رمز الخبر: ۱۶۳۵۱
تأريخ النشر: 09:52 - 12 October 2009
ماجد حاتمي
عصرایران -  التسرع هو القاسم المشترك لاغلب عناوين التعليقات التي خرجت بها الصحف العالمية غداة منح الرئيس الامريكي باراك اوباما جائزة نوبل للسلام.

صفة التسرع التي طبعت بها الصحف لها ما يبررها، لا سيما أنه لم يمض على اوباما سوى تسعة أشهر وهو في منصبه كرئيس للولايات المتحدة، كما لم تقرن أقواله بعد بالأفعال، وظلت نواياه الحسنة شعارات لم تشق طريقها الى أرض الواقع، وبعيداً عن الشعارات التي رفعها اوباما ابان الانتخابات ومابعدها، ظلت سياسة الولايات المتحدة في عهده تدور في فلكها السابق ولم تغادره، ومازال معتقل غوانتنامو قائماً ومازالت الحكومة الاسرائيلية ترفض وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومازال أكثر من مليون ونصف المليون انسان محاصرين في غزة على مسمع ومرأى العالم اجمع، ومازال قادة الكيان الاسرائيلي الذين ارتكبوا الفضائع في غزة يتمترسون وراء الدعم الامريكي اللامحدود، وما قصّة تأجيل تقرير غولدستون إلا جانباً صغيراً من هذا الدعم، ومازالت اسرائيل تتبجح بترسانتها النووية، التي تعتبر تهديداً خطيرا للمنطقة والعالم تحت حماية امريكية شاملة، ومازالت امريكا تغزو افغانستان تحت وقع تهديدات بزيادة عدد قواتها هناك، ومازال العراق ينزف بسبب تواجد القوات الامريكية التي تبحث عن ذرائع للبقاء هناك ومازالت امريكا تختلق الذرائع لحرمان ايران من حقوقها المشروعة في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، تحت التهديد والوعيد باستخدام القوة، ومازالت امريكا تبحث عن بدائل لدرعها الصاروخية في شرق اوروبا.

وبعد كل ذلك لم يكن مستغرباً ان تتساءل صحيفة (وول ستريت جورنال) عن الأسباب التي دعت الى منح اوباما الجائزة، وكتبت تقول: أصبح باستطاعة زعيم سياسي ان يحصل على جائزة للسلام لمجرد انه يعتزم تحقيق السلام في وقت ما في المستقبل. كما رأى الخبير الألماني في شؤون السلام، اندرياس هاينيمان جرودر، ان منح اوباما جائزة نوبل للسلام يعتبر سابقاً لأوانه، واصفاً الإعلان بمثابة وضع اكليل من الغار على رأس بطل لم يخض أي معركة بعد.

أما العنوان الآخر الذي قفز الى الأذهان للوهلة الاولى بعد اعلان رئيس لجنة نوبل، توربيورن ياغلاند، عن اسم الفائز بجائزة السلام.
فقد كشفت صحيفة (دايلي تلغراف اللندنية) في عددها الصادر السبت، 10 تشرين الأول / اكتوبر، عن ان أبواب الترشيحات للجائزة اقفلت بعد اثني عشر يوماً فقط من وصول الرئيس الأمريكي الرابع والأربعين الى البيت الأبيض، الأمر الذي وصفته الصحيفة بانه أكبر صدمة أثارتها لجنة نوبل على الاطلاق. كما لم يفت (الديلي تلغراف) ان تصف اختيار اوباما بالخيار السياسي بامتياز.
وفي سياق الكشف عن خفايا الترشيح ذاته اعتبرت صحيفة (وول ستريت جورنال) ان ما اعلنته اللجنة عن سبب اختيارها اوباما لم يكن منطقيا لا سيما ان اوباما رشح في الأول من شباط / فبراير الماضي، أي بعد أقل من اسبوعين على تسلمه الرئاسة.

وكتبت (وول ستريت جورنال) ان اختيار اوباما هو موقف بمفعول رجعي من سلفه الرئيس جورج بوش، الذي هز الأمن والسلم العالميين بحروبه العسكرية وحملاته السياسية.

أخيراً ورغم زوال عنصر المفاجأة الذي حاول الاعلام الغربي تسويقه بشأن الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للسلام، يبقى التأكيد الملفت على هذا العنصر في الاعلام الغربي يثير العديد من التساؤلات حول الأهداف الكامنة وراء هذا الاختيار، الذي بخلت به لجنة نوبل على الكثير من الشخصيات السياسية العالمية التي تركت بصمتها على التاريخ الإنساني، كالمهاتما غاندي، وكانت قريبة جداً من شخصيات اخرى كمورجان تسفانجيراي، رئيس وزراء زيمبابوي.

فهل عملت لجنة نوبل، بوصيّة مؤسس الجائزة الفرد نوبل، الذي أوصى ان تمنح جائزته لمن يحقّق السلام، ويعيشه البشر واقعاً على الأرض؟ ان القائمين عليها جعلوا منها أداة في خدمة المشروع الغربي.