رمز الخبر: ۱۶۷۹۶
تأريخ النشر: 08:42 - 24 October 2009
عصرایران - كتب المفكر الاسلامي الكبير سيد قطب سلسلة من المقالات ارسل بها من الولايات المتحدة حيث كان في بعثة ضمن فريق من وزارة المعارف المصرية في نهايات النصف الاول من القرن العشرين..وبعد عودته ضمنها كتابا اطلق عليه ( امريكا من الداخل).. كان من المعروف عن سيد قطب قبل رحلته الى امريكا انه محارب عنيد للنظام الراسمالي والحركة الصهيوينة وافرد لمعركته مع النظام الراسمالي كتابا بعنوان معركة الاسلام والراسمالية ونبه ان الامبرياليين يتخذون من المسلمين المغفلين مطية لتحقيق مآربهم في الحرب ضد المعسكر الاشتراكي.. وتكلم المفكرالكبير عن شئ أسماه ( اسلام امريكاني) .

وفي رحلته الى الولايات المتحدة تأمل سيد قطب حياة الامريكان وسجل ملاحظاته كنوع من التحليل الاجتماعي والنفسي للمجتمع الامريكي ولاحظ ان هذا الثور الهائج لن يتوقف حتى يقهر العالم ويفرض تسيده عليه..ولاحظ انه مجتمع العنف والجريمة والفراغ المذهل على الصعيد القيمي والثقافي والسلوكي ..ومن هناك اطلق صيحة مدوية ان انتبهوا يامسلمين فالامريكان لا يراعون العواطف والمشاعر وكرامات الشعوب.

اكثر من ستين عاما مضت واذا بامريكا وحش نافر يتفرس صيده ليل نهار يضرب بيده راس هذا وينشب اظفره ونابه في صدر ذاك..وفي الداخل مليشيات مسلحة وعصابات الجريمة المنظمة والتغول في الربح الذي ادى الى جعل المجتمع على حافة الانهيار..

وامريكا في الخارج تنقل المعركة من مكان الى اخر وكل تحركها يدور على قضية واحدة انها باختصار كيف يمكن ضمانة شروط تفوقها وتسلطها على العالم لاسيما العالم الاسلامي الذي يرفض الذوبان في منهج الحياة الغربي..ورغم ان امريكا لم تتردد عن شن حروب في اكثر من بقعة في العالم الا ان تلك المعارك كانت تنتهي بمجرد انتهاء المعركة ولكنها هنا في عالمنا الاسلامي لاتتوقف عن اختراع قضايا لمواصلة العدوان علينا وعلى كراماتنا وحقوقنا.

تدرك امريكا ان التكنلوجيا والمعارف هي سر التفوق وجوهر التحدي لذلك فهي في سياق عدوانها على الامة الاسلامية تصر على افقادنا المقدرة على ايجاد مصادر طاقة يبنى عليها مشاريع نهضة صناعية وانتاجية ..وهي مستعدة لخوض المعارك من اجل اقصائنا عن تملك عناصر نهضتنا..وهكذا يبدو ان امريكا ليس لها الا عدو مركزي واحد وهو الامة الاسلامية وكل معركة اخرى يمكن ان تاخذ قليلا او كثيرا من الزمن وتنتهي. ليس للادارات الامريكية التي تقود النظام الراسمالي من عدو استراتيجي الا الامة الاسلامية.

امريكا من الداخل خليط بشري بلاغاية ولاهدف ولاوعي يسوقهم النظام الامني السياسي البوليسي الى محصلة مصالح اصحاب الشركات الكبرى في واشنطن ونيويورك..وضمن ايقاعات النظام الراسمالي تحولت ملايين البشر الى عبيد لايعرفون الا كيف يجرون وراء لقمة الخبز في حين القي بعشرات الملايين على هامش المجتمع للتسول والمخدرات.

ولأن المجتمع الامريكي مثقل بالعنف والجريمة والحرص على تحصيل الاموال الضخمة لتستمر الحياة بوتيرة معينة يضع الاستراتيجيون الامريكان خططهم دائما لاشغال هذا المجتمع بعدو خارجي وان لم يجدوا يصنعوا لهم عدوا ليحشدوا له الجانب المعنوي ويعلقوا عليه كل مشاكلهم وقبل ان يقضوا على عدو يكونوا قد جهزوا عدوا اخر.

امريكا من الداخل هي القاعدة الاساسية نحو صناعة امريكا من الخارج ..وما العنف الذي تمارسه جيوشها في بلدان العرب والاسلام الا ترجمانا لما تكتنز من تناقضات وتصورات نحو الحياة..

والواضح ان امريكا الداخل تتعرض الى انهيارات لن تتوقف ليس فقط على الصعيد الاخلاقي والقيمي ولكن ايضا وهذا الاهم على الصعيد الاقتصادي والمعيشي.. وستضمحل امريكا الخارج عندما يبدأ التفسخ لامركيا الداخل وماذلك على الله بعزيز.