رمز الخبر: ۲۰۰۲۹
تأريخ النشر: 11:58 - 23 January 2010
عصرایران - دارالحیات - لم يكن هناك ما يشير إلى أن الشاب الصومالي المغمور، الذي تخرّج لتوه في جامعة باكستانية ودرس الاقتصاد، سيقود في يوم من الأيام أقوى حركة إسلامية مسلحة في بلده الواقع على القرن الأفريقي والغارق في الفوضي منذ ما يقارب عقدين من الزمن.

لم تكن قبيلة أحمد عبد محمد، المعروف بأحمد غودني – إسحاق — من طلائع القبائل التي قادت أو حتى ساندت نشأة الحركة السلفية في الصومال. ولم يكن إسلامياً نشطاً أو عالماً مرموقاً إلا أن في الصومال يصطفى من يستفيد من عجز علمائه وفوضى ربوعه. أو هكذا بدت في بداية إنشاء حركة الشباب المجاهدين الصومالية – فهي حركة ولدت كنتيجة طبيعية للتصادم الحاصل بين حماسة الشباب وحكمة العلماء المخضرمين الذين اختاروا طريق الدعوة بدل الجهاد.

وبحسب أعضاء حاليين في الحركة، وآخرين انسحبوا منها فإن المؤسسين كانوا يبحثون منذ سنوات عن أجوبة على ثلاثة أسئلة ملحة في نظرهم. هي: من سيأتي أولاً: الدعوة أم الجهاد؟ لماذا لا يوجد فرع لتنظيم «القاعدة» في الصومال؟ ولماذا ينتظر «الشباب» أوامر وإرشادات كبار العلماء؟

يقول عدد ممن تحدثوا الى «الحياة» إن رئيس الحركة الحالي غودني، والمعروف أيضاً بشيخ مختار أبو زبير، لم يتوقع ان تتمكن حركته من تحقيق «نجاح» سريع كالذي حققته العام الماضي حتى لو واصلت «الجهاد» ثلاثة عقود. فهو لم يفكر بإنجاز سريع عندما طرح هو وآخرون تتراوح أعمارهم بين الثلاثين والأربعين سنة فكرة إنشاء حركة إسلامية في عام 2001 في عاصمة جمهورية أرض الصومال التي أعلنت انفصالها عن باقي البلاد في عام 1991.

تشبه تفاصيل تاريخ حركة الشباب، التي كشفها المسؤولون السابقون والحاليون للحركة، تفاصيل قصة مشوقة. إلا أنها قصة مليئة بمراحل من المغامرة والمهاترة وتكفير وتخوين الآخر والتهور والتخبط والمراوغة والرغبة الجامحة بإحياء «روح الجهاد» في بلد لم يعرف منهج «القاعدة» العسكري ولم ينبذ القبلية المتجذرة بين أبنائه.


أول عملية للشباب وتبعاتها

ما حدث في عام 2003 كان المغامرة الأولى، فقد نفذ مسلحو الحركة، التي ما زالت في طور التكوين، أول هجوم على مسؤولي الجمارك الأثيوبيين في مدينة تدعى «أواري».

نصب خمسة مسلحين كميناً لقوافل تحمل أكثر من 10 مليار ريال أثيوبي جمعها مسؤولو الجمارك من المدينة التي تحد أرض الصومال. ونجحوا في الاستيلاء على المال والتوجه إلى أرض الصومال من دون قتل أحد، ومن دون أن يصيبهم أذى.

وضبطت سلطات أرض الصومال اثنين من هؤلاء المسلحين إلا أن البقية نجحت في الإفلات من الطوق الأمني الذي نصب لها فأوصلت المال إلى رؤسائها: غودني وإبراهيم حاج جامع ميعاد، المعروف بإبراهيم أفغان لمشاركته في حرب أفغانستان.

وحملت هذه العملية غودني وزميله إبراهيم أفغان على الرحيل من مدينة هرجيسا، حيث كان يعمل غودني محاسباً لدى شركة الاتصالات الصومالية الخاصة، «تيليصوم». وتوجه الاثنان إلى مقديشو، لينضما إلى زملائهما في «الفكر»، مثل عمر طيري الملقب بأبو الجبل، والذي قتل في إثيوبيا في عام 2005، وآدم حاشي عيرو الملقب بأبو محسن، والذي كان يحاول من جانبه إنشاء ميليشيات للحركة في معسكر داخل مقديشو.

وقتل عيرو وعدد كبير من المدنيين في هجوم أميركي في أيار (مايو) 2008 في مدينة دوساماريب في وسط الصومال.

