رمز الخبر: ۳۱۶۰۷
تأريخ النشر: 15:37 - 30 May 2012
وعلى الرغم من توظيف الامكانات وتسخير الطاقات الهائلة، فان اولى السياسات السعودية لم تلق رواجا كبيرا بل ان المواطنين العرب شهدوا التدخلات الواسعة للعربية السعودية في شؤون بلدانهم الداخلية قبل ان يروا اثرا لتهديدات المشروع الايراني.
عصر ايران ؛ علي قادري – ان احدى السياسات التي اتبعتها العربية السعودية خلال السنوات الاخيرة في اطار سياساتها الطائفية في الشرق الاوسط ووضعتها موضع التنفيذ هي تقديم ايران على انها عدو العرب (يرجى الانتباه : عدو العرب، لا عدو بعض الشيوخ من الحكام). وفي اطار هكذا سياسة تلعب العربية السعودية دور القيادة السياسية التي تحاول اظهار انها "ممثل مطلق الصلاحية للمواطنين العرب" للذود عن استقلال الدول العربية في مواجهة ما تسميه "اخطار المشروع الايراني"!

في حين انه في ايران سواء الشعب او الحكومة ليس لا يوجد اي عداء وخصام مع الشعوب العربية فحسب بل ان نظرة ايران الى العرب الذين هم مسلمون اصلا، هي نظرة ايجابية مبنية على الصداقة وضرورة الوحدة لاسيما في الوقت الذي يواجه الاسلام اعداء لدودين وان المسلمين – ايا كان مذهبهم – بحاجة الى التكاتف والتعاضد اكثر من اي وقت مضى.

ومن جهة اخرى فان هذه السياسة اتسمت بصبغة مذهبية وطائفية في ظل الطبيعة الوهابية للحكام السعوديين. ان الاسرة الحاكمة في السعودية تتهم ايران على الدوام بانها بصدد نشر التشيع في البلدان العربية السنية. وفي اطار هذه السياسة تلعب العربية السعودية دور القيادة الدينية التي تحاول تنصيب نفسها كحام رسمي للاسلام السني والدفاع عن الهوية الدينية للمواطنين العرب السنة في مقابل ما تسميه "المد الشيعي الايراني".

وبذلك حاول السعوديون من خلال تعريف "القيادة الطائفية"، وضع الدول العربية في مواجهة عدو يدعى ايران(!) – حيث يريد السعوديون احلالها محل اسرائيل واخراج الصهاينة من المرمى – لتوفير امكانية تدخلاتهم الواسعة في هذه الدول، وبلا شك فان "الدولارات التي تفوح منها رائحة النفط" تشكل سندا رئيسيا لهذه التدخلات.

وعلى الرغم من توظيف الامكانات وتسخير الطاقات الهائلة، فان اولى السياسات السعودية لم تلق رواجا كبيرا بل ان المواطنين العرب شهدوا التدخلات الواسعة للعربية السعودية في شؤون بلدانهم الداخلية قبل ان يروا اثرا لتهديدات المشروع الايراني.

وفيما تعمل الالة الدعائية والاعلامية السعودية على اتهام ايران بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية فانه قلما نجد بلدا في الشرق الاوسط وشمال افريقيا اصبح بمناى ومامن عن التدخلات السعودية السافرة.


ان شعوب الدول العربية تتساءل انه من منح هذا التوكيل الحكري للاسرة السعودية حتى تلعب دور القائد السياسي للشعوب العربية؟

ونبدا من شعب مصر. الشعب الذي يعتبر مناهضة السعودية احد قيم ثورته ويكتب على جدران السفارة السعودية في القاهرة شعارات مناهضة للملك عبدالله.

وهل ايران حرضت هؤلاء الناس ليكتبوا شعارات على جدران السفارة السعودية في القاهرة ويطلقوا شعارات في المظاهرات المعادية للاسرة السعودية أم سياسات الاسرة السعودية التي تنطوي على تدخلات خلال السنوات الثلاثين الماضية في مصر؟ وهل ايران سبب الاساءات البالغة التي يرتكبها "الكفلاء السعوديون" ضد العمالة المصرية في السعودية؟

وهل ايران تسببت بسجن مئات العمال المصريين في السجون السعودية؟ فان كان الامر كذلك فلماذا تحولت قضية اقامة علاقات ودية مع ايران الى احد الشعارات البارزة للمترشحين للانتخابات الرئاسية المصرية؟

