رمز الخبر: ۲۷۸۹۰
تأريخ النشر: 11:31 - 25 December 2010
عصرایران - وکالات - على الرغم من العقوبات وحظر التعاملات التجارية، سمحت الحكومة الأميركية خلال العقد الماضي لشركات أميركية بالقيام بأنشطة تجارية داخل إيران ودول أخرى تصنف على أنها من الدول الراعية للإرهاب، بحسب ما أفادت به دراسة أجرتها صحيفة «نيويورك تايمز»، وأشارت إلى أن قيمة هذه الأنشطة بلغت مليارات الدولارات.

وبناء على طلب مجموعة من الشركات - تمتد من «كرافت فود» إلى «بيبسي» وصولا إلى بعض أكبر المصارف داخل الولايات المتحدة - قام مكتب لا يحظى بشهرة كبيرة داخل وزارة الخزانة الأميركية بمنح قرابة 10.000 إذن بإجراء صفقات تشمل دولا فُرضت عليها عقوبات اقتصادية، وبعيدة عن نطاق الشركات الأميركية.

وقد تمت الموافقة على معظم طلبات السماح بموجب قانون عمره 10 أعوام يسمح بإعفاء مساعدات زراعية وإنسانية وطبية من قرار العقوبات. ولكن صيغ القانون، الذي ضغط من أجله اللوبي الزراعي ومجموعات ضغط أخرى، بصورة فضفاضة مما جعل المساعدات الإنسانية المسموح بها تشمل السجائر وعلكة «رينغلي» وصوص لويزيانا الحار وأدوية إنقاص الوزن وأجهزة كمال الأجسام ومعدات إعادة تأهيل رياضية بيعت إلى المعهد الذي يدرب الرياضيين الإيرانيين المشاركين في الأولمبياد.

وقد تمت الموافقة على المئات من الأذون الأخرى كانت تُعتبر أنها تخدم أهدافا دبلوماسية أميركية. ومن الواضح أن الكثير منها يحقق، ومن بينها صفقات مساعدات إغاثة لمجاعات داخل كوريا الشمالية وصفقات لتحسين اتصالات الإنترنت - وتعزيز الديمقراطية - داخل إيران. ولكن تجد الدراسة أن هناك حالات لم تكن المنافع الدبلوماسية المستهدفة واضحة بهذا القدر.

وفي إحدى الحالات، تم السماح لشركة أميركية بأن تقدم عرضا لخط أنابيب سيساعد إيران على بيع الغاز الطبيعي إلى أوروبا على الرغم من أن الولايات المتحدة تعارض مثل هذه المشاريع. كما تم السماح للكثير من الشركات الأميركية الأخرى للتعامل مع شركات أجنبية يُعتقد أنها ضالعة في أعمال إرهابية أو في انتشار الأسلحة. وفي واحدة من هذه الحالات، تتضمن معدات اشتراها مصنع تخلص من فضلات طبية داخل هاواي، كانت الحكومة تستعد لرفض الإذن حتى تدخل سياسي له نفوذ.

وخلال مقابلة مع ستيوارت ليفي، المسؤول عن متابعة العقوبات في إدارة أوباما، قال إن التركيز على الاستثناءات «يعني ترك الأصل والتركيز على الفروع». وفي الواقع، فإن هذه الاستثناءات تمثل عنصر توازن صغير في العقوبات التجارية الأميركية، التي تعد من أشد العقوبات في العالم. وفي الوقت الحالي تركز هذه العقوبات بصورة خاصة على إيران، حيث قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها خلال العام الحالي بإقرار مجموعة جديدة من العقوبات حالت بين إيران وأجزاء كثيرة من النظام المالي الدولي، ويأتي ذلك إلى جانب حظر واسع النطاق يمنع معظم أشكال التعامل التجاري. ويقول ليفي: «لا يمكن لأحد أن يشكك في جديتنا إزاء هذا الأمر».

