رمز الخبر: ۲۳۰۶
تأريخ النشر: 13:49 - 30 January 2008

دمشق - عصر ایران : في باكورة اعماله على المستوى الاقليمي عقد موقع "عصر ايران" باللغة العربية ندوة سياسية هي الاولى من نوعها منذ انطلاق هذا الموقع في شهر رمضان الماضي للعام 1428 هجري ، وبمتابعة خاصة قام بها الزميل الاستاذ حميد حلمي زادة عضو اسرة تحرير "عصر ايران" خلال تواجده في سورية مطلع العام الميلادي الجديد.وقد تلقت دعوته لعقد الندوة استجابة كريمة من لدن كبار الشخصيات السورية والفلسطينية والايرانية والتونسية الذين ساهم كل واحد منهم في اثراء هذا الملتقى السياسي عبر تقديم تصوراته وتجربته الفكرية والمعرفية على طبق من الاخلاص من اجل تنوير ابناء الامة الاسلامية كافة ووضعهم امام مسؤولياتهم للتفاعل مع التحديات والقضايا التي تستهدف وجودهم ومصائرهم باعتبارهم يمثلون اهم مواقع المقاومة والممانعة في منطقة الشرق الاوسط وذلك في مواجهة مخططات الاستكبار الاميركي – الصهيوني ومعايير الغرب المزدوجة في التعاطي مع حقوقنا ومطالبنا كامة مستهدفة في عقيدتها واستقلالها وسيادتها وثرواتها وموقعها الاستراتيجي في هذه البقعة الحيوية من العالم.

وفي ما يلي تفاصيل الندوة التي شارك فيها وادارها ايضا الزميل حميد حلمي زادة في العاصمة السورية دمشق :

المشارکون فی الندوة :

1- السید میرمسعود حسینیان – القائم باعمال سفارة الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة فی دمشق.
2- الدکتور علی عقلة عرسان – مفکر سوری و الرئیس السابق للاتحاد العام للکتاب والادباء العرب.
3- الداعیة الدکتور الشیخ احمد راجح – من کبار علماء الدین السنة فی سوریة.
4- الاستاذة السیدة مریم خیربک – باحثة اجتماعیة واعلامیة معروفة فی سوریة.
5- الاستاذ حمیدی العبدالله – مفکر استراتیجی سوری.
6- الاستاد جواد عقل – من قیادات الجبهة الشعبیة لتحریر فلسطین ورئیس تحریر مجلة الهدف.
7- الدکتور جمیل الحمو – رئیس تحریر اسبوعیة "اسرار الشرق الاوسط" من سوریة
8- الاستاذ علی بدوان – باحث و مؤلف و الناطق الاعلامی سابقا للجبهة الدیمقراطیة لتحریر فلسطین
9- الدکتور الشیخ نبیل حلباوی- اکادیمی و مفکر اسلامی سوری و امام جمعة مقام السیدة رقیة (ع) فی دمشق
10- الدکتور عزت السید احمد- باحث سوری و استاذ الفلسفة فی جامعة تشرین فی محافظة اللاذقیة
11- الدکتور عبدالکریم الشبلی- باحث و اکادیمی اسلامی من تونس

 

کلمة افتتاح الندوة
اعداد والقاء، مدیر الندوة : حميد حلمي زادة

كان العام ۲۰۰۷ الفائت مسرحا للكثير من الاحداث الساخنة والتحولات الخطيرة الناتجة عن استحقاقات الاستراتيجية الهيمنية الاميركية والممارسات العدوانية والتحريضية الاسرائيلية في العالمين العربي والاسلامي.

وقد نشأ عن ذلك تداعيات اثقلت كاهل شعوب هذه المنطقة، كما ضربت باطنابها على مجمل السياسات الاقليمية والدولية والعلاقات البينية في الشرق الاوسط وآسيا وافريقيا.
ان مؤتمر انابوليس الذي حرصت الولايات المتحدة وفريق المحافظين الجدد في البيت الابيض والبنتاغون والكونغرس الاميركي على تقدیمه للعالم بمثابة طوق النجاة ومفتاح الخلاص لجميع مشاكل المنطقة وبخاصة (الصراع العربي – الصهيوني) كان مصداقا جليا لضعف وتهاون السياسة الدولية التي تزعم واشنطن بانها تقودها في الوقت الحاضر لارساء الامن والسلام العالميين بل وانه - مؤتمر انابوليس - كشف عن هشاشة دور المجتمع الدولي ايضا من خلال الرباعية، في تطبيق متطلبات السلام العادل والناجز، لا لسبب الا لان الاطراف الغربية «الاميركية والاوروبية» عاقدة العزم منذ البداية على ترجيح كفة الجانب الاسرائيلي المحتل خلافا لكل القرارات والاتفاقيات والمعاهدات الصادرة من قبل منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي والمؤسسات الاخرى المعترف بها عالميا.
فما كاد ان يجف حبر البيان الختامي ل«انابوليس» حتى عمدت اسرائيل الى اطلاق حملة توسيع المستوطنات الصهيونية في مدينة القدس الشريف وبالتحديد في "جبل ابو غنيم" الواقع في قسمها الشرقي معلنة بصراحة امام الرأي العام العالمي والشرعية الدولية انها غير ملزمة بأية اتفاقية او معاهدة او وثيقة تعطي ابسط الحقوق للشعب الفلسطيني صاحب الارض الاصلي والخاضع للاحتلال والابادة والقهر والتشريد والترويع منذ اكثر من ۸۰ عاما.

وبالرغم من الانتهاكات والخروقات التي ترتكبها اسرائيل لحقوق الانسان الفلسطيني، والتزام الغرب المتصهين جانب الصمت المطبق والمخزي ازاء مظلوميته وعذاباته، والتصفيات الجسدية اليومية التي تطاول ابناءه في قطاع غزة والضفة الغربية ومناطق ۱۹۴۸، مثلما هو صمته المشين امام الممارسات الارهابية والتعسفية الصهيونية ضد اهلنا واشقائنا في الجولان السوري المحتل، واللبنانيين الذين يقاومون الاحتلال واعتداءاته المتكررة على ارضهم وسمائهم ومياههم، انه بالرغم من كل هذه الفظائع الاسرائيلية، فاننا نرى ان اطرافا غربية مثل كندا ومن لف حولها تتعامى كليا عن هذه الفضائح الصارخة التي لا تغيب لحظة عن مرأى ومسمع الرأي العالمي لتبادر الى القيام بحملة تشهير مغرضة وهي استصدار قرار في الجمعية العامة للامم المتحدة تتهم فيه الجمهورية الاسلامية الايرانية بانتهاك حقوق الانسان.

وبهذا يتضح ان المعسكر الغربي قد قسم الوظائف والمهمات بين اعضائه لتكريس حالة خطيرة من الفوضى والتوتر والتدهور تحقيقا لمآربه الاستغلالية والتوسعية، وحوّل «الشرعية الدولية» الى سيف مصلت على رقاب اصحاب الحقوق المشروعة والتطلعات العادلة، في حين ان هذا التحالف لا يتورع عن اعتماد ازدواجية المعايير وصولا الى التغطية على الجرائم الوحشية والمجازر المتلاحقة لاسرائيل الغاصبة صباح مساء، معتبرا ذلك دفاعا عن النفس ومطلبا «حضاريا» لحماية الديمقراطية المتميزة والنموذجية للكيان الصهيوني، رغم انه لا ينفك يفتك بالحياة البريئة والمعيشة المقرفة لابناء فلسطين وغيرهم في الجولان ولبنان فضلا عن دوره الدفين في ثنايا الاحتلال الاميركي - الغربي للعراق وافغانستان ومساهماته اللوجستية والاستخبارية في التحركات الاستكبارية الاميركية الاخرى في انحاء العالم.

اننا - اذا - ونحن نلج العام ۲۰۰۸ امام تناقضات دولية متزايدة متسلسلة في تفاصيلها.

* تناقضات تساوي بين الضحية والجلاد بل وتدين الضحية.

* تبارك لاطراف امتلاك ترسانات عسكرية عدوانية ضخمة ومنها الاسلحة النووية مثل اسرائيل وتستكثر على طرف مثل ايران امتلاكها التسلح الدفاعي المصنوع محليا، او توصلها الى التكنولوجيا النووية للاغراض السلمية والتنموية.

* تعلن وبصراحة سعيها للسيطرة والتحكم على البلاد العربية والاسلامية وشعوبها وخيراتها ومصادر ثرواتها بل وعلى سيادتها واستقلالها في حين انها تسمي المقاومين الرافضين لهذه اللغة الهمجية «ارهابيين» المقاومة الاسلامية والوطنية في فلسطين ولبنان والعراق: نموذجا.

* تسعى لفرض اطروحاتها ومشاريعها لتغيير خارطة العالم ولاسيما الشرق الاوسط ولا تخجل من استخدام نظرية "الفوضى الخلاقة" وتطبيق تفاصيلها بالاجبار على الجميع وتعتبر ابادة ملايين البشر ضرورة طبيعية للوصول الى اهدافها «الحضارية».

* تزرع التطرف والفتن الطائفية والقومية والطائفية بين ابناء العالم الاسلامي لتضرب بعضهم ببعض من اجل ان تظهر الاسلام والمسلمين والعرب عبر شركات التلفزة العالمية ووسائل اعلامها الضخمة: كم ان هؤلاء الناس في هذه المنطقة بدائيون ومتخلفون ودمويون وليسوا بمستوى القيم الحضارية التي نعتنقها نحن.

* لا تخجل قيد انملة من نهب مصادر الطاقة كالنفط والغاز ولا تتورع عن اية عملية قذرة وقاسية وقهرية للاستيلاء على هذه المصادر التي تزخر بها اراضي العرب
والمسلمين ومياههم وسواحلهم وتعتبر ذلك حقا طبيعيا لها باعتبارها القوة الاعظم والاوحد في الكرة الارضية.

* تستخدم الهيئات الدولية والمؤسسات العالمية وفي مقدمتها منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن لاصدار قرارات ملزمة على دول معينة وغير ملزمة او لا تصدرها اصلا ضد نفسها او ضد اسرائيل على الرغم من ان القانون الدولي وضع من اجل تكريس التوازن والتكافؤ و ارساء الامن والسلم في ارجاء المعمورة.

حقا اننا نقف امام معايير مزدوجة لا يمكن ان يتحملها الضمير الانساني الحر بل لا تطيقها الخلائق والكائنات فما بالك بخالقها وبارئها «تعالى الله الملك الحق عما يصفون».

ولا شك بان هذه التحديات الخطيرة تضعنا امام مسؤوليات عظمى توجب علينا ان نكون نحن الشعوب وبخاصة ابناء هذه المنطقة بمستوى المواجهة والتأهب لمقارعة لغة العربدة والاستكبار والمعايير المزدوجة واستباحة المقدسات العقائدية والدينية، وكذلك لمكافحة التهديات التي تنطوي عليها الاهداف الاستراتيجية والجيوسياسية للتحالف «الاميركي - الاوروبي - الصهيوني» الذي دشن القرن الحادي والعشرين بحملات حربية وعسكرية غاشمة فرضت علينا جميعا نتائج واستحقاقات لم يكن لنا اي دخل في خلقها او ايجادها ولم نستشر قط في تنفيذ بنودها لا من قريب ولا من بعيد.

انها مشاريع الجور والعسف والاستعباد والاذلال التي يسعى الاستكبار العالمي لفرضها علينا طوعا او كرها، فهل رسمت الامة العربية والاسلامية من المغرب الى ماليزيا لنفسها استراتيجية التصدي والمقاومة بوجه هذا الزحف الظالم الذي قام حتى الان باحتلال فلسطين والجولان السوري ولبنان والعراق وافغانستان؟

وها هو ينشر دروعه الصاروخية في اوروبا ويحاول اقناع بعض ابناء جلدتنا وجيراننا لانشاء مظلات صاروخية في الخلیج الفارسی وبحارنا ويسعى لتحويل افريقيا الى مأساة تراجيدية مجددا لا لذنب الا لان ابناء القارة السوداء والفقراء والمعدمين بجثمون على بحيرات من الذهب الاسود والكنوز الوفيرة، ولهذا فان عليهم ان يعاقبوا بالموت والتشرد والتقاتل فيما بينهم.

