رمز الخبر: ۳۱۸۵۳
تأريخ النشر: 14:00 - 13 August 2012
ومن جهة اخرى فان الغرب غير قادر على ان يرفض فكرة ان هذا المؤتمر شكل فرصة جديدة لاسدال الستار على الحل العسكري وتسوية القضية عن طريق الحوار على اساس الحقوق العادلة للطرفين، لان نبذ الحل السياسي يعني القبول رسميا بالمشاركة في سفك الدماء.
عصر ايران – اعتبر مؤتمر طهران الدولي حول سوريا مهما و"مصيريا" على الصعيدين الاقليمي والدولي. واتسم مؤتمر طهران الدولي الذي عقد يوم 9 اب/اغسطس في طهران بمشاركة 12 دولة بنقطتين اولاهما كونه "عمليا" والثانية كونه "اتاح الطريق لحل سياسي".

وعلى الرغم من ان 12 دولة هي ايران ورورسيا والصين والعراق ولبنان وكازاخستان وباكستان وخمس دول عربية افريقية شاركت في هذا المؤتمر الا ان العديد من الدول التي تجاور ايران شمالا ومعظم الدول الاسلامية بجنوب شرق اسيا ومعظم دول اميركا اللاتينية واثنين على الاقل من الدول العربية الاعضاء في مجلس التعاون ومعظم الدول الافريقية ونصف الدول العربية على الاقل كانت او ابدت استعدادها للمشاركة في المؤتمر الا ان القائمين عليه فضلوا ان تكون "العملية الدبلوماسية" ملائمة و "تطبيقية". فالكل يعرف انه ان ازداد عدد المشاركين في مؤتمر ما فان امكانية التوصل الى اتفاق تتضاءل. لذلك ربما شبه مؤتمر طهران بمؤتمر جنيف الذي شاركت فيه 10 دولا لا مؤتمر باريس الذي شهد مشاركة نحو 80 دولة ولم يخرج باستنتاج محدد.

وفيما يخص مؤتمر طهران حول سوريا يمكن القول بان مؤتمر طهران ومحوريه ايران وروسيا اقيم في ظروف كان الامريكيون يوحون بان عهد الحل السياسي للازمة السورية قد انقضى وقد حان وقت اعتماد الحلول الامنية والعسكرية. لكن مؤتمر طهران افشل هذه المؤامرة المعقدة لان مشاركة 12 بلدا مؤثرا في التطورات السورية لاسيما ايران والعراق ولبنان وروسيا باشرت موضوع اعتماد الحل السياسي من النقطة التي يبدو انها كانت قد انتهت واتضح بان الحل السياسي ممكن من دون مشاركة اميركا وحلفائها.

ومن جهة اخرى فان الغرب غير قادر على ان يرفض فكرة ان هذا المؤتمر شكل فرصة جديدة لاسدال الستار على الحل العسكري وتسوية القضية عن طريق الحوار على اساس الحقوق العادلة للطرفين، لان نبذ الحل السياسي يعني القبول رسميا بالمشاركة في سفك الدماء.

وقد عقد مؤتمر طهران في ظل الاجواء التي كانت تتواصل فيها عمليات الجيش السوري في حلب وتطويق المجموعات الارهابية المدعومة من اميركا وحلفائها الاقليميين والاجانب ووصول خيارات الغرب في استخدام القوة للسيطرة على سوريا وايجاد تغيير في النظام السياسي بها الى طريق مسدود.
وتفيد بعض الاحصاءات الى ان محور امريكا دفع خلال فترة شهر بمالا يقل عن 30 الف عنصر ارهابي مزود بانواع الاسلحة شبه الثقيلة وحساسه الى حلب. وكانت هذه العناصر تملك اسلحة لتدمير الدبابات وحتى الطائرات العسكرية ومع ذلك لم تستطع ان تحقق اي مكسب.

وقد اتاح مؤتمر طهران في هذه الظروف للدول التي تدعو حقا الى انهاء الصراع وبدء العملية السياسة – مع التاكيد على الحقوق العادلة لمعارضي الحكومة السورية – امكانية المشاركة في العملية السياسية تجاه سوريا وواضح تماما ان عددا كبيرا من الدول تدعم هكذا مسار.

كما شكل مؤتمر طهران ضربة قوية لاميركا لانه عقد في غياب جميع الدول التي تساير اميركا. وان توصل المؤتمر الى نتائج عملية اي انهاء العنف او ادى الى تقليص نطاق العداء، فانه سيبرهن بان مركز تسوية النزاعات الاقليمية والدولية هو في مكان اخر لا في واشنطن او باريس او لندن او اسطنبول.

ان مؤتمر طهران وفشل العمليات الارهابية في حلب اظهرا بان اميركا و... قد خسروا سيطرتهم السياسية وكذلك الامنية على سوريا. وهذه ضربة اقوى واكثر شدة من الانسحاب الامريكي من العراق.

ان مشاركة بلدين دائمي العضوية في مجلس الامن الدولي – روسيا والصين - وبلدين عربيين جارين لسوريا – العراق ولبنان – في مؤتمر طهران رسمت جيدا البعد الاقليمي والدولي للمؤتمر وحالت دون تقييم المؤتمر على انه مبادرة محدودة وغير عملية.

ان هذا المؤتمر اظهر في الحقيقة بان النظام السوري وفضلا عن تمتعه بالقوة في الداخل لمواجهة امواج الارهاب فانه قادر ايضا على استقطاب التعاون المؤثر معه على الصعيدين الاقليمي والدولي.

كما ان مؤتمر طهران يعد نجاحا مهما بالنسبة للبلد المضيف الذي بادر الى عقده في ظل الضغوط الدولية. واعتبر المؤتمر في مثل هذه الظروف بانه "هجومي" و "ذكي". واعتبرته وكالة انباء "اسوشيتدبرس" بانه "خطوة كبيرة لاخراج سوريا من الازمة عن طريق العمل الدبلوماسي" وافشل اي حديث عن "اتباع العمل العسكري" فيما اعتبرته نيويورك تايمز بانه "بديل مناسب للخيار العسكري".