رمز الخبر: ۳۱۷۴۱
تأريخ النشر: 14:50 - 16 July 2012
ان معظم الدول العربية تفتقد الى هوية اجتماعية موحدة وان النظام السياسي يغطي على الهوة الطائفية والمذهبية السحيقة والتي اتسعت اكثر في ظل الظروف الثورية.
عصر ايران ؛ علي قادري – الثورات لا تنتهي بالضرورة الى الديمقراطية بل انها تحرر فقط المطالب الكامنة (وغير المتنجانسة احيانا) والمتراكمة خلف الانظمة الشمولية.

ان ظروف الثورة، تتمثل في الفوضى الناتجة عن التوتر بين انصار ومعارضي الوضع القائم وان هذه الظروف ستستمر حتى تثبيت الحالة (حفظ او تغير الوضع القائم).

وعلى اي حال فان الثورة تهدف الى تغيير النظام السائد واحلال نظام جديد محله، بعبارة اخرى فان لم تستطع ثورة ارساء نظام جديد في المجتمع فانه يجب اعتبار تلك الثورة، فاشلة.

ان الهيئة الحاكمة والبنية السياسية لنظام ما وكذلك قيادة الجيش والجهاز الامني ومعهما الجهاز الاعلامي، تشكل كلها العناصر الرئيسية لنظام ما وان السيطرة عليها من قبل الثوريين يؤدي الى سقوط النظام ، وبديهي انه لا يمكن التصديق بزعم انتصار الثورة من دون تحقق هذا الامر.

وتصور ان النظام سيسقط مع الاطاحة براسه او انتقال السلطة ، هو تصور يتم الترويج له من اجل الحفاظ على طبيعة النظام السابق وحفظ تعهداته الدولية.

وحتى ان تحققت جميع هذه الظروف التي تسهم في انتصار الثورة ، فانه لا يمكن استنتاج ان النظام الديمقراطي هو نتاج الثورة.

ان القاعدة الاجتماعية للثورات تضطلع بدور بالغ في تحديد نوع نتاج الثورة. ولا يمكن التوقع من الذين وصلوا الى السلطة بقوة السلاح ان يتبنوا الديمقراطية.

ومن جهة اخرى فانه كلما اتسع نطاق القاعدة الاجتماعية للثورة وغطت اطيافا مختلفة من المجتمع، كلما تزايدت امكانية تبلور نظام ذي قاعدة شعبية في مرحلة ما بعد انتصار الثورة، رغم ان كون نظام ما يتمتع بقاعدة شعبية (بمناى عن كونه نظاما شعبويا) لا يعني بالضرورة انه نظام ديمقراطي.

ان الطبقة المتوسطة تشكل العمود الفقري لنظام اجتماعي – اقتصادي وعندما يتحطم هذا العمود فانه يجب توقع حدوث تغير في هكذا نظام.

بعبارة اخرى ان احد شروط نجاح ثورة ما وضمان مستقبلها ، يكمن في مسايرة الطبقة الوسطى للثورة. ان الثورة التي لا تقف الطبقة الوسطى بجانبها او تدفع هذه الطبقة الى العزلة اما ان ستهزم او ستفضي الى نتائج غير ديمقراطية.

ان الخصوصية الثقافية لمجتمع ما تضطلع بدور بارز في بلورة النظام الجديد. فعلى سبيل المثال لا يمكن التوقع من الثوريين الذين ينظرون الى زوجاتهم بانهن مواطنات من الدرجة الثانية ان تحقق ثورتهم نتائج ديمقراطية باهرة. ان نعمل بداية على اسقاط النظام ومن ثم نرسي الديمقراطية من خلال استراتيجية ثقافية طويلة الامد، هو كلام ليس الا.

فالديمقراطية هي الديمقراطية بعينها لا اكثر ولا اقل!

والثورات العربية لا تشذ عن هذه القاعدة كما ان الموضوعات آنفة الذكر تنطبق عليها.

وهذه الثورات تنتصر عندما تستطيع فرض سيطرتها على الاركان الرئيسية للانظمة السابقة.

ولا يمكن تصديق ولادة نظام جديد من خلال الخطابات النارية لرئيس جمهورية ما. وبغض النظر عن قناعة كاتب هذا المقال بفشل الثورات العربية لاسباب مختلفة، فان من المستبعد ان تنتج هذه الثورات حتى ان اخطا الكاتب في توقعاته، نظاما ديمقراطيا.

ان معظم الدول العربية تفتقد الى هوية اجتماعية موحدة وان النظام السياسي يغطي على الهوة الطائفية والمذهبية السحيقة والتي اتسعت اكثر في ظل الظروف الثورية.

وهذا الشرخ لن ينكمش مع سقوط النظام فحسب بل سيمهد لانتشار المزيد من الفوضى.

وعلى الرغم من استخدام الثوريين العرب ، التكنولوجيا الحديثة، لكن هذه الثورات لا تنسجم اطلاقا مع روح الحداثة بدليل ان التقاليد الاجتماعية والعلاقات السائدة بين الناس في معظم هذه الدول لا تتبنى القواعد الديمقراطية.

وحتى انه يتم احيانا التصديق على قوانين صارمة في دعم حقوق المواطنة في هذه الدول لكن احترام هذه القوانين يصل الى حد الصفر بسبب الهوية ذات النزعة الفردية فيها.

وفي معظم الدول العربية فان منطق السلاح مازال اقوى منطقا في الوقت الحاضر وحتى انه ساري في الحياة اليومية للمواطنين فكيف ان اردنا مقارنة هذا المنطق مع ما تتمخض عنه صناديق الاقتراع.

وطبعا هذا لا يعني عدم وجود او عدم نشاة الشريحة النخبة او المثقفة في هذه المجتمعات. فهناك اناس مثقفون للغاية في هذه المجتمعات تذاع اسماؤهم في الصحافة او وسائل الاعلام الخبرية، لكن نظرا الى الثقافة العامة السائدة وروح الثقافة الطاغية المعادية للنخبة، فان هذه الشريحة لا تؤثر بشكل جاد على الراي العام ومجريات الامور.

والخلاصة انه يمكن الاتيان بادلة عديدة اخرى للاستدلال بان هذه الثورات لن تنتهي الى الديمقراطية لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما هي خاتمة هذه الثورات اذن؟

والجواب هو : فترة من الفوضى الخلاقة وبعدها اعادة انتاج الانظمة السابقة بوجه جديد!