انه سؤال يستحق الاهتمام البالغ، وهو برسم العالم العربي والاسلامي وبرسم السادة والسیدات المحترمین الحاضرین فی هذه الندوة للاجابة علیه ونحن فی مطلع عام ۲۰۰۸ المكهرب والملغوم فعلا ومنذ البداية؟

 

مداخلة السید میر مسعود حسینیان

بسم الله الرحمن الرحیم
ایها السادة والسیدات الکرام
السلام علیکم و رحمة الله وبرکاته
من وحی عنوان هذه الندوة السیاسیة وبحضور هذا الجمع الکریم من العلماء والمفکرین والمناضلین والمثقفین المحترمین اجد من الضروری التاکید علی محور هو الاهم یوضع ای استراتیجیة من اجل مواجهة تحدیات الاستکبار العالمی وتقویض مشاریعه مؤامراته ومعاییره المزدوجة .

ان هذا المحور هو الاتحاد والتلاحم والانسجام الاسلامی والعربی مثلما دعا سماحة القائد الامام الخامنئی دام ظله الذی حدد الحد الادنی للتفاهم وتقبل احدنا الاخر بالانسجام .

فالانسجام هو مفتاح الوحدة والتعاضد لاحقا وبالتالی تشکیل الصف المتحد القادر علی تحطیم وصد تحرکات الاستکبار العالمی بزعامة امیرکا الطاغیة.

ایها الحضور الکرام فی هذه الندوة المبارکة التی بدانا بها عامنا الجدید 2008 لاشک بان امیرکا والغرب المتصهین واسرائیل الغاصبة لفلسطین والقدس الشریف والجولان السوری وغیرها من اراضی العرب والمسلمین سیحاولون جمیعا فی عام الفین وثمانیة ان یلقوا بثقلهم الاکبر لحسم کل الازمات التی اشعلوها في العام الفائت في العالم الإسلامي لحسمها لصالحهم ولخدمة مشاريعهم التسلطية والاستغلالية من هنا فإنني اعتقد بلزوم أن تكون استراتيجية قوى الممانعة مستندة اولا وأخيراً إلى كل العوامل والمكونات التي تعزز وحدة الصف ووحدة الموقف ووحدة الكلمة وهو ما سيحقق نتائج باهرة على مستوى المجابهة للتحديات والتهديدات والمخاطر الإستكبارية الظالمة إن شاء الله قال تعالى: إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص. صدق الله العلي العظيم


مداخلة الدکتور علي عقلة عرسان

الحياة مقاومة، مقاومة للموت مقاومة للضعف مقاومة لكل ما يهدد الوجود الانساني وما يهدد صلاح الانسان وسلامه ومصالحه، والمقاومة فعل اعتراض أحياناً وفعل دفاع في كثير من الأحيان، عندما يتعرض الإنسان لعدوان لإرهاب أو لاحتلال، لما يعرض حياته أو أهله أو بيته أو مقدساته للخطر، وهي فعل اعتراض وتحرير عندما يكون هناك ظلم وطغيان واستبداد وعلاقات مريضة في مجتمع يؤول إلى نوع من التآكل أو الانحلال أو الفتن أو يدخل في دائرة الفتن، والمقاومة واجب وفرض على من يحتل وطنه ويساء إلى عقيدته وتعرض مقدساته ومصالحه وحياته لأخطار، ومقاومة الاحتلال بالذات تكاد تكون فرض عين لأنها تمس بالنتيجة حياة الناس، صحيح أنها فرض على القادرين ولكن القادر على القتال مطالب بهذا الفعل والقادر على تمويله مطالب بهذا والقادر على الصبر مطالب بهذا، فكلنا في هذا الإطار نتعرض لأشكال مختلفة لشكل من الاضطهاد ونقوم بشكل من المقاومة.

أريد أن أفرق تفريقاً جوهرياً وجذرياً بين المقاومة والإرهاب لأدعو إلى مناصرة المقاومة واعتمادها والوقوف في وجه الإرهاب وفضحه، أبدأ بالآية الكريمة التي أحياناً يستغلها أعداء الأمة أو من لايفهمون الدين فهماً صحيحاً لكي يسبغوا على المقاومة نوعاً من الإرهاب، تقول الآية الكريمة: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) ومن الواضح ان رباط الخيل اليوم بمعنى الصواريخ والطائرات وقوى حديثة وكل أدوات الدفاع، والإرهاب هنا (ترهبون به عدو الله) أي تخوفونه وتردعونه عن ممارسة العدوان وأن تهيئوا له قوة ليحسب حسابها ويدخل في عمليات حسابية دقيقة من حيث العدد والعدة والأعتدة وكل سبل المواجهة، لكي يوازن، فهي عبارة عن عملية ميزان ردع قبل أن تدخل في هذا، والإسلام صريح حينما يقول (فإذا اعتدوا عليكم فاعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا عليكم) فالإرهاب هنا تخويف ردع، إيجاد قواعد وموازين، وليس هو تربية اسلامية على الإرهاب كما اراد بعض الغربيین والصهاينة بمجملهم وبعض العرب وبعض المسلمين أن يطلقوا على مقاومتنا ودفاعنا وتصدينا.


من هذا المنطلق أقول إن المقاومة كمصطلح عصري تتفاعل وتتداخل مع مفهوم الجهاد لأن الجهاد في الأصل هو بذل جهد يكبر ويزداد ويشتد في الدفاع وأيضاً في إحقاق الحق ونصرة المظلوم وإقامة العدل، وكل ما يدعو إليه في هذه الحالة هو بذل الجهد من أجل العدل سواء بالتضحية بالنفس أو بذل مجهود عال لإحقاق الحق وإقامة العدل.

لقد اجتهد صهيوني من أسوأ العناصر التي استمعت إليها أو قرأت لها وهو شخص يدعى دانيال بايتس يعمل مؤخراً مستشاراً في غرفة الشر في البيت الأبيض للرئيس جورج بوش الابن وقد حاول أن يحرف النداءات المختلفة التي أطلقت مؤخراً لمقاومة الارهاب واتهام الإسلام بالارهاب وكل هذه المنظومة من المصطلحات المفاهيم والأقوال ليذهب مباشرة إلى القرآن والجهاد ويقول: "الجهاد إرهاب والقرآن يعلم الإرهاب والإسلام يقوم على الإرهاب"، ان هذه العناصر تحتاج منا وتتطلب منا نوع من المقاومة الثقافية لأن المقاومة بالوعي هي أيضا للمواجهة، اما الممانعة فانها متصلة بدول وقوى ترفض الخضوع لشروط العدو ومطالبه وتحاول أن تدعم المقاومة ليبقى هناك جهد نضالي من جهة وترفض الانصياع لأنها كدول تأبى أن تتنازل عن حقوقها ولا تستطيع أن تقوم بالحرب لأنها لا تملك ميزان قوى واجب ولذلك هي تمانع السقوط وتمانع في مجال التنازلات والتفريط وتدعم المقاومة وتبقى غير مقرة بالهزيمة فهي تمانع في هذا المجال وهي تعد قدر ما تستطيع.

انتقل إلى جانب التحديات بإيجاز لأقول إن التحدي الأكبر، وأنا أحصيت حوالي 22 تحديا وأريد أن أتوقف عند بعضها بذكر العنوان وليس الدخول بالتفاصيل، والتحدي الأول هو تحدي الاحتلال، الاحتلال القادم وما يفرضه من مناخ وما يقوم به من فعل تدميري وقتل وإبادة للإرادة وإفساد للناس ونشر للفوضى التي يسميها "الفوضى البناءة" ولايمكن للفوضى أن تكون بناءة إلا في عقل مخرب مثل عقل جورج دبليو بوش.

وما خلقه الاحتلال وأراد أن يجدد فيه رسيساً عربياً إسلامياً قديماً بإحياء الفتن على أرضية مذهبية أو طائفية أو قومية أو فتن أقليات لكي يشيع هناك حرب بالوكالة وهو يمد كل الأطراف بالمال والسلاح والأدوات لكي يتقاتلوا وهو يربح ويحقق أهدافه بشكل عام، وأراد أن تبدأ الفتنة من العراق وتنتشر في أنحاء الوطن العربي وفتنة بين الشيعة والسنة وأراد أن يغذي هذا وجعل بعض المنساقين في هذا الاتجاه يدخلون دائرة النار.

وأريد أن أوجه شكر بهذه المناسبة للوعي والحكمة والمبادرة والتصرف التي بدأت من شخصين بعد أن مهد العدو الأمريكي الصهيوني والأوروبي خلفية له لتحقيق أرضية بين من سماهم تحالف المعتدلين ومحور المتطرفين لكي يدخلوا في الفتنة وأسس رباعية للمعتدلين وقامت على أقوال منها "الهلال الشيعي" وكل ما نتج عن ذلك، وأربعة دول بدأت رايس تجتمع مع وزارء خارجيتها ومسؤولي الأمن فيها، وهذه القضية مهمة لأن الاجتماع مع رؤساء الأمن في أربع دول يعني التخطيط لحرب وعدوان وليس لعمل سياسي في هذا الإطار وأيضاً في الطرف الآخر وضعوا محور المتطرفين إيران وسوريا وقوى المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق وكل من يقاوم الاحتلال، وأرادوا أن تبدأ الفتنة وارتفعت بعض نيرانها في العراق لتنتشر في الوطن العربي والعالم الإسلامي فكان لمبادرة الرئیس الایرانی السید محمود أحمدي نجاد بزيارة الملك عبدالله في السعودية جهدا لإطفاء هذه النار والاتفاق على ألا يستجيبوا لداء الفتنة وأن يخمدوها وليبقوا على الخلافات لكن دون اللجوء إلى فتنة سنية شيعية لا تبقي ولا تذر، وفعلاً تراجعت الفتنة.

وأيضاً مبادرة الرئيس أحمدي نجاد في حضور اجتماع مجلس التعاون فی الدوحة وطرح برنامج إيجابي سلمي يتضمن مبادرات تعاون وهذه المبادرات نحتاج إلى مزيد منها لكي نطفئ النار ولكي نمتص ما يؤسس للفتنة ونسحب البساط من تحت أرجل الأعداء العنصريين الصهاينة.

وأريد أن أؤكد هنا أن الأمريكي عدو، وأن الصهيونية تنفذ ما تشاء بالقوة الأمريكية وأن هناك عرباً من الرسميين وبعض المثقفين وبعض الأوساط الأخرى ربطت مصيرها بالأمريكي والصهيوني والمحتل وببرنامجه ولكنها لاتشكل القوة الرئيسة في الوطن العربي ولا تشكل مستقبل الوطن العربي ،وأريد أن أشير إلى الهوة الموجودة في النظرة الأمريكية الصهيونية بين الرسميين العرب والشعب العربي في مجمله، ولا أقول كل الشعب العربي لأن هناك للأسف من أنساق لهذه الفتن.

