وزير خارجية الامبراطورية العجوز لتلفزيون الفوكس نيوز معلقا على التطورات غير المؤاتية الني اعقبت انتخابات الرئاسة الايرانية!

من هنا فقد كان طبيعيا ان يفاجأهم جليلي في جلسة جنيف الصباحية وعندما سألوه عن امكانية مناقشة مقترحهم الشهير 'وقف التخصيب مقابل وقف العقوبات ' بكلام صريح لا لبس فيه، بانه لن يفاوضهم الا على اساس رزمة مقترحات طهران الجديدة، ما دفعهم للتنادي لاجتماع سداسي جانبي عاجل، خرج المفاوض الايراني على اثره الى الحديقة الامامية يتمشى ما دفع بسولانا لاستعجاله للعودة الى طاولة المفاوضات سائلا اياه ان كان يهدف من وراء ذلك الى 'مركزة' افكاره؟!

ولما جاءه الرد بالايجاب قال له سولانا 'لكنك بالمقابل شتت افكارنا يا سيد' !

وعليه فان ما لم يقبلوا به بالامس في محطة نطنز بعشرين جهاز طرد مركزي، اصبحوا اليوم مذعنين له بسبعة آلاف جهاز طرد مركزي مضافا اليه منشأة جديدة تستعد للعمل بما لا يقل عن ثلاثة آلاف جهاز بالاضافة الى التفاوض مع طهران من اجل اخذ ما تخصبه في مفاعلاتها بنسبة تقارب الخمسة بالمائة على ان تبيع لها يورانيوم مخصبا بنسبة عشرين بالمائة لتشغيل مفاعل طهران للاغراض الطبية، وهو ما كانت طهران اصلا قد طلبته رسميا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في رسالة خطية حتى قبل الاتفاق على اجتماعات جنيف، ذلك لان الجهد الذي يتطلب من طهران لانتاج الكمية التي تحتاجها وبنسبة التخصيب المذكورة اعلاه لتشغيل هذا المفاعل لانتاج ما تحتاجه من مواد راديو اكتيو يورانيومية للاغراض الطبية لا يعتبر ذا جدوى اقتصادية!

هذه هي خلاصة نحو سبع سنوات عجاف حاول الغرب خلالها ان يجعل ايران 'تمتثل' لشروطه ففشل وراحت جهوده كلها في مهب الرياح وتحولت الى سراب!

لم يكن جليلي هو من طلب الاجتماع بوليام بيرينز، بل الثاني هو من طلب من الآخر ليستفسر منه ان كان بالامكان ان تفتح بلاده فجوة في جدار عدم الثقة السميك، فما كان من جليلي الا ان قال له بان الامر في غاية البساطة الا وهو ان تقرنوا الاقوال بالافعال بخصوص شعار التغيير الذي رفعه رئيسكم الجديد!

وهكذا طار منوشهر متكي الى واشنطن ليتفقد مكتب رعاية المصالح الايرانية فيها وليجتمع بعدد من اعضاء سابقين في الكونغرس لعل في ذلك بارقة امل للامريكيين تغنيهم عناء القتال في افغانستان والعراق والتآمر على الاحرار في لبنان وفلسطين محاولين عزلهم عن اشقائهم العرب والمسلمين!

ومع ما تقدم ليس هناك في الافق بين ايران والولايات المتحدة الامريكية مايمكن وصفه بـ'الصفقة' ومن اي نوع كان، فاما الاستعداد لسحب القوات و الرحيل ببعض ماء الوجه عبر التعاون والتنسيق مع قوى المنطقة الحية ودون اية شروط، واما الحرب الطويلة الامد والطويلة النفس التي ستجبرهم على التقهقر طائعين ذليلين ومقهورين!

واما ما يتعلق بالملف النووي الايراني فان نهاياته بالنسبة لايران ليست الا كما هي بداياته، اي العودة به الى حيث هو مكانه الطبيعي اي الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تماما كما اشار الى ذلك الوزير العماني للشؤون الخارجية واخراجه من دائرة التأزم التي كان السبب فيها وحسب رأي الوزير المشار اليه انما هي الادارة الامريكية السابقة ليس الا.

سيقال من الآن فصاعدا كلام كثير عن مستقبل العلاقة بين واشنطن وطهران، وعن امكانية حصول اختراق كبير قد تكون بعض تداعياته تخلي طهران عن طموحاتها النووية او برنامجها النووي المعلن او عن بعض تحالفاتها في المنطقة لاسيما التزاماتها الشرعية والقانونية تجاه فلسطين ولبنان، الا ان الذين يعرفون كيف يصنع القرار في طهران يؤكدون بان كل ذلك ليس سوى اضغاث احلام يحاول بعض الذين علقوا آمالا على ديمقراطية البغال 'الافغانية' او ديمقراطية الرشوة والمال والاحتيال الاحتلالية الاخرى لعل في ذلك ما يمنحهم اياما اضافية في التمتع ببعض الخيال الديمقراطي الانتدابي!
'