رمز الخبر: ۲۵۲۹۲
عدد التعليقات: ۷ التعلیق
تأريخ النشر: 15:23 - 28 August 2010
مقطعان من رواية ایرانیة

مقطعان من رواية "أنا هو" للروائي الإيراني رضا أمير خاني
تصدر قريبا عن مركز الفنون (حوزه هنري) بالعاصمة طهران .

نظر علي إلى الامام ولاحظ ان الدرويش مصطفى يقترب منهما اكثر فأكثر، ثم ما لبث ان رفع فأسه الذهبي تجاه علي مما يعني انه سوف يخفي علياً بالكلام الغامض والحكم المبهمة. حدّق الدرويش ملياً بعيني علي وقال:

-القلب هو البنيان الوحيد الذي يصير أكثر استحكاماً كلما اهتز. يجب ان نعصر القلب مثلما نعصر الرمانة كي نحصل على زبدة العصير، ولاشك في انه عصير لذيذ.

هزّ كريم رأسه مؤيداً. مرر الدرويش يده على رأس علي ثم مسحها بلحيته من باب التبرك، وودعهما بعبارة مبهمة اخرى:

-يا حق.. العاشق الذي لم يغتسل بعد، هو عاشق حقيقي، أنه مبارك كذلك انفاسه.
    ابتعد الدرويش رويداً رويداً إلى ان اختفى عن الأنظار، لكن صوته بقي يرن في أذني علي: " القلب هو البناء الوحيد الذي يزداد إستحكاماً كلما تعرض للاهتزاز ".

    ولم يفهم علي معنى كلمة " غسل " لكنه سمع كراراً مفردة البركة من جده وجدته، مع ذلك لم يعرف ماذا تعني تحديداً. تذّكر مهتاب مرة اخرى فاهتز قلبه وصرخ: اذن هذا هو معنى الحب. كان كريم منشغلاً بعصر الرمانة الرابعة حينما انتبه إلى علي فخاطبه: أيها الحمار ما بك تصرخ، كنتُ واقعاً كالمجنون، سارح الذهن، ثم صرخت تصرخ كمن أخبروه بغرق سفنه.

انتبه علي إلى حاله، نظر إلى كريم، لم يساوره الشك بمحبة كريم له ولكنه كان مطمئناً ان كريماً لا يفهم معنى العشق. حينما فرغ كريم من ارتشاف عصير آخر رمانة قال:

-لقد قضينا على الرمانات الأربع، والآن علينا أن نتطرق لأصل الموضوع، عليك أولاً ان لا تعير أهمية للدرويش مصطفى، فهو يرفع الإنسان مرة إلى العرش الأعلى وفي مرة أخرى يرميه على قاع الأرض ، لا اعتبار لسلوكه أبدا. إن أصل الموضوع هو أن تتبعني وان تنفذ برحابة صدر كل  ما أطلبه منك.

    وافق علي بتعجب وإستغراب ورافق كريم في مهمة مجهولة. دلف كريم في شارع يتلو شارع مسجد قندي وكان يعرف بشارع مختاري , في هذا الشارع يقع بيت كبير يعود لقوام السلطنة، وقد ابتاع عدد من أمراء السلالة القاجارية بيوتاً في نفس الشارع، اقتداء به.

    إتّجه كريم نحو إحدى البيوت، كان الجو معتماً، وثمة مصابيح زيتية تضيء واجهات بعض البيوت. أخرج كريم قطعة من الحبل كان يحتفظ بها في جيبه وربط أحد رأسيه بمدق الباب المخصص للرجال وأعطى الرأس الثاني لعلي. كان على يسير مسرعاً ويتبع كريم في كل خطوة يطلبها منها. اتجها نحو الجهة وتسلق شجرة ضخمة ثم مسك بيد علي وساعده على الصعود إلى أعلى الشجرة.
استفسر علي ان كان هناك حارس أو خادم في البيت وأراد ان يتابع اسئلته حينما قال له كريم:
-صه، لا ترفع صوتك.

سحب كريم الحبل إلى الوراء ثم تركه يعود إلى وضعه الأول، فارتفع مدق الباب ثم هبط ليحدث رنيناً مدوياً في عتمة ذلك المساء. من وراء الباب ارتفع صوت طفولي يستفسر عن هوية الطارق.

###

في ميدان توب خانه كان السيد تقي بانتظارهما حسب الاتفاق، كان يجلس جوار سائق سيارته، لوح لهما بيده، فسارت السيارتان باتجاه حفل البلدية. من مقعده الخلفي، كان فخر التجار ينظر بين حين وآخر لسيارة الحاج تقي وللنساء الثلاث الجالسات في المقاعد الخلفية وهن مشغولات بالحياكة والثرثرة مع السائق الأرمني. بعد ان اجتازت السيارتان شارع " لاله زار " انعطفتا نحو مبنى البلدية وتوقفتا عند حديقة " باغ رز " نزل الجميع من السيارتين، ووقف السائق ألأرمني إلى جوار السائق الشميراني عند بوابة الحديقة.

    عند البوابة ثمة قنديلان يعملان بالغاز وصينية مملؤة بالياسمين منضوية على طاولة، وحارسان يقفان عند المدخل. ألقا الحارسان التحية على الضيوف، ما أن اجتازوا بوابة المدخل حتى توقفوا للحظة، فتاح وفخرالتجار وتقي في جهة والنساء في الجهة الاخرى. تذمر الحاج فتاح من نفسه حينما نظر إلى النساء. وفي اللحظة نفسها التقت نظرات فخرالتجار بنظرات تقي، هزّ الأخير رأسه متأوهاً، لم يعد ذلك الرجل الفكه، خفض الحاج فتاح نظراته، لكن فخرالتجار كان يحدق بنظرات حادة نحو النساء، وحينما وقعت نظراته على احداهن ابتسم واتجه نحوها وقال:

-    أنا سوف أحضر الحفل مع هذه السيدة الجميلة.

