رمز الخبر: ۳۱۶۳۸
تأريخ النشر: 13:45 - 07 June 2012
فيمضي "امانو" وكعادته في الدوران حول المركز الامبريالي – الصهيوني هذه المرة ايضاَ ويقوم بتزوير الحقائق ومنح الطرف الاخر السلطوي متنفساً وطوق نجاة هروباً من ادانة دولية لممارساته غير المشروعة والظالمة والمنتهكة لكل الأعراف والقوانين الدولية ...
عصر ایران - جميل ظاهري - تعود الرأي العام العالمي وفي مقدمته اولئك الذين يتابعون عن كثب تطورات الملف النووي السلمي الايراني أن يسمعوا تقارير مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية "يوكيا امانو" بحلة جميلة وملونة على طريقة "دس السم في العسل" كلما اقتضت ضرورة الطرف الاميركي وحلفائه بغية الحؤول دون الوصول الى النتيجة المطلوبة لانهاء الصراع القائم بهذا الخصوص .

ليست هي المرة الأخيرة التي يشيد ويؤكد "امانو" وخلال تقريره الذي رفعه قبل أيام وبعد زيارته غير المرتقبة الى طهران والتي تعتبر الاولى من نوعها بعد تسنمه منصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ، اشاد بالتعاون الوثيق القائم بين ايران والوكالة الدولية وكذلك بعدم وجود أدلة تؤكد على انحراف النووي الايراني عن مسيره السلمي ، لكنه يعود ليذكر بعض الادعاءات الواهية التي تسبقه بذلك واشنطن وتل أبيب وباريس ولندن باطلاقها ضد طهران كتأكيد على تسييس ملف طهران النووي .

هذا الأمر يستقرء الذاكرة بالمثل العربي الشهير "عادت حليمة لعادتها القديمة" والذي يروي :"حليمة: هي زوجة حاتم الطائى الذي اشتهر بالكرم , كما اشتهرت حليمة بالبخل , فكانت إذا أرادت أن تضع السمن في الطبيخ أخذت الملعقة ترتجف في يدها . وأراد حاتم أن يعلمها الكرم : فأخبرها بأن المرأة إذا أرادت أن تحفظ شبابها , فلا يشيب شعرها أبداً , عليها أن تبحبح السمن في الطعام , وسرعان ما صارت حليمة كريمة . ثم ما لبث أن بدأ الشيب في رأسها , فسألت عن أسباب الشيب , فقالت لها إحداهن وكانت تعرف قصة السمن : بأن المرأة لا يصيبها الشيب المبكر إلا إذا كانت تكثر السمن في الطعام . وسرعان ما لاحظ ضيوف زوجها رداءة طعامها , فقالوا (رجعت حليمة لعادتها القديمة)".

المثل اعلاه ينطبق كل الانطباق على عادات وافكار وتقارير "امانو" كونه عندما يقوم بزيارة هو أو مساعديه أو فريق تفتيشه للجمهورية الاسلامية في ايران نراه يصدح بالتصريحات الرنانة ويشيد ويمجد بتعاون طهران والتزامها التام يقرارات الوكلة الدولية للطاقة الذرية وعدم انحراف برنامجها النووي نحو النشاط العسكري ، لكنه سرعان ما يدخل في غيبوبة التزوير والتهويل والايقاع على طبل "الدراسات المزعومة" ALLEGED STUDIES التي اطلقتها أميركا وأخواتها من القوى التسلطية بغية حرف مسار عودة الملف النووي الايراني الى الوكالة الدولية وبحثه فنياً وتقنياً بعيداً عن التسييس القائم منذ عقود.

فيمضي "امانو" وكعادته في الدوران حول المركز الامبريالي – الصهيوني هذه المرة ايضاَ ويقوم بتزوير الحقائق ومنح الطرف الاخر السلطوي متنفساً وطوق نجاة هروباً من ادانة دولية لممارساته غير المشروعة والظالمة والمنتهكة لكل الأعراف والقوانين الدولية ، باتهامه طهران القيام بتخصيب سري بدرجات عالية ودون اطلاع الوكالة الدولية متجاهلاً تأكيد خبراء الوكالة وخارجها على ان هذا الأمر "خلل فني" يمكن حصوله في كل منشأة نووية اخرى.

وادعى "امانو" في تقريره الأخير، إن صورًا للأقمار الاصطناعية كشفت عن وجود «نشاط واسع» في موقع "بارتشين" العسكري، ما يعزز الشكوك في وجود أبحاث تتعلق بالتسلح النووي فيه ، والذي يأتي بعد ايام قلائل من الزيارة التي قام بها "امانو" الى طهران بغية اقناعها التوقيع على اتفاق ل"توضيح الاتهامات المزعومة" الموجه من الطرف الآخر ليعود خالي الوفاض "تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي"، مؤكدًا أنه توصل مع كبير المفاوضين الايرانيين سعيد جليلي الى اتفاق، وانه يتوقع أن يوقع الاتفاق «قريبًا جدًا».

