رمز الخبر: ۱۸۲۳۶
تأريخ النشر: 12:41 - 03 December 2009
عصرایران - بعد تردد استغرق عدة اسابيع، كشف الرئيس الامريكي باراك اوباما عن استراتيجيته الجديدة تجاه افغانستان، عندما اعلن عن عزمه ارسال ثلاثين الف جندي امريكي لتعزيز قواته الموجودة هناك، والتعهد ببدء الانسحاب في عام 2011.

خطة الرئيس اوباما تتضمن تناقضاً اساسياً يصعب فهمه، فهي تقر زيادة عدد القوات، ووضع جدول زمني محدد للانسحاب. وهذا التناقض ربما ينعكس سلباً على سير العمليات العسكرية والمشروع السياسي الامريكي في البلاد.

ربما يكون الرئيس اوباما من خلال حديثه عن الانسحاب بعد عامين يحاول طمأنة الشعب الامريكي الذي يعارض هذه الحرب ويرى انه من الصعب الفوز فيها، ولكنه سيغضب في الوقت نفسه حلفاءه الافغان، الذين يريدون بقاء القوات الامريكية لاطول مدة ممكنة، وان يتم انسحابها بعد اكمال مهمتها في اقامة دولة قوية مزدهرة في البلاد.

المعارضون لطالبان، الذين يقاتلون الى جانب قوات حلف الناتو، سيشعرون ان الولايات المتحدة ستتخلى عنهم بعد عامين، الامر الذي سيثبط ارادتهم القتالية، ويدفعهم باتجاه تقليص عدائهم لحركة طالبان، بل ومحاولة عقد صلح معها، لانها قد تكون الحصان الرابح في نهاية المطاف.

الرئيس اوباما لم يلب طلبات قائد قواته في افغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال كاملة، واكتفى بارسال ثلاثين الفا بدلا من اربعين الفا، لانه يدرك جيدا ان هذا العدد الاضافي من الجنود لن يغير المعادلات العسكرية بشكل كبير على الارض.

افغانستان ليست العراق، والمقارنة هنا في غير مكانها، ولذلك من الصعب تطبيق السياسات التي يعتقد الامريكيون انها نجحت في العراق بحرفيتها في افغانستان. ففي العراق لقي المشروع الامريكي دعما من ثلثي الشعب العراقي تقريبا اي الشيعة والاكراد، في بداية الغزو، ولكن الصورة مختلفة في افغانستان فاكثر من تسعين في المئة من الشعب الافغاني من المسلمين السنة، اتباع المذهب الحنفي المتشدد، مضافا الى ذلك ان اكثر من خمسين في المئة من هؤلاء ينتمون الى قبيلة البشتون، او على علاقات مصاهرة معها، مما يعني ان نسبة تأييد حركة الطالبان البشتونية كبيرة جدا في اوساط هؤلاء.

صحيح ان الرئيس اوباما ورث هذا المستنقع الافغاني من الادارة السابقة، ولكن الصحيح ايضا انه، وبسبب هذه الحقيقة، يستطيع ان يتخذ قرارات جريئة والانسحاب فورا تقليصا للخسائر المالية والبشرية، وانقاذا لسمعة امريكا التي سعى جاهدا لتنقيتها من الشوائب التي علقت بها من جراء حروبها الخاسرة في العراق وافغانستان.

الرئيس اوباما قال ان زمن الهيمنة الامريكية على الشعوب الاخرى قد انتهى، وهذا كلام جميل يعكس رؤية جديدة، واول خطوة لترجمة هذه الرؤية بشكل صحيح، هي الانسحاب، والاعتراف بالخطأ، ووقف حمامات الدم الناجمة عن العمليات العسكرية الامريكية في افغانستان.

فاذا كان هدف زيادة القوات الامريكية هو القضاء على تنظيم القاعدة، فان هذا الهدف لن يتحقق حتى لو ارسلت امريكا ضعفي عدد قواتها الى افغانستان، لان القوات الامريكية تحارب 'القاعدة' في المكان الخطأ.

افغانستان لم تعد تشكل اولوية بالنسبة الى تنظيم القاعدة، مثلما لم تعد ملاذها الآمن الوحيد، ولا نبالغ اذا قلنا ان ترتيب افغانستان على سلم استراتيجية 'القاعدة' الحالية متدن للغاية، وبعد مناطق اخرى اكثر اهمية مثل اليمن والصومال ودول المغرب الاسلامي، حيث فتحت 'القاعدة' فروعا قوية اقرب الى المنطقة العربية واوروبا.

نصيحتنا للرئيس باراك اوباما ان يضع التفاوض مع حركة 'طالبان' على قمة سلم اولوياته في المرحلة المقبلة، لتأمين انسحاب آمن للقوات الامريكية، فرهانه على نظام حامد كرزاي الفاسد، لن يقود الا الى الهزائم في نهاية المطاف.

فاذا كان اوباما لا يريد ان يجعل من افغانستان فيتنام ادارته، فان عليه ان يسلم الحكم لطالبان في اسرع وقت ممكن.