رمز الخبر: ۲۵۷۶۷
تأريخ النشر: 09:59 - 20 September 2010
عصرايران - اجرت صحيفة (ايران) حوارا خاصا مع رئيس الجمهورية الاسلامية، الدكتور محمود احمدي نجاد قبل توجهه للمشاركة في اجتماعات الامم المتحدة بنيويورك، واجاب فيه على اسئلة الصحيفة حول مختلف المواضيع.

س- شاهدنا مشاركتكم في الاعوام الماضية والوفود المرافقة لكم في مثل هذه الاجتماعات فما هي الفكرة من وراء هذه المشاركات؟

ج- بسم الله الرحمن الرحيم (اللهم عجل لوليك الفرج والعافية والنصر واجعلنا من انصاره واعوانه، والمستشهدين بين يديه)، اتقدم بتحياتي الى الشعب الايراني العزيز ولكم ايها الاصدقاء ولجميع زملائكم في صحيفة ايران. في رأيي ان السياسة الخارجية تعني التواجد الناشط في الساحة الدولية، ونحن لو اردنا المحافظة على مصالحنا الوطنية فعلينا بالتأكيد ان نلعب دوراً ناشطاً وفاعلاً في هذه الساحة، في حين اننا اذا تركنا الآخرين يخططون ويبرمجون ويحددون لنا ادوارنا، فان ذلك لا يليق بالشعب الايراني ولا يحافظ على مصالحنا الوطنية ومصالح مبادئنا ومعتقداتنا.

ان واجب الحكومة هو ان تتواجد في هذه الساحات وان تشارك فيها وتسعى لاصلاح عناصر ادارة العالم. ومن جهة اخرى، اذا القينا نظرة على مسيرة التطورات الدولية والاقليمية سنرى بوضوح ان العالم بحاجة الى ذلك الاصلاح والتغيير، فاليوم ان اوضاع العالم والنظام الحاكم فيه ناتجة عن وقوف تلك الادارة الحالية في العالم بوجه معتقداتنا ومبادئنا ومصالحنا الوطنية. وفي الحقيقة ان هذا النظام يسير لصالح فئة خاصة كالصهاينة والرأسماليين وان هذه الادارة وترتيباتها وضعت كضد للشعوب بما فيها الشعب الايراني. لذا من الطبيعي ان نسعى ونجهد لاصلاح هذه العلاقات وان نجعلها تسير على اساس العدالة والانسانية.
في هذا السياق، فان احدى الساحات التي يتوجب علينا متابعة هذا الهدف فيها في المؤسسات الدولية وخاصة الامم المتحدة التي هي في الواقع الآلية الرئيسية لتطبيق الاستراتيجيات والنظريات الموسعة للرأسماليين والمتحكمين بالعالم، تعتبر منبراً كبيرا ونقطة تماس وتواصل عريضة مع كافة البلدان. وفيها في الواقع يتم وضع القوانين الاممية والتي تطبق فيما بعد على العالم.

لذا فان اقل ما يمكننا فعله هو التواجد الناشط والفاعل في قرارات الامم المتحدة والتأثير على اجوائها وعلى افكار الرأي العام العالمي.

س- اذا اردنا القاء نظرة سريعة على نتائج مشاركتكم في اجتماعات الامم المتحدة في الاعوام الماضية، فالى ماذا يمكن لسيادتكم الاشارة اليه؟

ج- ان هذا التغيير في المناخ الحاكم في العالم واصلاح العلاقات وادارة هذه العلاقات، هي ليست بالامر الذي يثمر في يوم واحد. وعلينا ان نشير الى قضية ايران ودورها في هذا الصعيد. فكلنا شاهدنا كيف كان الشعب الايراني يعتبر كشعب من الدرجة الثانية وشعب تابع ومبعد عن العلاقات الدولية. وفي عام 2005 كان الهدف الاول للمشاركة في اجتماع الامم المتحدة كسر طوق هذه الحالة والاعلان بان ايران بلد حي وسيكون ذا تأثير ومستعد للمشاركة الفاعلة في المسرح الدولي.

 واعتقد ان هذا الهدف تحقق الى حد كبير، وكسر ذلك الطوق واصبحت ايران الموضوع الاول في الدنيا وعادت مرة اخرى وبطاقة هائلة وجدية الى الساحة الدولية واصبح لديها ما تقوله حول كافة الامور والقضايا. ووسط هذا كان احد المواضيع هو الطاقة النووية الذي كان في الواقع وسيلة للاعراب عن وجهات النظر ولتطبيق التغييرات المنشودة.

وكانت مشاركة الوفد الايراني في الامم المتحدة خلال الاعوام التالية قد اعتمدت حالة انتقاد الاوضاع القائمة وكون العالم بحاجة الى تغييرات سياسية. وهذا الهدف تحقق هو الآخر. ولحسن الحظ شاركنا في العام الماضي في اجتماع الامم المتحدة واعلن تقريبا جميع الخطباء ان العالم بحاجة الى تغييرات اساسية وان الاوضاع القائمة غير قابلة للاستمرار وان النظام القائم هو نظام غير عادل في حين ان العالم بحاجة الى العدالة.

واعتقد ان وجود رأي مشترك لدى العالم وكون الجميع يطالبون بتغيير الوضع الراهن في النظام العالمي، هو بحد ذاته نصر للجمهورية الاسلامية. وحتى ان حصول شعار التغيير في نهج امريكا التأييد الشعبي هو نتيجة لما قامت به الجمهورية الاسلامية الايرانية. وهذا لا يعني ان الاخرين لم يفعلوا شيئا، بل في الحقيقة ان الجمهورية الاسلامية كانت محور التحرك واوضحت بكل شفافية ضرورة احداث ذلك التغيير.