وتقول الوكالة في تقريرها الأخير: "إن الآثار التي عثر عليها في موقع فوردو داخل جبل قريب من قم (جنوبي العاصمة طهران) هي ليورانيوم مخصبة بدرجة 27%، وكانت إيران أبلغت الوكالة بأن الموقع يقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة لا تزيد على 20%.

وقد قلل الخبراء الفنيين الناشطين في مجال الطاقة النووية من أهمية هذا الاكتشاف ، حيث اعتبر "مارك فيزباتريك" الخبير الستراتيجي من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن إنه "خلل فني وليست سبباً للقلق المذكور".

كما ان "مارك هيبس" احد كبار الخبراء الدوليين لدى الوكالة الدولية في مجال الانتشار النووي، وعضو في مؤسسة "كارنيجي" للسلام الدولي، فقد قال هو الآخر :"إن هذا الاكتشاف ليس دليلاً على أن إيران تخصب سرًا اليورانيوم بنسبة تزيد على 20% ".

اما المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق الدكتور محمد البرادعي فقد اكد ل" دي بريسه" النمساوية "ان خطر البرنامج النووي الايراني مبالغ فيه"، وخلص الى القول " لا اعتقد بأن العالم سيستيقظ غدا على برنامج إيراني للأسلحة النووية ".

واما بخصوص ادعاءات "امانو" المتكررة حول موقع "بارتشين" لابد من القول أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تمتنع حتى الآن من اعطاء أي دليل ولو صغير بخصوص ادعائها هذا والذي يعتبر من أبسط الحقوق القانونية لطهران بغية السماح لمفتشي الوكالة الدخول الى هذا الموقع العسكري والتأكد من ذلك.

كما أنه في حالة السماح لمفتشي الوكالة دخول الموقع وتفتيشه وثبت زيف ادعائها هذا - كما ثبت في الماضي من سائر ادعاءاتها الآخرى - ولم يعثر مفتشوها على أي نشاط نووي عسكري في الموقع المذكور ، فهل ان "امانو" ووكالته مستعدان تقديم الاعتذار للشعب الايراني ، ، لتوجيههما هذه التهمة ؟ أم هل على استعداد لتقديم غرامة لايران بسبب ما الحقاه من أزمات بها جراء هذا الاتهام؟ وهل انهما سيقران بعدم حقيقة تقريرهما امام الرأي العام العالمي حين يثبت زيف هذه الادعاءات؟.

وخوفاً من فقدان الوكالة الدولية لمبررات تواجدها في المنشآت النووية الايرانية بعد اقرارها بسلميتها واعترافها بزيف ادعاءاتها طبقاً للنظام الداخلي للوكالة وحسبما جاء في معاهدة حظر الانتاج والانتشار النووي "ان بي تي" والذي يقول" انه اذا ثبت سلمية نشاطات دولة عضو في الوكالة فان ملف هذه الدولة يجب ان يشطب من جدول اعمال مجلس الحكام، وان يرجع الحكم على هذه الدولة الى مجراه الطبيعي" فان وكالة الطاقة الذرية يمتنع عن الاجابة على الاسئلة التي طرحناها آنفاً.

ففي هذه الحالة فان اعمال تفتيش الوكالة ستفقد سمتها القانونية والفنية، فالغرض من التفتيش هو كشف أي مخالفة محتملة، واذا كانت نتيجة التحقيق عدم وجود أي مخالفة فمن الواجب الاعلان عن ذلك ووضع حد لتداعيات ما ترتب على المخالفة، كما انه سيؤكد ان تعامل الوكالة الدولية مع الملف النووي الايراني له دوافع سياسية وليست قانونية وفنية التي هي مجال تحرك مفتشي الوكالة.

ولابد من القول أن الوثيقة التي ادعى تقرير الوكالة الدولية الأخير بوقوع انفجار نووي داخل كبسولة معدة لهذا الغرض في موقع "بارتشين" العسكري الايراني ما هي إلا "صورة مرسومة" حسبما صرح به المستشار السابق للرئيس الاميركي وليست كما ادعى "امانو" بانها "التقطت عبر الأقمار الآصطناعية" مما دفعه بالغاء اجتماع فيينا الذي كان من المقرر أن يتم قبل مفاوضات بغداد النووية بين دول مجموعة "5+1" وايران خوفاً من انكشاف التزييف والتزوير بشكل واسع ويكون له مردودات غير محمودة على الطرف الآخر.

فقد أفصح عن ذلك "دنيس راس" المستشار السابق للرئيس الأميركي "باراك أوباما"، في حديثه لوسائل الاعلام الاميركية قائلا:"أن التصاوير التي تداولتها وسائل الاعلام الغربية حول وجود مخزن نووي ، ومحل إنفجار في منطقة بارتشين هي ليست فوتوغرافية ، ولكنها صور مرسومة".

فيما كتب "باراك راويد" في صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية أن هذه التصاوير أرسلت من جانب "إسرائيل" بهدف عرقلة محادثات "5+1" وطهران النووية في بغداد ، والتي تقلق تل أبيب من نتائجها كثيراً.