كانت الأموال التي سرقت من الأثيوبيين أكبر مال حصلت عليه الحركة في بداية نشأتها وفق رواية مسؤول شارك في التخطيط لها. وبهذا المال استطاعت دعم بواكير مشاريعها العسكرية كتدريب شبابها، الأمر الذي اضطلع به عيرو ونفذه في العاصمة.

وبينما تولى عيرو تدريب الشباب بنفسه، كان الشيخ إبراهيم أفغان، الذي لم يكمل دراسته في جامعة سعودية ويحمل الجنسية الأميركية يتولى مهمة شحذ همم المتدربين. وكان يقرأ عليهم المنشورات والكتب الجهادية مثل «أخلاق المجاهد» و «العمدة في إعداد العدة» وغيرها.

ويقول أحد كبار «حركة الشباب» السابقين الذي تحدث لـ «الحياة» مشترطاً عدم ذكر اسمه: «لم يكن الهدف من التدريب العسكري تعليم هؤلاء الشباب كيفية أداء الصلاة وتعاليم دينهم. بل كان الهدف تعبئتهم وملء قلوبهم بكره أعداء الإسلام أين ما كانوا».

عملية أميركية

ومثّل عام 2004 مرحلة انطلاق للحركة التي فضلت إخفاء هويتها والعمل بسرية. فقد علم قادتها أن الاستخبارات الأميركية حصلت على معلومات عما يقومون به وأنها تلاحقهم.

وفي الثلاثين من شهر حزيران (يونيو) عام 2004، اقتحم مسلحون تابعون لزعيم الحرب محمد قنيري أفرح منزل عيرو الواقع في حي ياقشيد، شمال العاصمة، وأسرت شابين كانا في منزله. وكان الهدف من هذا الهجوم، اختطاف عبدالرحمن السوداني، الملقب بأبو إبراهيم وهو من المطلوبين أميركياً بسبب انتمائه لـ «القاعدة». إلا أن السوداني وعيرو لم يكونا في المنزل في تلك الليلة.

وسلم محمد علي عيسي وعبدالفتاح محمد المعروف بشريف، إلى الاستخبارات الأميركية التي بدورها نقلتهما بطائرة خاصة إلى جيبوتي، 012310b.jpg حيث قضيا فيها مدة ثلاثة أشهر قبل أن يسلما إلى السلطات الإثيوبية التي أطلقت سراحهما بعد قضائهما ستة أشهر في سجونها.

 وساعد ظهور المحاكم الإسلامية في الصومال بقوة في أواخر التسعينات مسلحي الحركة المتخفين عن الأنظار. إذ استطاعت إخفاء وجهها الحقيقي وتقديم مسلحيها على أنهم إسلاميون لا ينتمون إلى أي من المحاكم الإسلامية المتفرقة والمبنية على القبلية. وكان الهدف الأول لكل محكمة من هذه المحاكم فض النزاعات بين أفراد قبيلة ما وفقاً للشريعة الإسلامية.

بداية فكرة الشباب

يقول مسؤول سابق في تنظيم «الشباب» إن الفكرة الحقيقية لإنشاء حركة تابعة لـ «القاعدة» في الصومال ولدت في عام 2001، تحديداً بعد 11 ايلول (سبتمبر).

غودني، وعيرو وإبراهيم أفغان وعمر طيري عقدو اجتماعهم الأول لمناقشة الفكرة في العاصمة، مقديشو بعد أسابيع من 11 ايلول. وكان الهدف من هذا الاجتماع السري نقل أفكارهم الي شيخ حسن طاهر أويس، أحد أبرز قادة قبيلة هاوي في مجال الجهاد ودعوته إلى إقناع زملائه السلفيين بحاجة الصومال إلى إنشاء حركة مسلحة إسلامية تتلقى الدعم من تنظيم «القاعدة».

استفاد قادة «الشباب» من تفسخ حركة «الاتحاد الإسلامي»، التي تأسست بعد انهيار آخر حكومة مركزية صومالية في عام 1991، وتلقت ضربات قاتلة متتالية من القوات الإثيوبية ما أدى الى انهيارها.

وبعد شد وجذب بين الطرفين، قبل أويس بأن يكون على رأس وفد إلى أفغانستان للقاء أسامة بن لادن وطلب العون منه. بعض من حضر اللقاء بين وفد أويس وزعيم «القاعدة»، روى ان بن لادن رفض دعم تنظيم لا يتبع له، مما اضطر أويس وزملاءه، ومن بينهم عمر طيري، وعيرو ومختار روبو الملقب بأبي منصور، الى العودة إلى الصومال لإجراء مزيد من المشاورات مع الإسلاميين الآخرين حول ما طرحه بن لادن.