نحن أمام واقع يراد لنا من خلال جهل ومن خلال عمل إعلامي وعمل ثقافي وعمل سياسي أن نتورط فيما يضعفنا ويجعلنا نتصادم أو ألا نلتقي أو على الأقل ألا نحقق الانسجام والتوافق والتعاون، وبمجرد عدم حصول هذا المطلب الأخير فهو انتصار للعدو، لأن عدوا يحتل أرضك ويلاحقك ويحاصرك ويريد إنهاكك وأنت تبكي على الفرقة يعني هذا أنك تخدمه سواء شئت أم لم تشأ، نحن أمام واقع يستدعي النظر بوعي وحكمة وحرص، إلى أننا جميعاً مستهدفون بشكل أو بآخر، وطننا يستهدف وهويتنا القومية والوطنية تستهدف ومصالحنا مستهدفة ومقدساتنا مستهدفة وقد أسس لمناطق يسود فيها الخلاف، والاختلاف في غزة وفي الشارع الفلسطيني أسسوا لمثل هذا وهناك جنرالان مكلفان لإحداث هذه الفتنة هما "فيت دايتون" و"جمس جونز" لكي يهيئا قوة وتدريب وإرادة ويشعلا النار.

نحن أيضا أمام بؤرة في لبنان يراد منها تجريد المقاومة من سلاحها وتحويلها إلى حزب سياسي ومن ثم فتح الطريق بين لبنان والعدو الصهيوني لمصالحة وتطبيع وتعاون، نحن والأخطر من ذلك أمام توجه عربي يعمل للقضاء على المقاومة لأن قمة بيروت التي أُكد عليها في قمة الرياض تقبل بالتطبيع والاعتراف وتوفيرالأمن للدولة الصهيونية إذا انسحبت حتى حدود الرابع من حزيران ويقيم معها علاقات تامة، إذن هو يتنازل عن 76% من فلسطين ويقدم اعترافاً عربياً واسلامياً شاملاً وينسى القضية.

وجاء في مؤتمر "أنابوليس" مطلب أن على الفلسطينيين تخفيض سقف مطالبهم لكي يحققوا يهودية الدولة التي تجبَ (تلغی) حق العودة وتسمح بتسفير جديد من داخل فلسطين إلى خارجها لكي يتحقق صفاء أو نقاء المجتمع الصهيوني وهذه قضية خطرة إلى أبعد الحدود ثم إننا شئنا أم أبينا نجد أنفسنا بمواجهة رسميين عرب اعترفوا بإسرائيل، ومقاومة تضع حداً لمطالبها يقف عند 4 حزيران 67 في حالات ويتجاوزها في حالات، وأمام تهديد للمقاومة كوجود لأن قمة الرياض وبيروت تنهي المقاومة عملياً أي كل القضية، وتدفع للفلسطينيين قروشاً بدلاً من وطن ولا أحد يبيع وطناً لقاء قروش، نحن أمام محنة وامتحان، سنجد في يوم من الأيام لا سمح الله أن المقاومة لا تجد أرضاً عربية تنطلق منها أو تلجأ إليها، ولذلك علينا منذ الآن أن نعمل على فتح قلوبنا ونفتح بيوتنا للمقاومة سواء كانت سرية أو علنية، ونستعد لمقاومة سرية قادمة لأنه لا يمكن التعايش مع الكيان الصهيوني والمشروع الصهيوني الذي يناقض أي مشروع عربي أو إسلامي تناقضا تاما، ووراء المشروع الصهيوني مشروع امريكي ووراءهما الحلف الأطلسي، أوروبا عملياً تقاتل إلى جانب الولايات المتحدة في الخلفيات ومن أسوأ ما يمكن أن الوسيط أو المفاوض الذي يرسلونه أو الذي يأتي إلينا باسم امريكا هو يهودي، لا خطط حتى تصالحنا مع عدونا يتم على يدي عدونا ذاته.

امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية وازدواجية المعايير، نحن نستغبي أنفسنا عندما نركز على قضية المعايير، هم يقولون نحن هكذا، نحن لانقبلكم، ولن يغير هذه المعادلة امتلاك القوة بالمعنى الشامل للقوة، من الصناعة المدنية إلى الصناعات العسكرية بما في ذلك السلاح النووي، نحن لانريد السلاح النووي ولكن توازن الرعب يستدعي ذلك، اسرائيل تملك منذ عام 1956مفاعلات نووية وتملك أسلحة نووية ولكن القضية التي تواجه بها إيران تحت مسمى مقاومة انتشار أسلحة الدمار الشامل، هي عملياً ليست كذلك، يجب أن نغير المصطلح ونتنبه له، هم يعملون على احتكار أسلحة الدمار الشامل وعدم تمكين من يصنفونهم أعداء لامتلاك هذا سواء للأغراض السلمية أو للأغراض غير السلمية، وإلا ما معنى أن تبقى إسرائيل في حالة تطوير لأسلحتها؟ ما معنى أن يقدموا للهند إمكانيات لتطور أسلحة نووية؟ ما معنى أن يتصالحوا مع كوريا على نمط من الأنماط؟ ما معنى أن تطور الولايات المتحدة الأمريكية برنامجها النووي؟ ما معنى أن تستيقظ روسيا فلادیمیر بوتين على ضرورة أن تواجه في هذا المجال وتطور إمكانيات؟ ، القضية هي قضية احتكار لسلاح معين وطاقة معينة وليست قضية وقف انتشار لأنه في حال وقف الانتشار يجب أن يتوقفوا عن التطوير والإنتاج ويبدأوا بعملية التصفية لما يملكون وهذا مالا يفعلون والأدلة واضحة ولن نملك هذا إلا بالإصرار وبتوظيف قوى وطاقات وبالتكاتف، والمقاومة لن تصمد إلا بدرع بشري وراءها وقوة مالية وتضحية.

ومن ثم لا بد من اعتماد استراتيجية تقوم على أمرين متداخلين عضوياً العلم والعمل بكل اطاراته وتقنياته وتطبيقاته وتطويره نظريا وعمليا لكي نملك ما يملكون ونطور مايميزنا، العمل بدون الإيمان لا يجدي، فلا توجد عندئذ تضحية ولا يوجد من يحمل ثقل تحرير وطن ودعم مقاومة وتحرير إنسان ووعي معرفي ومقاومة للجهل، والإيمان بالله والوطن والحق والقضية، ولا يمكننا في الحقيقة أن نتجرد، ان عدونا الصهيوني يريد أن يقيم دولة يهودية دينية في القرن الواحد والعشرين ونحن نستحي من إسلامنا، عدونا الصهيوني يحي لغة ميتة ويجعلها لغة علم ونحن نميت لغتنا العربية ونقول إنها لغة غير صالحة، علينا مراجعة أنفسنا مراجعة جهورية ولا تؤثر على تقدميتنا ولا على نضالنا ؟ ، مالذي يجعلنا نضع العروبة مقابل الإسلام فنضعف العروبة والإسلام معاً؟ ، ما الذي يجعل فريق من العرب رسمي وغير رسمي يفتح صفحة مواجهة مع إيران للاقتتال وهذا لايفيد أحد؟!

مداخلة الداعیة الشيخ الدكتور أحمد راجح

بعدما تفضل الأخ المحاضر في بيان الواقع العربي والإسلامي في هذه المرحلة من مراحل الحياة نجد أن كل ما قيل هو بيان وتوضيح لواقع ملموس، الكبار والصغار والمسؤولون وغيرهم من أبناء الشعب كلهم يحسون بهذا الواقع دون غموض ولكن عندما نريد أن نبحث عن الحل والدواء لهذا الواقع الذي نحن فيه نجد أنفسنا فقراء أمام ما يملك الأعداء، أمام ما هم يخططون له هم في الليل والنهار في كل المجالات، يخططون سياسياً واجتماعياً وعسكرياً وعلمياً ويستخدمون الإيجاب والسلب من أجل إنهاء هذه الأمة واستغلال كل ما تملك من خيرات ومن عطاءات، هنا نقول نحن كمسلمين وأنا كرجل داعية أقول نحن نستطيع أن نستفيد من الإسلام كعقيدة والإسلام كتشريع ونستفيد من التاريخ الإسلامي، أحد الأمريكيين قال لقد استطاع محمد(ص) أن يحقق في مدى 23 سنة امرا عظیما، وليس بالمعجزات وإنما بالجهد والعمل والتخطيط والنظام، أن يحقق عقيدة ولاتزال هذه العقيدة ثابتة وفرعها في السماء، ولا زالت قائمة وهي عقيدة التوحيد، واستطاع أن يؤسس مجتمعا على أساس هذه العقيدة كان الأمير والمواطن العادي، الكبير والصغير جميعهم تحت القانون وليس هناك من أحد فوق القانون، عمر يقف على المنبر وامرأة ترد عليه حينما ذكر موضوع المهور وخضع الرجل للقانون وقال: أصابت امرأة وأخطأ عمر، هذه الحقيقة تدعونا أن ننظر في هذا التراث الذي عندنا، ولكنهم يقولون بأننا عظاميين أي نفتخر بالعظماء، وفي الحقيقة يجب أن نكون عصاميين (أي نعتمد على أنفسنا) وأن نفكر بالواقع الذي نحن فيه، يجب أن نتعلم تقدير الموقف، فنعرف ماذا يملك عدونا عندها يجب علينا أن نعد أنفسنا لنملك مثله، فإذا كان يملك سلاح فيجب أن نملك سلاحا، وإذا كان يملك المال فيجب أن نملك المال، وإذا كان يملك العلم والفكر فيجب علينا أن نملك العلم والفكر.

ان عدونا استخدم قضية الدين في المعركة، فكل إنسان يهودي في العالم الآن هو مرتبط مع إسرائيل عن طريق العقيدة المزيفة التي يؤمنون بها ولاسيما مقولة أرض الميعاد، في الوقت الذي يضعف فيه بعضنا عن التمسك بعقيدتنا الحقة، وحينما نخطط لبناء مقاومة فيجب أن يكون هناك في الحقيقة مدى واسع وصبر وتحمل.

نحن نفتقد في مجتمعاتنا إن كانت السياسية والقيادية أو الشعبية، نفتقد مايسمى التفاعل مع الواقع ويمكن أن نبكي لمشاهدة منظر مؤثر ونحوقل قائلين "لا حول ولاقوة" ولكن هذا لا يحل المشكلة وفي الحقيقة القضية تحتاج إلى دماء وإلى حقائق علمية، والبكاء لن يفيدنا والخطب لن تفيدنا، إذا أردنا أن نبحث عن حقيقة فالحقيقة هي أن يتفاعل هذا الشعب مع القيادات المخلصة وهي المقاومة، ولايمكن أن نجد عذراً للمتقاعسين من القادة وعليهم أن يكونوا على مستوى القضية، وهناك كلمة لنابليون يقول لا يوجد جنود من الصالحين ولكن توجد قيادة صالحة، ولذلك علينا أن نعمل من أجل أن نوجد هذه القيادة التي تحرك هذه الشعوب لا بخطابات ولا بتخديرولا بكلام .

الآن مشكلتنا في الدين بالذات أننا أصبحنا موزعين بين من يقول هذا حلال وآخر يقول بالتحريم، وحقائق الشريعة ضاعت من خلال ذلك، والقضية تحتاج بالمرحلة الأولى إلى الإيمان وكيف نوجد هذا الإيمان، الإيمان ليس كلاماً بل حقيقة يؤمن بها الإنسان ولا بد من أن نستشهد بتاريخنا، فالصحابي كان يذهب للمعركة وهو يقول اللهم لا تردني إلى أهلي خائباً، وكما قيل اطلب الموت توهب لك الحياة، ويقول الرسول(ص) يوشك أن تتداعى عليكم الأمم، ألم تتداعى علينا الأمم؟ والكفر كله ملة واحدة والله يقول (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) ويقول عن هؤلاء الناس (ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم)، ويقول: (ولا تؤمنوا إلا لمن اتبع دينكم) هذه الحقائق يجب أن نضعها في الميزان، ولكننا وللأسف نذهب إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة ونطلب من جورج بوش أو من تونی بلير ونطلب من فلان أن ينصرنا!! هذا في الواقع مخالف للعقل ومخالف للفكر ومخالف للإنسانية أن تأتي للعدو لتستنصر به.