الجدير ذكره انه اذا نظرنا الى خطاب رئيس الجمهورية الامريكية في الجمعية العامة السنة الماضية، لرأينا ان محوره يدور حول انتقاد عمل الحكومة الامريكية والنظام الحاكم في العالم والتعهد بالسعي لاصلاح ذلك. اننا اردنا هذا بالذات في المرتبة الاولى. وهذا ما تحقق الى حدكبير، وكما قلت فان الجميع وراء التغيير في الاوضاع غير العادلة في العالم. لكن من البديهي ان نفس المسببين لهذه الاوضاع يريدون ان يتولوا بأنفسهم عملية التغيير هنا تتعقد الامور. اي عندما ثبت الآن اننا بحاجة الى تغيير الاوضاع عالميا، علينا ان نقول ايضا ما هو التغيير الذي تريده الشعوب وبأي اتجاه يجب ان يذهب هذا التغيير. وهذا في الحقيقة ما يقيم الدليل على نظرية الجمهورية بشأن ادارة شؤون العالم.

س- هل هذا يشكل جدول اعمالكم في نيويورك هذا العام؟

ج- نحن بدأنا بمتابعة الهدف المذكور، وكانت مشاركتنا في مؤتمر الحظر النووي لنفس هذا الهدف. وفي هذا المؤتمر حصل تعديل في جانب من العلاقات الدولية. وبالطبع لم يتضمن البيان الختامي للمؤتمر جميع مطالبنا، لكن تضمن روح تلك المطالب وقد كان جانب من مطالبنا يدعو القوى النووية للتعهد بنزع سلاحها، وكان هناك اتفاق حول هذا الهدف وحدد فترة معينة لتلك القوى لتنزع سلاحها، لكن هذا لم يدرج في البيان النهائي، هذا في حين انه تم الاتفاق على حق الجميع في الطاقة النووية السلمية ونزع السلاح عالميا ووجوب انضمام النظام الصهيوني الى اتفاقية (ان.بي،تي)، وهذا يعني في الحقيقة نزع السلاح النووي وانه لا يحق لاحد فرض آرائه في العلاقات الدولية.

ومن جهة اخرى فانه من خلال مشاركة ايران في هذا المؤتمر احبطت المخططات التي استهدفت بلادنا على وجه الخصوص. والامر المهم هو تعديل اتفاقية الحظر لصالح شعوب العالم ولمجابهة سلطة بلدان معينة. وهذا انجاز كبير تتوجب متابعته في مختلف الساحات السياسية والاقتصادية والامنية ولتعديل بنية الامم المتحدة، اذ ان هذه الامور تأتي من داخل هذه المنظمة الدولية. وهذه البنية يتوجب تعديلها لتصبح المنظمة عائدة لكافة الشعوب. فالامم المتحدة الان ليست منظمة دولية بل منظمة لبضعة دول. ونحن علينا التحرك لتعديل ذلك، علما ان عددا كبيرا من الدول يشاطرنا الرأي.

س- ان منتقديكم في الداخل والخارج يشيرون الى حالة تناقض ويقولون كيف يعتقد رئيس الجمهورية بأن الامم المتحدة وليدة لعالم الاستعمار وانه لا يعترف بها، وبنفس الوقت مستعد لالقاء كلمة فيها ويشارك في اجتماعاتها كل عام؟

ج- هناك الكثير من الامور التي لا نقبل بها، فهل علينا الامتناع عن التعاطي معها؟

س- هل تقر بوجود تناقض؟

ج- كلا، واضرب هنا مثلاً: اقتصاد بلدنا قائم على اسس رأسمالية ونحن نريد ان نوجهه باتجاه الاقتصاد الديني والاسلامي. فهل علينا لكي نصل الى هذا الهدف، ان نعطل الاقتصاد والبنوك؟ الجواب هنا هو بالنفي. فهذه المنظومات قائمة وعلينا الاستفادة من كل طاقاتها لنصل الى الاهداف المذكورة. والامم المتحدة هي امكانية وهذا لا يعني ان جميع التغييرات تحصل قبل مشاركتنا في الامم المتحدة. بل في الحقيقة، وكما قلت، هناك امكانية وعلينا ان نستفيد منها. اما الذين قالوا ما قالوه فهم لم ينتبهوا الى مبدأ الادارة ولا الى مبادئ الدبلوماسية. فاذا لم نشارك، ما الذي سيحصل؟ هل سيكون لذلك تأثير؟ الجواب هو كلا. من جهة اخرى يمكننا المشاركة ثم نضيع في خضم مجريات الاجتماعات، أي نذهب ونشارك وتقوم بضعة بلدان باثارة موضوع، ونحن نكرر هذه الاثارة كما فعل البعض في الاعوام السابقة وقالوا: إن هذا من باب الافكار المتنورة ويحملون الشعب المنّة. لكن على العكس من ذلك، نشارك بصورة فاعلة تماماً، أي نتواصل ونقول ما نقول ونضع العناصر الرئيسية للنظام غير العادل نصب اعيننا. والآن تتعرض الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضغط اميركا وحلفائها وتتخذ بعض القرارات، فهل علينا هنا ان نقف ونقول هذا كلام غير صحيح. بل لدينا حقوق ونقف على اساس هذه الحقوق بوجههم. في حين انه لن تحل أي مشكلة بخروجنا وعدم ذهابنا الى الوكالة. واعتقد ان ادارة العالم، مثل ادارة الامم المتحدة والوكالة، يجب ان تكون تحت تصرف الحكومات المستقلة، ويتوجب بذل الجهود للوصول الى هذا الهدف.

