رمز الخبر: ۲۴۲۷
تأريخ النشر: 11:14 - 30 January 2008
بيد ان احمدي نجاد استطاع كسر هذا الحاجز في الشهور الاولى لرئاسته حيث تزامن ذلك مع مشاركته في اجتماع القمة السنوي للجمعية العامة للامم المتحدة في العام 2005 الامر الذي اتاح له اطلاق مواقفه والخطوط العريضة لسياسته الداخلية والخارجية.
عصر ايران – يوسف علي الصديق

قبل اكثر من عامين فاز الدكتور محمود احمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية للجمهورية الاسلامية الايرانية متخطيا احد الرجالات الكبار الذين افرزتهم ساحة المقاومة والجهاد قبل انتصار الثورة الاسلامية المباركة وبعده الا وهو اية الله الشيخ اكبر هاشمي رفسنجاني.

لقد اثار انتصار احمدي نجاد وهو الذي يعتبر من الجيل الثالث للثورة الكثير من السجالات فضلا عن المفاجآت على المستوى الداخلي والخارجي معا اذ لم يكن الشارع الايراني والمحافل الاقليمية والدولية يعرف عن الرجل شيئا سوى انه عمدة طهران ومحافظ سابق لمدينة اردبيل النائية والمحرومة اضافة الى موقعه الاكاديمي كاستاذ في جامعة العلوم الصناعية بطهران وانه يحمل شهادة الدكتوراه في فرع هندسة الطرق والمواصلات.

ويبدو ان هذا الاختصاص هو الذي جعله محط انظار المجلس المحلي لمحافظة طهران وترشيحه امينا للعاصمة وبالتالي فقد تقلد احمدي نجاد هذا المنصب وحقق انجازات مهمة كانت مثار اعجاب التيار المحافظ في ايران لاسيما جماعة العلماء المجاهدين الذين كان ممثلوهم ومنهم اية الله الشيخ احمد جنتي يشيدون بجهوده التي لا تعرف الكلل والملل وذلك خلال خطب صلاة الجمعة في جامعة طهران.

في الحقيقة فان وصول السيد احمدي نجاد الى منصب رئيس السلطة التنفيذية عقب الرئيس السابق السيد محمد خاتمي الذي حظي بشهرة عالمية نتيجة للاراء والتصورات الانفتاحية التي كان يطرحها في داخل ايران وخارجها ومن ذلك "المجتمع المدني" و "حوار الحضارات" خلق لدى البعض ولاسيما قطاعات معينة في الشعب الايراني هاجسا يوحي بان موقع طهران الدولي والاقليمي سينكفئ او يتراجع على خلفية نتائج الانتخابات وتقلد شخص ربما كان يعد مغمورا مقارنة بنظرائه السابقين منصب رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية.

بيد ان احمدي نجاد استطاع كسر هذا الحاجز في الشهور الاولى لرئاسته حيث تزامن ذلك مع مشاركته في اجتماع القمة السنوي للجمعية العامة للامم المتحدة في العام 2005 الامر الذي اتاح له اطلاق مواقفه والخطوط العريضة لسياسته الداخلية والخارجية. كما عقد موتمرا صحفيا على هامش القمة المذكورة في نيويورك اثير فيه سوال عن الوجود الصهيوني الغاصب فما كان منه الا ان يحمل اوروبا مسؤولية انشاء هذا الكيان في فلسطين المحتلة متسائلا بالقول : اذا كانت بعض الدول الاوروبية تشعر بالندم او تأنيب الضمير على خلفية الهولوكوست فما ذنب الفلسطينيين كي يدفعوا ثمن محرقة اليهود ايام الحكم النازي؟!

وبعد ما شكك الرئيس احمدي نجاد في الاحصائيات المبالغة لعدد ضحايا هذه المحرقة فانه اقترح اقامة دولة لمن اضطهد من اليهود في احدى مناطق اوروبا تكفيرا عن الشعور بالذنب موضحا ان الكيان الصهيوني منذ تاسيسه اللامشروع وحتى الان يمارس ابشع انواع الهولوكوست حيال السكان المسلمين الاصليين في فلسطين داعيا الى ازالة اسرائيل من خارطة العالم حاذيا بذلك حذو الامام الخميني (قدس سره) مؤسس الجمهورية الاسلامية في ايران الذي رفع شعار "ان اسرائيل غدة سرطانية لا بد من استئصالها الى الابد".