ان المقاومة في لبنان تحد والمقاومة في العراق تحد والمقاومة حماس في فلسطين تحد، وكانت المقاومة منذ بداية العشرينات في القرن الماضي، وكان قادة عظماء كالشيخ أحمد ياسين الذي كان يتكلم وهو مقعد على كرسيه وكانت كلماته كالصواريخ، وحرك النفوس وحرك القلوب وثار الشباب واستشهد من أجل وطنه، هذا التحدي مطلوب، لتغیير وجه المجتمع الذي نراه في عاداتنا وفي تقاليدنا، في أفراحنا وأتراحنا وفي مساجدنا تمتلئ بالمصلين من الشباب ولكن هل هناك التزام حقيقي؟، ليس الالتزام أن تدفع شیئا ولكن الالتزام أن تدفع مبدأ، وعلى الدعاة أن یکونوا بمستوی التحدي، وأن يبرزوا الصورة المشرقة في تاريخنا، وأن نفهم قول الله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) تلك المبادئ وذلك المنهج الإلهي لأستاذية محمد رسول الله(ص)، وعلينا أن نجرب الإسلام في قيادة الحياة بعد أن جربنا كل شيء، ولكن أي إسلام؟ لا الإسلام الممزق المفرق الضعيف، يجب أن نفهم المنهج من كل ما فيه وليس الجانب التعبدي فقط، وكيف استطاع محمد (ص)هذا الرسول أن يحقق هذا المنهج في المجتمع وأن يقود هذا المجتمع.
نحتاج أيضاً إلى الصبر والتحمل وإلى البذل، وما بالنا وقد أصبح عدد المسلمين 320 مليون ولننظر إلى عدد الحجيج الذي بلغ 3 مليون، هؤلاء لو تحركوا بعقيدة ويقين لن يستطيع أحد أن يقف في وجه طلبهم للحق، ولكن أفرغ الحج من مضمونه واقتصر على الطقوس، والمشكلة لا تحل بالكلام وعلينا نحن العلماء أن نبين الحقيقة، فالعالم ينظّر والحاكم ينفذ.

مداخلة الباحثة الاستاذة مريم خير بك

عندما تحدث الدكتور علي عقلة عرسان عن المقاومة فكأنه حاكى ما بداخلي عن المقاومة من حيث هي فعل أو رد فعل على فعل سابق كالطغيان والاستبداد، وفهم المقاومة هذا قد يأتي من فرد وقد يأتي من سلطة وقد يأتي من حفنة أو من تجمع أفراد وهو في كل الأحوال سعي إلى الحرية وسعي لرد الطغيان، وبقدر ما اتسعت أشكال الطغيان في هذا العصر عصر العولمة بقدر ما تعددت أشكال المقاومة، التي علينا دائماً أن نربيها في نفوس الصغار، فهي قبل كل شيء خلق وهي إرادة يجب أن تربى منذ الطفولة لنصل بالإنسان إلى رفض أي شكل من أشكال الهيمنة والطغيان والاستبداد كي نحافظ على أوطاننا.

وما إن نتحدث عن المقاومة ومواجهة الاستبداد حتى تتوالى في أذهاننا صور امبراطوريات الطغيان التي لم تخل منها فترة من فترات التاريخ الذي كان مليئاً بالصور البشعة، صور قهر الشعوب، وفي نفس الوقت كان يقابل هذه الصورة صورة الإنسان المقاوم لكل تلك الأشكال المتعددة الطاغية القادمة من الخارج أو من الداخل للمتآمرين عليه، وكان هذا المقاوم يدفع الثمن مرتين مرة حين يحاول المستبد القضاء عليه فيحاول تصفيته من خلال تصفية عناصر المقاومة، ومرة حين يقاوم فيفقد الكثير من الشهداء أثناء المواجهة المباشرة والدفاع عن حق الوجود في وطن حر، ولذلك عندما نتحدث عن أشكال المقاومة، فإننا نتحدث عن مشهد دائم الحضور على مستوى الأفراد وعلى مستوى الدول وفي جميع الأحوال يمكن أن يكون المشهد أقل أو أشد قسوة في زمن عنه في زمن آخر، وأقل أو أكثر امتداداً جغرافياً .

وإذ أقول هذا أستحضر في ذاكرتي زمننا الحاضر الذي شهد ويشهد منذ أكثر من نصف قرن أشرس طغيان تواجهه البشرية لأنه أتى في مرحلة بلغ فيها الإنسان شأواً على مستوى التطور التقني والانحدار الأخلاقي، وكان من يرفع هذا الشعار زعماء العولمة الذين رأوا في العالم قرية صغيرة عن طريق تطورهم العلمي والتكنولوجي ولكنهم وهم يقولون هذا يضعون أيديهم ماسكين بخناق الشعوب في سبيل تحقيق مقصدهم الاستعماري في السيطرة على خيرات هذه الشعوب، وقد نسوا أنهم كمن سبقهم من شذاذ الآفاق في عالم السياسة لن يسيروا في طريق معبدة توصلهم إلى كل ما يريدون ليكون لهم ولهم فقط.

من هنا تململت قوى مقاومة في جميع أنحاء العالم، تقاوم بكافة أشكال المقاومة ضد هذا الفعل الطغياني الصهيوني الأمريكي ولهذه العولمة التي كرست الفقر والدمار وحولت أربعة أخماس العالم عبيداً لخمسه عقود دون النظر أن العولمة المسيحية والإسلامية في تاريخ البشرية كانتا في سبيل بناء عالم إنساني عادل، وليس كما تريده العولمة الصهيونية مجتمعاً لا ِإنسانياً يلون دم القتلى فيه ودموعهم خارطة العالم، إننا ونحن نشهد ما تفعله امريكا والمؤسسات الصهيونية العالمية في الديمقراطية يتأكد لنا أن على الشعوب حزم أمرها ولملمة قواها وأن عليها أن تتسلح بقوة الشهادة وقوة الوقوف في وجه الطغيان وعليها أن تبني نفسها أكثر فأكثر لمواجهة أشرس استعمار واجهه العالم على الكرة الأرضية لأنه يتسارع بامتداده على كافة البقع الجغرافية ذات الخيرات متخذا من الأديان وسيلة لتحقيق مآربه ووضع يده على مقدرات الشعوب بأي شكل من الأشكال اللا إنسانية واللا أخلاقية مهما كلفه الأمر من تعداد بشري تسيل دماءه هدراً.
ان أشكال المقاومة كثيرة ونحن في زمن يستخدم فيه العدو كل أشكال القوة وعلى المقاومة تماماً أن تأخذ بجميع نقاطه لذلك يجب أن نجند جميع قوانا، أن يكون ديننا مصوباً، أن يصل إلى عمق المجتمعات بأخلاقية عالية، وبفعل مقاوم قبل كل شيء يحتاج إلى الأخلاقيات، وهذا ما جعل حزب الله هذه القوة الصغيرة بتعدادها تقف في وجه أعتى قوى وكانت طبعاً معه جميع القوى المناضلة عسكرياً والمناضلة التي دعمته، والمناضلة بالكلمة، كما وجدنا كثير من المفكرين في العالم يقفون إلى جانب هذا القتال، هذه المقاومة استطاعت أن تتغلب على أشرس وأكبر قوة لا أخلاقية مسلحة بأقوى عتاد، لم تكن إسرائيل تحارب بل كانت أمريكا هي التي تقاتل مع هذا انتصرت المقاومة بفعل الأخلاق، انتصرت بفعل الاستعداد التقني والتكتيكي وعلى كافة المستويات، لذلك نحن بحاجة للمقاومة هذه لمکافحة الطغيان الذي يستعمل الكثير من الحيل والخدع ليغطي على الجهلاء في العالم وليموه الحقيقة أمام جميع البشر في العالم، ليقول نحن نظام ديمقراطي، إننا نظام يسعى لسعادة البشرية، وطبعاً من موه عليهم كثيرون ونحن نحتاج إلى كثير من القوة الذهنية وكثير من الإلمام بالقضايا كي نستطيع أن نصل إلى المقاومة الحقيقية وشكراً.

مداخلة الباحث الأستاذ حميدي العبدالله

يتركز عنوان حلقة النقاش على موضوع كيف يمكن لقوى الممانعة مواجهة المخططات العدوانية، والسؤال الذي اعتقد أنه يجب أن يطرح هو كيف يمكن التعرف على استراتيجية العدو الولايات المتحدة وإسرائيل والقوى المتحالفة معها التي سيتبعها في عام 2008 ومن خلال ذلك يمكن أن نتعرف على طريقة الرد الذي يمكن لقوى الممانعة أن تمارسها.

أن الاستراتيجية المعادية الآن في ضوء نتائج المواجهة المستمرة منذ احتلال افغانستان واحتلال العراق إلى الآن افرزت ان مواجهة بين قوى الممانعة وقوى العدو الأمريكي في المنطقة ، لقد حدث تغير في موازين القوى، وهذا التغير في المعادلة القائمة إن على مستوى إضافة إلى تطورات أخرى على المستوى العالمي نتيجة هذه التحولات، تكونت معادلة أرغمت الولايات المتحدة الأمريكية الآن على تغيير بعض أساليب عملها في مواجهة قوى الممانعة، بات واضحاً أن اسلوب الرهان على القوة العسكرية البحتة جدا وصل إلى طريق مسدود وبدل من أن يحقق الانتصارات المرجوة للولايات المتحدة الأمريكية فقد تعثرت الحملة الأمريكية في أفغانستان وكذلك تعثرت في العراق، نشأت أزمة حقيقية داخل الولايات المتحدة على المستوى السياسي، استفادت قوى دولية أخرى من مأزق الولايات المتحدة الأمريكية، حاولت أن تخرج عن أطار الهيمنة والسياسة الأحادية التي حاولت الولايات المتحدة الأمريكية فرضها طيلة حقبة التسعينات وطورت هذه الوسائل بعد مجيء ادارة جورج دبلیو بوش.

الولايات المتحدة الأمريكية حالیا حائرة بين ثلاث استراتيجيات ويجري نقاش داخل الولايات المتحدة من يتابع مراكز البحث الأمريكية يتعرف على هذه الخيارات الثلاثة التي يدور حولها سجال، هناک وجهة نظر تريد الاستمرار في السياسة القديمة وترى أن تلك السياسة فشلت لأنها لم تنفذ بقوى وحزم، وأنها تحتاج إلى قوة عسكرية أضخم ولما حدث التعثر ولتغيرت الظروف وعلينا أن نستخلص الدروس والعبر ونطور هذه الاستراتيجية باتجاه مزيد من القوة والحزم، والولايات تمتلك من الموارد ما يؤهلها لذلك من خلال سيطرتها على موارد عديدة.

النظرية الأخرى تقول أن الفشل في الحملات الأمريكية نتج عن أن هذا الأسلوب لم يعد نافذاً في هذا العصر، والاستراتيجية الأمريكية قامت بوجهها مقاومة من جانب الشعوب في العالم، وأن السير في هذه الطريق سيكلف مزيداً من الخسائروقد كلفتها تلك الحروب 3 تريلیون دولار، بدأ يؤثر على قدرة الولايات المتحدة الأمريكية الاقتصادية مما أتاح الفرصة لقوى اقتصادية وعسكرية وسياسية ناهضة أن تنمو على حساب الولايات المتحدة الأمريكية، والاستمرار في هذه السياسية ستخسر الولايات الأمريكية مزيداً من دورها كدولة امبراطورية، ويقول أصحاب هذه النظرية أن علينا أن نعود إلى السياسة البراغماتية في استخدام القوة الناعمة وأن هذه الاستراتيجية تخدم الولايات المتحدة أكثر.

التيار الآخر يدعو إلى تبني سياسة انتقالية حتى نهاية ولاية جورج دبليو بوش باعتبار أن الفترة المتبقية للرئيس الأمريكي لا تكفي أن تحدث التغيير المطلوب بمستوى العودة إلى ما كانت عليه الاستراتيجية الأمريكية ولذلك يمكن أن يكون عام 2008 هو عام الكفاية.