وعلينا ان نبذل الجهود والمساعي بقدر بحيث تصبح تلك الادارة بيد الحكومات المستقلة، وليس علينا ان نقول (لن نذهب) لان هذا في الحقيقة يمثل خطوة من جانبنا في المسار الذي يحددونه هم، أي هم يقررون ونحن ننفذ. وانا لا اعتقد ان احداً في ايران يقبل باتخاذهم القرار ونحن ننفذ. فالتواجد الفاعل ضروري، وكلما رفضنا قراراً من القرارات، علينا ان نعلن رفضنا وان نستفيد من حقوقنا. اننا لا ننصاع للقرارات الخاطئة، لكن العرف الدبلوماسي يتطلب منا التواجد في كافة المؤسسات الدولية. وكما قلت، فان التغييرات تأتي شيئاً فشيئاً. فقبل نحو خمسة اعوام كانت ايران ودولة او دولتان ثوريتان اخريان تناديان بوجوب احداث تغييرات رئيسية، وتقولان ان النظام القائم هو نظام غير انساني. لكن انظروا الآن، حيث الجميع يقولون هذا، وهذا تقدم ممتاز وبداية لحدوث تغييرات.

س- نظراً لانقضاء سنة واحدة على نشاطات الحكومة العاشرة، هل سنرى تغييرات في السياسة الخارجية لفائدة المصالح الوطنية للبلاد؟ وما هو تقييمكم للجهازالدبلوماسي وهل تمكنت وزارة الخارجية من ان تنفذ على وجه حسن سياسات النظام والحكومة؟

ج- علينا ان نعلم بأن السياسة الخارجية لا ترسم في وزارة الخارجية التي تقدم مقترحات وتتابع القضايا، بل ان هذه الوزارة تنفذ السياسات الخارجية وتتولى جانباً مهماً من مسؤوليات تطبيق قرارات السياسة الخارجة، علماً بأنها تشكل مركز تنسيق النشاطات خارج البلاد.

الموضوع ذو الاهمية هو ان التغيير في الرؤية الذي حصل في السياسة الخارجية يجب ان يكرس في وزارة الخارجية. وفي حين ان هذه الوزارة كانت في مسار مرافق للمعادلات الدولية، أي ان نوع النظرة والادبيات والبرامج والتنظيمات والخبرات كان في مسار معين، فقد تقرر الآن ان يجري تغيير، وهذا التغيير قد بدأ بالفعل وآمل ان تمضي هذه التغييرات الى الامام بسرعة. علينا ان نعتبر انفسنا اصحاب قضية في العالم، ونحن لدينا ما نقوله للعالم.

س- لقد وجهتم في الاشهر القليلة الماضية تحذيرات للمسؤولين الروس حول خسارة التعامل مع ايران. ما هو تقييمكم للعلاقات بين طهران وموسكو بعد تدشين مفاعل بوشهر، وماذا تقترحون لتحويل هذه العلاقات الى علاقات بناءة واستراتيجية؟

ج- نحن وروسيا جيران، والجيرة مفروضة علينا لذا يتوجب علينا ان نكون صديقين. ونحن قوتان كبيرتان في العالم ويمكننا ان نؤثر على العلاقات الدولية اذا تعاونا مع بعضنا. واذا تعاونا فستتعاظم قدراتنا ونحن بلدان منتجان كبيران للطاقة في العالم ولدينا مصالح مشترك ويمكننا القيام باعمال مشتركة حسنة في منطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى والشرق الاوسط. علماً انه تمت اجراءات جيدة على هذا الصعيد، وفي المحصلة فان علاقاتنا قد نمت، وان كان ذلك بتأثيرات خارجية.

وعندما انتصرت الثورة الاسلامية، لم يتمكن الاتحاد السوفييتي من رسم علاقات ملائمة مع ايران، بحيث وقف الى جانب صدام في الحرب المفروضة، في حين ان جميع الشعوب المستقلة توقعت ان يقف الاتحاد السوفييتي مع ايران، لانه كان يرفع شعار العدالة والمناوئة للامبريالية، وكانت ايران مناوئة لاميركا وللرأسمالية الدولية وحامية للمظلومين. لكن هذا لم يحصل وطرأ نوع من التخبط في السياسة الخارجية السوفييتية صبت بشكل رئيس في مصلحة الكتلة الغربية. وفي الحقيقة استغلت الاخيرة هذا التخبط لصالحها وضد الثورة الاسلامية الايرانية. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي بُذلت جهود للتطبيع بين البلدين وخاصة في فترة رئاسة بوتين، لكن طرأت لاحقاً تحولات اخرى. علماً ان على الحكومة الروسية ان تعلم اننا لم نخط خطوة ضد المصالح الروسية ولم نسع في أي وقت من الاوقات ان نستغل الورقة الروسية. والمتوقع انهم لا يفعلون ذلك على صعيد العلاقات الدولية. لكن للاسف حصلت بعض الامور ولم نعد نتحمل. ولم نكن نتوقع ان يتخذوا مواقف شكلت ادوات اعلامية ضد شعبنا، وان يقفوا الى جانب الاميركان. لذا بدر منا تعامل ضروري واعلنا مواقفنا بصورة علنية. وبعد ذلك جرت تعديلات نأمل ان تستمر. ونأمل ان لا تتكرر تلك المواقف وذلك التعامل وان يتم العمل وفقاً للاتفاقيات المبرمة بيننا. والآن نرى انهم منهمكون في تحميل الوقود النووي ونأمل ان يتم تدشين مفاعل بوشهر وان يوضع تحت تصرف ابناء الشعب، الامر الذي سيكون له بالتأكيد أثر كبير على روابط البلدين وايضاً على العلاقات الدولية.


