رمز الخبر: ۲۶۵۲۶
تأريخ النشر: 13:20 - 18 October 2010
مصيب نعيمي
عصرایران - الوفاق - الاضطرابات التي تشهدها فرنسا هي ابعد من احتجاجات على قانون التقاعد وأكبر من اعتراض على البطالة، انما هي تعبر عن نقمة شعبية متخفية معارضة للسياسات الخاطئة لحكومة ساركوزي وعجزها في ادارة البلاد وسوء معاملتها للمواطنين في بلد كان يعتبر مهدا للديمقراطية.

فالتمييز والمحاصصة والفلتان الاقتصادي، العناوين الابرز في ازمة فرنسا الجديدة خاصة وان النقمة الشعبية خرجت عن المألوف، ولا شك بأن الازمة المالية التي جاءت من الولايات المتحدة و اجتاحت اوروبا كانت سبباً في سياسة التقشف لدى جميع دول الاتحاد الاوروبي، غير ان سوء الادارة في عهد ساركوزي وتبعيته للسياسات الامريكية الفاشلة، ادت الى تفاقم الاوضاع الاجتماعية وتدهورها في هذا البلد الذي يعد قدوة للعالم الاوروبي.

ويعتقد القياديون التقدميون في فرنسا بأن الازمة غير ناشئة ولا ترتبط بتوترات اقتصادية في اوروبا بقدر ماهي ازمة الولاء الاعمى للسياسات الامريكية والتي تريد لاوروبا ان تكون مطية لأهوائها.

ولا تنسى هذه القيادات احتقار بوش لبلادهم عندما وصف الفرنسيين بالمتخلفين الغير مؤهلين للتقدم والتطور. كما ان لساركوزي خلفية سيئة في مواجهة الاضطرابات السابقة عندما واجه الاعتراضات الشعبية بالحديد والنار.

ويبدو ان الرجل لا يملك الكثير من الخيارات ويريد ان يفرض نفسه على الساحة بالعنف ، غير ان مثل هذه الاساليب سوف تزيد من نيران الغضب التي باتت مشتعلة في المجتمع الفرنسي.

وحسب المراقبين ، فان تصاعد حدة الاضطرابات يوحي بثورة شعبية تتجاور المطالبة بتعديل قانون سن التقاعد، الى المطالبة باصلاحات جذرية تعيد القيم التي قامت عليها الثورة الفرنسية.

ولا شك بأن احداث فرنسا لن تبقى في حدودها الدنيا بل تنعكس سلباً على جوارها بحيث هناك خشية من عودة الديكتاتورية الى الساحة الاوروبية عبر قمع الاعتراضات في فرنسا ، ومن المفيد أيضاً ان تفكر اوروبا الخاسرة في الحروب الامريكية بطريقة الخروج من هيمنة واشنطن بدلاً من مطالبة الآخرين بالتبعية لسياساتها الفاشلة ، لان سياسة القمع والتقشف واجلاء المغتربين لا تؤدي الا الى تفاقم الكوارث والويلات.