رمز الخبر: ۲۳۵۸۴
تأريخ النشر: 13:34 - 14 June 2010
عصر ایران - السفیر اللبنانیة - يدرك السفير الإيراني الجديد في لبنان غضنفر ركن ابادي، تماما، اهمية الزيارات التعارفية التي يقوم بها، على المسؤولين والمعنيين في لبنان، وخصوصا الاخصام منهم، اذ ان اللقاء عن قرب معه والحديث في مختلف التطورات، كفيل بإزالة ذلك الحاجز النفسي الذي قد يقيمه البعض قبيل اي لقاء مع ممثل الديبلوماسية الايرانية في لبنان.

أبادي، الذي يعرف جيدا لبنان، هو الذي أمضى سنوات دراساته العليا في جامعته الوطنية حيث حصل على شهادة الدكتوراه، يقارب الموضوع اللبناني من موقع العالم بتفاصيله والمتفهم لحساسياته المتعددة، وبلسانه الدافئ وتهذيبه الشديد وعربيته الطليقة، يختصر تلك المسافة مع محدثه او حتى مساجله وبهدوء شديد.

أبادي لا يبدو قلقا .. لا بل يزنر حديثه شريط من الاطمئنان في كل ما يتعلق بالمواجهة المفتوحة مع الغرب حول ملف بلاده النووي، وقد تحدث، لأسرة «السفير»، بلهجة الواثق مما ستؤول إليه التطورات، مستخفا بالقرار الاخير الذي اتخذه مجلس الامن بفرض عقوبات على طهران، ومؤكدا ان العقوبات لن تغير قيد أنملة بموقف بلاده، فقد صار الملف النووي عنوانا للكرامة الوطنية وللعنفوان الوطني وهو زاد رصيد القيادة الايرانية بفعل عدم تقديمها أية تنازلات للغرب خاصة وأن موضوع
القنبلة النووية محرم شرعيا وايران تصر على الطابع السلمي لبرنامجها النووي.

انطلاقا من ذلك، لا يتوقف أبادي كثيرا عند التجاذب اللبناني الداخلي الذي ادى الى امتناع لبنان عن التصويت.

وإذا كانت طهران تحتفظ بتقدير كبير لكل من صوت ضد القرار، إلا أن أبادي لا يخفي المفاجأة من الموقف الذي خرج به لبنان، حتى أن أحدا من مؤيدي الامتناع لم يحاول تبرير او حتى توضيح موقفه للمسؤولين الإيرانيين.

يستند ابادي في موقفه هذا الى العلاقة المتينة التي تجمع إيران، حكومة وشعبا بلبنان الرسمي والشعبي، منذ سنوات طويلة، والتي كان من المفترض ان تدفع به الى التصويت ضد العقوبات كما فعلت تركيا والبرازيل ومثلما حصل لدى تمثيل قطر للمجموعة العربية في السابق.

على ان ما تمخض عنه الموقف اللبناني، برغم ان طهران كانت في حاجة الى موقف لبناني مغاير، لن يبدل بمتانة العلاقة العميقة مع لبنان، حسب السفير الايراني، الذي يضيف ان هذه العلاقة هي أقوى وأشمل وأوسع من ان تتأثر بذلك، لا بل ان المسؤولين في البلدين بصدد تعزيزها في المستقبل القريب.

يعلن أبادي بوضوح شديد ان طهران ترحب بالزيارة المنتظرة لرئيس الحكومة سعد الحريري في الوقت الذي يحدده، ذلك أن طهران كانت وجهت دعوة مفتوحة إليه، على ان تشكل الزيارة مناسبة لتعزيز الاتفاقيات الماضية بين البلدين، والتي لم ينفذ سوى اليسير منها، فضلا عن توقيع اتفاقيات جديد، «فإيران دولة غنية وتستطيع أن تفيد لبنان في مجالات عدة».