س- متى يبدأ تدشين مفاعل بوشهر؟

ج- ينبغي اولاً اكمال عملية ضخ الوقود ثم تأتي عملية التدشين بعد ذلك. كما يجب ايلاء اهمية قصوى لموضوع السلامة والامان بالاضافة الى النواحي التقنية وعمليات الصيانة والاسناد. ومن ناحية اخرى فإننا نجري حالياً مباحثات مع الجانب الروسي من اجل انتاج 4000 ميغاواط من الكهرباء من مفاعل نووي آخر، ونأمل بأن نصل الى تفاهم ايجابي بهذا الخصوص. وبصورة عامة فإن الهدف النهائي هو انتاج 20 الف ميغاواط من الكهرباء.


س- اين هو موقع المفاعل الجديد؟

ج- ان المكان ليس مهماً، فمن الممكن ان يكون في منطقة بوشهر او اي مكان آخر، ولابد من إجراء دراسة تفصيلية لذلك.

س- بالنسبة للقضايا الاقتصادية فقد فرض على ايران حظر اقتصادي ظالم وقد ترك الحظر بعض الآثار السلبية على بعض القطاعات خاصة صناعة النفطة والغاز والبتروكيمياويات، وفي نفس الوقت فإن تجربة العقود الثلاثة الماضية من الحظر والعقوبات الدولية قد اثبتت ان للحظر فوائد ايضاً، فما هي هذه الفوائد؟

ج- ان ايران تتمتع بطاقات اقتصادية كبيرة وبامكاننا ان نصبح إحدى القوى الاقتصادية الكبرى في العالم. ولابد هنا من التأكيد على أن بعض القوى المتغطرسة تعمل على فرض هذا الحظر من موقع الضعف لأنها أصبحت عاجزة أمام المنطق القوي للشعب الايراني وان مخططاتها كافة ضد ايران قد باءت بالفشل فلجأوا الى خيارالعقوبات الاقتصادية بالرغم من أن غالبية دول العالم صرّحت بأنها ستواصل علاقاتها الاقتصادية مع ايران. ولابد من الاذعان بأن للحظر بعض الآثار السلبية علينا ولكن آثاره السلبية تمتد اليهم أيضا. كما يجب علينا اولاً العمل على صرف نظرنا الاقتصادية من اوروبا والدول الغربية الى الداخل. وثانياً علينا تعزيز علاقاتنا الاقتصادية مع الدول الاخرى. وحقيقة الامر ان العقوبات التي فرضتها امريكا ضد ايران هي عقوبات ضد الدول الاخرى وليس ضد ايران لأن هذه العقوبات تمنع الدول الأخرى من إقامة علاقات اقتصادية وتجارية مع ايران. من ناحية ثانية فإن التبادل التجاري بين ايران واوروبا يبلغ نحو 23 مليار دولار، حصة الصادرات الايرانية لأوروبا تبلغ 6ر3 مليار دولار والواردات 19 مليار دولار وحتى لو وصل التبادل التجاري مع اوروبا الى الصفر فإن ذلك يعني زيادة نمو الانتاج الداخلي لأن البنى التحتية في ايران اصبحت متكاملة تقريباً من جامعات واخصائيين وخبراء الامر الذي سيعزز من مستوى الازدهار الاقتصادي بالاضافة الى توفير فرص العمل للآخرين. ان العصر الذي نعيش فيه هو عصر التنافس الاقتصادي، فلو فرضت اوروبا عقوبات اقتصادية ضد ايران فإن هناك العديد من الدول الاخرى التي تنتظر دورها للدخول الى السوق الايرانية. ان حجم تداول السيولة النقدية في الداخل يبلغ نحو 900 الف مليار تومان في العام الواحد، لذلك فإن 19 مليار دولار لا شيء بالمقارنة مع حجم التبادل التجاري في الداخل. من ناحية اخرى فإذا أبدى رجال الأعمال والتجار الايرانيين المزيد من التعاون فإن الاسعار ستنخفض، بدليل ان السلع التي كانت تستورد من اوروبا كان يتم فرض الضرائب عليها، لكن بعد فرض الحظر فأن هذه السلع ستصل للبلاد عن طريق التهريب لذلك فإن التجار ليسوا مضطرين لدفع الضرائب وبالتالي ستنخفض اسعارها خاصة وان الكثير من الشركات الاوروبية اعلنت انها غير مستعدة لخسارة السوق الايرانية الواعدة وانها لن تلتزم بالحظر. وبصورة عامة فإن هذا الحظر سيكون نعمة بدل من ان يكون نقمة، حيث ان اصحاب الصناعات والمنتجين سيقومون بالتعويض عن النقص في السلع وستزداد سرعة عجلة الانتاج في البلاد.

س- بالنسبة لمشروع ترشيد الدعم الحكومي، يعتقد بعض الخبراء ان العقوبات الاقتصادية ستترك آثاراً سلبية ولابد من تأجيل هذا المشروع، فما هو رأيكم؟

ج- ليس للموضوعين اي ارتباط، فمشروع الترشيد يسير على قدم وساق، لكن هناك البعض ممن يحاول استغلال هذا الأمر لشن حرب نفسية ضد الحكومة والشعب. ولابد هنا من التأكيد ان مشروع الترشيد هو مشروع شعبي وجماهيري وقد تم تدوينه من أجل خدمة أبناء الشعب. وعلى الجميع المساعدة. فعندما تم فرض الحظر على صادرات البنزين لإيران، فيجب على ابناء الشعب تقليص حجم استهلاكهم لهذه المادة، وهذا في الحقيقة هو الهدف النهائي لمشروع التحول الاقتصادي.