ولاشك بان هذا الموقف الشجاع والجرئ الذي اطلقه احمدي نجاد من قلب اميركا حظي باجلال وإكبار شديدين من قبل الاحرار في العالم لانه عبر بذلك عن نبض الشارع العربي والاسلامي وبالتالي فقد اصبحت تصريحاته التالية موضع اهتمام المحافل الدولية وشعوب الارض كافة خاصة وان الرئيس احمدي نجاد كان يصرح ويتحدث بعفوية "إبن البلد" و "الطبقة الكادحة" هنا وهناك ومن هنا فقد لقيت مواقفه منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا تجاوبا كبيرا ومدافعا من قبل جماهير الامة العربيه والاسلامية.

ان هذه الانطلاقة الطيبة للدكتور محمود احمدي نجاد وضعته في المرتبة الاولى في استطلاعات الراي العالمية حتى نقلت الوكالات ووسائل الاعلام الدولية بان الشعب المصري المعروف باصالته وصدقه صار يطلق اسم احمدي نجاد على افخر انواع البلح (التمر) هذا الى جانب اشادة المصريين دوما بالرئيس الايراني الجديد لانه رئيس مسلم غيور لا تاخذه في قول الحق لومة لائم.

ولا شك بان تاييد الجمهور المصري المعروف بانه لا يجامل عند تقدير أو تقييم الافراد والمواقف كان جزأ لا يتجزأ من تاييد الجماهير العربية العريضة التي وجدت في الرئيس احمدي نجاد التجسيد الحقيقي لتطلعاتهم واهدافهم العادلة خاصة وان الرئيس الايراني بدأ يواجه ضغوطا اميركية واوروبية وصهيونية بسبب تاكيده على تمسك طهران بحقها الطبيعي والمشروع في امتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية.

كما رأى الشارع العربي ولاسيما الشعب المصري المسلم الشقيق التوجهات الانفتاحية للرئيس الدكتور محمود احمدي نجاد على الدول والحكومات العربية من الخليج الفارسي الى المحيط الاطلسي والتزامه سياسة توطيد العلاقات والتعاون بين طهران والعواصم العربية كلها وكسره لبعض الحواجز التي كانت تلبد الاجواء في سماء العلاقات البينية فكان حضوره كضيف شرف في قمة الدوحة لدول مجلس التعاون واستعداده لزيارة القاهرة اذا تلقى دعوة رسمية من نظيره المصري بالاضافة الى مواقفه النضالية والاخوية الاخرى دعما للمقاومة الاسلامية في لبنان وللقوى والفصائل المناضلة في فلسطين كل ذلك باعثا الى ان يدخل حب احمدي نجاد في قلب كل مواطن عربي يتطلع الى اتحاد الرؤساء والمسؤولين العرب والمسلمين من اجل تحقيق المصالح العليا والمصيرية لامتهم لكن يبدو ان ثمة خطوطا وتوجهات في بعض الدول لا يعجبها ان يتحابب العرب والايرانيون او ان يتم جسر الهوة بين القاهرة وطهران ما دفعها الى اثارة علامات الاستفهام بشان شعبية السيد الرئيس محمود احمدي نجاد في الاوساط العربية والتلميح بتدني هذه الشعبية في الوقت الحاضر.

وبما ان هذا المقال لا يهدف الى الرد على المزاعم الواهية في هذا الاتجاه والتي يبدو انها تندرج في سياق المشاريع الغربية والصهيونية لتبشيع صورة رموز الامتين العربية والاسلامية الا انه يمكن القول بان السيد محمود احمدي نجاد لم يكن قط في وارد كيل المديح والثناء لشخصه داخليا او خارجيا لان هدفه الرئيسي والاهم بالنسبة له هو ان يصل المسلمون الى اسباب القوة والعزة والمنعة في ظل التحديات الاستكبارية الراهنة.