رمز الخبر: ۳۱۷۰۰
تأريخ النشر: 15:07 - 26 June 2012
وفي هذا البلد انشق لواء مدرع واحد فقط تابع لطائفة الاحمر (وهي من الطوائف المعارضة لعلي عبد الله صالح) عن الجيش. لكن في النهاية كان الجيش هو الذي كفل وضع المشروع السعودي في اليمن موضع التنفيذ.
عصر ايران ؛ علي قادري – ان دراسة المناخات الحالية لدول ما بعد الثورة تظهر بان هذه الثورات وبغض النظر عن طبيعتها، اما فشلت او طريقها الى الفشل.
 
ان الذين كانوا يهتفون من اجل رحيل الديكتاتوريين وكانوا ينتظرون بحماس سقوط الديكتاتور التالي كانوا يتخيلون بان النظام السياسي في الدول العربية لا يختزل براس النظام ومع سقوط هذا الراس فان النظام سينهار برمته، لكنهم غفلوا حقيقة ان المعنى الدقيق للنظام السياسي في الدول العربية أكانت سورية او مصر يختزل في كلمة واحدة الا وهي الجيش!
 
وفي جميع الدول التي انطلقت منها صرخات "الشعب يريد اسقاط النظام" واستطاع الشعب الاطاحة بالديكتاتور، كان صوت الجيش في النهاية يشكل الكلمة الفصل. ومن يستطيع الزعم بان النظام السياسي في هذه الدول قد سقط؟
 
ففي تونس ، كان الجيش هو الذي دفع زين العابدين واسرته الى الصعود الى الطائرة وارسلهم الى ما وراء الحدود. الطائرة التي حطت في النهاية في جدة. لا تتصوروا بان حركة النهضة بزعامة راشد الغنوشي قد تولت السلطة في تونس بصورة عفوية.
 
وان خرجت اسماء هذه الحركة الاسلامية من صناديق الاقتراع فكان بسبب التعهدات التي قدمها زعماء النهضة في محضر الجيش بوصفه ضامنا لتنفيذ هذه التعهدات الى الغرب والسعودية.
 
وفيما عدا ذلك فان الجيش التونسي لم يكن يسمح ابدا للطائرة التي كان يستقلها راشد الغنوشي بالهبوط في مطار تونس.
 
وبالتالي فان طبيعة النظام السياسي في تونس وتعهداته الدولية لم تختلف ابدا، وان زين العابدين رحل فقط وحل محله راشد وانصاره. وبعبارة ابسط ، ذهبت طائرة وجاءت طائرة اخرى ، هذا كل ما في الامر!
 
وفي ليبيا ، هل كانت الثورة الشعبية هي التي انتصرت ام جيش ائتلاف الناتو والسلفيين؟
 
نعم لقد سقط الديكتاتور ونظامه في ليبيا لكن سقطت معهما ليبيا ايضا. فان كانت ثمرة هذه الثورة هي الفوضى والانهيار الكبيرين اللذين يتهددان "مجمع القبائل" هذا فانه يجب اعطاء الحق لعشرات المواطنين المنهمكين في الدوريات الليلية في عشرات من المجالس العسكرية بان يتمنوا عودة العقيد! وان اردتم الاطلاع على اخر مستجدات الوضع في ليبيا ، فاعلموا فانه بغير الخارطة لم يبق بلد اسمه ليبيا على ارض الواقع.
 
وفي اليمن ، كان مشروع مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي لتسوية الازمة اليمنية، اكبر خدعة انطلت على الثوريين هناك.
 
وفي هذا البلد انشق لواء مدرع واحد فقط تابع لطائفة الاحمر (وهي من الطوائف المعارضة لعلي عبد الله صالح) عن الجيش. لكن في النهاية كان الجيش هو الذي كفل وضع المشروع السعودي في اليمن موضع التنفيذ.
 
وهل يمكن الادعاء بان النظام السياسي في اليمن قد سقط؟ النظام الذي تغير رئيسة على اساس مشروع تساومي واختير نائبه رئيسا للجمهورية في انتخابات كان فيها مرشح واحد فحسب.
 
والطريف ان "عبد ربه منصور هادي" باشر بعد توليه سدة الرئاسة في قمع المعارضن على الفور.
 
ان الزعم بتغير النظام في بلد نحي رئيسه لكن انجاله مايزالون يسيطرون على الجيش فيه  يعتبر اكبر مهزلة يمكن تسميتها بالثورة!
 
وفي البحرين، البلد الذي يتم التعامل مع الاغلبية من سكانه كمواطنين من الدرجة الثانية، كانت طبيعة مطالب الشعب انجاز الاصلاحات قبل ان تكون مطالب ثورية، لكن لم يصغ النظام الى صوت الشعب فحسب بل قام بفضل دخول الجيش السعودي بقمع المحتجين وتنكر بمدد وسائل الاعلام العربية لهذه الاصوات كليا وارجعها الى الاجانب.
 
ويمكن القول بتجرؤ بان احتجاجات الشعب البحريني وعلى النقيض من جميع الثورات العربية، قد بقيت سلمية لكن هل يمكن عقد الامل على افاق واضحة لهذه المطالب؟
 
الامر مستبعد جدا! وطالما ان ال سعود باقون في السعودية فان ال خليفة سيبقون في البحرين وان احتجاجات الشعب لن تحقق النتيجة المرجوة.
 
وسورية ، البلد الذي لا تختلف فيه هيكلية النظام بشكل جاد مع مصر وتونس ، فشلت الثورة عندما دخلت مرحلة الحرب المسلحة. ومع جميع الانشقاقات التي حصلت في صفوف الجيش السوري لكن هيكلية هذا الجيش حافظت على تماسكها وطالما ان هذا الجيش يقف الى جانب النظام ، فان لا النظام ولا راسه لن يسقطا.
 
وبلغ مصير الثورة في سورية مرحلة رضيت فيها الاطراف الاقليمية والدولية المعارضة للنظام السوري برحيل بشار الاسد على ان يبقى النظام وهيكليته. وهذا يعني تكرار النموذج اليمني ، النموذج الذي اظهر رغم عدم قبوله من حلفاء سوريا ان لا شئ يلوح في الافق لتغيير النظام في سورية.
 
 وفي مصر فان المجلس العسكري الحاكم فيها ليس قام بحل البرلمان المنتخب ما بعد الثورة فحسب بل نفذ انقلابا ناعما على الثورة من خلال الاعلان الدستوري المكمل.
 
 واحد المعايير الدقيقة لتقييم مدى نجاج او فشل ثورة ما ، هو قياس مدى التغيرات التي طرات على الجهاز الامني في بلاد ما بعد الثورة. انسوا ليبيا ، ففي اي من هذه الدول ما بعد الثورة، طرا تغير جوهري على الجهاز الامني؟ والجواب انه لم يحدث في اي منها شئ من هذا القبيل.
 
 اذن ، لنترحم على روح هذه الثورات.