رمز الخبر: ۳۰۳۰
تأريخ النشر: 10:10 - 02 March 2008
ولاجرم ان ما يحصل من ابادات سافرة للروح البشرية في فلسطين هو وصمة عار على جبين أدعياء الحريات والمثل الديمقراطية في الغرب.
عصر ايران – محمود الطيب : لا يختلف احد على ان السياسات الاميركية في الشرق الاوسط ومختلف مناطق العالم اوجدت اوضاعا حادة من الفوضى والصراعات وإنعدام الامن اضافة الى خلق هوة سحيقة بين التحالف الغربي من جانب ومجموع البلدان والشعوب المضطهدة من جانب اخر.

وما من شك في ان الادارة الامريكية الحالية بقيادة جورج بوش وفريق المحافظين الجدد ضربوا الرقم القياسي في اشاعة الحروب والويلات على خلفية التوجهات المتطرفة التي يعتنقونها ويريدون تطبيقها بالقوة والبطش على البشرية كافة.

ومن المهم عند تقييم حقبة هذه الادارة المتشددة وهي ان الساسة وصناع القرار في اميركا ومهما حاولوا التغطية على اهدافهم بشعارات الديمقراطية ونشر الحريات والدفاع عن حقوق الانسان هنا وهناك ، فانهم ليسوا ازيد من بيادق تستخدمها الاحتكارات الضخمة والنظام الرأسمالي العالمي لنهب المزيد من الثروات والخيرات في العالم باسره.

وبقطع النظر عن المبادئ والمفاهيم التي تبشر بها واشنطن بحجة تعميم الحضارة الامريكية وتاسيس نظام دولي قوامه الاستقرار والتكافؤ والعدالة فان مجرد انحياز الادارات الاميركية المتعاقبة لاسرائيل وبشكل لا يصدق ، هو مدعاة لاثارة الازمات والتوترات وبقاء المنطقة العربية والاسلامية خاصة على "كف عفريت" وحرمان شعوبها من اي شعور بالامن والامان والاستقرار على الدوام.

فمن المؤكد ان اسرائيل كيان اصطنع لضمان مصالح اصحاب الاحتكارات الدولية وهو نظام ارهابي لم ولن يعرف سوى لغة الجريمة المنظمة حتى وان اجتهد الغرب المتصهين هو ايضا في تقديمه عنوانا للحضارة والديمقراطية وان ما ترتكبه قوات الاحتلال الاسرائيلي من جرائم وحمامات دم اليوم بالغارات الجوية الحربية على المناطق السكنية وتسوية المباني والبيوت بقاطنيها الفلسطينيين الابرياء مع الارض هو دليل صارخ على زيف ما يسمى بالمشاريع التغييرية المتحضرة التي ينادي بها الغرب بزعامة اميركا.

ولاجرم ان ما يحصل من ابادات سافرة للروح البشرية في فلسطين هو وصمة عار على جبين أدعياء الحريات والمثل الديمقراطية في الغرب.

كما ان استعار الازمة السياسية في لبنان وظهور مؤشرات على قيام مواجهات اهلية تفضح الدور الاميركي – الاسرائيلي الاستفزازي والتحريضي في هذا البلد الذي عاش اهله ، سياسيون وطوائف واحزابا على التوافق والتآلف بعدما طووا حقبة الحرب السوداء التي حصدت الارواح واحالت لبنان الى خراب على مدى 15 عاما.

اما الوضع في العراق فانه وان كان يبدو سائرا نحو الهدوء الا ان ابناء هذا البلد الشقيق دفعوا ثمنا باهضا ولما يصلوا بعد الى بر الامان لان الاحتلال الغربي لن يسمح بارساء الاستقرار هناك حتى يضمن ارباحه في السيطرة او الانفراد باحتكار مصادر الطاقة اضافة الى اقامة قواعد عسكرية في بلاد الرافدين لتكون سيفا مصلتا على الشعب المظلوم في هذا البلد.

من هنا يمكن اسقاط السياسة الامريكية الاستغلالية على مناطق الازمات الاخرى في افغانستان وباكستان وافريقيا ولاسيما في اقليم دارفور السوداني الذي يجثم سكانه على بحيرة من النفط والثروات المعدنية الاخرى، في حين انهم احوج الى لقمة العيش.

ان ما يدعو الى الخجل والاندهاش معا هو ان تستند الاضطرابات والقلاقل القائمة في انحاء العالم الى رؤية فكرية سياسية يسميها الاميركيون الفوضى الخلاقة وصولا الى عالم مثالي تسوده القيم الانسانية الرفيعة.

هكذا هم يسوقون الموت والجوع والتشرد بيافطات ظاهرها نشر الخير والمحبة والوئام ، لكن باطنها جشع لا حد له لاصحاب القوة والمال الذين لن يشبعوا قط ماداموا مهووسين بعبادة المادة فقط.