وكانت «القاعدة» تستعد في ذلك الوقت لهجوم أميركي مرتقب بعد 11 من ايلول، وكان قادتها يستعدون لطمس ما يمكن أن يساعد الأميركيين في ملاحقتهم، عبر إغلاق المعسكرات وإتلاف المستندات ودفن ما يمكن تلفه، الأمر الذي حرم روبو دعم «القاعدة».

وبعد عودة وفد أويس إلى الصومال، قرر عيرو، وغودني وروبو، وعمر طيري وآخرون عدم انتظار مبادرة ثانية من أويس والعلماء السلفيين الآخرين. فعقدوا لقاء سرياً في مدينة هرجيسا، عاصمة أرض الصومال، واتفقوا على مواصلة العمل الخفي من أجل إنشاء حركة جهادية صومالية تابعة لـ «القاعدة».

أول معسكر تدريب علني

 وواصل هؤلاء العمل السري حتى استولوا على مقبرة الإيطاليين بمقديشو في عام 2005، وهو ما مثل الخطوة الميدانية الثانية للجماعة. وتم تحويل مكان المقبرة إلى معسكر سمي لاحقاً «صلاح الدين»، وأصبح في ما بعد مصنعاً ينتج الجهاديين الشباب في العاصمة مقديشو وخارجها.

ووفق من تدرب فيه، فإن المعسكر قدم تدريبات عسكرية وتوعية دينية مصممة لتحفيز المتدربين «على الجهاد وفضائله وزرع كراهية الكفار في قلوب الفتية اليافعين. وأن الكفار لا يرتضون المسلمين حتى يغيروا ملتهم».

ويضيف أحد المتدربين الذين التقتهم «الحياة»: «كان كل متدرب يتقاضى دولاراً واحداً في اليوم، ويأكل رغيفاً ويشرب شاياً في الصباح، ويأكل الفول والرز في المساء. أما في الليل فكان بعضهم يفترش الأرض بينما المحظوظون ينامون على الحصير المهترئ».

وتستغرق تدريبات كل دفعة مكونة من 60 فرداً شهرين يخيرون بعدها بين العودة الى مناطقهم خارج العاصمة أو الانضمام الى المسلحين المتطوعين في ميليشيا «المحاكم الإسلامية» القبلية التابعة للحركة. وكانت هذه الميليشيات المختلطة تسير دوريات أمنية في شوارع العاصمة للقبض على اللصوص والمخربين، وما كان أكثرهم في ذلك الوقت!

لم يكن هدف قادة الحركة من دعم قوات «المحاكم» بريئاً ودون غرض خفي. فهم كانوا يضمرون نواياهم الحقيقية، المتمثلة في التأثير على إدارة المحاكم بقيادة شيخ شريف شيخ أحمد، الرئيس الحالي، من الداخل وزرع قادة لهم في هيكلها.

حرب مقديشو

ومنذ أن ظهر نفوذ الإسلاميين في العاصمة، مقديشو، في بداية 2000، لم تتوقف الحروب بين أعضاء «حركة الشباب» و «المحاكم الإسلامية» من جهة والاستخبارات الغربية من جهة اخرى، وخاصة الأميركية التي كانت تستخدم أمراء الحرب في مواجهتها الإسلاميين، حتى تطورت هذه الحرب وأدت في نهايتها إلي مواجهة حقيقية بين الطرفين عام 2006.

وبعد قرابة أربعة أشهر من القتال بينهما، هزم الإسلاميون بشتى أطيافهم ميليشيات زعماء الحرب، الذين فروا إلى خارج البلاد بعد طردهم من العاصمة.

وعندما ذاع صيت «المحاكم الإسلامية» واستولت على العاصمة، توجه مئات الأجانب من عرب وغير عرب إلى الصومال للانضمام إلى المحاكم الإسلامية. ويقدر المسؤولون الصوماليون والإسلاميون أنفسهم أن عدد المقاتلين الأجانب في الصومال أكثر من 500 مقاتل.

وأكد أعضاء في حركة الشباب أن كثيرين من هؤلاء الأجانب في صفوف الشباب يعملون لحساب أجهزة استخبارات مختلفة وحتى لبعض الدول العربية مثل اليمن. وتحدث الإسلاميون بمرارة عن سهولة اختراق الحركات الإسلامية في الصومال.

