رمز الخبر: ۱۸۱۲۲
تأريخ النشر: 09:13 - 01 December 2009
محمد صادق الحسيني
عصرایران - ماذا يجري على كتف مضيقي باب المندب وهرمز في ظل التهويل الامريكي حول برنامج ايران النووي، والتصعيد المبرمج ضد طهران والاصرار على اعتبارها هي الخطر الداهم على الامة العربية وليس اسرائيل وكيانها الغاصب؟! سؤال كبير ينتظر الكثيرون الاجابة عليه من خلال تطورات حريق صعدة او حرب الوقيعة بين الاخوة والاشقاء والاصدقاء !

ليس مدهشا ومثيرا للحيرة فحسب ما يجري على كتف الجزيرة العربية من حريق باسم 'حرب صعدة' السادسة كما يسميها اشقاؤنا اليمنيون، بل المدهش والمثير للحيرة اكثر هو 'انزلاق' دولة عربية كبيرة لطالما صنفت في عداد الدول الحكيمة والعاقلة والمعتدلة اي المملكة العربية السعودية اليها ايا تكن الذرائع المعلنة، والمحاولات الحثيثة لجر الجمهورية الاسلامية الايرانية اليها ايضا من خلال الزج باسمها بصورة او باخرى وبأدلة 'معلبة' وجاهزة او بدونها !

ولمن لم يسمع من قبل عن هذه الحرب البشعة والمحزنة وايضا لمن لا يعرف مدى خطورة هذا الحريق فيما لو امتد لا سمح الله ليصبح اقليميا ودوليا نورد له الحقائق المثبتة والمجمع عليها حول هذه الحرب كما يلي :

اولا: ان هذه الحرب المندلعة حاليا في هذه المنطقة انما تندلع هذا اليوم ليس لاول مرة بل للمرة السادسة بين عسكر العاصمة صنعاء وبين الجماعة المسلحة التي باتت معروفة بالحوثيين، منذ عدة سنوات ولا علاقة لها بالمعادلات الاقليمية الراهنة !

ثانيا: ان المواطنين اليمنيين والبيوتات اليمنية والقبائل العديدة التي يتشكل منها اليمن انما هي قبائل مسلحة ويتداخل تسلحها مع تشكيلات الجيش اليمني بشكل متشابك ومعقد لا يشبه اي بلد آخر من البلاد العربية والاسلامية !

ثالثا: ان من يسمون اليوم بالحوثيين انما تعود تسميتهم الى احد بيوتات اليمن المعروفين بآل الحوثي نسبة لكبيرهم المعروف ببدر الدين الحوثي، وهو بيت ينتمي للطائفة او المذهب الرئيسي الذي ينتمي اليها غالبية الشعب اليمني بمن فيهم الرئيس الحاكم اي الرئيس علي عبد الله صالح وهو المذهب الزيدي نسبة للامام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام !

رابعا: ان الحرب الاولى التي اندلعت بين الطرفين المتحاربين حاليا في حربهم السادسة انما كانت بسبب ما اعتبره آل الحوثي وبعض سكان صعدة 'استفزازا' اقدم عليه بعض ممن تربطهم علاقة طيبة مع بعض الخارج الذي يكفر الطائفة الرئيسية المشار اليها آنفا وذلك من خلال اقتحام مسجدهم الرئيسي هناك واستعراض عضلات مدفوع الثمن كما يقولون، ما ادى في حينها الى استنفار غيرة اهل المنطقة وما تبعه من نشوء تمرد قاده يومها السيد حسين الحوثي الذي رغم تسليم نفسه للسلطات آنذاك الا انه قد تم قتله وهو بعهدة من كان قد اصبح اسيرا بيدهم ممن يمثلون السلطة المركزية، الامر الذي اشعل وقتها انتفاضة مسلحة اكبر اضطرت الى الالتحاق بها قبيلة اخرى كانت قد ضمنت سلامة السيد حسين الحوثي ولم تحفظ كرامتها ولا التعهدات التي اعطيت لها بسلامة الاسير !