لم يجبه السيد تقي، لكن المرأة البولندية سحبت نفسها من جوار فخر التجار وركضت نحو السيد تقي وقالت له شيئاً غير مفهوم، بادلها السيد تقي بكلمات غير مفهومة، ثم استدار نحو فخرالتجار:
-    يبدو انك إلتهمت الحياء وتقيأته، هل تعرف ماذا قالت؟ تقول انهن جئن إلى هنا     بحكم ثقتهن بي، وإلا فان فتيان اسطنبول أكثر وسامةً لهن منا نحن الرجال     الهرمين، آه لقد صرنا مثل ذلك الصياد الذي أنقذ الخروف من الذئب لا حباً     بالخروف وإنما للظفر بلحمه.

    طأطأ فتاح رأسه واتجه نحو الباب، لكن الحاج تقي أمسك بيد فتاح وأعاده إلى المكان الذي اجتمعوا فيه وقال له بصوت حزين:

-    لا حيلة لنا يا حاج فتاح، نذهب معاً ويجلسن إلى جوارنا وكأن الامور تبدو     طبيعية.
    كان الحاج فتاح يترنم بكلمات غامضة وبعد هنيهة لم يعد قادراً على إخفاء غضبه فقال بصوت مرتفع:
-    لقد غلبونا وأسكتونا تماماً وعلينا الآن أن نرقص مرغمين وفقاً لإيقاعهم، أنهم     غلبونا بالضربة القاضية.

    كان الهواء مستقراً في ذلك المناخ الخريفي، ويبدو فاقداً للروح، يشبه جثة هامدة، كانت الأضواء فيما تترآى من على بعد مسافة من أعمدة القاعة الواقعة في نهاية المزرعة، اتجهوا نحو القاعة وكانت الوريقات الصفر تخشخش تحت أقدامهم.

    عند باب القاعة يقف رجل يدعى فكلي، يتطلع إلى الجمع من على بعد مسافة، وحينما اقتربوا منه أكثر، وضع نظارة من غير ماسكتين على عينيه، وتأكد من النساء الثلاث، لم يكن يرتدين حجاباً على رؤوسهن، تقدم من الجمع وألقى تحية على السيد تقي قائلاً:

-     أهلاً بك وأهلاً بالحاج فتاح وأشكر فخرالتجار على حضوره، تفضلوا، تفضلوا إلى الداخل، أهلاً بكن سيداتي، إن حضوركن شرف كبير لنا، آه يالذوقكن الرفيع، نساء عصريات بكل ما تعنيه الكلمة، انظر لقبعاتهن الجميلة ولذوقهن البديع، تفضلوا..

قال السيد تقي بصوت منخفض لفكلي:

-إخرس أيها الكلب.
    يبدو ان فكلي تفهم الامر فلزم الصمت وصحبهم جميعاً نحو أكبر طاولة في القاعة، جلسوا حول أطراف طاولة مستديرة، النساء جوار بعضهن الآخر، والرجال جوار بعضهم البعض، ألقى فتاح نظرة على الحاضرين وشعر بالطمأنينة حينما انتبه ان الحضور لا يتجاوز العشرين شخصاً، اما النساء البولنديات فقد نسين لبرهة من الوقت ازعاجات فخر التجار ورحن يتهامسن تارة، ويتبادلن أطراف الحديث بصوت مسموع تارة أخرى.

    على الطاولة تم إعداد فطائر تحوي على الحليب المسكر وأناء ممتلىء بعصير الليمون. لم يكن الحفل قد بدء نشاطه بعد، كان فكلي يملي على زميل له أسماء الحاضرين، ألقى السيد تقي نظرة على المكان وقد لاحظ ان بعض الحاضرين جاؤوا مع نسائهم وبناتهم وكانوا يتضايقون إن نظر اليهم أحد ما، مما يعني انهم كانوا في غاية الاضطرار لحضور الحفل.

    أما النساء فقد خبأن أنفسهن في قبعات كبيرة الحجم من الموديلات الغربية وفي ملابس وفساتين فضفاضة من التصاميم الأوربية وكن يحرصن ان يخفين وجوههن خلف الكؤوس المعدة لعصير الليمون. عدد قليل من النساء لم يتضايقن من أجواء الحفل وكان يبدو عليهن انهن سبق لهن حضور مثل هذا الحفل مرات عديدة ماضية. فجأة همس السيد تقي لفتاح قائلاً:

-انظر لتلك السيدة وذلك الرجل، هل عرفتهما، ربما يصعب عليك معرفة المرأة لكن دقق في ملامح الرجل، انه رئيس نقابة المفروشات الذي اعتقدت انه من     المؤمنين بسبب حرصه على المظاهر الدينية.
المنتشرة: 7
قيد الاستعراض: 0
لايمكن نشره: 0
احمد
Netherlands
18:28 - 1389/06/06
0
0
يالروعة الأدب الفارسي ، انه يلامس شغاف الروح.شعب مبدع حقا هو الشعب الايراني
نسيم
Netherlands
11:57 - 1389/06/07
0
0
هذه المقاطع شوقتني أقرأ الرواية ملها، كيفاحصل عليها؟
محمد
Iran (Islamic Republic of)
16:58 - 1389/06/08
0
0
عنوان سوف يهز العالم !!!!!!!!!!!!!!
احمد
Netherlands
15:25 - 1389/06/13
0
0
الى المعلق الثالث
العنوان عادي تعليقك سوف يهز العالم