س- ان دعوة ايران لمجموعة 5+1 وخاصة امريكا لإجراء حوار حول مختلف القضايا الدولية لم تلق استجابة من هذه الدول، فعلى ماذا يدل ذلك؟

ج- عليكم ان لا تتوقعوا من 5 او 6 دول قامت بتقسيم العالم فيما بينها ان تصغي لإيران بسهولة حول مختلف القضايا الدولية، خاصة وان ايران دخلت الى الساحة بكل قوة واقتدار. وعلى الرغم من ان هذه الدول قد أدركت حجم ومكانة ايران الحقيقية على الساحة الدولية لكن يصعب عليها ان تعترف بذلك رسمياً وتحاول الحصول على امتيازات وتنازلات من ايران. ولابد هنا من الاشارة الى ان هناك خلافات داخل المجموعة نفسها، فالبعض يقول إذا لم نعترف بقوة ايران فإنها ستعمل على فرضها على الساحة الدولية، والبعض الآخر يقول انه يجب فرض الضغوط ضد ايران ونقدّم أقل التنازلات اليها من اجل انهاكها، وطائفة اخرى تدعو الى المماطلة مع ايران حتى تنتهي السنوات الثلاث المتبقية من فترة عمل الحكومة العاشرة. ولكننا نحاول الخروج من هيمنة هذه الدول نهائياً لذلك لابد لنا من الصمود لإرغامهم على الجلوس إلى طاولة الحوار لأنه لا يوجد هناك أي خيار آخر غير الحوار. وفي الحقيقة فإن عملية الحوار هي لصالحهم ولكنهم يتذرعون بأن الحوار يجب ان يقتصر على الملف النووي الايراني في حين إننا نطالب بالحوار حول مختلف القضايا الدولية كما نقول اننا لن نتباحث حول حقوقنا البديهية بشأن الملف النووي ولكننا على استعداد للحوار حول القضايا العامة بشأن هذا الملف. كما نسعى للحوار حول قضية نزع السلاح في العالم وأخطار القنابل النووية والاقتصاد والأمن العالميين. انهم يؤكدون على ضرورة الحوار بشكل خاص حول الملف النووي الايراني ولكننا نقول ان هذا الملف يشتمل على محورين، اولهما، حقوقنا البديهية والشرعية ونحن نرفض بحث هذا المحور لأنه يتعلق بمبدأ الاستقلال ولكننا على استعداد للبحث حول المحور الثاني الذي يتعلق بموضوع التعاون النووي وتزويد المفاعلات بالوقود وانتاج اجهزة الطرد المركزي أو تأسيس كنسرتيوم للوقود النووي وغيرها من القضايا العامة حول الطاقة النووية. ومن الضروري ايضاً مشاركة اطراف اخرى في الحوار مع مجموعة 5+1.

س- ما هي وجهة نظركم حول مستقبل المفاوضات مع دول اعلان طهران والاجتماع مع أعضاء مجموعة فيينا الذي سينعقد في نهاية سبتمبر الجاري؟

ج- ان اعلان طهران هو أمر في بالغ الاهمية لأنه لم يقتصر على الموضوع النووي وانما أوجد شرخاً كبيراً في طبيعة العلاقات السياسية السائدة في العالم. فأمريكا وبعض الدول الاخرى قد فرضت توجهاً سياسياً خاصاً في العالم تتحرك فيه الدول الاخرى في ظل ارادة امريكا وحلفائها. لكن اعلان طهران يمثل المبادرة التي خرجت عن ارادة امريكا وحلفائها. وان أحد اسباب قرار مجلس الامن الاخير ضد ايران هو لكي تقول امريكا وحلفاؤها بأنه لا يمكن لأحد ان يبادر بعمل خارج ارادتهم. لكن اعلان طهران لا يزال حياً وسيبقى حياً حتى تتغير نظرة العالم بشأن العلاقات السياسية السائدة في العالم. انهم يشعرون بالغضب والاستياء من البرازيل وتركيا وايران لأن هذه الدول أفشلت مخططهم في السيطرة المطلقة على العالم. فاعلان طهران يمثل في الحقيقة تغييراً جذرياً في مفهوم الادارة السياسية للعالم. وان هذا الاعلان هو بمثابة الميثاق الذي يلبي مطالبنا كافة مثل العدالة وعدم الازدواجية والقانون للجميع ولا للسلاح النووي والطاقة النووية للجميع. وهناك أمل بالتوصل الى اتفاق في فيينا حول تبادل الوقود النووي.

س- ان المسؤولين يؤكدون بأن انتاج اليورانيوم بدرجة تخصيب 20% في الداخل هو من أجل توفير الوقود لمفاعل طهران. فإذا قدمت مجموعة فيينا الضمانات اللازمة لتوفير الوقود النووي لنا، هل سنتخلى عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%؟

ج- لدينا تجارب سلبية مع الآخرين، فقد كان هناك الكثير من الاتفاقيات معهم لكنهم تنصّلوا عنها من جانب واحد. ومن المقرر ان يواصل مفاعل طهران عمله لنحو 15 – 20 عاماً آخر، الامر الذي يتطلب توفير الوقود اللازم له. لذلك نحن نعمل في انتاج هذا النوع من الوقود في إطار القوانين الدولية بسبب عدم ثقتنا بالآخرين. ونحن لا نصر على انتاج اليورانيوم بنسبة 20%، ولو كان الآخرون قد وافقوا على تزويدنا بهذا الوقود منذ البداية لما كان هناك كل هذه الضجة المفتعلة. نحن ننتج هذا الوقود على ضوء متطلباتنا واحتياجاتنا. واليوم نحن بحاجة لتوفير الوقود اللازم لنحو 4 الى 5 مفاعلات نووية بهدف انتاج الادوية والعقاقير الطبية. كل هذه الذرائع التي يختلقونها هي مفتعلة وغير حقيقية فإن الذي يستطيع تخصيب اليورانيوم بنسبة 5ر3% بإمكانه التخصيب حتى نسبة 90% بكل سهولة وليس كما يدعي الآخرون بأن التخصيب بنسبة 20% سوف يقربنا للنسبة التي يمكن من خلالها صنع قنبلة نووية، لأنه لا يوجد هناك فرق بين نسبة 5ر3% أو 20%.

