رمز الخبر: ۲۰۶۸۹
تأريخ النشر: 08:41 - 18 February 2010
عصر ايران – لقد زادت بعض الدول العربية في المنطقة هذه الايام من حجم مواقفها المناهضة لايران وتعمل على اظهار ان ايران تشكل خطرا اكيدا عليها بحيث انه ان لم تهاجمهم ايران اليوم فانها ستهاجمهم غدا او بعد غد او انها ستطلق على الاقل عدة صواريخ شهاب باتجاههم!

في حين ان ايران لم تعتبر الدول العربية لاسيما جيرانها بانها تشكل تهديدا ، بل تعتبر اسرائيل والوجود الامريكي في المنطقة بانهما يشكلان اكبر تحديا امنيا بالنسبة لها.

ومع ذلك ، فان مراجعة المواقف الرسمية وغير الرسمية للشيوخ العرب والتي وردت في صحفهم ، يتضح ان بعض الحكام العرب يتابعون سياسة رهاب ايران.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ، انه ما الهدف من اثارة ومواصلة الحكام ووسائل الاعلام العربية التهديدات ضد ايران؟ هل ان الحكام العرب فقدوا حقيقة القدرة على التحليل السياسي بحيث يعتبرون الجمهورية الاسلامية ، تهديدا ضدهم ام انه يجب بحث سبب هذا السلوك المعادي لايران في موقع اخر؟

وفي هذا الخصوص يمكن التطرق الى المحاور الثلاثة الرئيسية التالية :

1-     ان السبب الاول لهذا التوجه لدى القادة العرب يمكن اعتباره بانه يكمن في اتباعهم التقليدي للسياسة الخارجية الامريكية في المنطقة.

ان هذه المسالة واضحة بمكان بحيث انها ليست بحاجة الى المزيد من التوضيح ، وبمجرد ان امريكا تتواجه مع ايران ، فهذا يكفي للحكام العرب بان يتخذوا مواقف مماثلة قدر ما يستطيعون ضد ايران.

2-     والسبب الاخر يكمن في قلق العرب من تحسن العلاقات بين ايران والغرب. ورغم انه لا يوجد افق واضح في الوقت الحاضر عن مستقبل هذه العلاقات لكن بديهي بان الظروف الحالية ليست دائمة وان التوترات ستزول يوما ما.  في حين ان مصالح الدول العربية تكمن في وجود الازمة في العلاقات بين ايران والغرب وتداعياتها مثل العقوبات.

لذلك فان القادة العرب يسعون جاهدين لصب النار على زيت الازمة بين ايران والغرب من خلال مشروع رهاب ايران  ، ومن ثم يمنون انفسهم من خلال تقربهم من الغرب بانه حتى ان تحسنت العلاقات بين ايران والغرب فانهم سيحتفظون بموقعهم لدى الغرب.

3-     لكن السبب الثالث وربما الاهم هو ان القادة العرب الذين يتحدثون على الدوام عن "التهديد الايراني" يعكس سياسة الاسقاط لديهم.

ان العالم العربي يواجه الان الكثير من الاحتجاجات على صعيد الشعوب لاسيما بين الدارسين والشبان ، ان الجيل العربي الجديد مطلع الان على مفاهيم مثل الديمقراطية والحريات السياسية وتداول السلطة وحقوق الانسان و... لكنه لم يلمس مصاديق هذه المفاهيم على ارض الواقع في اي من البلدان العربية ، لان معظم هذه الدول تدار على اساس الملكية الوراثية وغير الديمقراطية او في اطار الديكتاتوريات على شكل رئاسة الجمهورية على مدى العمر.

وفي ضوء ظروف كهذه فان من الطبيعي ان يطرح الجيل الجديد والمثقف العربي طلبات جادة حول الديمقراطية وحقوق الانسان ، المطالب التي ليس لدى الانظمة التقليدية العربية ردا عليها لان الرد على هذه الطلبات يكمن في تغيير الحكومات وخروج السلطة من يد الحكام الحاليين.

 وفي هذا الخصوص يمكن الاشارة الى اللقاء الذي عقدته وزيرة الخارجية الامريكية مع الطلبة القطريين والاسئلة التي طرحها الطلبة والاساتذة عليها ، وفي هذا اللقاء دعا الدكتور سعد الدين ابراهيم احد اساتذة جامعة الدوحة ، وزير الخارجية الامريكية الى ممارسة الضغط من اجل ايجاد اصلاحات داخلية في الدول العربية بدلا من دعم قادة الدول العربية في مواجهة اي هجوم ايراني محتمل.

ان هذا السؤال البسيط على الظاهر قوبل بردود فعل حادة من جانب وسائل اعلام بعض الدول العربية بما في ذلك كتب طارق حميد رئيس تحرير صحيفة "الشرق الاوسط" المدعومة من السعودية متوجها الى هذا الاستاذ الجامعي : انه مع وجود تهديد بالفعل مثل ايران التي تعمل للحصول على السلاح النووي وتعتبر تهديدا جادا للامن الداخلي للدول العربية ، كيف يمكن لك ان تطرح مثل هذا السؤال وتنتقد الوضع الداخلي للدول العربية؟!

ان ردة الفعل هذه تشكل بمفردها مؤشرا على السبب الرئيسي لتصميم وتطبيق مشروع رهاب ايران من قبل الدول العربية. ان هؤلاء ومن اجل ابعاد الراي العام في بلدانهم عن اوضاعهم الداخلية غير الملائمة ، فانهم بحاجة ماسة الى توجيه مجتمعاتهم نحو قضايا في خارج الحدود وايجاد عدو مشترك ، وطبعا انهم لا يجرؤون على التركيز على العدو الحقيقي والمشترك للعالم الاسلامي والعربي ، اي اسرائيل، لذلك فانه في حين يقف الغرب في مواجهة ايران فانهم وجدوا ان اقل الاساليب كلفة وثمنا هي مشروع رهاب ايران والا فانهم يعرفون بان الجمهورية الاسلامية لا تشكل اطلاقا تهديدا بالنسبة لهم.