إذن ماهي المحاور التي ستستخدمها الاستراتيجية الأمريكية خلال العام 2008؟ هناك ثلاث محاور أولها هو التركيز على ضرب قوى الممانعة بعضها ببعض، وبدأ يظهر هذا المحور من خلال التركيز في وسائل الإعلام الأمريكية والصهيونية في إخراج سوريا من معسكر قوى الممانعة وفصل سوريا عن إيران، وجزء من الانفتاح الدولي على سورية يأتي في هذا السياق، ولاشك أن هناك سببا آخر في هذا الانفتاح، وفشل سياسة الحصر والعزل المفروضة على سورية كون سورية قوة فاعلة في المنطقة ولايمكن تجاهل دورها، ويمكن قراءة النتائج المتوقعة نتيجة فصل سورية عن إيران ومعسكر الممانعة، في إضعاف إيران وإضعاف حزب الله، حيث أن سورية لها تأثير على أشكال المقاومة في المنطقة في لبنان والعراق.

المحور الثاني في تلك الاستراتيجية لعام 2008 بعد أن تراجعت احتمالات الاعتماد على القوة العسكرية وخاصة بعد صدور تقرير وكالة الاستخبارات الأمريكية هو إثارة وتعميق الاختلافات والصراعات الداخلية داخل قوى الممانعة ذاتها، في العراق حيث أضحى السنة يقاتلون بعضهم والشيعة يقاتلون بعضهم والسنة والشيعة يتقاتلون فیما بینهم لقد اراح المحتل هذا وحدث تراجع في خسائر المستعمر الأمريكي، وهذا له تأثير في حملة الرئاسة الأمريكية القادمة والرهان في أن تستمر هذه الاستراتيجية، وفي فلسطين استمرار القتال ومنع قیام حكومة وحدة وطنية، الامر الذی خلق حالة أحباط على المستوى الشعبي الفلسطيني والعربي والإسلامي، وبالنسبة للقوى التي تريد أن تدعم القضية الفلسطينية، وهذا الانقسام كان له تأثير كبير على قدرات المقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي .

والمحور الثالث يتم بإثارة الفتنة فهناك تركيز شديد في وسائل الإعلام الاستكبارية والإعلام الموالي لها في الوطن العربي للتشديد على إقامة النعرات السنية والشيعية والتركيز على خطر مزعوم هو خطر إيران في حين أن إيران تقوم بدعم المقاومة، وأن الخطر القائم الموجود هو الخطر الإسرائيلي والأمريكي والقواعد الحربية الأمريكية المتواجدة في المنطقة والقصد من ذلك خلق عدو وهمي يدفع حكام العرب للتحالف مع الولايات المتحدة من أجل مواجهة هذا الخطر المزعوم.
هذه هي ملامح الاستراتيجية التي تتبعها الولايات المتحدة في هذه الفترة والسؤال المطروح الآن هو كيفية مواجهة هذه الاستراتيجية؟ وقد أشار الدكتور علي عقلة عرسان قبل قليل إلى الخطوات اللازمة وأشار إلى الدور الايجابي الذي اتبعه الرئيس أحمدي نجاد في هذا المجال وأشير أيضا إلى الجهود الخيرة التي بذلتها شخصيات إسلامية ولعبت دور كبير أيضاً في احتواء هذا الخطر وهذه الفتنة ولكن لايمكن القول أنه وصلنا إلى مرحلة يمكن أن ترسى فيها وحدة بين الأطراف يركن إليها ويعتد بها.

فهل يمكن إنجاز الوحدة على المستوى الفلسطيني بين فتح وحماس؟ هذه مشكلة حقيقية ولانستطيع القول بأن الصراع هو صراع عبثي أو أنه صراع على السلطة ولكنه في جزء هام منه صراع على خيارات سياسية تقف وراء هذا الصراع، ويجب إيجاد تسوية للخيارات السياسية للوصول إلى الوحدة الوطنية الحقيقية.

وهل يمكن الوصول إلى الوحدة الوطنية في العراق في وجه معسكر العدو في وقت توجد فيه قوى تتحالف مع الاحتلال؟ هذا تحد كبير يواجه قوى المقاومة في عام 2008 وإذا كانت قوى الممانعة تريد أن تهزم الاحتلال وتهزم الاستراتيجية الأمريكية فلابد من الوحدة ولكي تكون الوحدة صلبة يجب أن تكون حقيقية وقائمة على برنامج واضح قادر على تحقيق النصر ودحر الاحتلال بإرادة وطنية حقيقية، واذا استمرت الخلافات السياسية على هذا الشكل بمعنى وجود قوى تقف إلى جانب الاحتلال تتبنى تصورات سياسية غير واضحة على صعيد حل المشكلات المطروحة فأنا أعتقد أنه لا يمكن الوصول للوحدة في هذه الحالة وسوف تبقى هناك ثغرات يستفيد منها العدو، ولا يمكن أن تنتصر قوى العدوان في أية حالة على قوى الممانعة حسب منطق التاريخ ولكن مسيرة النضال ستكون فترة أطول والمعاناة ستكون أكبر فلا بد من إقامة حوار جدي ووضع قواسم مشتركة بين مختلف القوى تجعلها تقف على أرضية سياسية صلبة واحدة.


مداخلة الاستاذ جواد عقل

لايسعني في هذه العجالة إلا أن أعبر عن حق الشعوب الشرعي والقانوني والأخلاقي في مواجهة قوى الاستكبار والتدخل ونهب خيرات الشعوب منذ بداية الاستعمار القديم حتى يومنا هذا، لأن أهدافهم بقيت نفسها مع تغيير الأسلوب وطريقة تحقيها.

ولاشك أن منطقتنا العربية والإسلامية مع اعتبارات تاريخية وجغرافية شكلت على الدوام أرضية خصبة لتدخلات سافرة ومخططات ومشاريع استعمارية، فابتلي شعبنا الفلسطيني ومعه كل العرب والمسلمين بإقامة كیان عنصري استيطاني فاشي على أرضنا وعلى حساب حقوقنا ووجودنا، وثمة شرعنة هذا العدوان في المؤسسات الدولية على حساب الحقوق والمصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني والتنكر لها، كل هذا حدیث في ظل غياب دور فاعل ومؤثر لحركة التحریر الوطني العربية والإسلامية، وتواطؤ غالبية الأنظمة الرسمية العربية ورضوخها لثقل الضغوط المرافقة لمؤامرة إقامة هذا الكيان العنصري على أرض فلسطين، بما يمثل هذا الكيان من تهديد للمصالح الوطنية الفلسطينية والعربية والإسلامية ويشكل تهديداً للأمن والاستقرار الدولي ويعبر عن مدى الظلم التاريخي الإنساني والأخلاقي الذي لحق بالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني جراء تغييب المعايير الدولية واستخدامها بشكل مغاير للأهداف التي وجدت من أجلها مثل تلك المواثيق والقرارات الدولية، كل هذه الانتهاكات حصلت في ظل مرحلة اتسمت على المستوى الدولي بتعدد الأقطاب والمصالح والتوازنات مما أضعف من قدرة الدول الاستعمارية على التدخل المباشر وتهديد الدول والاعتداء عليها.

ولكن وبعد انتهاء القطبية على المستوى الدولي وتفرد الإدارة الأمريكية بقيادة العالم والتحكم بالمنظمات والهيئات الدولية وإخضاعها لسطوتها ومصالحها لدرجة يمكن عندها القول إن تلك الهيئات فقدت رسالتها التي وجدت من أجلها وخاصة حماية السلم والاستقرار والأمن الدوليين وعدم السماح بانتهاك حقوق الدول والشعوب وضمان حقوق الأقليات والسهر عليها.

في ظل هذا الواقع والظروف تحركت الإدارة الأمريكية في منطقتنا والعالم بإستراتيجية لضمان مصالحها للسيطرة على منابع النفط والتصدي لأي أية محاولات لمنع تحقيق هذه السيطرة ترافقت مع حرص أمريكي على ضمان المصالح الأساسية لإسرائيل الطامعة في لعب دور محوري في مستقبل ما يسمى الشرق الأوسط الكبير وقد اعتمدت السياسة الامريكية في تحقيق أهدافها على مايلي:

1 – القوة الاستعمارية المباشرة واستعمالها للسيطرة على منابع النفط واستغلال أحداث الحادي عشر من أيلول (2001) المدانة من طرف كل القوى في المنطقة واستطاعت أن تحتل العراق وأن ترسخ وجوداً عسكرياً في منطقة الخليج الفارسی يهدد الأمن والاستقرار في هذه المنطقة ويمثل استعماراً جديدا بموافقة الأنظمة العربية فی الخليج  الفارسی المعنية.

2 – تشجيع العمل على ترسيخ سياسة الفوضى البناءة والتي تجعل من المنطقة ساحة مشتعلة ولكنها ضمن نطاق السيطرة الأمريكية لإضعاف قوى المقاومة والممانعة لتليين مواقفها وسياساتها تجاه المشروع الأمريكي الصهيوني، وبنظرة إلى سياساتهم في لبنان والعراق وفلسطين تتأكد هذه الحقيقة.

3 – محاولات ترهيب وتخويف العرب مما يسمونه المصالح القومية لإيران على حساب المصالح العربية ويسعون لنقل الصراع المحتدم بفعل الحضور والعدوان الأمريكي على المنطقة والمتحالف مع إسرائيل وممارستها العدوانية والهمجية مع قوى المقاومة في لبنان والعراق وفلسطين وسوريا إلى صراع مع إيران من خلال تضخيم الخلافات العربية الإيرانية وما يسمونه بالأطماع الإيرانية ويساعدهم في ذلك غياب مواقف عربية رسمية واضحة من المشروع الأمريكي الصهيوني.

4 - محاولة استغلال الخلافات الثانوية بين فصائل العمل الوطني في فلسطين لمصلحة الاحتراب والافتراق وتضخيم الخلافات الثانوية لمصلحة مشروعهم الافتراضي المعادي لطموحات وأماني الجماهير وتطلعاتها المشروعة في التحرر والاستقلال .

أمام هذه اللوحة والمشهد لابد من الإشارة لأشكال تعامل الإدارة الأمريكية مع قضايا المنطقة:
أولا – الموقف من قوى المقاومة والممانعة التي مثلتها بشكل رئيسي المقاومة الإسلامية في لبنان والمقاومة الفلسطينية والمقاومة العراقية ودور سورية ودور قوى التحرر العربية والإسلامية وإيران باعتبارها القوة المناهضة للمشروع الأمريكي الصهيوني وخلصت على اعتبارها قوة إرهابية وجرى محاصرتها سياسياً واقتصاديا ومساندة الدول لها في محاولة منعها من القيام بدورها عن طريق عزلها دوليا ومحليا، وسعت لتحقيق ذلك من خلال تغييب تحقيق توافق دولي على تعريف الإرهاب حتى تتمكن من استخدام كل الهيئات والمنظمات الدولية لمحاربة قوى الممانعة والمقاومة وحتى لو تعارض الأمر مع كل الأعراف والمواثيق الدولية فأمريكا حرصت على ایذاء دول وقوی الممانعة والمقاومة في المنطقة وسعت لتجفيف مواردها بكل ما امتلكت من وسائل الضغط على الدول والمنظمات.