ويعزو هؤلاء قتل الطائرات الأميركية في ايلول الماضي صالح النبهان، القائد الميداني للمسلحين الأجانب في الصومال، الى دور «الجواسيس» داخل الحركة. وكان النبهان، الكيني الجنسية، مطلوباً لدى الشرطة الفيديرالية الأميركية 012401b.jpg لاتهامه بالضلوع في هجمات استهدفت مصالح اسرائيلية في مومباسا عام 2002.

وبحسب هؤلاء الإسلاميين فإن ممثلي «القاعدة» في شرق أفريقيا لا يثقون بأعضاء حركة الشباب، التي يتهمونها بالعمل لصالح الاستخبارات الغربية. ويتحدث هؤلاء عن الشكوك المتبادلة بين الشباب وبين ممثلي «القاعدة» في شرق أفريقيا.

وعلى رغم أن حركة الشباب، ومسلحين من معسكر راسكمبوني الواقع قرب الحدود الصومالية الكينية، كان لهم قصب السبق في هزيمة ميليشيات أمراء الحرب إلا أنهم فضلوا البقاء في الظل وعدم الانفصال عن اتحاد «المحاكم الإسلامية». وبدلاً من ذلك ظلت «حركة الشباب» مجموعة داخل نظام المحاكم مع تركيزها على المجال العسكري وعرقلة الجهود السياسية، وفق إفادات الإسلاميين.

قيادي إسلامي رفض ذكر اسمه قال إن قادة «الشباب» كانوا يحاولون طوال سنوات تعاونهم مع المحاكم الإسلامية السيطرة على المجال العسكري وخصوصاً مصادر الأسلحة. وكانوا يصادرون كل الأسلحة التي تقع في أيدي قوات المحاكم، بصفتهم الجناح العسكري للمحاكم. وكانوا ينصبون أيضاً أفراداً تابعين لهم في المناصب العسكرية للمناطق التي يتم السيطرة عليها.

الإسلامي الذي تحدث إلى «الحياة» في العاصمة الكينية، نيروبي، كان رئيس أول تجمع سمى نفسه «الشباب»، وذلك بعد أن توحدت في عام 2005 أربعة معسكرات في العاصمة – معسكر عيل غرس ومعسكر راسكمبوني ومعسكر صلاح الدين ومعسكر سوق بعاد - لمواجهة تنامي نفوذ زعماء الحرب الذين كانت تساندهم الاستخبارات الأميركية. وكانت حركة الشباب جزءاً من هذا الاتحاد.

وقال إن قادة حركة الشباب المجاهدين كانوا يرمون دائماً إلى تفادي مرحلة يستغنى عنهم فيها. أمـا من الناحية السياسية فكانوا يثيرون الخلاف كلما طرح رأي يعتبرونه مخالفاً لأفكارهم القائمة على إبقاء الأمور على ما هي عليه. وإذا شعروا أن الأصوات المناهضة لموقفهم كثيرة يطلـبون تـأجيل الـلقاء لـحين حـل المـوقـف.

ولكن الأمور بدأت تتغير شيئاً فشيئاً في أواخر عام 2006، وأوائل 2007، عندما غزت إثيوبيا الصومال واستولت عليه، بعد تفريق وطرد اتحاد «المحاكم الإسلامية» من معظم مناطق جنوب ووسط البلاد التي كانت تسيطر عليها.

وبعد شهور من هذه الهزيمة، أعاد الإسلاميون تنظيم صفوفهم من جديد. وبدأوا بشن هجمات متفرقة على القوات الإثيوبية التي احتلت العاصمة وأقامت ثكنات عسكرية في عدة مدن في جنوب ووسط البلاد.

وكانت دول عربية وحركات جهادية عالمية تدعم كفاح الإسلاميين والقوميين لتحرير بلادهم من الاحتلال الإثيوبي.

وأصبحت إريتريا الدولة الأفريقية الوحيدة التي أعلنت تضامنها مع الشعب الصومالي «الرازح تحت الاحتلال الإثيوبي». فآوت قادة المحاكم، بمن فيهم شيخ شريف شيخ أحمد وأويس، وشجعتهم على إنشاء «تحالف إعادة تحرير الصومال» في ايلول في عام2007. ودعا التحالف إلى طرد الإثيوبين من الصومال. وضم التحالف في بدايته خمسة تكتلات من المجتمع الصومالي هي: «المحاكم الإسلامية»، والمجتمع المدني، والمغتربون (الشتات)، وزعماء العشائر، والبرلمانيون الأحرار. وفضلت «حركة الشباب» البقاء خارج التحالف.

