رمز الخبر: ۲۳۳۱۶
تأريخ النشر: 08:18 - 01 June 2010
عصر ايران ، ضياء الدين احتشام – ان الصحوة الاسلامية ، هي ظاهرة تبلورت في العالم الاسلامي مع انتصار الثورة الاسلامية في ايران عام 1979، وان الشعوب الاسلامية الحزينة على انفصال فلذة كبد العالم الاسلامي – فلسطين – شعرت بان ما يتوجب عليها في العالم المعاصر هو نيل حقوقها لا ان تذل وتصبح في عزلة.

ان هذه الصحوة ، ظهرت بداية على مستوى الكتب والمقالات والكلمات لكنها وصلت شيئا فشيئا الى مرحلة من النضج كان يجب عليها بل بامكانها وضع طاقاتها الكامنة موضع التنفيذ والبدء بالنهضة الاسلامية على الصعيد العملي.

ان هذه النهضة كان يمكن لها ان تبنى على اصلاح الحكومات في البلدان الاسلامية ودمقرطة هيكلية السلطة في هذه الدول ، وتعزيز دور الدراسات الاسلامية وانتاج العلم ومحاربة التمييز واستعادة حقوق المراة لاسيما في البلدان العربية وتحقق القفزة الاقتصادية والتحرك باتجاه التقارب الاسلامي وبالتالي تحويل العالم الاسلامي الى قطب يضطلع بدور بالغ في عالم اليوم.

ان هذه النقطة المرجوة ، كانت قابلة للتحقق بالكامل لان طاقات العالم الاسلامي وحتى قبل 30 عاما كانت اكبر من قوة الصين في تلك الاعوام مع اختلاف ان الصينيين بداوا نهضتهم منذ ثلاثة عقود الا ان التحرك الجماعي للعالم الاسلامي النابع من موجة الصحوة الاسلامية ، اتخذ منحنى غير قويم.

ان الحدث غير الميمون الذي وقع تمثل في ان تيارا مشوه الخلقة استولى على موجة المد الاسلامي ودفع الطاقات الكامنة في هذه الموجة الهائلة لاسيما المشاعر الدينية الجياشة الى جهة لم يكن فيها اي فائدة للاسلام والمسلمين فحسب بل ادى الى اهدار ماء وجه الاسلام في العالم ورسم من دين الرحمة هذا ، صورة بشعة تتسم بالعنف لدى الراي العام : الا وهو "القاعدة".

وبلا شك فان تيارا دينيا اصيلا وداعما للاسلام ، لديه من الفهم والادراك ما يكفي بالا يقطع رؤوس الناس عن اجسادهم والا يقوم بهذا العمل الهمجي امام عدسات التلفزيون على خلفية لا اله الا الله محمد رسول الله والا يعرض ذلك على مراى الناس.

لكن القاعدة وبزعمه انه يحارب الكفار ، تولى مهمة ركوب الموجة الناتجة عن تدفق المشاعر الدينية والصحوة الاسلامية وجرها الى مسار انحرافي بحيث تبلورت الان صورة عن الاسلام لدى الراي العام من غير المسلمين تتسم بالوحشية والعنف بحيث لا يمكن بسهولة الفصل بين مفهومي الاسلام والارهاب.

في حين ان قاطبة المسلمين في جميع ارجاء العالم هم اناس مسالمون ومحبون للسلام بل انهم متاسفون ان تقع ممارسات همجية كهذه باسم الدين وهم يستثمرون اي فرصة وحوار للتبرؤ من هذا التيار.

ان حماة تنظيم القاعدة المناهض للاسلام ، ينقسمون الى عدة طبقات ، الطبقة العليا هي تلك التنظيمات المتطرفة مثل المدارس العلمية السلفية في باكستان والطبقة اللاحقة هم السعوديون الذين يدعمون هذا التيار بالمال والامكانات والطبقة النهائية التي لا تظهر نفسها الى العلن هم الصهاينة الذين تمكنوا بمدد القاعدة من التغطية على جرائمهم لدى الراي العام واثارة موجة رهاب الاسلام في العالم.

ولا ننسى بان القاعدة التي ظهرت بدعوى محاربة اعداء الاسلام لم تنفذ لحد الان حتى عملية واحدة ضد مصالح الصهاينة بل قتلت المسلمين انفسهم اكثر من اي مجموعة اخرى.


وفي ظل هكذا ظروف حيث اختطفت سفينة الصحوة الاسلامية على يد قراصنة يزعمون انهم مسلمون ، تبلورت الموجة الثانية من الصحوة الاسلامية مستفيدة من تجارب الاعوام الاخيرة.

واذا استطاع الوهابيون والسلفيون في الموجة الاولى ركوب الامواج بايعاز ودعم من الصهانية ، لكن في الموجة الثانية فان الشيعة والمعتدلين من اهل السنة ممن يستشعرون بالخطر المشترك ، يسعون جاهدين لعرض الاسلام الانساني.

وبناء على ذلك ، فان السعوديين الذين لعبوا لحد الان دورا من خلال ورقة تسمى القاعدة ، يبدون مقاومة امام الموجة الثانية ويظهرون هذه المقاومة في مجالات مثل التدخل في تعيين الحكومة العراقية والعمل على اضعاف حزب الله في لبنان والتجاوب مع اميركا واسرائيل ضد ايران والضغط على علماء اهل السنة وتعزيز التيارات السلفية المتطرفة و... .

وفي الحقيقة فان الكثير من المعادلات السياسية في العالم الاسلامي قائمة على اساس التقابل بين هاتين الموجتين : الموجة الاولى المبنية على اداء المتطرفين والموجة الثانية التي تسعى الى عرض الاسلام الحقيقى للبشرية ... فالعالم الاسلامي حبلى باحداث كبرى واستراتيجية.