رمز الخبر: ۲۴۳۷۸
تأريخ النشر: 10:14 - 19 July 2010
محمد صادق الحسيني
عصرایران - مرة اخرى تطفو 'العورة' الاستخباراتية الامريكية على السطح فتحول ادارة اوباما المربكة اصلا في التعامل مع ايران، الى مجرد راعي بقر يطلق النار على كل من حواليه كما هي حالة افلام الويسترن الهوليوودية الشهيرة !

اذ يبدو ان 'طعم' شهرام اميري الذي ابتلعته ادارة واشنطن هذه المرة واستطعمته للوهلة الاولى ومن ثم غصت به لتلفظه طواعية بعد فوات الاوان افقدها صوابها فعادت مرة اخرى الى سياسة مايكل ليدن الشهيرة المعروفة في تحريك الفتن والحروب العرقية والمذهبية المتنقلة في المجتمع الايراني، فكان الهجوم الارهابي المزدوج على احد مساجد زاهدان من جديد ليذكر الايرانيين والعالم اجمع بعصر الهجمات الوحشية التي ظل يشرف عليها هذا الاخير حتى سقوط عبد المالك ريكي في قبضة الاستخبارات الايرانية رغم سماكة الطوق الامني الذي احيط به من جانب قوات حلف الاطلسي التائهة في رمال افغانستان المتحركة !

ومايكل ليدن هذا لمن لا يعرف هو مسؤول قسم ايران في معهد واشنطن للشرق الادنى في زمن بوش الابن والذي تحول الى مستشار خاص للرئيس الديمقراطي باراك اوباما، وهو صاحب نظرية 'دمقرطة' ايران عن طريق تقسيمها الى 83 قسما بين طائفة وعرق ومذهب او قبيلة وعشيرة وذلك على خلفية الدفاع عن حقوق الاقليات !

ومايكل ليدن هذا لمن لا يعرفه ايضا هو ضابط التوجيه السياسي الاعلى لقوات الكوماندوس الامريكية المنشغلة منذ سنوات في تدريب مجموعات ارهابية ليس فقط على امتداد الحدود الباكستانية الايرانية شرقا لارسالها الى داخل المدن الايرانية المكتظة بالسكان البلوش جنوب شرق البلاد، بل وعلى امتداد الحدود العراقية الايرانية من الشمال الى الجنوب من اجل ارسالها بشكل مجموعات مسلحة الى المدن الكردية السنية الايرانية، شمال غرب البلاد والى القرى العربية الشيعية الايرانية جنوب غرب البلاد وذلك بهدف اضعاف الدولة المركزية وتشتيت جهودها!

منذ 'غزوة' الحادي عشر من ايلول/ سبتمبر الشهيرة والمخابرات الامريكية ومعها اجهزة الموساد الاسرائيلي تبحثان عما سمي في عهد بوش بالجائزة الكبرى، اي الانقضاض على الحكم المركزي في طهران!

لم تنفع كل الاساطيل الامريكية التي تجوب البحار منذ ذلك الحين، ولا قوات الغزو المتعددة الجنسيات سواء تلك التي اجتاحت افغانستان او تلك التي استباحت العراق، من زعزعة امن واستقرار الجمهورية الاسلامية الايرانية حيث كانت واحدة من اهم اهداف الغزوتين الآنفتي الذكر ان لم تكن الهدف الاساسي اذا ما اخذنا مقولة الجائزة الكبرى البوشية بعين الاعتبار !

وكما كان يحلم بعض 'المغسولة ادمغتهم' من اشباه النخب الذين يسمون انفسهم بالمعارضة، بان اسالة الدم الداخلي من شأنه ان يعجل في التمرد او الطغيان ضد نظام الحكم الاسلامي، وذلك عبر قولتهم الشهيرة: 'الاصلاحات بحاجة الى دم'!

فان مايكل ليدن الجاهل هذا بحقيقة ايران وبالثقافة الدينية الايرانية ظن هو الآخر واقنع رؤساءه في المخابرات وفي البيت الابيض والكونغرس على ما يبدو بان الحل للوصول الى الجائزة الكبرى قد يكون في اشعال نيران الطائفية والمذهبية والعرقية المقيتة لعلها تشكل بادرة حرب اهلية داخلية عمومية من شأنها اضعاف عزيمة الايرانيين ومقاومتهم لمشروع التبعية للاجنبي فكانت هجمات زاهدان الاخيرة على غرار هجمات مجموعات البيجاك الارهابية ضد المدن الكردية وتلك الاخرى التي سبقتها ضد السكان العرب الايرانيين جنوبا !

غير ان مايكل ليدن ، سرعان ما سيكتشف بان سفك الدماء الايرانية البريئة هذه لن تزيد الايرانيين الا منعة وقوة، وهل نسي ان اجيالا من هذا الشعب العظيم الصابر على الاذى منذ ثلاثة عقود والصامد رغم اطواق الحصار وكل اشكال التآمر والاغتيال والقتل والذبح والدمار، كان انتصاره اصلا بنظرية حتمية انتصار الدم على السيف !

انها خيبة جديدة سيدونها تاريخ شعب ايران العظيم في سجل خيبات الرجل الاستعماري الابيض جمهوريا كان ام ديمقراطيا وامريكيا كان ام اسرائيليا!

ومثل هذه الجرائم الموصوفة انما تقرب نهاية الاحلام الامبراطورية كما نهاية احلام اولئك الذين ربطوا مصيرهم بالاستقواء بالخارج على الداخل ايا كانت ذرائعهم !

لا احد في ايران كلها يمكن ان يصدق ولو للحظة واحدة بان هذه المجموعات الارهابية المسلحة التي تنشط بين الفينة والاخرى لتسفك الدماء في الاماكن العامة بامكانها ان تقوم باي من هذه العمليات الوحشية دون تدريب ودعم واسناد القوى الاستعمارية.

فليدفن مايكل ليدن واسياده احلامهم في رؤية ايران مقسمة او متنازعة او متخاصمة او متفرقة مرة والى الابد فايران الاسلام لا تقبل القسمة على اثنين، فكيف بـ 83 قسما؟!

انه الدين والغيرة والثقافة والحضارة الايرنية التي باتت معجونة بحب التضحية والايثار من اجل الاولياء والصالحين وهي الثقافة التي رضعتها الاقوام الايرانية باختلاف تضاريسها اللغوية والعرقية مع حليب امهاتهم جيلا بعد جيل !

اخيرا وليس آخرا نصيحة لمايكل ليدن نقول: لقد جرب من قبلكم نفر كثير حظهم العاثر مع ايران الاسلام فباؤوا بفشل ذريع من طبس الى زاهدان، فان كنتم مع ذلك مصرين على ارتكاب الحماقة نقول لكم كما يقول المثل الشهير: 'من جرب المجرب عقلو مخرب' او' من جرب المجرب حلت به الندامة' وان غدا لناظره قريب !

القدس العربی