الولادة العلنية للشباب 

في أواخر عام 2007، باشرت مجموعات «القاعدة» الصومالية التحرك الحقيقي لتلبية طموح لطالما راودها. فعاد كل من روبو، وإبراهيم، وغودني، ومهد كراتي وآخرين إلى معسكر راسكمبوني للقاء شيخ حسن تركي الذي تتهمه واشنطن بعلاقته بتنظيم «القاعدة».

وبحسب رواية من حضر اللقاء، فإن قادة حركة «الشباب» طلبوا من تركي أن يشكل معهم تنظيماً جهادياً. إلا أن تركي رفض الفكرة حاثاً إياهم البحث عن بقية الإسلاميين في المناطق الأخرى من البلاد وتوسيع دائرة المشاركة.

وعلى رغم أن الطرفين اتفقا على تشكيل لجنة مكونة من شخصين لدعوة الإسلاميين الآخرين إلى مؤتمر كبير يناقش القضايا الصومالية برمتها، فضل قادة الحركة العمل الأحادي الجانب.

وللتملص من أية التزامات قال ممثلوهم إنهم يحتاجون إلى التشاور فيما بينهم لبت موقفهم إلا أن رغبة إنشاء حركة جهادية لا تأتمر من أي جهة غلب على تفكير غودني، وروبو وابراهيم أفغان.

وقبل عودة اللجنة إلى تركي، عقد قادة الشباب اجتماعاً طارئاً في مدينة براويب بإقليم شبيلي السفلي أعلنوا فيه إنشاء الحركة، وذلك في عام 2007.

ووزعت المناصب على النحو الآتي: غودني رئيساً لحركة «الشباب المجاهدين» وإبراهيم أفغان نائباً له، وعيرو مسؤولاً عن الشؤون العسكرية، وروبو الناطق الرسمي باسم الحركة، وشيخ فؤاد محمد خلف الملقب بأبو عبدالرحمن السكري مسؤولاً عن الدعوة.

وكان الرد الأول من «المحاكم الإسلامية» التي رعت الحركة لسنوات طويلة. ان قطعت عنها المبلغ الذي كانت تقدمه كل الشهر. وبحسب إسلاميين فإن حركة الشباب تتلقى الآن دعماً مالياً (270 ألف دولار في الشهر) وعسكرياً من أسمرا. كما تعتمد الحركة عدة مصادر دخل أخرى لتمويل مشاريعها العسكرية والسياسية في البلاد مثل ميناء كيسمايو الذي يدر عليها مليون دولار في كل شهر. وتفرض الحركة على التجار في مناطق نفوذها تمويل بعض مشاريعها مثل مشروع ««تقوية المجاهدين». وتجمع الحركة أيضاً الزكاة من الصوماليين بالإضافة إلى ملايين الدولارات التي تحصدها لقاء بعض عمليات اختطاف الأجانب. 

رد الإسلاميين

أجبرت خطوة «الشباب» الأحادية الجانب معسكري راسكمبوني وعانولي، والجبهة الإسلامية، والمحاكم الإسلامية جناح أسمرا على التحرك الفوري والاتحاد في ما بينهم. فأعلنوا في شهر شباط (فبراير) 012403b.jpg من عام 2009 تأسيس الحزب الإسلامي بقيادة شيخ عمر إيمان أبو بكر، الذي استقال من المنصب لصالح شيخ حسن طاهر أويس. وعين الشيخ حسن عبدالله حرسي، المعروف بشيخ حسن تركي نائباً لإيمان.

وبينما قاوم الاثنان – حركة الشباب والحزب الإسلامي – الحكومة الانتقالية بقيادة شيخ شريف شيخ أحمد إلا أن خلافاً وقع بينهما، استفحل في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وأدى إلى قتال عنيف طردت «الشباب» على أثره زميلتها من مدينة كسمايو والمناطق القريبة منها.

وتقاتل حركة «الشباب» الآن في ثلاث جبهات يصعب عليها التصدي في كل منها بشكل قوي: مسلحو حزب الإسلامي بقيادة أحمد مدوبي في المناطق الجنوبية بالقرب من الحدود الكينية، وفي مقديشو تحارب الحكومة الانتقالية والقوات الأفريقية الداعمة لها، وفي وسط الصومال تواجه مقاتلي «أهل السنة والجماعة الصوفية».