رمز الخبر: ۱۷۸۷۱
تأريخ النشر: 10:54 - 24 November 2009
عصرایران - كغيري من شرفاء امتنا العربية المجيدة أصبنا 'بالصدمة والترويع' جراء أحداث كرة القدم بين الجزائر صاحبة المليون شهيد ومصر صاحبة السبعة آلاف عام حضارة، وحمدت الله عز وجل كغيري الذي لم تكن مصر على حدود الجزائر.

اذكر كل العقلاء في عالمنا العربي أن أمريكا عندما أرادت التقارب مع الصين الشعبية في عهد نيكسون كان مفتاح الاقتراب الفرق الرياضية، وعندما أرادت أن تفتح نوافذ تواصل مع جمهورية إيران الإسلامية كانت النوافذ رياضية، واذكر جيدا في أواخر خمسينيات القرن الماضي وإبان الثورة الجزائرية أن فريقا رياضيا جزائري (كرة قدم ) كان يجوب بعض العواصم العربية من اجل إقامة مباريات يعود ريعها لصالح الثورة الجزائرية وذلك منعا للتسول كما يفعل إخواننا في رام الله اليوم، وقدر لي مشاهدة احدى تلك المباريات واثر الفريق المضيف أن يجعل الفوز من صالح الضيف دون الإخلال بسير المباراة ومهارة اللاعبين .

استدعي هذه الأحداث للتأكيد بان الرياضة أيا كانت من أولويات أهدافها، إلى جانب أمور أخرى، تحقيق مبدأ العقل السليم، وسمو الروح وعلو الخلق والقبول بالنتائج بصدور رحبة، وتمتين العلاقات بين الشعوب. لكن ما حصل في مقابلة الفريق الجزائري مع شقيقه الفريق المصري سواء في القاهرة أو أم درمان كان على النقيض من ذلك. في الملعب كانت الحرب واضحة بين الفريقين سلاحها الأقدام والأكتاف، كان يؤجج تلك الحرب الكروية إعلام موبوء، يكاد يكون اخطر من أنفلونزا الخنازير، كان للقيادة السياسية المصرية في أعلى مستوياتها اليد الطولى في تأجيج الإعلام الموبوء، لان حضور رئيس الجمهورية للجلوس ومداعبة اللاعبين وحضهم على تحقيق النصر المبين قبل المباراة في معية وسائل الإعلام ومن بعده 'ولي عهده المنتظر' السيد جمال ثم السيد علاء وتبعهم بعد ذلك رهط من الأسباط ورموز الحزب الحاكم ، وفي تقديري أن تلك الزيارات ليست من اجل التشجيع الرياضي وإنما كانت دعاية انتخابية لحزب الرئيس .

كان الجمهور مشحونا وانصرف عن كل همومه الحياتية وكأن القدر سينقذه من كل همومه عندما تسجل الأهداف المصرية في بوابة الفريق الجزائري.إني أستطيع القول بلا تحفظ أن كل ما جرى في القاهرة والخرطوم والجزائر كان جريمة قومية يتحمل النظام السياسي نتائج تلك الجريمة.
( 2 )
والحق أنني لم أكن انوي تناول هذه الجريمة في هذه الزاوية، لكن ما أثارني وازعم أن الكثير من المتابعين لهذا الشأن يشاركونني الرأي هو ما نشرته 'الأهرام' على صفحتها الأولى 'أن الرئيس حسني مبارك استدعى كبار قيادات الدولة ورئيس مجلسي الشعب والشورى، وانه لم ينم طيلة ذلك الليل حتى اطمأن على سلامة المشجعين المصريين في السودان، وان 'ولي العهد المنتظر ' جمال مبارك ومعه المهندس احمد عز أمين التنظيم في الحزب الحاكم كانا يشرفان على عملية الإخلاء من السودان، وان الرئيس كلف وزير خارجيته باستدعاء السفير الجزائري في القاهرة وسلمه مذكرة احتجاج ومطالبة الحكومة الجزائرية بحماية المصريين هناك. هذه الأفعال تعمق الجراح بين الشعبين الشقيقين، أضف إلى ذلك ما ردده البعض على وسائل إعلام مصرية بأن مدير الفريق الجزائري يهودي الأصل، والسؤال ما فائدة هذا القول لمصر وهي تستقبل رئيس دولة إسرائيل؟
في الجزائر كانت ردات الفعل الرسمية مختلفة إذ أن الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية قال 'إن ما يربط بين الشعبين اكبر بكثير من أن يتأثر بانفعال بعض المصريين، والحكاية في النهاية مباراة كرة قدم، وان الجزائريين في مصر كانوا ضيوفا ولم يكونوا معتدين 'ولا جدال بان في الجزائر غوغائيين كما هو الحال في مصر لكن عندما يكون على أعلى المستويات فذلك غير مقبول .
( 3 )
كل غيور على مصر العربية أحزنه بل جرح في كبريائه عندما استقبل الرئيس مبارك رئيس دولة إسرائيل بيريس في نفس الزمن الذي يشن فيه الطيران الإسرائيلي حربا على قطاع غزة المحاصر مصريا وإسرائيليا، والموساد يجوب المدن في الضفة الغربية ويعتقل العشرات، والتوسع في الاستيلاء على مدينة القدس، وهدم منازل الفلسطينيين فيها، والرئيس مبارك في خطابه الأخير راح يهدد إيران بالويل والثبور، وكأن إسرائيل ليست العدو المخيف. لقد أفرحنا قول الرئيس مبارك: 'ان كرامة المصريين من كرامة مصر، ومصر لا تتهاون مع من يسيء إلى كرامتها. السؤال 'الم تسء إسرائيل إلى كرامة مصر، بقتلها جنودا مصريين من وقت إلى آخر في سيناء؟ والتآمر عليها في أعالي النيل لحرمانها من المياه؟ ومحاصرتها لقطاع غزة؟
آخر القول: مصر العظيمة اكبر من نتيجة لعب كرة قدم.