ولكن في الوقت الذي تحاول فيه الإدارة الضغط على إيران بدرجة أكبر من أجل التخلي عن برنامجها النووي - وقد أعلن مسؤولون هذا الأسبوع عن مسودات عقوبات كثيرة جديدة - يخشى بعض الدبلوماسيين والخبراء في مجال الشؤون الخارجية من أنه بالسماح ببيع ولو مجرد سلع قليلة لا توجد لها استخدامات عسكرية، فإن الولايات المتحدة تفسد سلطتها الدبلوماسية والأخلاقية.

ويقول ستيوارت إيزنستات، الذي كان مشرفا على سياسة العقوبات بإدارة كلينتون عندما مرر قانون المساعدات الإنسانية: «ليس سيئا أن تضع استثناءات إذا كانت تمثل قرارا سياسيا واعيا لمنح الدول حوافز. ولكن عندما تضع ثغرات مثل هذه، فأنت تعطي دولا شيئا مقابل لا شيء، ويجعلهم ذلك يضحكون علينا. أعتقد أن هناك تجاوزات».

والأكثر من ذلك أنه داخل دول مثل إيران حيث تسيطر عناصر من الحكومة على قطاعات كبيرة من الاقتصاد، من الصعوبة بمكان الفصل بين الاستثناءات التي تساعد المواطنين وتلك التي تثري الدولة. وفي الواقع، توجد إحصاءات تظهر أن الولايات المتحدة وافقت على بيع سلع غذائية مترفة إلى محلات تجارية تمتلكها مصارف عليها عقوبات، على الرغم من شرط فحص المشترين المحتملين.

وتطبيق العقوبات الأميركية يقع على عاتق مكتب رقابة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة، الذي يضع الاستثناءات بناء على إرشادات من وزارة الخارجية. ورفض مكتب وزارة الخزانة الكشف عن معلومات بشأن الأذون، ولكن بعد أن رفعت صحيفة «نيويورك تايمز» دعوى قضائية فيدرالية بشأن حرية المعلومات، وافقت الحكومة على تقديم قائمة بالشركات التي منحت استثناءات وملفات متضمنة توضح طبيعة وتفاصيل الصفقات، فيما يزيد قليلا على 100 قضية. واستغرقت العملية ثلاثة أعوام، وقامت الحكومة بتنقيح الكثير من الوثائق، وقالت إنها تحتوي على أسرار تجارية ومعلومات شخصية. ومع ذلك فإن هذه الملفات تعطي إطلالة - مع أنها جزئية - على نظام بدا في بعض الأحيان غير متوافق مع سياسات الإجازة والمستهدفات الأميركية في الخارج.

وفي بعض الحالات، لم تكن قواعد الإجازة متوافقة مع ظروف دبلوماسية متغيرة. وعلى سبيل المثال، كانت شركات أميركية قادرة على استيراد قمصان رخيصة ومواد خام للصلب من كوريا الشمالية لأنه جرى تخفيف القيود عندما تعهدت هذه الحكومة بأن تتخلى عن برنامجها للأسلحة النووية، ولم يتم إعادة تقييم ذلك بعد فشل الاتفاق.

ويشير ليفي، وكيل وزارة الخزانة، وكان يشغل نفس المنصب في إدارة بوش، إلى أن الولايات المتحدة كانت لها أنشطة تجارية مع إيران أقل مما كانت مع الصين أو أوروبا، وخلال الربع الأول من العام الحالي ذهبت 0.02 في المائة من الصادرات الأميركية إلى إيران. وقال إنه على الرغم من أن السؤال عما إذا كان تعريف الكونغرس للمساعدات الإنسانية يعد فضفاضا بدرجة كبيرة، فإن هذه الاستثناءات ساعدت الولايات المتحدة على التأكيد على أنها تعارض الحكومة الإيرانية وليس شعب إيران. وقد ساعد ذلك، في المقابل، على حشد دعم دولي للعقوبات المالية المركزة.

وبعيدا عن ذلك، يؤكد ليفي ومدير مكتب الإجازة آدم سزوبين أن قرارات الوكالة التي تتخذ وفق كل قضية على حدة عكست دائما رغبة في تحقيق توازن بين سياسة العقوبات ووقائع قطاع الأعمال، حيث قد تجد الشركات أنفسها في تعاملات تشمل كيانات عليها عقوبات. وقال سزوبين: «لم أر أذونا كان ينبغي عدم السماح بها».