ثانياً – حرصت الإدارة الأمريكية على معالجة استخدام إيران للطاقة النووية لأغراض سلمية على قاعدة أن إيران تسعى لصنع قنبلة نووية وهذا يهدد الأمن والاستقرار الدولي وبالتالي لابد من معالجة هذا الأمر باستخدام مجلس الأمن بدلا من معالجته في اطار الوكالة الدولية للطاقة الذریة، والتي بدأت تتعاطى بشكل أكثر إيجابية مع الملف النووي الإيراني بفعل شفافية التعامل الإيراني مع وفودها ومطالبها، واستمرت أمريكا في تهديداتها وضغوطها على إيران من خلال مجلس الأمن في الوقت الذي لا تحرم فيه لوائح الوكالة الدولية للطاقة حق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة فلماذا كل هذه الفزاعات والتهديدات والضغوط من طرف الولايات المتحدة ضد إيران هل لتبرير عدوان أمريكي أم لمنع إيران من حقها المشروع في الاستخدام السلمي وامتلاكها للتكنولوجيا التي يمكن أن تتوصل إليها.

ثالثاً – الانحياز الكامل لإسرائيل وممارساتها وأعمالها الوحشية ضد الإنسان والشجر والحجر الفلسطيني واستخدامها المتواصل لحق النقض لتقويض أية قرارات دولية لإدانة إسرائيل في مجلس الأمن.

رابعا – العمل على إجهاض الانتصار التاريخي الذي تحقق على العدوان الأمريكي الإسرائيلي في حزيران 2006 بفعل بطولات المقاومة الإسلامية بقيادة السيد حسن نصر الله ومنعها من تحقيق ثمار انتصارها العسكري بخلق حالة داخلية لبنانية كابحة لهذا الاستثمار المشروع لانتصارها العسكري وفصم عرى التلاحم الكفاحي الذي شكله محور "لبنان دمشق إيران" لما يشكله من مخاطر على المشروع الأمريكي الصهيوني.

وأمام هذه الصورة ماذا نسمي ممارسات إسرائيل الهمجية في بناء جدار الفصل العنصري في فلسطين الذي أدانته محكمة لاهاي الدولية؟ وماذا نسمي محاولات عزل القدس عن محيطها العربي وبناء المستوطنات وقتل الأبرياء والاغتيالات والحفريات في مدينة القدس وسرقة المياه وامتهان كرامة الناس على الحواجز الحصار الاقتصادي على قطاع غزة، سياسة الاجتياحات والتدمير التي تقوم بها الآلة العسكرية الصهيونية؟ ماذا نسمي العبث الأمريكي المتواصل في العراق؟ ماذا نسمي الضغوط والافتراءات على سورية والتدخل الغربي السافر في شؤون لبنان وخياراته ومستقبله القرارات الدولية الصادرة لمساندة قوى الاغتراب في لبنان، والمواقف الغربية من الملف النووي الإيراني؟... كلها تبين بجلاء المعايير المزدوجة لقوى الاستكبار العالمي التي لاتقيم وزناً للأعراف والمواثيق العهود الدولية بل تسعى لاستخدام نفوذها ودورها على تلك المؤسسات الدولية والدول لضرب قوى الممانعة والمقاومة وإجبارها عن التراجع عن حقها في المقاومة والتصدي للمشروع الأمريكي الصهيوني.


مداخلة الدکتور جميل الحمو

قرأت عندما کنت صغیرا تحت لوحة فنية تعبر عن قضية صحية عبارة "كافح تحيا، كافح تحيا.." إذا كافحنا الذباب نقضي على الوباء، وأنا أقوال اليوم إذا كافحنا الصهيونية تحيا الكرامة، ان الصهيونية وليدة قوى عالمية، أمريكا في الأصل قامت على الدماء، ودعمت دولة ربيبة تقوم على الدماء، والسلام كلام فارغ لأن السلام الذي لا تدعمه قوة لا يصنع سلاما، الحق يلزمه قوه تدعمه، والحق مع القوة وليست القوة هي التي تصنع الحق.

التحديات التي نلمسها ليست وليدة اليوم، التحديات لمنطقتنا بدأت منذ قيام إسرائيل عندما صدر قرار الأمم المتحدة باعتبار الصهیونیة بشکل من اشکال العنصریة فی السبعینات، وقف مندوب إسرائيل في تلك المنظمة واخذ يمزق القرار، وهذا المندوب هو اليوم رئيس هذا الكيان، فإسرائيل لم تطبق أي قرار من قرارات الأمم المتحدة، الأمم المتحدة تصدر قرارات ضد العرب وضد المسلمين فقط.

التحديات أمامنا كبيرة ولا يمكن أن نرد عليها سوى بالوحدة وليس أمامنا أي خيار آخر وعلينا استخدام سلاح الإعلام، حتى اليوم لم نعرف أن نستخدمه على الشكل الأمثل حيث استعملته إسرائيل منذ تأسيسها وحققت من خلاله مكاسب كبيرة لصالح أهدافها.

الوحدة بكل أسف ما تزال حلم ولا أعتقد أنها ستتحقق ولكن ظهرت بعض الأصوات العقلانية مثل قرار مجلس التعاون ، حيث دعا رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية السید احمدی نجاد، لحضور هذا المؤتمر رغم أنه لم يدع أي رئيس عربي لحضور هذا المؤتمر وکان هذا قرارا حكيما، نحن في خندق واحد والضرر أو الفائدة ستكون على الجميع، هذه الأصوات العقلانية ضرورية جداً ومهمة، الحرب ستكون على المنطقة وليس على إيران أو على سورية أو على أي دولة معينة والحرب على المنطقة هی لاستباحة المنطقة، وليس لنا سوى التحالف للوقوف في وجه هذا العدوان التي يتهددنا وأنا معجب بثلاث تحالفات أولها تحالف دول المغرب العربي رغم تضعضعه في بعض الأحيان والتحالف الثاني هو مجلس التعاون، والثالث هو التحالف الإيراني السوري مع المقاومة اللبنانية والمقاومة الإسلامية في العراق.

مداخلة الأستاذ علي بدوان

قطعنا العام 2007 بصعوبة كبيرة جداً كحركة تحرر في المنطقة عربا ومسلمين وأعني تحديدا قوى الصمود والتي سميت قوى الممانعة، إيران دولة مسلمة وإيران مرت بظرف صعب خلال هذا العام من ضغط دولي هائل تقوده الولايات المتحدة الأمريكية في حلف دولي كامل ضدها وهو موجه أيضاً ضد سورية وقوى المقاومة في لبنان وفلسطين، ولتمزيق العراق وتحويله كما ورد في المخططات الأمريكية إلى بلد مقسم إلى دويلات أثنية، قصول من هذا السيناريو شاهدناه خلال العام المنصرم.

ندخل العام 2008 وأمامنا مرحلة شاقة وصعبة والسيناريوهات المطروحة أمامنا من القوى المعادية تحتاج إلى جهد كبير وإلى وحدة وطنية كبيرة إن كان في إطار قوى الممانعة والصمود إو في إطار التحالف الذي يجب تطويره إلى تحالف استراتيجي أكبر بشكل ملموس وعملي.

في هذه المرحلة أمامنا مستجدات كبيرة، فالوضع الدولي لا يسير على رتابة وهناك حراك دولي يجب أن نلحظه، الموقف الأمريكي يتباين والموقف الأوربي منجرف وراءه، ولكن الموقف الروسي بدأ يتبلور أخيراً وبدأ يصرخ من الهيمنة الأمريكية التي تريد أن تبتلع العالم كله وخاصة الشرق الأوسط وخاصة الخيرات في العراق تبتلع الحصة الكبرى لفواتير إعادة الإعمار وتترك الفتات لدول أوروبية وتهميش كامل لروسيا، والصين ذلك العملاق بدأ يستيقظ ببطء شديد وبدأت السياسة الصينية تسير وفق حساباتها، هذا الوضع الدولي يسير بالاتجاه الايجابي بالنسبة لنا كعرب ومسلمين.
موضوع فلسطين مر بهزات عنيفة خلال العام 2007، وتهديدات بدأت منذ أن جرت الانتخابات وتم فوز أحد الفرقاء وقامت الدنيا ولم تقعد ضد الحكومة الفلسطينية ليس لأنها حكومة حماس بل لأنها حكومة شرعية وكان في ذاك الوقت مجموعة قضايا متداخلة، ولكن الحرب الأمريكية التي شنت والحصار الدولي الهائل والإسرائيلي ضد الحكومة الفلسطينية، کل ذلک كان هدفه الانقلاب على الخيار الشعبي الفلسطيني في المقاومة والصمود، هذه الخيارات الفلسطينية ووجهت ومازالت تواجه بحصار وضائقة اقتصادية وتحويل قطاع غزة "1.5" مليون فلسطيني الی سجن كبير، وتم تقنين دخول وخروج المواد الغذائية وما شابه والحاجيات اليومية للناس، حتى الحجاج الفلسطينيين لم یعلموا من ذلک، هذا شيء معيب أن يتم منعهم من الدخول وتشارك فيه مع الأسف دول عربية، الآن ملامح الحل صعبة والوضع الفلسطيني صعب حيث تمنع السياسة الأمريكية الوحدة الوطنية الفلسطينية وتمنع الحوار الوطني الفلسطيني وإسرائيل تمنعهما أيضاً.


مداخلة الدکتور الشيخ نبيل حلباوي

يقول تعالى في كتابه الكريم (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) ان هناك سنة إلهية هي الجواب عن هذا التحدي المطروح الآن عالميا والذي نظّر له بعض المنظرين الأمريكيين أمثال فوكوياما الذي كتب عن نهاية التاريخ ويقصد بكلامه أنه لم يعد هناك إمكانية للتاريخ أن يعود التدافع للوراء وعلى الجميع أن يخنعوا ويخضعوا ويلتحقوا بذيل الركب الغربي الاستكباري المهيمن الذي تمثله أمريكا والصهيونية العالمية وأوربا الملتحقة بأمريكا وكل قوى الهيمنة...، ولكن بحسب سنة لا يمكن أن يوقف ويلجم هذا الغرور وهذه المحاولة للهيمنة والسيطرة على العالم التي نرى ملامحها على أكثر من صعيد إلا بقوة دفع تعاكس وتناقض تلك المنطلقات ليس فقط في استراتيجياتها وفي سيناريوهاتها بل في خصائصها وطبيعتها وفي منطلقاتها ومرتكزاتها التي تقوم عليها.

وبدراسة خصائص المرتكزات والمنطلقات الغربية للهيمنة نجد الخاصية الأولى وهي المادية المسرفة المغرقة وهذه المادية قد تلون أحيانا بلون ديني لكنها في عمقها مادية ليس لها من الدين أي صبغة وهي مجرد مادية حقيقية قد تتنكر أو تتبرقع ببرقع ديني كما يفعل الرئیس الامیرکی جورج دبليو بوش في بعض الحالات نجده يتحدث من موقع ديني رغم كونه ماديا من قمة رأسه إلى أخمص قدمه ولم يعرف من الدين شيئاً ولم يعرف من سماحة الدين ورحابته وعمقه شيئا.

مقابل خاصية المادية لا بد من الدفع بالإيمان، والإيمان هو تلك النكهة الروحية المتصلة بالله والمنفتحة على الغيب الرافضة لأن تكون المادة هي حدود الحقائق التي ندركها، بل هناك ماهو فوق المادة وبعد المادة وهو الله جل جلاله، ولسنا نحن هذا الجسد وإنما وراء هذا الجسد حقيقة أعمق منه هي الروح، ولم نخلق عبثاً بل خلقنا في الحياة الدنيا من أجل الحياة الآخرة، وهناك حقائق كبرى وعديدة تنبثق من الإيمان لا بد أن نأخذ بها لنكون الطرف الذي يدفع (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)، ای لكان الفساد قد عم وانتهي كل شيء.

