رمز الخبر: ۳۱۹۱۲
تأريخ النشر: 16:57 - 01 September 2012
ومن بين هذه القوى الاربع، فان فرص التقارب بين ايران ومصر في التعاطي مع القضايا السياسية – الاجتماعية والامنية للمنطقة هي اكثر من غيرها. فالبلدان شهدا بشكل ما ثورة ايديولوجية وتغيير كامل للنظام في الحقل السياسي ويدعوان الى تعزيز اسس السلطة والهوية الوطنية والاستقلال في علاقاتهما الخارجية.
عصر ايران ، كيهان برزكر: رئيس مركز الشرق الاوسط للدراسات الاستراتيجية – ان زيارة الرئيس المصري محمد مرسي المرتقبة الى طهران وبمناى عن اقامة قمة حركة عدم الانحياز، تحظى بنتائج مهمة في التقارب بين البلدين لتسوية القضايا الاقليمية.

ان ايران ومصر وبناء على "الحاجة المتبادلة" يدعوان الى زيادة دورهما الاقليمي. ان هذين البلدين ومعهما السعودية وتركيا يشكلان الاقطاب الرئيسة الاربعة للسلطة في المنطقة والتي تدعو في اعقاب الثورات العربية، وباساليب متفاوتة الى زيادة دورها الاقليمي في الشرق الاوسط.

ومن بين هذه القوى الاربع، فان فرص التقارب بين ايران ومصر في التعاطي مع القضايا السياسية – الاجتماعية والامنية للمنطقة هي اكثر من غيرها. فالبلدان شهدا بشكل ما ثورة ايديولوجية وتغيير كامل للنظام في الحقل السياسي ويدعوان الى تعزيز اسس السلطة والهوية الوطنية والاستقلال في علاقاتهما الخارجية.

لكن الوضع يختلف قليلا بالنسبة للقوتين الاخريين اي السعودية وتركيا. فالسعودية قوة نفطية ومالية تقتضي بنيتها السياسية ايجاد توازن ما بين ارتباطها بامريكا والغرب من جهة وحكمها الوطني المبني على الاساليب السلفية والوهابية من جهة اخرى. فمثلا وضع الربيع العربي ، السعودية من الناحية الثقافة – الاجتماعية والسياسية امام الغرب فيما يخص موضوعات مثل توسيع الديمقراطية وحقوق الانسان والاصلاحات السياسية ودور الشبان والطبقة المتوسطة وغيرها.

واما الدور التركي فيتم تعريفه في ظل هيكلية السلطة الداخلية فيها بما في ذلك قوة المؤسسة العلمانية ( التي تعارض الحضور التركي في قضايا المنطقة والعالم الاسلامي) والحساسيات الثقافية وتضرر الاقتصاد اكثر في ضوء العلاقات مع الغرب. ان تركيا استطاعت خلال عدة سنوات زيادة دورها الاقليمي من خلال اعتماد "سياسة تصفير المشكلات مع الجيران" ، لكنه اتضح مع تطورات العالم العربي لاسيما الازمة السورية بان تركيا حتى وان كانت قوة اقتصادية ومثالا للقوة الناعمة يحتذي به من قبل بعض شعوب المنطقة، لكنها ليست موضع قبول سائر اللاعبين في مجال تسوية قضايا المنطقة. ان اهمية تركيا تكمن في الحقيقة في دورها المكمل مع ايران وسورية في التعاطي مع القضايا الاقليمية لكنها اصبحت الان في تنافس وتضاد مع هذين البلدين لذللك فانها تخسر قيمتها الاستراتيجية شيئا فشيئا.

وفي ظل هذه الظروف فان ايران ومصر سيكونان على الارجح اللاعب الرئيسي في المنطقة. ان بعض الرؤى المتشائمة ترى بان العلاقات بين ايران ومصر لن تعود الى سابق عهدها في عهد محمد مرسي وذلك بسبب بعض الخلافات الرئيسية المتبقية من السابق بما فيها عملية السلام بين العرب واسرائيل والازمة السورية والعلاقات مع السعودية واميركا. وهذه التحليلات مبنية على الفوارق الايديولوجية والسياسية. لكن يجب الانتباه الى ان منطق تعزيز العلاقات الجديدة بين البلدين يدور اكثر حول "الحاجة الاستراتيجية المتبادلة". وبناء على ذلك فان ايران تحاول اعادة تعريف علاقاتها مع مصر الجديدة من زاوية توفير المصالح. وبالنسبة لايران، فان مصر الجديدة تشكل لاعبا مستقلا وطنيا – اسلاميا يحظى بهوية وتاريخ وصديق بالفعل يحاول في ضوء التطورات السياسية – الاجتماعية والتركيز على التوجهات الاقليمية تسوية قضايا المنطقة. لذلك فان توجهات ايران ومصر متقاربة ازاء موضوعات مثل شرق اوسط عار من الاسلحة النووية وعدم تدخل الغرب عسكريا في قضايا المنطقة وتعزيز الائتلاف الاقليمي من اجل السلام والامن للجميع وغير ذلك وهذه الموضوعات مدرجة بالمناسبة على جدول اعمال قمة عدم الانحياز في طهران.

وبالنسبة لمصر فان ايران تشكل قوة نفطية واقتصادية لها ماض تاريخي وحضاري وايديولوجي اسلامي بامكانها ايجاد تعادل في علاقات مصر مع اسرائيل والسعودية وسائر البلدان العربية والدول الغربية. ان التقارب مع ايران سيخرج مصر من انفعال عهد مبارك ويزيد من قوتها الاقليمية ومقدرتها على المساومة. ان ائتلافا اقليميا مع ايران متوفرة فرصه في الميادين السياسية – الاجتماعية والامنية لمصر. ففي وقت كان عمرو موسى وزير الخارجية المصري آنذاك يدعو الى التقارب مع ايران لهذه الاسباب.

وفي هكذا ظروف، فان التعاون بين ايران ومصر يمكن ان يبدأ من خلال ايجاد مقاربة مشتركة لتسوية الازمة السورية. ان مواقف ايران ومصر من الازمة السورية مختلفة عن بعضها البعض حاليا، فايران تدعو الى بقاء بشار الاسد مع التشديد على الحل السياسي وعدم التدخل العسكري الغربي في سوريا، فيما تطالب مصر بتنحي الاسد مع الاعتماد على الحل السياسي ودعم التدخل العسكري.

لكن حلا ايرانيا وحلا مصريا يمكن ان يلتقيا في منتصف الطريق اي الدخول في عملية انتقال سياسي في المرحلة الاولى والتنحي المحتمل للاسد. لكن ونظرا الى عدم الثقة بين الطرفين المتصارعين في سورية فان توافقا كهذا يجب ان يحصل في مؤتمر للسلام تشارك فيه جميع الاطراف لاسيما الحكومة السورية.

وقد لا تعود العلاقات بين ايران ومصر بهذه السرعة بسبب بعض الضغوطات الداخلية في مصر ودور اللاعبين الاقليميين والدوليين، لكن ثمة نقطة واضحة هي ان وجهات نظر ايران ومصر تتقارب اكثر فاكثر تجاه القضايا الاقليمية. فالخطوة الاولى للتقارب بين البلدين اتخذت في القمة الطارئة للبلدان الاسلامية في مكة اذ قدم فيها مرسي حلا اقليميا تشارك فيه ايران ومصر والسعودية وتركيا لتسوية القضايا الاقليمية. وعلى ايران ان تستفيد من فرصة قمة عدم الانحياز لتتخذ في ضوء مبادرة، خطوة جادة لحل الازمة السورية في سياق تسوية اقليمية.