رمز الخبر: ۳۰۰۱۶
تأريخ النشر: 08:46 - 19 April 2011
ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا
فاذا كان دعم ايران لصديقها وحليفها اي حكومة بشار الاسد ، اجراء لا مبرر له ويتعارض مع المواثيق والقوانين الدولية ، فلماذا يتم اعتبار التدخل العسكري السعودي السافر في البحرين وقتل وقمع المحتجين البحرينيين على يد القوات العسكرية السعودية، عملا مستساغا وجيدا؟
عصر ايران – مع تصاعد الانتفاضات الشعبية في بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا، طرأ حدثين وخبرين تعاملت معهما وسائل الاعلام والاوساط السياسية في الغرب والمنطقة باسلوبين مختلفين.

الحدث الاول انتشار قوات "درع الجزيرة" في البحرين لقمع الاحتجاجات في اصغر الدول العربية، وهذه القوات هي خليط من القوات العسكرية السعودية والاماراتية والقوات البحرية الكويتية بقيادة السعودية.

وقبل يومين من ارسال القوات العسكرية السعودية الى البحرين، زار وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس السعودية ، وراى المراقبون ان ايفاد القوات السعودية الى البحرين لم يكن ليحدث من دون ضوء اخضر اميركي.

والموقف المعارض الوحيد للتواجد العسكري السعودي في البحرين صدر من جانب الجمهورية الاسلامية الايرانية ومايزال هذا الموقف على حاله.

والحدث الاخر الذي تحول هذه الايام الى الخبر الاول لوسائل الاعلام العربية في المنطقة وكذلك بعض وسائل الاعلام الغربية، هو الاضطرابات التي تشهدها سورية والزعم بان ايران تساعد حكومة بشار الاسد على قمع هذه الاضطرابات.

لكن ما مدى صحة هذه المزاعم وما اذا كانت قد فبركت كما في المرات السابقة، امر يجب مناقشته في موقع اخر، لكن المهم اننا نواجه حسب الظاهر خبرين من نوع واحد مع اختلاف ان حادث التدخل العسكري السعودي السافر في البحرين والوثائق غير القابلة للانكار في قمع المحتجين البحرينيين على يد القوات السعودية، واضح وجلي لدرجة لا يمكن لاي منصف انكاره.

بعبارة اخرى فاننا نواجه خلال حدث ان دولة اجنبية تقوم بشكل سافر بارسال قوات عسكرية الى بلد اخر من اجل حماية اسرته الحاكمة في مواجهة المعارضين المحتجين وان هذه القوات العسكرية قامت في العديد من الحالات باطلاق النار على المحتجين فقتلت وجرحت منهم، لكن في الخبر الثاني فقد زعمت بعض المصادر الاستخباراتية الامريكية بان الجمهورية الاسلامية الايرانية وضعت ادوات وتكنولوجيا لقمع المعارضين بتصرف حكومة دمشق.

وفي ظل مقارنة بسيطة وشكلية بين هذين الخبرين يمكن الاشارة الى النقاط التالية:

1- ان حادث ارسال القوات العسكرية السعودية الى البحرين لقمع المحتجين البحرينيين لا يمكن مقارنته اطلاقا مع المزاعم التي اطلقتها بعض وسائل الاعلام الامريكية بشان تقديم ايران المساعدة لحكومة بشار الاسد على شكل تكنولوجيا القمع ، لاننا فيما يخص السعودية نشهد حقيقة لا يمكن كتمانها والتستر عليها لكن حتى لو افترضنا جدلا بان المزاعم الامريكية حول الدعم الايراني لبشار الاسد صحيحة ، فالبون شاسع فيما بين الحدثين.

2- ان موقف وسائل الاعلام والاوساط السياسية للدول العربية والغربية من هذين الخبرين ليس موحدا ويشير الى اتباع معايير مزدوجة ، ففيما يتم تبرير وتسويغ عملية ايفاد القوات السعودية الى البحرين لقمع المحتجين هناك من قبل وسائل الاعلام العربية في المنطقة والاوساط السياسية في الغرب، فانه يتم فيما يخص دعم ايران لحكومة بشار الاسد اعتماد انواع العناوين الخبرية والمقابلات والتهويل في حين وكما اسلفنا فان هذين الحدثين لا يمكن مقارنتهما باحدهما الاخر اطلاقا وشتان ما بينهما.

3- فاذا كان دعم ايران لصديقها وحليفها اي حكومة بشار الاسد ، اجراء لا مبرر له ويتعارض مع المواثيق والقوانين الدولية ، فلماذا يتم اعتبار التدخل العسكري السعودي السافر في البحرين وقتل وقمع المحتجين البحرينيين على يد القوات العسكرية السعودية، عملا مستساغا وجيدا؟ هل ان قتل مواطني بلد ما على يد القوات العسكرية لبلد اخر اسوأ أم تصدير تكنولجيا القمع (ان صحت هذه المزاعم).

4- فاذا كانت الخطوة السعودية في تدخلها العسكري السافر في البحرين مبررة فلماذا يعد اجراء ايران في دعم حليفها سورية في مواجهة الاضطرابات الداخلية غير مسوغ ولا مبرر له؟

5- واذا كان الامر كما تزعم الاوساط ووسائل الاعلام الامريكية وبعض وسائل الاعلام والمحافل السياسية العربية في المنطقة من ان ايران تضع تكنولوجيا القمع بتصرف حكومة بشار الاسد وهذا الاجراء يعد عملا سيئا، فان هذه الدول الغربية نفسها تعتبر اكبر مصدر لمعدات وادوات التعذيب والقمع الى ارجاء العالم.

ولا حاجة لاثباتات ووثائق ومستندات تؤكد ان عشرات الشركات الغربية تعمل في مجال تصدير تقنيات وتكنولوجيا تستخدم لقمع المواطنين المعارضين في بلدان العالم وهناك العشرات بل المئات من الشركات الغربية وغير الغربية تقوم بانتاج التكنولوجيا والمعدات العسكرية وغير العسكرية المستخدمة للقمع وتضعها بتصرف الدول الاخرى وتملا جيوبها عن هذا الطريق بمليارات الدولارات سنويا.