الخاصية الثانية: هي المصلحية فالمصلحة عندهم قبل كل شيء وفوق كل شيء، انهم مستعدون أن يدوسوا على كل شيء حتى على المبادئ التي يدعون إليها إذا كانت ضد مصلحتهم.. ويجب أن ندفع المصلحية بالمبدئية المطلقة ونطرحها في مقابل ذلك المفهوم الخاطئ، لقد أصبحوا يسوقون المصالح والأهواء والشهوات والرغبات تحت عنوانين مختلفة كالواقعية والعملية.. وامام ذلک يجب أن نتمسك بالمبادئ السامية والثابتة ونؤمن بها ونستميت من أجلها لأنها أغلى من كل شيء فما ماقيمة الإنسان بدون مبدأ وحق، والحق أحق أن يتبع.

المسألة الثالثة: التعصب ويجب أن يقابله الانفتاح، التعصب لا نجد له نموذجاً أوضح مما هو عند هؤلاء وفي تجربتهم تعصب لمفاهيمهم لأفكارهم لرؤيتهم حتى إنهم حين يطرحون الحضارة يريدونه صدام حضارات ونحن من موقع الإسلام نطرحه حوار حضارات، لا يرون خارج إطارهم لا يعترفون متعصبون لكل ما لديهم في مقابل ذلك يجب أن يكون لدينا انفتاح، بمعنى أننا حتى عندما ننطلق من إسلاميتنا والإسلام قيمة عظيمة ومبدأ ودين وأيديولوجية وله أبعاد شاسعة وواسعة وعظيمة ومتناغمة مع الزمان ومع كل التطورات، لكن ما نريده هو الإسلام المنفتح الذي يتسع للكل ولا يضيق بأحد، نريده إسلاماً ينفتح على المسيحية بل ينفتح على اليهودية التي ليست في إطار هذا الخط الصهيوني فالقرآن الكريم يعلمنا (.. وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) فكل من لا يستكبر من القسيسين والرهبان نلتقي معهم وهم يشكلون فئات حبيبة وأليفة وقريبة إلينا ونحن وإياهم شركاء في الوطن وشركاء مع الآخرين في كل مكان من العالم، وجاء في القرآن الكريم أيضاً قوله تعالى: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) إذن هؤلاء لهم موقع وليس عندنا أي حالة من الانغلاق، المسلم يجب أن يكون منفتحا على كل الديانات ومنفتحا على كل المذاهب الأخرى سواء المذاهب العقائدية الكلامية او المذاهب الفقهية وعلى كل القوميين الذين لديهم تجربة وفيهم نخب مخلصة طيبة نقية صافية، وكيف يمكن أن أنغلق في وجه هذا الإنسان؟ قد اختلف معه في بعض التحليلات لكني معه في خندق واحد وهمنا واحد وعدونا واحد يجب أن نكون طيفاً واحداً يلتقي من خلاله الكثيرون ويتجاوزون الصغائر، نحن بحاجة إلى هذا الانفتاح إلى أقصى درجة.

ونحن بحاجة إلى تجربة عملية على أرض الواقع تطبق هذا اللون من الفهم وتجعلنا نقدم هذا النمط من التقابل بيننا وبين ذلك الطرح الغربي، فما حصل في حرب تموز كان نموذجا لهذا الانفتاح بمعنى أن ثلة مؤمنة مسلمة لها خطها ولها ولاؤها لأهل البيت "عليهم السلام" نزلت إلى الساحة وقاتلت ولكن بأية نفسية وبأي فهم وبأي أفق؟ لقد انفتحت على الإسلام كله وعلى كل الإسلاميين المجاهدين في فلسطين وامتزجت الدماء مع بعضها البعض وانفتحت على شركاء الوطن من المسيحيين إلى درجة أن بعض المسيحيين ممن كان يصنف أنه خارج هذه المعادلة إذا به يفتح قلبه وبيته وكل ما لديه لكل هؤلاء الأبطال ويساندهم ويساعدهم ويؤيدهم، ثم وجدنا أنه إلى جانب هذه الثلة المؤمنة المجاهدة التي حققت أكبر معجزة وأكبر انتصار في هذا العصر على إسرائيل وأمريكا والغرب والعرب المتآمرين ومتآمري الداخل، نجد أن هؤلاء المؤمنين الأبطال كانوا ضمن تأييد من دولة عربية قومية هي سورية والتي لها نظام لايقول عنه أحد أنه إسلامي ولكن سورية انفتحت عليهم وانفتحوا هم عليها، ثم إيران التي هي دولة إسلامية ذات قوميات متعددة، ولكن القومية الغالبة فيها هي الفارسية، لم تحل قومياتهم دون انفتاحها على العرب وانفتح العرب عليها بل كان هذا نموذجاً رائعاً ليقول بأن دولة عربية من بين الدول وأن دولة إسلامية من بين الدول تلاقتا في هذا المشروع وهذه التجربة المتقدمة المتطورة الناجحة المنتصرة الظافرة.

الذي أريد أن أقوله أن التطبيق حصل على أرض الواقع، كل ما يجب أن نصل إليه الآن هو أن نلتف حول هذه التجربة بكل فصائلنا وبكل أطيافنا القومية والعلمانية المنفتحة والتي ترفض الذل وترفض الخنوع والخضوع وتلك المؤمنة والمسلمة من سنية وشيعية وتلك المتنوعة في رؤاها يجب أن يلتقي كل هؤلاء لأن هذا المشروع لا يستطيع أن يقوم بجناح واحد بل يحتاج إلى كل الأجنحة وليس إلى جناحين يعني كل المخلصين في الأمة، يقول تعالى: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) ان هذا وعد لكل المضطهدين والمستضعفين في الأرض، ان والذين تعرضوا لهذا الطغيان لابد أن يلتقوا وأن يذوِّبوا كل الحواجز وكل العوائق وأن يكونوا قوة واحدة ليستطيعوا أن يحققوا ذلك الانتصار الموعود، وقد تحقق بعض ملامحه والحمد لله، والذي نلمح في كلام سيد المجاهدين السيد حسن نصر الله حين يتكلم وهو الذي يرى بنور الله نتيجة إيمان ونتيجة علم وعمل ونتيجة موهبة قيادة ونتيجة تجربة يقول: "لو أن إسرائيل فكرت مرة أخرى بأن تقوم بعدوان جديد فإنني أعدهم بأنه سيتغير وجه المنطقة"، إنه انطلق من رؤيا ثاقبة واضحة واثقة ليس فيها أي تزعزع وأي تزحزح وأي خوف وأي تردد إنه رجل أثبت على ارض الواقع كلامه وحين يقول فإنه يقول عن فهم وعن إيمان ويقين.

الفرصة الآن مفتوحة وإن فرصتنا أن نسترد في هذا الزمان ليس فقط كرامتنا وعزتنا ومستقبلنا وبقاءنا وانتصارنا وإنما أن ننقذ العالم كله من هذه التجربة المدمرة التي تمثل انتكاسا بل انحداراً خطيرا على المستوى المعرفي لان المفاهيم تزيف وتمتهن، وعلى المستوى القيمي فإن القيم تداس وعلى مستوى مستقبل البشرية اجمعها.


مداخلة الدكتور عزت السيد احمد


صراع الحضارات وصراع الغرب والشرق كل الناس تعرف هذه الحقائق ألا تعرفه أهل السلطة؟ إن كانت تعرفها وتقوم بالعكس فهذه مصيبة وإن كانت لا تعرفها فالمصيبة أعظم، من هنا المسألة تقول أشد المعضلات توضيح الواضحات، وإذا كانت الأمور واضحة إزاء الكيان الصهيوني وإزاء الغرب والشرق واضحة إلى درجة إلى أنها لايمكن أن تغطى، وحتى نصل ذلک إلى علينا أن نضع أصبعنا على الضمير بضمير من قبل القيادات والحكام ومن قبل الاخرين وعندما يتحرك الضمير نصل إلى الحل، المشكلة أن البعض لا يتحرك عندهم الضمير والبعض الآخر يتحرك عنده الضمير ولكن لا يستطيع أن يفعل شيئا سوى حرق القلب والأعصاب من الوجع، والذين يعرفون أو لا يعرفون أولئك يزيدون علينا الوجع والآلام، وحتى نعرف الحقائق لسنا بحاجة كما قلت سوى أن نضع الأصبع على الضمير، أحد الكتاب كتب قصة عن الحكام العرب الذين ذهبوا إلى مؤتمر مدريد 1991 وكان قد كتبها أيام مؤتمر مدريد وهو يتكلم في قصته على لسان فلاح بسیط يخاطب مثقفا يقول: إسرائيل لیس لم لها من الوجود سوى خمسين سنة أهكذا لهذه الدرجة مليتوا من الجهاد وبسرعة استسلمتوا؟ ، بسرعة حرقت أعصابكم وفقدتم الصبر..؟ ألا ترون حقائق التاريخ، ان الصليبيين جلسوا في الأرض العربية 200 سنة وطردناهم وهؤلاء ليس لهم سوى خمسين سنة، إذن الحقائق واضحة فالحلال بين والحرام واضح.


ومن يظن أن إسرائيل صديق فهو لاشك مخطئ، فكيف يمكن لإسرائيل أن تكون صديقا أو شريكا استراتيجيا؟ حتى لو اعترفنا بها أو سامحناها هي لن تقبل بنا، وكذلك الولايات المتحدة هي عدو بالضرورة، ولايمكن أن تكون صديقا، ربما يمكن ذلك بعد مائة سنة، لا أدري حتى لا أصادر التاريخ، أما اليوم وفي هذه الظرف فليست صديقا، ولا يمكن أن تكون كذلك، ومن يعتقد بعكس ذلك فإنه مخطئ، قلة من أمتنا وللأسف هم الذين بأيديهم القرار وهم الذين يؤمنون بأن إسرائيل صديق وأن الولايات المتحدة الأمريكية صديق، فقبل دخول الولايات المتحدة الحراك السياسي لم نجد منها أية بادرة خير على الإطلاق، وإذا راجعنا التاريخ لا نجد قبل الحرب العالمية الثانية للولايات المتحدة أثرا كانت الدفة بيد البريطانيين وغيرهم، ومن بعد أيضا ومنذ أن أصبحت امیرکا الوريث الشرعي للحضارة الغربية أو المعسكر الامبريالي الغربي وحتى الآن ماذا قدمت لنا نحن كعرب ومسلمين؟ في حين أن أول من اعترف بالولايات المتحدة الأمريكية كدولة واعترف باستقلالها كانت دولة عربية هي المغرب.

الصراع بين الغرب والشرق قديم وأنا لا أؤمن بأنه سينتهي، له مساحة كبيرة من التاريخ، وأنا لا أؤمن بالحوار بين الغرب والشرق؟ والذي يسود العالم عبر التاريخ مرة الغرب ومرة الشرق، ولم يتم بين الغرب والشرق قديما وحتى الآن أي حوار، الحوار يقوم بين طرفين متكافئين وبغير ذلك لا يمكن أن يتم الحوار إذن فلا حوار بين المعسكر الامبريالي الغربي والمعسكر الإسلامي، لذلك فان مؤتمر السلام هو خدعة ولعبة، كيف يتم السلام بين كيان مصطنع وبين شعب مضطهد يقتلع من أرضه وتسلب خيراته وحقوقه ويتم قتله ومحاصرته، هذا الكيان لايمكن أن يدوم وسيزول وأي اعتراف به هو أمر مخالف للمنطق والعقل مهما افترضنا من توقيع معاهدات أو اتفاقيات، ولو اضطررنا لعلاقة معه يجب أن تكون محكومة أو واضحة المعالم ولا يجوز أن نلزم شعبنا بالاعتراف.

