رمز الخبر: ۳۰۲۰۸
تأريخ النشر: 09:41 - 28 April 2011
مرضية شجاعي إيرانية تجيد الخط العربي
بحثتُ عمن يكون مترجماً بيني وبين التشكيلية الإيرانية " مرضية شجاعي " فلم أفلح رغم الجمهور الكبير الذي اكتظت به صالة (اليد الحرة للفنون التشكيلية) في دمشق لمشاهدة لوحات الخط البارعة التي أبدعتها أنامل هذه الفنانة..

وقبل البحث عن حل لهذه المعضلة رحت أسأل نفسي عن سبب اقتصار خط الحروف العربية علي الرجال فقط ، عدا استثناءات قليلة لا يعتد بها إلا ماندر مثل الخطاطة الإيرانية " مرضية " التي ازور معرضها ، فلم اهتد الي جواب حتي بعد ان حانت الفرصة لحوار معها ، فهي نفسها لا تري تفسيرا لهذه الظاهرة بالرغم من ان عملية الخط تتحلي بالنعومة والصبر والجمال وكلها صفات أنثوية.. لقد كانت لغة " الصم والبكم " هي وسيلتنا في الحوار قبل ان تطل علينا سيدة بكامل أناقتها محيية الفنانة بشئ من الوقار ، ظننتها في بداية الأمر صديقة لها لتقارب السن بينهما ، لكني عرفت انها ابنة الفنانة وهي تتحدث العربية قليلاً ، فأنفرج الحال.. لقد وجدت هذه الفنانة تزدهي بعملها وتتجول بين لوحاتها وكأنها تراها للمرة الاولي او كأنها زائرة لمعرض لم تكن هي صاحبته ، وعندما نقلت ملاحظتي لأبنتها ، وجدتها تنقل بسرعة وبضحكة جزلي ما قلته لأسمع جوابا أفرحني حيث قالت : ان الخط خلجات انسانية وما الخطاط (المبدع) إلا سبيكة مزدوجة من تلك الخلجات الطامحة الي عموم الخير والأضفاء علي الانسانية أجواء فنية تستلهم في سمائها القيم الحقيقية للجمال..

البداية

سألت " مرضية " بعد ذلك عن بداياتها فقالت : منذ الطفولة ، استهوتني اللوحات التي كانت تقع عليها عيناي ، وكانت معظم تلك اللوحات تضم آيات قرآنية وأحاديث شريفة وقد أبهرتني طريقة خطها ، ومع نمو الوعي ، تشبع في مخيلتي حب الخط ، فأخذت أمارسه في أوقات الفراغ ثم تطّور الأمر ليشكل عندي هواية أمارسها بشكل يومي ولعدة ساعات متواصلة ، قبل ان أدرسه أكاديميا وأصبح معلمة للخط في وزارة التربية والتعليم في ايران..

و"مرضية " أقامت عدة معارض في ايران وفي عدد من دول العالم مثل هنكاريا والمانيا حازت علي أعجاب الزوار..

وفي معرض حديثها عن تاريخ الخط ، قالت ان ظهور الخط يعود الي الزمن الذي بدأ فيه البشر الكتابة والرسم علي الجدران من اجل التعبير عن أحاسيسهم وتفكيرهم وقد وجد احد أنواع الخط وهو الخط (الهيرو غليفي) في مصر قبل 3000 سنة ويعرف بالخط المقدس لأنه أول خط للبشر وقد تطور الخط المصور عبر السنين حتي وصل الي شكله الحالي (حروف الأبجدية)

وتشير " مرضية " الي ظهور الخط الكوفي العراقي ، فتقول ان الكوفة هي عاصمة الخط في العالم وهو أهم خط ظهر وقد تعلم الإيرانيون هذا الخط وأعجبوا به بعد اعتناقهم للإسلام ، وفي عهد المأمون لمع الكثير من الخطاطين في إيران وأكتشفوا فيه 20 نوعاً مختلف الشكل لكن روحه بقيت كوفية.. وجاء (محمد بن علي أنصاري) الملقب بأبن مقلة ليستنبط من الخط الكوفي اشكال جديدة عرفت لاحقا بـ (النسخ ، الثلث ، المحقق ، الرقعة ، الريحان) وخط (الثلث والنسخ) له اهمية كبري ويستفاد منه في كتابة القرآن الكريم واللوحات الفنية والثقافية.

وبعد تجوالي في أروقة المعرض ، خرجت بانطباع وهو إن موهبة الخط ، متعة وضرورة وعمل جمالي فردي أخاذ واجتماعي لأنه يمس مشاعر الناس ويدغدغ رؤاهم ، وكونه يجمع بين العذوبة والفائدة وبين العام والخاص ، وهو يستخدم الفرشاة او قصبة الخط ، استخداما إبداعيا ، منظماً غايته التعبير الخاص عن رؤية تاريخية لجمالية الحضارة والبحث في جوهر ذلك التاريخ واكتشافه من جديد ودفعه الي الأمام لتفهمه الأجيال في مختلف تعاقباتها ، ويعتبر الخط ، فن الدقة والتفاصيل وهو يربي العين علي احترام الأجسام الدقيقة وهو الفن الوحيد الذي يتكلم عن صاحبه من دون وساطة بخلاف الفنون الأخري.. وفن الخط كما يؤكد الباحث " محمود الهواري " هو فن التجريد وهو يمتاز بالتكرار والإيقاع الموسيقي وبالتناغم وكل العناصر التي تكوّن المجال التشكيلي وبفضل هذه القواعد المهنية علي أسس متينة يتفادي الخطاط الواعي ، الفوضي ويمتلك قدرة اكبر علي الإبداع والتجديد عكس ما يتوهم البعض ، فالخطاط المبدع هو الذي يبتكر من خلال الأساليب الدقيقة ويمنح اللوحة منحي فنياً معاصراً.. الخطاط يمكنه ان يضيف الجديد من غير طمس او التضحية بالموروث الأصيل..
وأخيراً.. تقول خطاطتنا انها من مواليد طهران (1962) وهي عضو في نقابة الخطاطين في ايران..