رمز الخبر: ۲۴۹۰۶
تأريخ النشر: 09:43 - 14 August 2010
وتقول روسيا إن العقوبات الدولية على إيران، وحتى السلة الرابعة منها التي فرضت على الجمهورية الإسلامية في يونيو (حزيران) الماضي، لا تمنع موسكو مباشرة من المضي قدما في مفاعل بوشهر.
عصرايران - بعد تأخير استمر 40 عاما، من المتوقع تشغيل مفاعل بوشهر النووي الإيراني إثر إعلان موسكو، أمس، عن أنها ستبدأ في شحن وقود اليورانيوم إلى بوشهر في 21 أغسطس (آب) الحالي.

 وبينما اعتبر مسؤول غربي أن بوشهر هو «النموذج النووي الصحيح» الذي يرغب الغرب في أن تسير عليه إيران، دعا مسؤول أميركي طهران إلى «تشغيل صحيح» للمنشأة، مشددا على أن القلق من نوايا طهران النووية ما زال موجودا، وأن «إيران ما زالت تخرق التزاماتها بشكل خطير».

ويأتي الإعلان الروسي أمس على الرغم من المطالب الأميركية بمنع إيران من حيازة الطاقة النووية، حتى يتم التأكد من عدم سعيها وراء إنتاج أسلحة نووية.

وبحسب مسؤولين إيرانيين وروس فإن وقود اليورانيوم سيشحن إلى مفاعل بوشهر، ثم تبدأ عملية التشغيل التي ستستغرق شهرا، وستنتهي بإمداد المدن الإيرانية بالكهرباء.

وتقول روسيا إن العقوبات الدولية على إيران، وحتى السلة الرابعة منها التي فرضت على الجمهورية الإسلامية في يونيو (حزيران) الماضي، لا تمنع موسكو مباشرة من المضي قدما في مفاعل بوشهر.

بل إن موسكو جادلت بأن مشروع بوشهر يعد أمرا جوهريا لإقناع إيران بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتنفيذ التزاماتها إزاء معاهدات الحد من الانتشار النووي.

غير أن المسؤولين الروس لم يوضحوا أسباب قرار شحن الوقود النووي إلى مفاعل بوشهر في هذا الوقت بالذات.

ويبدو أن الولايات المتحدة غير قلقة من قرار روسيا بتزويد إيران بوقود نووي لتشغيل مفاعل بوشهر النووي. واعتبر الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، مايك هامر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تزويد مفاعل لا يشكل تهديدا في تطوير برنامج إيران النووي، وأوضح هامر: «نحن نقر بأن مفاعل بوشهر صمم لتزويد الطاقة النووية المدنية، ولا نراه تهديدا لانتشار الأسلحة النووية، لأنه سيكون تحت ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما أن روسيا تزود الوقود المطلوب، وتأخذ الوقود المستهلك الذي يعتبر مصدر القلق الرئيسي من انتشار الأسلحة النووية أو تطويرها».

بل يبدو أن الولايات المتحدة بدأت تشير إلى مفاعل بوشهر على أنه خير مثال على إمكانية حصول إيران على وقود نووي لأغراض سلمية ومدنية، من دون إثارة مخاوف تطوير سلاح نووي. وقال هامر إن «دعم روسيا لبوشهر يؤكد على أن إيران ليست بحاجة إلى قدرة محلية لتخصيب اليورانيوم إذا كانت نواياها سلمية بحتة».

وأضاف المسؤول الأميركي أن «تزويد روسيا الوقود إلى إيران هو نموذج قدمناه نحن وشركاؤنا في الـ(5+1) لإيران»، في إشارة إلى العرض الذي قدمته الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا لإيران، لتزويدها بالوقود الضروري لتشغيل منشآتها النووية مقابل إخراج اليورانيوم المخصب من إيران، وتابع هامر: «نحن نتوقع أن تلتزم إيران بالقواعد والممارسات الدولية المعترف بها، لضمان التشغيل السليم للمنشأة، بموجب ضمانات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وكان هامر حريصا على توضيح الفرق بين منشأة بوشهر والبرنامج النووي الإيراني العام، الذي ما زال يثير شكوكا في الولايات المتحدة والأمم المتحدة حول أهدافه، وقال هامر: «يجب عدم الخلط بين رأينا حول مشروع بوشهر وقلق العالم الأساسي حول نوايا إيران النووية الكلية، وخاصة سعيها لتخصيب اليورانيوم، وانتهاك إيران المتعمد لالتزاماتها الدولية». وأضاف: «من المهم التذكر أن وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية لبوشهر أمر منفصل عن التزامات إيران الأوسع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويجب عدم الخلط بينهما». وذكر هامر أنه «مثلما أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية باستمرار إيران ما زالت تخرق التزاماتها بشكل خطير».

ومن جانبه، قال مصدر دبلوماسي غربي رفيع بالعاصمة النمساوية فيينا التي تستضيف مقر الوكالة الدولية للطاقة النووية، لـ«الشرق الأوسط» إن «بوشهر هو النموذج النووي الصحيح الذي يرغب الغرب في أن تسير عليه إيران، للحصول على حقها في طاقة نووية نظيفة؛ إذ وفقا للاتفاقية الموقعة بين روسيا وإيران بشأن بوشهر، فإن روسيا ملتزمة بتوريد الوقود النووي للمفاعل، كما أنها ملتزمة باستعادة المخلفات النووية منه». وأضاف المصدر أن «بوشهر ظل دائما قضية خاصة، ولم يدخل مطلقا ضمن نقاش الأنشطة الإيرانية المثيرة للريبة، وسيظل كذلك طالما ظلت روسيا تمده بالوقود وتحصل على مخلفات اليورانيوم، وهكذا يبقى خير مثال للتعاون النووي المطلوب في حالة إيران».