س – هل هذا يعني اننا سنستمر في التخصيب بنسبة 20% حتى الـ 20 السنة القادمة؟

ج – نعم، اذا لم يزودنا أحد بالوقود فأننا سنستمر حتى توفير احتياجاتنا كافة. ان تعاملهم السياسي بهذا الخصوص جعلتنا نفقد الثقة بهم في مسألة تزويدنا بالوقود النووي بنسبة 20%، لذلك سنواصل عملية التخصيب وتزويد مفاعلاتنا الى ان يعيدوا النظر في مواقفهم.

س – بالنسبة للوضع الاقتصادي، فان التحليلات كافة تشير الى ان معدل النمو الاقتصادي خلال السنوات الخمس القادمة سيصل الى 8%، فهل تعتقدون ان الاقتصاد الايراني يملك مثل هذه الطاقة للنمو؟

ج – نعم، ان اقتصاد ايران من أكثر الاقتصاديات التي تملك طاقة كبيرة للنمو والازدهار وهذا يتطلب شفافية ووضوح ومرونة في المراحل كافة. يجب ازالة العراقيل الموجودة واعتماد المركزية في إتخاذ القرارات، فعندما تكون الاعمال متداخلة والادارة متعددة فمن الطبيعي ان تصبح هناك عقبات تحول دون إزدهار الاقتصاد بصورة سلسة. وإذا كانت الآليات والمركزية بيد الحكومة فمن المؤكد أنه كان بإمكاننا تحقيق هذه النسبة من النمو منذ فترة طويلة. ولابد هنا من الاشارة انه تم تحقيق هذه النسبة خلال العام الماضي في بعض القطاعات. ففي قطاع البناء بلغت نسبة النمو نحو 8%، وفي قطاع الصناعة تجاوز النمو هذه النسبة بمراحل. واليوم أيضاً نحن في مرحلة طفرة اقتصادية كبيرة في مجال المياه والكهرباء والغاز وكذلك قطاعات الصلب والاسمنت. وانا اؤكد ان بإمكاننا تحقيق نسبة نمو 8% شريطة ان يكون نظام الادارة في البلاد قادر على أداء عمله بأحسن وجه. وينبغي على الجميع ان يدرك ان الحكومة التي تم انتخابها شعبياً فإن ادارة البلاد يجب ان تكون بيدها ويجب ان تكون قادرة على تنفيذ برامجها بدون أي عراقيل أو تعقيدات.

س – في تصريحاتكم السابقة أشرتم الى وجود مثلث مشؤوم يسعى الى ممارسة الضغوط ضد الشعب الايراني. وان هذا المثلث يتألف من تيار داخلي والقوى الاستكبارية والعناصر المعادية للثورة. فما هي الخطوات اللازمة لردع هذا المثلث وما هي نشاطاته؟

ج – لقد تأكدنا من وجود قوة خارجية وعناصر من الداخل متفقين على ممارسة الضغوط لإسقاط هذه الحكومة. وكان هؤلاء يعتقدون ان موضوع ترشيد الدعم الحكومي هو أفضل فرصة لتنفيذ مخططهم لكن تم احباط المخطط. لكن هؤلاء لم يتوقفوا عن مواصلة مخططاتهم ويدعون انهم سيسقطون الحكومة هذا العام. وبغض النظر عن ذلك فإن الحكومة ستواصل عملها كالسابق وهو خدمة الشعب والسعي الى ازدهار البلاد وفي نفس الوقت الصمود امام مخططات الاعداء كافة.

س- هناك جهتان تنتقدان الحكومة بشكل كبير وهذا أمر غريب حقيقة، الجهة الأولى هي بعض وسائل الإعلام التي تقول أنها مناصرة للحكومة، أما الجهة الثانية فهم المسؤولون الذين تقوم بتعيينهم؟

