رمز الخبر: ۳۱۵۷۷
تأريخ النشر: 17:10 - 20 May 2012
عصر ايران ، علي قادري – منذ ان طرح الملف النووي الايراني على طاولة البيت الابيض ، كان موضوع الهجوم الاسرائيلي على المنشات النووية الايرانية مطروحا ايضا. وحاول الجهاز الدعائي الاسرائيلي في داخل فلسطين المحتلة وخارجها على الدوام الايحاء بوجود "خطر ايران النووية على المجتمع الدولي".

وزعمت اسرائيل دائما بان الجمهورية الاسلامية الايرانية بصدد اقتناء السلاح النووي ومن انها ستهاجمها في اول فرصة بعد حصولها على هذا السلاح وسيحدث هولوكوست جديد ضد اليهود في الشرق الاوسط. المزاعم التي ليست رفضتها ايران بشدة فحسب بل حتى ان اجهزة الاستخبارات الغربية وحتى الموساد الاسرائيلي دحضها.

وتعتبر السلطات الاسرائيلية ومعها السعودية احد المصادر الرئيسية للتشويش على مسار المحادثات النووية بين ايران ومجموعة 1+5 وهذا التشويش يبرز عمق القلق الذي يعاني منه هؤلاء من حصول اتفاق بين ايران واعضاء هذه المجموعة والاعتراف بايران بوصفها القوة الاقليمية الاولى.
وطبعا فان الغرب استغل التهديدات الاسرائيلية لمهاجمة المنشات النووية الايرانية كاداة ضغط.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو انه لماذا لا تحرك اسرائيل وبعد كل هذا الضجيج الاعلامي والدبلوماسي المفتعل واطلاقها التهديدات الواحدة تلو الاخرى طائراتها وطائراتها القاذفة لمهاجمة المراكز النووية الايرانية؟

ألم يعلنوا بان سلاح الجو الاسرائيلي انجز المناورات العسكرية اللازمة لتنفيذ هذه العمليات وهو ينتظر امرا فقط من رئيس الوزراء الاسرائيلي لضرب ايران؟

وألم تهدد سلطات الاحتلال الصهيوني بان صبرها قد نفد وانها ستهاجم ايران قريبا؟ وبعبارة ابسط لماذا لا تهاجم اسرائيل، ايران؟

وفي اطار تحليل عدم قيام اسرائيل بهجوم عسكري على المراكز النووية الايرانية ، يجب القول بان
ثمة اسبابا وادلة واضحة تجعل اسرائيل غير قادرة على شن هذا الهجوم وهي :

1) الجهل بعواقب الهجوم

على الرغم من ان اسرائيل تعلم علم اليقين بالرد الايراني الحاسم على هكذا هجوم، لكن مع ذلك لا تملك اي تقييم واضح عن نتائج وتداعيات الرد الايراني الحاسم.
ولا تملك الاجهزة الاستخباراتية والامنية لدى الكيان الصهيوني اي تقييم دقيق عن حجم ومستوى
هذا الرد.

وليس واضحا ما الفترة التي يستغرقها هذا الرد الايراني. هل ان ايران ستكتفي بهجمات صاروخية تشنها على مدى عدة ساعات، أم ان نطاق الرد ونار الحرب سيتسعان مع دخول حزب الله في الشمال وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة بالجنوب، على الخط؟ لذلك فان التردد في العواقب المدمرة لهكذا هجوم، يشكل اول عقبة امام اتخاذ قرار كهذا.


2) كون الهجوم سيكون عقيما

ان اسرائيل تعرف قبل غيرها بان ايران وفي ضوء اكتمال دورة الوقود النووي واحراز التقدم التقني اللازم، قد اجتازت نقطة اللاعودة. لذلك فان الهجوم الافتراضي سيؤدي في افضل الحالات الى تباطؤ وتيرة البرنامج النووي الايراني.

3) عدم جهوزية الجبهة الداخلية الاسرائيلية

لقد تمتعت الجبهة الداخلية الاسرائيلية بهدوء نسبي في جميع الحروب التي خاضها الكيان الصهيوني ، لكن هذه الجبهة الداخلية ستتحول الى جزء من ساحة القتال في الحرب المستقبلية في ظل التغيرات الاستراتيجية في توازن القوى بين اسرائيل واعدائها والعمق الاستراتيجي الضئيل للكيان الصهيوني.

ان هذه الجبهة لا تحتمل اطلاقا اي اضرار ناتجة عن رد ايران القطعي وحلفائها على الهجوم الاسرائيلي المحتمل على المنشات النووية الايرانية.

4) غياب الاجماع لدى النخبة الاسرائيلية

لا يوجد هناك اي اجماع لدى النخبة الامنية والعسكرية والسياسية في الكيان الصهيوني ازاء مهاجمة المنشات النووية الايرانية.

وماعدا نتانياهو وايهود باراك اللذين يهددان ظاهريا بشن هجوم، فان اغلبية هذه النخبة لا تدعم هذا الاجراء رغم قلقها من البرنامج النووي الايراني.

ان التصريحات الصريحة لمئير داغان الرئيس السابق للموساد ويوال ديسكين الرئيس السابق للشين بت في معارضة الهجوم العسكري على ايران تظهر بان استنتاجات المؤسسات الامنية والاستخباراتية الاسرائيلية لنتائج هذا الاجراء ستكون مصدمة.

كما ان القادة السابقين والحاليين للجيش الاسرائيلي قد اعلنوا لحد الان مرارا معارضتهم لهذا الاجراء سواء بشكل مباشر او غير مباشر، لانهم يعرفون جيدا بان الجيش الخاضع لامرتهم غير قادر بمفرده على ادارة هكذا حرب في ضوء المعادلات الحالية للقوى.

5) عدم احتمال الاقتصاد الاسرائيلي لتداعيات هذا الهجوم

ليس الاقتصاد العالمي وحده بل الاقتصاد الاسرائيلي ليس في ظروف تمكنه من تحمل نتائج وتداعيات هذه الحرب المدمرة.

ان التقارير الاقتصادية التي نشرت من قبل البنك المركزي ووزارة الاقتصاد الاسرائيليين خلال السنوات الثلاث الاخيرة، تظهر تراجع المؤشرات الاقتصادية لهذا الكيان.

ان حربا كهذه ليس تؤدي الى انسحاب الرساميل الدولية من داخل فلسطين المحتلة فحسب بل ان البنى التحتية الاقتصادية والصناعية لهذا الكيان ستكون عرضة لتهديد جاد.

6) معارضة الولايات المتحدة الامريكية

حتى وان سلمنا بسذاجة بان اسرائيل ستتخذ قرارا من جانب واحد بمهاجمة المنشات النووية الايرانية، فان قرارا كهذا سيواجه معارضة شديدة من اميركا.

وليس اوباما دعم الاليات الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية لممارسة الضغط على ايران فحسب بل ان الادارة السابقة التي كانت بعهدة المحافظين الجدد، لم تدعم مثل هذا العمل العسكري ضد المنشات النووية الايرانية.

ان تقييم البيت الابيض تمثل لحد الان في ان هذا الاجراء سيلهب الشرق الاوسط برمته.
ان واشنطن على ثقة بان ايران لن تسكت عن تعرض منشاتها النووية لهجوم وان التزام اميركا بامن اسرائيل سيحول دون بقاء البيت الابيض على الحياد في هكذا حرب.

ان دخول الامريكيين في هذه الحرب، لا يوفر مصالحهم الوطنية فحسب بل سيعرض هذه المصالح في الشرق الاوسط الى الخطر.