ومن جانبها، لم تدل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأي تعليقات حول تدشين العمل بالمفاعل، ملتزمة الصمت كعادتها طيلة السنتين الأخيرتين، وقد كثرت خلالهما تصريحات إيرانية وأخرى روسية بخصوص العمل في المفاعل، وإشارات متضاربة، واتهامات أحيانا بأن إيران لم تسدد المستحقات الروسية المالية، وفي المقابل اتهامات إيرانية للروس بالتأجيل في التنفيذ، خضوعا لضغوط غربية.

وردا على سؤال «الشرق الأوسط» لمسؤول بالوكالة، أجاب، بشرط حجب اسمه، لكون كل التصريحات الدائرة حول بوشهر، حسب رأيه، تصريحات عن «صفقات تجارية» بحتة لا دخل للوكالة فيها، أوضح أن «مفاعل بوشهر لم يكن في يوم من الأيام جزءا من القرارات الخاصة التي أصدرها مجلس الأمن ومجلس أمناء الوكالة ضد التجاوزات الإيرانية، التي أدت لإدانة إيران بعدم الالتزام، وذلك لكون بوشهر ظل مفاعلا نوويا لأغراض مدنية، وعلى وجه الخصوص لإنتاج الكهرباء».

ويخضع مفاعل بوشهر، ومنذ بدء العمل فيه عام 1995 لرقابة وتفتيش روتيني من قبل مفتشي الوكالة، كغيره من بقية المفاعلات النووية المدنية في مختلف بقاع العالم. إضافة لذلك، وبالعودة لكل التقارير التي ترفعها الوكالة قبل كل اجتماع لمجلس أمنائها، نجد أن أخبار بوشهر ظلت دائما أخبارا عادية تؤكد تنفيذ إيران لقرارات الضمان بشأنه.

وفي سياق مواز، رفض المصدر الإجابة على سؤال إن كان الوضع سيتغير في نظر الوكالة بعد أن يتحول بوشهر من مجرد منشأة نووية تحت التشييد لمفاعل نشط يعمل، لا سيما أن إيران لا تزال متمسكة بقرارها لمواصلة تخصيب اليورانيوم، وبنسبة عالية تصل إلى 20 في المائة، على الرغم من العقوبات الدولية والقرارات التي تحظر ذلك وتحرمه.

وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت عن سيرجي نوفيكوف، المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الروسية (روساتوم) قوله حول شحن الوقود إلى مفاعل بوشهر: «سيكون خطوة لا رجعة فيها.. وسيمكن تصنيف مفاعل بوشهر النووي عند حدوث ذلك على أنه منشأة للطاقة النووية»، وأضاف أن أول تفاعل انشطاري سيكون في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، وقال: «يعني هذا أن فترة الاختبار انتهت، وبدأت فترة الإطلاق الفعلي، لكن هذه الفترة تستغرق نحو شهرين ونصف الشهر». وفي طهران، قال علي أكبر صالحي رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية إن احتفالا بافتتاح المحطة سيقام في أواخر سبتمبر (أيلول) أو أوائل أكتوبر (تشرين الأول), حين يتم نقل الوقود إلى «قلب المفاعل».

وقال صالحي لوكالة «مهر» الإيرانية للأنباء إنه سيتم ربط المفاعل بشبكة الكهرباء الإيرانية بعد ذلك بستة أسابيع، حين يتم تشغيلها بمستوى يصل إلى 50 في المائة.

وكانت العلاقات بين موسكو وطهران قد شهدت توترا في الأشهر الماضية، مع تشديد روسيا لهجتها حيال البرنامج النووي الإيراني، غير أن رئيس الوزراء، فلاديمير بوتين، أكد هذه السنة أن محطة بوشهر ستبدأ العمل في الصيف. وشدد مسؤولو «روساتوم» الروسية على أن المحطة البالغة طاقتها ألف ميغاواط تحتاج إلى بعض الوقت لتبدأ العمل بشكل فعلي، وأن المفاعل سيعمل بحد أدنى من طاقته بنسبة 1 في المائة بعد ثلاثة إلى أربعة أشهر.

إلى ذلك اعتبرت فرنسا أن تسليم روسيا الوقود لمحطة بوشهر هو «سبب إضافي»، يفترض أن يدفع طهران إلى «تعليق نشاطاتها النووية الحساسة».

وقالت مساعدة المتحدث باسم الخارجية كريستين فاج إن «تسليم روسيا الوقود لهذه المحطة يشكل سببا إضافيا لكي تعلق الجمهورية الإسلامية نشاطاتها النووية الحساسة، عملا بقرارات مجلس الأمن، وعلى الأخص القرار 1929، الصادر في يونيو (حزيران)».

وأشارت إلى أنه «لا يمكن لإيران أن تستخدم في بوشهر سوى الوقود الروسي الذي يتناسب مع مواصفات هذه المحطة»، مضيفة أن «قيام إيران بتخصيب اليورانيوم لا يمكن بالتالي تبريره بالمساهمة في تشغيل محطة بوشهر».