ج- يجب أن تكون للأخلاق الكلمة الفصل في وسائل إعلامنا. للأسف هناك البعض ممكن يلقي التهم جزافاً وأنا لا أقبل مثل هذا. هم يعتقدون أن هناك بضع أفراد فقط من بين 75 مليون شخص مناصرين لولاية الفقيه والبقية فاسدين. انا لا أقبل هذا الإسلام، الإسلام الذي يسمح لنفسه أن يحتقر الآخرين، ويظن أن هناك عدة قليلة متدينة وبقية الـ 75 مليونا غير متدينين. انا لا أقبل مثل هذا الإسلام. النظام الإسلامي هو نظام الأكثرية، في الأهداف نحن أكثرية وحتى في الناس نحن أكثرية، 40 مليونا شاركوا في الانتخابات وهم جميعاً سعداء ولكن يؤرقني أن 4 ملايين لم يشاركوا في الانتخابات، في المجتمع الإسلامي (كلكم راع) و(كلكم مسؤول) أي أنهم يجب أن يشاركوا في الانتخابات، لماذا لم يشاركوا فيها؟ يجب أن يؤرقني هذا الموضوع لأنني احترم الأربعة ملايين شخص. نحن نظن أن الـ 75 مليون شخص هم من أنصار النظام وقيادة الثورة، وولاية الفقيه وأنهم يؤمنون بالله والإسلام والعدالة وعزة إيران. ولكن بعض الأشخاص يريدون أن يقولوا أن ولاية الفقيه محصورة بنا. والعجيب انهم يقولون عني أنني لست من أنصار ولاية الفقيه. إذا لم أكن من أنصار ولاية الفقيه فمن يكون إذاً؟! يبدو أن ذلك الشخص ومن معه هم فقط أنصار ولاية الفقيه، ومن أجل تحقيق ذلك قاموا بتأسيس مجلة وموقع على الإنترنت. وأكبر ظلم للجمهورية الإسلامية هو تصرفات هؤلاء الأشخاص الذين يعتقدون أن ولاية الفقيه هي لبعض الأشخاص فقط. أنا أيضا مواطن إيراني كبقية المواطنين، ليس هناك أي حق إضافي لأي شخص، لا لنفسي ولا لابنائي ولا لزوجتي. نحن ملزمون حسب القانون بتقديم الخدمات للمواطنين، ولكن على سبيل المثال يأتي أخي ويتحدث عني، هو حر بذلك التصرف. ولكن في حال تدخل في حقوق الآخرين فيجب أن يتم محاسبته، وكونه أخي، هذا لا يشكل له حصانة،و لكن لا مانع أن يتحدث ضدي، فهل قلة هم من يتحدثون ضدي؟! وأنا من خلال سؤالك أردت أن أطرح هذه المواضيع وأؤكد مرة أخرى، أن ليس هناك أي حق لأي شخص كونه يرتبط بي، أن يقول أن فلانا ابنه، أو زوج ابنته، أو أخته، أو أخوه ، أو زوج أخته، أو زوج أخوه، أو زوجته، أو من أقربائه، هذا لا يمنح أحد حق تجاوز القانون، أو أن يستغلوا ذلك. ولا أرى أنه من الضروري أن اعيد وأكرر هذا الكلام دائما. إذا انتهك أحدهم القانون فيجب أن يتم التحقيق معه في الجهة المختصة. فهل الناس قدموا الشهداء ليأتي أحد ويدعي قرابته مني ويخالف القانون؟ لا أعتقد أن مثل هذا الأمر قد حصل ولا يجب أن يحصل.

س- حسب أمر قائد الثورة حول وجوب اتحاد السلطات، ما هي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتنفيذ أوامر القائد؟

ج- لدينا الحد الأكبر من التعامل مع السلطات، مهما يتم انتقادنا نسكت. على سبيل المثال، بعض الاجتماعات تعقد ضدنا ويتم بثها بشكل مباشر، ويتم الكلام فيها، ونحن لا نتابع هذه المسائل، ونعتقد أن السلطات الثلاث هي سلطة واحدة وفصل السلطات جاء من الغرب وليس أصيلاً في النظام الإسلامي. الحقيقة هي تقسيم العمل، والعمل هو بناء إيران، وخدمة الشعب، وتحقيق العدالة. هذا العمل تم تقسيمه وكل شخص يتولى جزء من العمل. فعندما تريد أن تبني برجاً، يقوم أحدهم بإحضار الأسمنت، والآخر يجلب الآجر، وآخر يقوم بعمليات الجص، الجميع يريدون بناء هذا البرج، من غير الممكن أن يقف البعض جانباً ويقولون نحن مستقلون، يجب ان يعمل الجميع بنظام ليتم بناء هذا البرج، الجميع أعضاء في مجموعة واحدة، ولكن على أساس منطق تقسيم العمل، وهذا المنطق هو السلطات الثلاث، وكان من الممكن أن يكون أربع سلطات أو اثنتين أو خمس، كان من الممكن تقسيم العمل بشكل آخر، ولكن بالنتيجة فإنه من الضروري تقسيم العمل، لا يوجد تعارض في الظاهر، فكلنا لدينا وظيفة واحدة، وطبعاً يجب أن تكون النوايا مخلصة، وأن نعمل في سبيل الله، والحمد لله أن قائد الثورة العزيز يشرف علينا ويساعدنا، حقيقة لا يوجد لدينا أية مشكلة، البعض يضخم الأمور. هناك حرية في إيران، البعض يقولون وجهات نظرهم، بعضهم يتحدث بحدية، والآخر بروية، دعوا وجهات النظر تُقال، دعوا الكلام يُقال، البعض لا يريدون لهذا الجو السليم أن يكون موجودا في الجمهورية الإسلامية، يريدون أن يجعلونه متطرفا، يسيئون للجميع لدرجة تنفر الناس، وباستثناء القليل الذين يسرقون من بيت المال والمستفيدين وخونة الوطن، فليس لدينا أية مشكلة مع أحد. الحكومة تعتقد أنها يجب أن تخدم الجميع، وأولئك الأشخاص طالما أنهم يعيشون في ظل الجمهورية الإسلامية فهم محترمون، نحن لا نهينهم، ولكن نطالبهم أن يعيدوا حقوق الشعب، وان يحاكموا حسب القانون.

و نحن في خدمة بقية أفراد الأمة وحتى أولئك المعارضون لنا، ولا نستطيع أن لا نخدم، وسوف نخدمهم، وندافع عن حقوقهم، هذه وظيفة الحكومة، وظيفة الحكومة هي أن تدافع عن نواب مجلس الشورى الإسلامي والقضاة وعن كل النظام.