وهل ايران دفعت اموالا الى اشخاص مثل خيرت الشاطر السلفي الذي لا يكن محبة تجاه ايران ليتهم السفير السعودية في مصر خلال محاكمة مبارك بان السفير اقترح دفع رشوة قدرها اربعة ملايين دولار للمحكمة؟ وهل... ؟

وهذه "التساؤلات" لا نهاية لها في مصر وصدقوا ان نفس هذه التساؤلات لا نهاية لها في اليمن وتونس وسورية والبحرين والعراق. وحتى في مشيخات جنوب الخليج الفارسي التي يتناغم صوتها مع صوت السعودية قبال ايران، هناك قلق منذ زمن بعيد وتخوف من ابتلاعها من قبل الاسرة السعودية.

والطريف ان الدولارات السعودية تكتسي اهمية في بعض الدول العربية التي لاذت بالصمت قبل اهمية الزعم القيادي الذي يطلقه السعوديون. فعلى سبيل المثال في بلدان مثل لبنان او المغرب التي فيها نقاط جذب سياحي، فان تم احترام السعوديين فان ذلك بسبب دولاراتهم والا عندما يبتعد ظل السعوديين قليلا عن هذه الدول، فانه يمكن سماع ومشاهدة وجهة النظر والرؤية الحقيقية للمواطنين تجاه الدور القيادي السعودي، وبالامكان الاستفسار عن ذلك من مواطني هذه الدول!

ويجب الاقرار للاسف بان السياسة السعودية الثانية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا تركت اثارها. فقد تسبب السعوديون في ضوء دعمهم المالي والاعلامي الواسع لبعض التيارات المتطرفة والسلفية ، باثارة هذا القلق في المجتمعات العربية السنية من ان ايران بصدد توسيع ونشر التشيع في هذه المجتمعات. ان اثارة الفتنة الطائفية هذه في بلدان عربية ستحول حسب زعم السعوديين دون تقرب هذه البلدان من ايران وستبقي علي المساحة اللازمة لتدخل هذه الاسرة في شؤون هذه الدول.


وطبعا يجب القول بان الظروف الاقليمية في العقد الاخير تعد احد العوامل الاخرى لتنامي المجموعات التكفيرية في البلدان العربية. وطبيعي ان يستغل السعوديون هذا الوضع. فمثلا تفيد الاحصاءات الرسمية للحكومة العراقية بان السعوديين كانوا في الاعوام الاخيرة احد المصادر الرئيسية لتصدير الارهاب الطائفي الى العراق. وثمة ظروف مماثلة في سورية او لبنان. وخلاصة القول ان موطئ قدم هؤلاء الخونة يمكن تتبعه في جميع اعمال العنف الطائفية في الشرق الاوسط.

ومن المستبعد جدا ان يكون بوسع السعوديين المناورة الى الابد على الهوة بين التشيع والتسنن تحت ذريعة الحد من المد الشيعي لان صوت المنطق هو الذي سيعلو في النهاية. فمثلا في لبنان ، لم تعد "دار فتوى" اهل السنة تدعم كالسابق التيارات التابعة للسعودية والتي تتحدث بشدة بلغة طائفية ومذهبية، او في مصر ورغم الاعلام الكثيف حول هذا الموضوع، لكن الراي العام لا يولي كالسابق اهمية كبرى لمثل هذا الشحن الاعلامي.

فمثلا عندما سئل الدكتور بعد المنعم ابوالفتوح المترشح للانتخابات الرئاسية المصرية حول خطر "الامتداد الايراني" في مصر قال : لا اعتقد ان الامتداد الايراني اخطر من الامتداد الامريكي والصهيوني.

وفي ضوء ذلك ، ومن اجل مواجهة الممارسات السعودية في اثارة الفتنة ، فانه يجب وضع سياسة بناء الثقة الدينية المتبادلة على جدول اعمال الجهاز الدبلوماسي للبلاد والمؤسسات الثقافية – الاعلامية وان يتم ايصال الحقيقة الى جميع المسلمين في العالم من ان ما يهم ايران في العالم الاسلامي هو "الاسلام" لا هذه الطائفة او ذلك المذهب.

ونظرا الى السياسات العدائية للاسرة السعودية الحاكمة، فانه لا يجب الشك في العداء الذي تكنه هذه الاسرة تجاه ايران لكن يجب النظر بريبة الى الاصوات التي تسعى لاضفاء الصبغة "السعودية" على مواطني البلدان العربية ومن ثم تريد تقديم ايران والايرانيين على انهم اعداء لهم ، لان السعوديين يريدون ذلك.