رمز الخبر: ۱۶۳۷۶
تأريخ النشر: 12:48 - 12 October 2009
عربی - تواجه الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية بدأب شديد لتحقيق المصالحة الفلسطينية عقبات متزايدة، بلغت ذروتها عندما قررت السلطة في رام الله سحب مشروع قرار التصويت على تقرير القاضي اليهودي الصهيوني ريتشارد غولدستون الذي يدين جرائم الحرب الاسرائيلية في قطاع غزة.

حركة المقاومة الاسلامية 'حماس' ارسلت وفدا الى القاهرة برئاسة الدكتور موسى ابو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة 'حماس' لطلب تأجيل موعد التوقيع على اتفاق المصالحة المقرر يوم الخامس والعشرين من الشهر الحالي، ريثما يتم التعاطي بشكل مسؤول مع كارثة تأجيل التصويت المذكورة، بينما اكدت لجنة المتابعة العليا المنبثقة عن المؤتمر الوطني الفلسطيني الذي يضم الفصائل والهيئات الفلسطينية المقيمة في دمشق، ولها امتدادات في الاراضي المحتلة، تأجيل المصالحة الفلسطينية بعد ما وصفتها الفصائل بالفضيحة والجريمة التي ارتكبت في جنيف بشأن تقرير غولدستون.

فصائل دمشق التي تضم حركتي حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية ـ القيادة العامة تمثل ثقلا كبيرا على الساحة الفلسطينية بشقيها الداخلي والخارجي، ولذلك عندما تقرر تأجيل المصالحة بشكل جماعي، فهذا يعني وضع الحكومة المصرية راعية الحوار الفلسطيني امام خيارات صعبة، وبما تدفعها في نهاية المطاف الى القبول بمبدأ التأجيل لتقليص الخسائر، واكتساب فسحة من الوقت لمعالجة الموقف بهدوء، لان الاصرار على المضي قدما بالمخطط السابق المتفق عليه لتوقيع اتفاق المصالحة في موعده في الثلث الاخير من هذا الشهر، قد ينسف المصالحة والمجهودات المضنية للتوصل الى اتفاق مقبول من كل الاطراف بشكل جذري.

الرئيس محمود عباس حقق انجازات كبيرة في الفترة الاخيرة على صعيد ترتيب بيته الداخلي، مثل عقد المؤتمر العام لحركة 'فتح' لاول مرة منذ عشرين عاما، وانتخاب لجنة مركزية تضم وجوها، لها ثقل في الساحة الفتحاوية، وكذلك مثل عقد مؤتمر مصغر للمجلس الوطني الفلسطيني أعاد ترميم اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وانتخاب اعضاء جدد فيها اعادوا اليها نصاباً قانونياً مشكوكا في شرعيته.

جميع هذه الانجازات دمرها الرئيس عباس بالخطيئة الكبرى التي ارتكبها في جنيف اثناء اجتماع مجلس حقوق الانسان، بانفراديته وديكتاتوريته واحتقاره للمشاعر الشعبية الفلسطينية، والمؤسسات الوطنية الفلسطينية بما فيها مؤسسات تنظيم حركة 'فتح' حزبه الحاكم.

حركة 'حماس' كانت في موقف صعب قبل مناقشة تقرير غولدستون، وضعها فيه الرئيس عباس بانجازاته المذكورة، وتهديداته باللجوء الى خيار الانتخابات مطلع هذا العام، اذا لم تقبل بالمصالحة.

الحركة رضخت لهذا التهديد مثلما رضخت مكرهة للضغوط المصرية، لتأتي كارثة تقرير غولدستون لتخرجها من هذا الموقف المحرج، وتلقي بالكرة في ملعب الرئيس عباس مجدداً.

ثقة معظم ابناء الشعب الفلسطيني بسلطة رام الله هبطت الى الحضيض او ما دونه، وباتت الغالبية تشعر بأن هذه السلطة غير مؤتمنة للتفاوض باسم الفلسطينيين او اتخاذ اي قرار باسمهم.

في ظل هذه الاجواء المتوترة والضبابية من الصعب تحقيق اي مصالحة فلسطينية، ولهذا يأتي اي قرار بتأجيل المصالحة هو الأنسب في الوقت الراهن لمنع حدوث انقسامات جديدة قد تكون الأخطر بين سابقاتها بحيث تصعب تسويتها في المستقبل.