نعقد اجتماعات عديدة لكافة المواضع، ونصرف الكثير من الوقت إلى الحد المتاح لنا ، وحتى لبعض القوانين، الأمر الذي لا سابقة له. من أجل إنجاز وكتابة قانون ترشيد الدعم الحكومي صرفت الكثير من الوقت، ومن أجل التنسيق مع مجلس الشورى الإسلامي حضرت العشرات من الاجتماعات. هذا الأمر لا سابقة له. ولكن حضرت لأنه في النهاية يجب إيجاد طريقة للتفاهم لكي نتمكن من عمل شيء ما لهذا الوطن. من الممكن أن يكون هناك خصومة ولكن المهم أن يتم إنجاز العمل وأن يحرز هذا العمل تقدماً. يوجد خلاف في وجهات النظر وهذا أمر طبيعي، ولم نقل يوماً أن كلامنا هو الحاكم، في النهاية يتم عقد اجتماع والتوصل للحل الافضل، يتم المصادقة على قوانين نحن غير راضين عنها منذ البداية، ولكن يجب أن ننفذها، ونوضح وجهات نظرنا ولكنها قوانين ومسؤوليتها على عاتق من صادق عليها، وبالنهاية يجب تنفيذ القانون.

أما أولئك المؤمنون، والداعمون للثورة، وللشعب الإيراني، وللنظام وثقافته ، وعزة الأمة الإيرانية، يجب أن نوجه لهم السؤال: لماذا يقومون بمثل هذه التصرفات؟ ما هذه الأخلاق التي يمتلكها البعض؟ فالبعض يريدون إثبات وجودهم من خلال نفي الآخرين، والآن نرى أن البعض يريدون أن يصبحوا رئيساً للجمهورية، وبدلاً من أن يقولوا برامجهم وهم أحرار في قولها، يريدون أن يقولوا انهم جيدون من خلال تشويه صورة الآخرين، وهذه الأخلاق غير سليمة، يريدون إثبات أنفسهم من خلال نفي الآخرين. إذا كان لديك برنامج للبلد فاطرحه. والآن لايزال الوقت مبكر جدا، ولكن البعض قد بدأ، لايزال هناك ثلاث سنوات للانتخابات، دعوا الاعمال تنجز في هذه السنوات الثلاث، ولكن إذا كنتم مصرين على الإعلان عن أنفسكم من الآن فأعلنوا عن أنفسكم وعن برامجكم. السنوات الثلاث الباقية هي ملك للشعب، وعلى الجميع أن يساعد ليتم إنجاز أمور إيجابية في البلد. هذه الحكومة هي ملك للشعب، والحكومة التالية كذلك. والحكومات السابقة كانت ملكاً للشعب أيضاً. وكان على الجميع أن يساعد لتحقيق النجاح ولإنجاز العمل للبلد، وحالياً جاءت هذه الحكومة وعندها الرغبة بالعمل، ساعدوها، وعلى الأقل إذا كنتم لا ترغبون بمساعدتها فلا تعيقوها عن العمل، وإذا كنتم مصرين منذ الآن للسنوات الثلاث القادمة فأعلنوا عن نفسكم للشعب، وأعلنوا عن سيرتكم الذاتية وبرامجكم في السياسة الخارجية والإقتصاد والثقافة ولا تنشغلوا بتشويه سمعة الآخرين.

ختام القول

اسمح لي أن أختم قولي.

يجب أن نعرف مكانة وقيمة الجمهورية الإسلامية، وحقيقة فإن الفضاء الذي توفره الجمهورية الإسلامية نعمة إلهية .. لقد سافرت إلى 70 او 80 بلدا في العالم، وكنت موجوداً بين أفراد وجامعيي وسياسيي تلك الدول ، وأقرأ كل يوم عن مختلف المواضيع، وشعبنا رأى العالم ويحب الإطلاع على العالم، وهذا جيد لأن روح الشعب الإيراني عظيمة ورؤيته عالمية، لدينا مشكلات ولكننا نسير بالطريق الصحيح، ونسير بسرعة في هذا الطريق، ويجب أن نساعد بعضنا، نتعاضد، وأن نعزز أخوتنا، وأن نزرع الامل والتحرك في المجتمع، والحمد لله هذا موجود بشكل جيد. أنا أعتقد أن هذا الطريق الذي انفتح أمام الشعب الإيراني له استمرار، وبعون الله لن يستطيع أحد إيجاد تغيير في هذا الطريق، وكل هذه العداوات ضد الشعب الإيراني ستقع أرضاً.

طبعاً هذه العداوات وقعت ارضاً ولكنها لم تصدرصوتاً ولكنها ستصدر ذلك الصوت، المستقبل هو للشعب الإيراني، وهذا المستقبل ليس مربوطاً بالجغرافيا الإيرانية أو بجغرافيا المنطقة وإنما هو مستقبل العالم من خلال أفكار وثقافة الشعب الإيراني. وستزداد عزة إيران يوماً بعد يوم، إذا كان لإيران عزة واحدة قبل خمس سنوات فهي الآن خمسين ضعفا، وبعد خمس سنوات ستكون خمسين ضعف عزة اليوم، لأن ايران تقول كلاماً وتقدم رؤية وتنشر معنوية وتعرّف بدين خالص وهذا ما تطلبه كل الشعوب. العالم متعطش للنظام وولاية الفقيه والأفكار الثورية ووحدة الخالق والتدين والأخلاق والقيم. وما تقوله إيران هو الإسلام الخالص والحقيقي. وكما قلنا فإن المستقبل هو للشعب الإيراني وطريقنا هو طريق صحيح، وهذه المشاكل التي نواجهها ستقوم الحكومة العاشرة بحلها خلال السنوات الثلاث المتبقية. وآمل أن تستطيع الحكومة الحادية عشرة من إطلاق طاقة الشعب الإيراني في العالم، وأن لا تكون مشاكل السكن والزواج عائق أمام الشباب، وأن يدخل الجميع الى ساحة المعايير العالمية، ويتطوروا، ويصلوا للحد المطلوب، ان شاء الله.