خامسا: اذا كان صحيحا ان حسين الحوثي هذا كان قد درس في مدينة قم الايرانية المقدسة لفترة كما تتناقل الروايات وانه ادخل بعد عودته منها بعض التعديلات الدينية على بعض مبادئ المذهب الزيدي، الا ان هذا الامر لم يغير لا من طبيعة المذهب الاصلي ولا من طبيعة التوزيع الديموغرافي لسكان صعدة ناهيك عن اليمن ولا من طبيعة تفكير آل الحوثي الديني انفسهم وبالتالي فان اي حديث عن حرب طائفية او مذهبية انما هو من صناعة المهندس الامريكي ـ الاسرائيلي لمثل هذه الحروب !

سادسا: ان ثمة مشكلة اجتماعية عامة اصلا في منطقة صعدة تشبه كل مشاكل الاطراف مع المركز في اي بلد من بلاد العالم الثالث وهي مشكلة لها علاقة بالتنمية والفقر والاهمال والحدود ومشاكل الحدود المعروفة من التهريب الى التخريب !

سابعا: ان ما يجمع عليه اليمنيون بكافة اتجاهاتهم الاجتماعية والسياسية هو ان اول وآخر من سلح الحوثيين انما هم جماعة السلطة انفسهم، والسبب المعلن والمعروف للجميع هو ايجاد التوازن المطلوب بين الجماعات المتنازعة داخليا على النفوذ والقرب والبعد عن السلطة المركزية !

ثامنا: ان السلاح الذي يتدفق الآن على الحوثيين والقبائل المتحالفة معهم والتي تتزايد اليوم انما يأتي في غالبه من الداخل اليمني وتحديدا من غنائم الجيش اليمني بشكل خاص !

تاسعا: ثمة من يعتقد جازما من اطراف المعارضة اليمنية بان زج اسم ايران الدولة في الموضوع انما كان ضمن خطة منظمة اتت اكلها اذ ان الهدف منها كان الدفع بالسعودية للانزلاق الى هذه الحرب، واذا ما امكن الدفع بايران الى نفس المستنقع !

عاشرا: اخيرا و ليس آخرا فانه وايا كانت المبررات والاسباب للاطراف المختلفة للانخراط في هذا الحريق فان الامر الذي لم يعد يختلف عليه اثنان في المنطقة هو ان استمرار هذا الحريق وتوسعته من خلال ادخال اطراف جديدة اليه، ورفض الدخول في دائرة الحوار والمفاوضات لحل المشكل سلميا، قد يكون الباب الذي فتحته الدول الاستعمارية الكبرى لنا جميعا انطلاقا من مسألة صعدة للسيطرة على منافذ البحار العربية والاسلامية في المنطقة وتفتيت اليمن كما السعودية واعلانهما دولتين فاشلتين بحاجة الى وصاية دولية والعياذ بالله !

هذا ما وجب التحذير منه، وهذا هو ما دفع ولا يزال يدفع بعض اخواننا واحبائنا المخلصين في ايران والبلاد العربية للاندهاش منه، وهذا ما دفع ولا يزال ايران لارسال الرسائل المختلفة للمسؤولين اليمنيين لتنبيههم من الخطر المضمر والذي يكاد يصبح محدقا بالجميع وليس الشقيقة اليمن لوحدها فضلا عن بلاد الحرمين الشريفين.

والمعلومات المتوافرة لدينا وان كانت متواضعة لكنها تؤكد بان سفارات دول كبرى في المنطقة تنشط منذ مدة لتشويق وتحريض فئات معينة في عدة بلدان من بينها المملكة السعودية ضد الحاكم المركزي بذريعة وحجة حماية الاقليات الدينية والمذهبية فهل من يعقل ويذكر؟!