الحل أين ؟ أنا أرى أنه طالما الحكام الفاسدون موجودين فلا حل، قلنا: الوحدة التوافقية أو الوحدة الوطنية هي الحل وأنا أتساءل كيف؟ في لبنان مثلا لدينا مأساة، صحيح أن لبنان محكوم بالتوافق، ولكن القوى الوطنية النظيفة المحترمة التي ضحت بدمائها وأموالها وشبابها، مضطرة للتحالف مع قوى مؤيدة لإسرائيل والولايات المتحدة من امثال (جنبلاط – جعجع – الحريري) منساقين ضمن مشروع أمريكي إسرائيلي في المنطقة كيف يطلب من السيد حسن نصر الله أن يضع يده بيد جعجع؟!! أرى أن هذه فكرة ليس لها أساس ولا يمكن أن تقبل ولا يمكن أن تؤدي إلى نتيجة لأننا أبقينا الأمور كما هي دون حل، ونحن نخطئ عندما نطلب وضع اليد الوطنية الشريفة بيد الخائن، في بعض الأحيان لايمكن اكتشاف الخائن أو العميل أو المشكوك بوطنيته مباشرة ولكن وبعد فترة زمنية عندما ينكشف لا ينبغي أن نغلط ونضع يدنا معه مرة ثانية، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، والعبارة التي يجب أن تقال ونطالب بها هي وحدة القوى الوطنية القوى النظيفة، فالعميل أو الخائن يمكن معرفته من خلال خيانة الانتماء للوطن، فكل من يطعن بهذا الانتماء أو يشوه هذا الانتماء فإنه موضع سؤال وشبهة، والوطني الشريف معروف ولا نحتاج لكثير من الجهد لمعرفته وهو من يضحي فداءً من أجل الوطن وهذا يستحق الاحترام ولو كان صاحب أي فكر إيديولوجي. الحل كلنا نعرفه ولكن المشكلة أن يدنا قصيرة ولساننا قصير ولانحاول أن نسعى.

الفيلسوف الانكليزي قيل له إنك تقول إن أهل خير هم أكثر وأقوى، ولكننا نرى الأشرار هم دائماً الذين ينتصرون، قال: لأن الأشرار على قلتهم متضافرون، بينما أهل الخير على كثرتهم متشتتون، إذن المسألة تحتاج لأن نضع أيدينا بأيدي بعض، ونقول كما قال السيد حسن نصر لبعض الحكام: لاتريدون تقديم الدعم فأنتم أحرار ونحن لا نريد منكم شيئا ولكن كفوا كلامكم عنا، وأنا أرى أن من يريد أن يعمل لا ينتظر ولا يكفي الكلام ان هذه الندوات تبقی مجرد كلام ولكن في أمريكا فان الندوات تذهب إلى مصنع صناعة القرار، المشكلة عندنا الأفكار التي نتفق عليها إلى من نوصلها؟ من يستلمها ومن يعمل بها؟ ، والمطلوب عندنا أن نوجد من يستلم ونوجد من يعمل.

مداخلة الدكتور عبد الكريم الشبلي

ان محاربة الاستكبار لقضايا الإسلام عبر التاريخ هي لم تنته لولا وقفة المثقفين ولولا مثل هذه الاجتماعات والطروحات التي تتصدى وتحاول أن تكشف وتسلط الضوء على الأعمال الاستعمارية.
أما بالنسبة لقضية ازدواجية الخطاب الاستكباري فهي تأتي في سياق التشويش على قضايا الأمة والتشويش على العناوين التي أشرتم إليها، والتشويش على القضايا الحقيقة مثل قضية الهوية وقضية الزعامة ومستقبل الأمة والتشويش على انتصارات المقاومة الإسلامية وانتصار حركات الممانعة وهو جزء من برنامج ومخطط عام .

بالنسبة للمقاومة الإسلامية فانها امتداد لانتصارات سابقة في تموز 2006 وامتداد لانتصار سنة 2000 وامتداد لانتصار الثورة الإسلامية في إيران ولانتصار الإسلام في حد ذاته وانتصار الرسول الكريم(ص) وهو القائل بالمعنى: (مداد العلماء أهم من دماء الشهداء وأثقل وزناً في الميزان) هذه الحقيقة مما يدل على أهمية هذه الندوات العلمية في إثراء وتوجيه العناية ورفع وعي الأمة لمواضيع هامة، وأهمية الدور الذي يجب أن يقوم به المثقف الذي يوجه العمل المجاهد الذي يعمل بالسلاح كما هو الدور الذي قام به الإمام الخميني(رض) وكذلك السيد حسن نصر الله، وهو جمع للعمل بالفكر والجهاد، وهذه أهم ميزة نستفيدها من انتصارات المقاومة الإسلامية، والقول بأن المثقف عمله بالفكر أهم من عمل الشهيد لأنه يوجه الأمة نحو قضاياها ولتحريرها من سباتها، والوسائل متعددة في إيصال الكلمة سواء بالقلم أوبالفكر أوالثقافة وعن طريق الخطابة وغير ذلك أيضاً.

بالنسبة لتوظيف انتصارات المقاومة والدروس المستفادة منها، ففيها تحريك لجبهة الممانعة، ودعم لمواقف السياسيين وتبيان لحقيقة انتماءاتهم، وفيها هدم لمشروع العولمة وتقسيم البلاد وإحياء المشاريع الاستعمارية القديمة أو الجديدة، مثل مشروع الشرق الأوسط الكبير، ففي هذا تأكيد على دور المقاومة وأشكالها وطرقها فالمقاومة يمكن أن تتم بالقلم ويمكن أن تتم بالسلاح وكلاهما ضروري وهام.

أرى أن يتم تأسيس جبهة للمقاومة الثقافية من خلال الندوات ومن خلال توظيف العلم الذي يستفيد منه الناس، وألفت إلى أن أهم نقطه تواجه الأكاديمي اليوم هو أن عمله تقنياً أو أن عمله على مستوى البحث هو محدود جداً بالمقارنة مع عمل المستشرقين في العالم، وأقل مثال يذكر على ذلك هو دائرة المعارف الإسلامية التي نجدها بمختلف اللغات العالمية ولكننا للأسف لانجدها في اللغة العربية، وتقريباً مختلف الدوريات العالمية تنشط بمختلف اللغات ولا توجد دوريات باللغة العربية، وحيث تجند أقلام كبار المختصين في العالم وأحياناً تنتدب بعض الأسماء المعروفة وتوظف في مشاريع عامة. إننا بحاجة إلى رفع اهتماماتنا بهذه الأمور وربما نحن أحوج إلى إثارة الوعي في مسائل معينة.

نشاطات الاستشراق بدأت منذ وقت مبكر وهي أحد أهم الآليات الاستعمارية اليوم وتعتبر رأس حربة للنشاط العلمي الاستعماري مثلما هي إسرائيل واجهة عسكرية للاستعمار، والاستشراق يوجه الأكاديميين والباحثين إلى المواضيع التي لا نقول إنها تافهة ولكنها في أقل الحالات مواضيع ثانوية، هذه المواضيع ضمن محور المكايروغرافية أو المواضيع المجهرية والمجهريات والطائفيات وكلها مواضيع أصبحت تسود في أدبيات الاستشراق وأدبيات النشرات العلمية للتعمية على المواضيع الرئيسية.

ان هذه جملة من المغالطات التي نجدها في دائرة المعارف الإسلامية وفي عمل الاستشراق واكتفي بهذا الحد حتى لا يكون شيء من الإطالة وأنا أشجع على تكرار مثل هذه المجالس العلمية الجيدة والمفيدة وارجو من الله أن تكون لها امتدادات وتكون لها ثمار وفائدة على مستقبل الأمة.

مداخلة ثانیة للدكتور علي عقلة عرسان (کلمة ختام الندوة)

أريد أن أشير لما ورد في كلمتي أنا قصدت مبادرة الرئیس أحمدي نجاد الأولى وليس دعوته للحج وتلك المبادرة جاءت في زيارة منه للملك عبدالله عند اشتداد الحملة الرباعية وحملة رايس وفتنة العراق فكانت مبادرة بمعناها ..

النقطة الثانية أنه على الرغم من وجود حوار وصراع واختلاف داخل البيت الأمريكي بين الديمقراطيين والجمهوريين إلا أنه ليس خلافاً على الاستراتيجيات في العمق ولكنه خلاف على الوسائل والأساليب، فهم يتفقون على كثير من القضايا ويختلفون على الأساليب والتعديلات التي أتت والتي قد تأتي بناء على تقرير بیکر-هاملتون وعلى الأوضاع التي جرت في العراق وعلى مطالب الديمقراطيين هي في إطار الصراع الداخلي وصراع على الأساليب، وأنا أشعر بثقل الكارثة التي حصلت ولكن في الوقت نفسه أشعر بأنه جاء رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وأسقطها في عيون الناس وألحق بها الخسائر، وأشعر على الأقل المجتمع الإسلامي بأن هناك مستوى من الانحطاط في الفكر الأمريكي والممارسة الأمريكية والعقلية الأمريكية لا يمكن أن يعالج إلا بامتلاك قوة ووعي وقدرة على الثبات والصبر والأداء.

النقطة الأخيرة نحن أمام مشكلة تتعرض لها المقاومة ويتعرض لها شعب فلسطيني وتتعرض لها قضية فلسطين، وهذه المشكلة لا بد من أن نجد شيئا سريعا ومباشرا، ان خارطة الطريق تطلب حرب أهلية، أوسلو ماتت ولكنها فرخت أشياء أخرى، والحرب الأهلية هي اجتثاث للمقاومة واجتثاث المقاومة، باتهامها بالإرهاب والدول الراعية للإرهاب حسب زعمهم، وهناك دول عربية تقول بهذا الكلام أو لاتجرؤ على موقف الممانعة ونحن إذا كنا نعمل بأن ننتظر أن ينزل من السماء شيء يقي المقاومة وينصر الشعب دون أن يتحرك شعب فهذا عملياً أننا نعيش وهما، لابد من مبادرة حقيقية لتمتين صف من يدعم المقاومة شعبياً وأيضا للمحافظة على ما يسمى محور الممانعة، والإسفين الذي حاولوا أن يضربوه بين سورية وإيران، فالقضية مازالت مستمرة ولكن سورية إذا ما وقعت في الفخ وصدقت باتجاه آخر حدث تباعد بينها وبين محور إيران وبعض المقاومة فهي عملياً ستخسر خسارة لا تعوض، ولا أظنها تقع في ذلك، حتى لو أخذت الجولان فيجب ألا تتخلى عن المقاومة لأن الجولان ذهبت على طريق فلسطين وليس العكس، ولذلك فإننا ندعو ونقف ضد الاعتراف بالعدو الصهيوني ضد مشروعه الذي هو مشروع أمريكي بامتياز وأيضا ضد التطبيع مع العدو الصهيوني، وضد كل التوجه الرسمي العربي الذي يقول بمصالحة العدو والبقاء على دولتين، في الحقيقة هذا عبارة عن هدر ما كان في السابق وفتح باب وصفحات لصراع قادم سيكون في يوم من الأيام لأنه لا يمكن التعايش مع المشروع الصهيوني على أي شكل من الأشكال وفي أي مستوى.

من هنا تنبع حقيقة أن نكون تحالفات لقوى المقاومة والممانعة الحقيقية ليس فقط على الصعيد الفلسطيني، وإنما على صعيد عربي وإسلامي وإنساني لأن هذه قضية عادلة وقضية شعب، وليس قضية حكام وتجارة وسياسية بل هي قضية أخلاقية مبدئية إنسانية حتى تصل إلى درجة التقديس، عندما ترتمي على أعتاب القدس التي هي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ولا يمكن التفريط بها.

لإيران نقول حافظوا على مبادراتكم وعلى وحدة المقاومين وعلى الصلات الطيبة مع كل من يقاوم من أجل القدس ويوم القدس ولا تسمحوا بأن تقام هناك أسافين بينكم وبين الجوار لأن الجغرافيا لن تتغير والتاريخ نصنعه نحن.

ولسورية والعرب والمقاومين نقول أنه لابد من الثبات على الحق والمبدأ وأن المشروع الصهيوني يجب أن ينتهي في المنطقة لسنا ضد اليهود ولكننا ضد دولة صهيونية التي هي مشروع عدواني.