رمز الخبر: ۲۱۶۱
تأريخ النشر: 12:35 - 16 January 2008
ضياء الدين احتشام
عصر ايران – ضياء الدين احتشام


في اكتوبر 2003 عندما وصل الضيوف الاوروبيون الثلاثة غير المدعوين الى طهران ، انتابت مسوولي الملف النووي الايراني آنذاك فرحة عارمة بحيث لم يفكروا بتداعيات توقيعهم اتفاقية سعد اباد، وبما ان الضيوف عادوا الى بلدانهم وهم فرحون الا انهم ابقوا بظلالهم الثقيلة على الملف النووي.

وكان وزراء خارجية الدول الاوربية الثلاث (المانيا وبريطانيا وفرنسا) قد سافروا آنذاك الى ايران واجروا محادثات مع حسن روحاني في سعد اباد بطهران حول الملف النووي الايراني.

وحصل ذلك اللقاء في وقت كان عدد كبير من الطلبة ينظمون مظاهرات احتجاجية خارج قصر سعد اباد وعبروا عن قلقهم لانه يتم خلف الابواب الموصدة في سعد اباد التوقيع على اتفاق مع هذه الدول الاوروبية الثلاث يتعارض والمصالح الوطنية. وبعد ساعات عندما شارك روحاني ووزراء خارجية الدول الاوروبية الثلاث في موتمر صحفي وتحدثوا خلاله عن التوقيع على اتفاقية عرفت فيما بعد ب "اتفاقية سعد اباد" تبين ان هذا القلق كان في محله.

وفي هذا الاتفاق قبلت ايران بتعليق التخصيب وتطبيق البروتوكول الاضافي. وقد تحدث امين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني آنذاك للصحفيين عن مدة التعليق وقال : ان انهاء التعليق هو بيد ايران التي بامكانها حتى استئناف التخصيب بعد عدة ايام لان ما تم التوصل اليه هو اجراء "طوعي" لذلك ليس هناك اي الزام بالتقيد بامر طوعي.

وبعد ذلك عندما اعلنت ايران انها تريد استئناف التخصيب حتى تحت اشراف الوكالة الدولية هددت من قبل هذه الدول الاوروبية التي وقعت على الاتفاق المذكور باحالتها الى مجلس الامن الدولي وعندما انهت طهران خطوتها "الطوعية" في التعليق وضغطت على زر اجهزة الطرد المركزي احيل الملف الى مجلس الامن الدولي وبدات عملية اصدار القرارات ضد ايران.

وبغض النظر عن فحوى اتفاق سعد اباد الذي كان من جانب واحد وعلى حساب ايران، فان الخطأ الاكثر فظاعة هو ان ايران "اعترفت رسميا" بالجانب الاوروبي للتدخل مباشرة في الملف النووي في حين انه ليس لاوروبا واي دولة اخرى اي دور مستقل في الملف النووي بل بامكانها ابداء رأيها فقط في اطار الوكالة الدولية وكعضو يملك حق التصويت فحسب.
ومع ذلك حدث "خطأ استراتيجي" واعتبرت اوروبا طرفا اخر في الملف النووي. وكان على ايران ومن اجل التخلص من تداعيات هذا الملف ان تنال الرضا التقني والقانوني للوكالة الدولية وكذلك الرضا السياسي للاوروبيين وهذا يعني القبول بعبء اضافي.

وعمليا كان الامر كذلك وحتى الفترة الاخيرة عندما اراد اعضاء مجلس الامن الدولي مناقشة الملف النووي الايراني اعلنوا بانهم بانتظار "تقرير الوكالة الدولية" و "تقرير اوروبا" في حين ان التقرير الفني والقانوني للوكالة يجب ان يكون المعيار لاتخاذ القرار لا التقارير السياسي لبعض الدول.

والنتيجة لم تكن سوى التقليل من شأن ودور الوكالة بوصفها مؤسسة دولية .

ومنذ ذلك الحين كان الذين ينظرون الى الملف النووي الايراني من منطلق الحرص والاخلاص يحذرون بانه ما كان يجب افساح المجال امام الاوروبيين الى هذه الدرجة لانهم اذا سيطروا على الموقف فانهم لن يتنازلوا ببساطة.

لكن هذه الاراء التخصصية والانتقادات ووجهت آنذاك بتهم مثل الخيانة والجهل واصبحت الدول الاوروبية الثلاث شيئا فشيئا المدعي الرئيسي في الملف النووي الايراني.

ومع الوقت تبين ان هذه الدول الثلاث ليست بصدد تسوية القضية بل ان مصالحها تتطلب تعكير الاجواء وممارسة الضغط على ايران للحصول على تنازلات منها. والطريف ان هذه الدول الاوروبية الثلاث كانت تهدد ايران في بعض الاوقات بانها ستقطع محادثاتها معها اذا لم تمتثل لما تطلبه منها.

والان وبعد مضي اكثر من اربع سنوات على تلك الايام وبعد اكتساب المزيد من الخبرة في هذا المجال فقد ادرك ساستنا حقا بانه اذا كان من المقرر تسوية الملف النووي الايراني فيجب ان يعود الى مكانه الرئيسي اي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وان تعود اوروبا الى بيتها.

وعلى الرغم من ان هذه السياسة يتم تطبيقها منذ فترة بشكل تدريجي لكنها اصبحت علنية اثناء زيارة المدير العام للوكالة الدولية محمد البرادعي الى طهران ولقائه كبار المسوولين الايرانيين وقد اكد قائد الثورة ورئيس الجمهورية ووزير الخارجية وامين المجلس الاعلى للامن القومي على هذا الموضوع وصرحوا بانهم يعترفون رسميا فقط بالوكالة الدولية في هذا الملف لا اوروبا ولا الاخرين.

واكدوا بانه لو كانت اوروبا ترغب باجراء محادثات مع ايران فان طهران مستعدة باجراء محادثات معها وطبعا مع جميع دول العالم حول "جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك" وليس فقط الملف النووي وهذا يعني اخراج الضيف غير المدعو الذي دخل الساحة بفضل سعد اباد وقدم وعودا فارغة كما اطلق تهديدات وتبني في النهاية قرارات ضد ايران في مجلس الامن الدولي وليت كانت البطاقة الحمراء تشهر قبل هذا بوجه الاوروبيين.