وعبر لبنان، ينتقل الى الحديث عن احتمالات الحرب في المنطقة، ويشدد في هذا الاطار، على ان العقوبات «السياسية» التي فرضت على بلاده، أتت لتستبدل شن العدوان عليها، وهي جاءت لحفظ ماء الوجه بالنسبة الى الادارة الاميركية على اثر الاعتداء الاسرائيلي الوحشي على أسطول الحرية في المياه الدولية، مشيرا الى ان القرار كان سيصدر بعد عام لو ان هذا الاعتداء لم يحصل.

ومن شدة ثقته بالموقع القوي لبلاده وللمقاومة في المنطقة، يذهب لاستبعاد قيام إسرائيل باي عدوان وشن حرب على لبنان او سوريا ناهيك عن إيران، وبلهجة متهكمة وتناول الحال الذي بلغته اسرائيل اليوم، خاصة بعد العدوانين الفاشلين على لبنان وغزة «التي لا تتعدى مساحتها كمدينة الـ45 كلم»، ويسأل أبادي عن سبب تركيز خمس من اصل سبع من المناورات العسكرية الاسرائيلية الاخيرة على الجانب الدفاعي؟ حتى بلغ الامر بقادة العدو الى التدرب على نصب الخيم في صحراء النقب بعد ان تبين ان عدد الملاجئ لا يكفي، فضلا عن أنهم بدأوا يفكرون باقامة مقابر جديدة تحسبا للآتي، بعدما كانوا في الماضي يعدون المستوطنين بالمن والسلوى.

يبدو ان حمى كأس العالم لا تغيب عن أبادي، وهو يستشهد بمثل بسيط من لعبة كرة القدم: موقف العدو كمن يخوض المباراة بأسلوب دفاعي برغم تأخره بالنتيجة لكي لا يتلقى المزيد من الأهداف! ويقول على هذا الصعيد ان إسرائيل وحدها لا تستطيع شن الحرب، كما انها عاجزة عن شنها بمساندة الادارة الاميركية لوحدها، مع العلم ان أولوية واشنطن تتركز على احياء المفاوضات وليس شن الحرب في المنطقة التي قد تؤدي الى مشاكل كبيرة مع العالم الاسلامي والعربي.

وبينما يرد السفير الايراني بلهجة حازمة بأن «أي تفتيش لسفننا سيقابل منا بموقف مماثل»، يستشف منه ان موقف بلاده المتشدد في موضوع التخصيب النووي، ينبع اصلا من قوة الموقف الداخلي والموقع الاقليمي، ويقول إن «إيران بلد غني جدا بالموارد الطبيعية والعقوبات لن تؤثر عليه»، لافتا الانتباه الى المثل القائل ان «الحاجة أم الاختراع»، اذ ان الحصار الخارجي قد دفع ببلاده نحو تعزيز التصنيع الداخلي، ويعطي مثالا بالاكتفاء الذاتي الذي توصلت اليه بلاده، اذ اصبحت توفر القمح لأكثر من 70 مليون نسمة، كما انها تمضي قدما في التصنيع الداخلي، فهي تنتج مليونين ونصف مليون سيارة، اما انتاجها العلمي فيمضي بتطور مضطرد، «اذ نعتبر العقوبات بمثابة البركة بالنسبة إلينا».

يبدو جليا التقدير الذي تحتفظ فيه إيران «للموقف المتحدي» الذي عبرت عنه تركيا اليوم، ويعتبر أبادي ان «الموقف التركي النزيه هو الذي دفع بنا الى عقد الاتفاق الاخير للتخصيب معها والبرازيل والذي يأتي لكي يثبت حسن نيتنا».

أما بالنسبة الى العلاقة مع واشنطن، فإن موقف طهران ليس رفضيا في المطلق، ذلك ان طهران لا تمانع بالحوار مع الإدارة الاميركية، لكن «من موقع الند اذ اننا لا نقبل من أي طرف مقاربة العلاقة معنا من موقع الهيمنة»، مؤكدا ان «لا معنى لأي موقف اذا كنا سنتنازل عن مبادئنا»، أما تخصيب اليورانيوم، فإن مسألة المضي فيه تبدو محسومة بالنسبة الى طهران... ولأسباب سلمية.